متى سيأتي ملكوت الله؟
۲۸ أبريل ۲۰۲۰قبول “لا” كونها مشيئة الله
۳۰ أبريل ۲۰۲۰طبيعة وروعة السماء
في سفر الرؤيا، كتب الرسول يوحنا عن الرؤيا التي رآها على جزيرة بطمس. وفي تلك الرؤيا، أظهر المسيح ليوحنا الكثير من الأشياء، منها السماء الجديدة والأرض الجديدة:
ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لِأَنَّ السَّمَاءَ الْأُولَى وَالْأَرْضَ الْأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لَا يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لَا يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلَا يَكُونُ حُزْنٌ وَلَا صُرَاخٌ وَلَا وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لِأَنَّ الْأُمُورَ الْأُولَى قَدْ مَضَتْ». (رؤيا 21: 1-4)
في هذا النص، نقرأ أن البحر لن يوجد في السماء. سيصيب الفهم الحرفي لهذه الآية محبِّي البحر والشواطئ بالإحباط وخيبة الأمل. ولكن، بالنسبة للعبرانيين، كان البحر رمزًا للعنف. فقد كان ساحل البحر في إسرائيل صخريًّا ووعرًا. علاوة على ذلك، كان البحر مدخلًا لهجوم الناهبين، وكان المناخ العنيف للبحر المتوسط دائمًا ما يعصف ببلادهم. ففي جميع قصائد الشعر العبريَّة، كان البحر رمزًا سلبيًّا، بينما كان النهر، والنبع، والبئر رموزًا لأشياء إيجابيَّة. ومن ثَمَّ، نستطيع أن نفهم من هذا أن رؤيا يوحنا تشير إلى أنه لن توجد بعد كوارث طبيعيَّة عنيفة.
أيضًا ستغيب الدموع عن السماء. فإننا نربط الدموع بالحزن والنوح. يتذكَّر الكثيرون منَّا كيف كانت أمهاتنا، في طفولتنا، يواسيننا في حزننا، ماسحاتٍ دموعنا بأيديهن. لكننا كنَّا، في اليوم التالي، عادةً ما نبكي ثانيةً، وكنَّا نحتاج إلى المواساة مرة أخرى. ولكن، حين يمسح الله دموعنا، لن تعود هذه الدموع مرة أخرى، لأن الأمور التي تتسبَّب اليوم في بكائنا ستزول. لن يوجد موت، أو حزن، أو ألم فيما بعد. فإن هذه الأمور الأولى ستمضي.
فيما واصل يوحنا وصفه، نجد بعض الأشياء المذهلة التي تتعلَّق بما ستكون عليه السماء، وبما لن تكون عليه (الآيات 18-21). من هذا النص، نعرف ما سوف يوجد هناك، وما سوف يكون غائبًا. فإننا نقرأ عن شوارع من الذهب النقي بشدَّةٍ لدرجة أنه سيكون كالزجاج الشفاف. كما نقرأ عن أسوار مشيَّدة من حجارة كريمة رائعة، وعن أساسات مزيَّنة بالحجارة الكريمة. وبسبب أن الأدب الرؤيوي هو أدب تخيُّلي، فإننا نفترض أن هذه صور رمزيَّة عن السماء، لكنني لن أستبعد أن يشيِّد الله مدينة تشبه تمامًا ما هو موصوف هنا.
يخبرنا يوحنا بالمزيد أيضًا: "وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلًا، لِأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا. وَالْمَدِينَةُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلَا إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لِأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا" (الآيتان 22-23). لن يوجد هيكل، أو شمس، أو قمر. على هذه الأرض، يُعَد الهيكل، أو الكنيسة، رمزًا منظورًا لحضور الله. لكن في السماء، لن توجد حاجة إلى هيكل، لأننا سنكون في محضر الله نفسه. أيضًا، لن توجد حاجة إلى مصادر ضوء مخلوقة، كالشمس، أو القمر، أو النجوم، لأن بهاء مجد الله والخروف سينير المدينة بأكملها، التي لن تشهد ليلًا البتَّة، لأن مجد الله البرَّاق، واللامع، والبهي لن ينتهي البتةَّ. ستكون السماء بارقة ببهاء الله دون حجاب أو قناع.
ما الهدف من حياتنا؟ قدَّم جوناثان إدواردز مثالًا توضيحيًّا عن شخص ظل يدخر المال طوال سنوات كي يذهب في عطلة. وكي يصل هذا الرجل إلى وجهته، كان عليه أن يسافر. وفي الليلة الأولى، قضى الرجل ليلته في فندق على الطريق. لكنه، في اليوم التالي، بدلًا من أن يكمل رحلته إلى وجهته المنشودة، قرَّر أن يتخلَّى عن الفكرة برمتها، ويظل في الفندق. هكذا تمامًا نعيش حياتنا. فإننا نتمسك بالحياة في هذا العالم بكل قوتنا لأننا لسنا على قناعة حقيقيَّة بالمجد الذي أعدَّه الآب في السماء لشعبه. فإن كلَّ رجاء وفرح نتوق إليه في هذه الحياة سيكون موجودًا بوفرة في ذلك المكان الرائع. وإننا سوف نختبر أعظم لحظة على الإطلاق حين نعبر من الباب، تاركين عالم الدموع والأحزان، ووادي ظل الموت، كي ندخل إلى محضر الخروف.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.