العملُ لمجد الله - خدمات ليجونير
المُحاباة داخل الكنيسة
۲۹ يناير ۲۰۲۳
لحظة قول الحقيقة
۳۱ يناير ۲۰۲۳
المُحاباة داخل الكنيسة
۲۹ يناير ۲۰۲۳
لحظة قول الحقيقة
۳۱ يناير ۲۰۲۳

العملُ لمجد الله

ملاحظة المُحرِّر: المقالة 10 من سلسلة "بين عالمين"، بمجلة تيبولتوك.

إن القيام بعملٍ ما بشكل جيِّد بحقٍّ، ثم نسب الفضل إلى الله، إنما هو ترياق الكبرياء. فعندما تحقِّق إنجازًا معيَّنًا، مثل أن تسدِّد ضربة في مباراة بيسبول، أو تجري صفقة بيع جيدة، أو تساعد عميلًا، أو تصنع منتجًا جيدًا، أو تنجح في التواصل مع جمهور معيَّن، يمكن أن تشعر بالرضا عن الأمر، وربما تُغوَى إلى تمجيد نفسك، أي إلى الانغماس فيما يسمِّيه الكتاب المقدس "العُجب"، أو "الاِفْتِخَارِ الْبَاطِلِ" بحسب ترجمة كتاب الحياة (فيلبى 2: 3). لكن بدلًا من ذلك، تستطيع أن تحوِّل هذا الافتخار إلى الله نفسه، الذي أعطاك القدرة، والفرصة، والموهبة التي جعلت هذا الإنجاز مُمكنًا. ومن المفارقة العجيبة أن يجعلك أعظم إنجاز متضعًا، وليس متكبِّرًا، وعندئذ تُمجد الله.

يعبِّر مجد الله عن تميُّزه الفائق، وصلاحه العجيب، وجلاله غير المحدود. ونحن نمجِّده -أي نقرُّ بمجده- عندما نسبِّحه ونعبده. والمزامير مليئة بمثل هذا التسبيح:

قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَبْنَاءَ اللهِ،
قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَعِزًّا.
قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ اسْمِهِ.
اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ. (مزمور 29: 1-2)

لكن، يخبرنا الكتاب المقدس بأننا يجب أن نمجد الله أيضًا في كلِّ جانب من جوانب حياتنا. "فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ" (1 كورنثوس 10: 31). وهذا يشمل المواهب والأدوار التي أعطانا الله إياها. ينطبق ذلك إذن على حياتنا الأرضية العادية –ربما بمعزل أيضًا عن الإنجازات العظيمة.

وإحدى الوسائل التي يُمكن أن نمجِّد بها الله في وظائفنا هي أن نبذل قصارى جهدنا: "كُلُّ مَا تَجِدُهُ يَدُكَ لِتَفْعَلَهُ فَافْعَلْهُ بِقُوَّتِكَ" (الجامعة 9: 10). في الرسالة إلى كولوسي، وفي سياق نصٍّ يدور تحديدًا حول موضوع الأدوار المختلفة –الأزواج، والزوجات، والأولاد، والآباء، والعبيد، والسادة– قال الرسول بولس: "وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ، فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ" (كولوسى 3: 23). فعندما نقوم بعمل جيد، نكرم الرب الذي دعانا إلى ذلك العمل.

يبيِّن هذا النص أيضًا كيف يُمكن أن يكون لدينا الحافز للقيام بعمل جيد. فعلينا أن نعمل "كَمَا لِلرَّبِّ". وفي حديث بولس العظيم في أفسس 5-6 عن الدعوات والأدوار المختلفة، أكَّد هذه الفكرة نفسها في تناوُله للكيفية التي يجب بها على "العبيد" (بحسب نظامنا الاقتصادي الحالي، يُمكن أن نطبِّق ذلك على العاملين والموظفين) أن يخدموا "سادتهم" (يُمكن أن نطبِّق ذلك على أرباب العمل)، فيقول:

أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، فِي بَسَاطَةِ قُلُوبِكُمْ كَمَا لِلْمَسِيحِ لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اللهِ مِنَ الْقَلْبِ، خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ كَمَا لِلرَّبِّ، لَيْسَ لِلنَّاسِ. (أفسس 6: 5-7)

تخيَّل أن يكون لديك أسوأ مدير في العالم. كيف يُمكنك إذن أن تقدِّم أفضل ما لديك من عمل لشخص كهذا؟ الحل هو ألا تعمل لأجل هذا الشخص، بل لأجل الله. فقيامك بعملك "كَمَا لِلرَّبِّ" سيجعلك تعمل "مِنَ الْقَلْبِ"، الأمر الذي يُمجد الله أيضًا.

يحكم الله بعنايته الإلهية خليقته بأكملها، ويعتني بها؛ وقد اختار أن يقوم بذلك جزئيًّا عن طريق عمل بشر عاديين. فإن غرضه من الوظائف المختلفة هو أن يمنح عطاياه بواسطة ما نقوم به – مدبِّرًا الخبز اليومي بواسطة عمل المزارعين والخبازين، وحاميًا إيانا بواسطة السلطات الشرعية والقضائية، وشافيًا إيانا بواسطة الأطباء والممرضات، وخالقًا حياة جديدة ومعتنيًا بها بواسطة الوالدين، ومعلنًا كلمته بواسطة رعاة الكنائس. وبالتالي، فإن الغرض من أدوارنا ووظائفنا هو أن نحبَّ ونخدم الآخرين من حولنا. وعندما نفعل ذلك، يعمل الله من خلالنا ليسكب بركاته. ربط الرسول بطرس بين الوظائف، والخدمة، وتمجيد الله، قائلًا:

لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. (1 بطرس 4: 10-11)

وعندما نعمل فقط لتحقيق مصالحنا الشخصية، فإننا بذلك نُمجد أنفسنا. لكن عندما نعمل لخدمة الآخرين، فإننا نُمجد الله.

تنتابنا الرغبة في تمجيد أنفسنا بسهولة. فالرُسولان يعقوب ويوحنا أنفسهما طمحا في نوال حصتهما في مجد يسوع، فقالا له: "أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ فِي مَجْدِكَ" (مرقس 10: 37). استاء التلاميذ الآخرون من ذلك، لكنَّ يسوع ترفق بهم جميعًا، ولم يوبخهم، لكنه بيَّن لهم أن الاشتراك في مجده يختلف تمامًا عن الاشتراك في مجد العالم، قائلًا:

فَدَعَاهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يُحْسَبُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَأَنَّ عُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ. فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيمًا، يَكُونُ لَكُمْ خَادِمًا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلاً، يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْدًا. لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ. (مرقس 10: 42-45)

إن مجد المسيح يكمن في صليبه. ومن خلال صليب المسيح، وحمل كلِّ واحد منا صليبه في إنكار للنفس، يُمجِّدنا الله (لوقا 9: 23-26؛ 2 كورنثوس 4: 1-7).

معظمنا يشغل وظائف عادية. ومع ذلك، نستطيع أن نكون شاكرين في عملنا. "ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي" (مزمور 50: 23). فالشعور بالامتنان لله هو إقرارٌ باتكالنا عليه، وابتهاجٌ بنعمته التي لا تُستقصَى. "لِكَيْ تَكُونَ النِّعْمَةُ وَهِيَ قَدْ كَثُرَتْ بِالأَكْثَرِينَ، تَزِيدُ الشُّكْرَ لِمَجْدِ اللهِ" (2 كورنثوس 4: 15).

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

جين إدوارد فيث
جين إدوارد فيث
الدكتور جين إدوارد فيث هو عميد كليَّة باتريك هنري في مدينة بورسيلفيل بولاية فيرجينيا وأستاذ فخري للأدب بها. وهو مُؤلِّف للعديد من الكتب، بما في ذلك كتاب "الله في العمل" (God at Work) و"القراءة بين السطور" (Reading between the Lines).