طبيعة وروعة السماء
۲۸ أبريل ۲۰۲۰4 مبادئ لممارسة الحرية المسيحية
٦ مايو ۲۰۲۰قبول “لا” كونها مشيئة الله
أنا مندهش، في ضوء السرد الكتابي الواضح، من أن أحدهم قد يتجاسر ليظن أنه من الخطأ على المتألِّم جسديًّا أو نفسيًّا التضرُّع من أجل الشفاء مصليًّا: "إِنْ شِئْتَ ...". يقولون لنا إنه حين نتألَّم، دومًا ما يريد الله شفائنا، ولا علاقة له بمعاناتنا، وكل ما ينبغي علينا فعله هو امتلاك الاستجابة التي نطلبها بإيمان. فنحن نُوعَظ بأن نمتلك استجابة الله قبل أن ينطق هو بها.
تخلَّص من مثل هذا التحريف للإيمان الكتابي! فهو نتاج عقل المُجَرِّب الذي يخدعنا باستبدال الإيمان بالشعوذة. لا يمكن لأي قدر من معسول الكلام أن يحوِّل مثل هذا الضلال إلى عقيدة سليمة. لا بد أن نقبل حقيقة أن الله أحيانًا يقول "لا". وأحيانًا يدعونا لنتألم ولنموت حتى وإن أردنا امتلاك النقيض.
ما من إنسان صلَّى بلجاجة أكثر من المسيح في جثسيماني. مَن هذا الذي سيتَّهم المسيح بالإخفاق في الصلاة بإيمان؟ فقد وضع طلبته أمام الآب مصبوغة بقطرات عرق مثل الدم قائلًا: "أَجِزْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ". كانت هذه الصلاة مباشرة وواضحة؛ فقد كان الرب يسوع يصرخ طالبًا النجاة. لقد تضرَّع أن يُجاز عنه كأس المرارة المروع الذي انقبضت منه كل خليَّة في جسد بشريته. لقد توسَّل إلى الآب ليعفيه من واجبه.
لكن الله قال "لا". طريق الآلام كان خطة الله. كان ذلك مشيئته. فالصليب لم يكن فكرة إبليس. آلام المسيح لم تكن عاقبة حدث طارئ على البشريَّة. لم تكن ابتداعًا لحظيًّا من قيافا أو هيرودس أو بيلاطس. الله القدير هو من أعدَّ الكأس له، وسلَّمه له، وأشربه له.
ذَيَّل الرب يسوع صلاته بقوله: "إِنْ شِئْتَ ...". فالرب يسوع لم "ينطق بها ويمتلكها". لقد كان يعرف أباه جيدًا ليدرك أن إرادته ليست ليُجيز عنه الكأس. فالقصة لم تنتهي بالقول: "من ثَمَّ ندم الآب عن كل الشر الذي قصده، وأجاز الكأس، وعاش يسوع في سعادة دائمة". هذه العبارة تقترب من مستوى التجديف. فالإنجيل ليس قصة خياليَّة. لم يساوم الآب على الكأس. ودُعيَا الرب يسوع لشربه حتى آخر قطرة. وقد قَبِل ذلك قائلًا: "وَلَكِنْ لِتَكُنْ لَا إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ" (لوقا 22: 42).
تعد "وَلَكِنْ" هذه ذروة صلاة الإيمان. إن صلاة الإيمان ليست طلبة نُكلِّف بها الله. ليست حدسًا لطلبة نضمن تحقيقها. إن صلاة الإيمان الحقَّة هي التي على نموذج صلاة الرب يسوع. فهي التي ننطقها دومًا بروح الخضوع. في جميع صلواتنا وطلباتنا، لندع الله يكون الله. لا أحد يُخبر الآب بماذا يفعل، ولا حتى الابن. تُرفع الصلاة دومًا باتضاع وخضوع لإرادة الآب.
صلاة الإيمان هي صلاة الثقة. إن جوهر الإيمان هو الثقة. فنحن نثق أن الله يعلم ما هو الأفضل. كما تشمل روح الثقة على الاستعداد لطاعة ما يريدنا الآب فعله. لقد أظهر المسيح هذا النوع من الثقة في بستان جثسيماني. على الرغم من أن النص لم يفصح عن ذلك، لكن يتضح أن الرب يسوع غادر البستان ومعه جواب الآب عن تضرُّعه. لم ينتابه لعن أو مرارة. فقد كان طعامه وشرابه أن يعمل مشيئة الآب. بمجرد أن قال الآب "لا"، نَفُذَ الأمر. أعدَّ الرب يسوع نفسه للصليب.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.