مَثَل الراعي الصالح - خدمات ليجونير
مَثَل الكرَّامين
٤ يونيو ۲۰۲۲
تطبيق الخلاص
۱۲ يونيو ۲۰۲۲
مَثَل الكرَّامين
٤ يونيو ۲۰۲۲
تطبيق الخلاص
۱۲ يونيو ۲۰۲۲

مَثَل الراعي الصالح

تساعدنا التشبيهات عميقة الجذور (على سبيل المثال، الله هو صخرتنا، والمحبة هي رحلة، وغير ذلك) على استيعاب الحقائق التي لولا ذلك لأخفقت عقولنا في استيعابها. ويوحنا 10 مثالٌ بارزٌ على ذلك. فإن هذا "المَثَل" المركَّب (الآية 6) للراعي، والخراف، وباب حظيرة الخراف، واللصوص المحتمَلين يقتادنا حتى إلى لُبِّ هوية يسوع، وإلى الدعوة الموجَّهة إلينا بأن نتبع صوته وحده. ونظير أيِّ تشبيه جيد، تمتد تطبيقات هذا المثل لتشمل العديد من المجالات. دعونا إذن نتتبع تلك التطبيقات.

استخدم يسوع تفاصيل الرَّعي المألوفة لدى مستمعيه، وتحدَّث عن حظيرة خراف كبيرة، لها حارسٌ يحرس بابها، ليتأكَّد من أن الرعاة الحقيقيين وحدهم هم الذين يدخلون ويخرجون مع خرافهم الضعيفة والعرضة للخطر. وكل من لا يدخل من الباب يكون لصًّا محتمَلاً. يستحضر هذا التشبيه وصف المسيح للناس بأنهم "كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا" (مرقس 6 :34) وكذلك وصفه لنفسه بأنه ذاك الذي أُرسِل ليطلب الخراف الضالة (متى 18 :12؛ لوقا 15: 3-7). وفي إطار الرعاية التي يقدِّمها هذا الراعي لخرافه بمحبة، يحتلُّ "صوته" الأهمية الأكبر (يوحنا 10: 4). ففي إسرائيل القديمة، كان الرعاة يتقدَّمون خرافهم ويقودونها (لا يسوقونها إلى الأمام من المؤخرة) فقط اعتمادًا على تعرُّف الخراف على صوتهم. وفي هذه المرحلة من إنجيل يوحنا، اجتهد يسوع ليثبت أنه هو القائد الحقيقي لخرافه "ٱلْخَاصَّةَ" (الآية 3)، وليس السلطات الدينية الفاسدة، التي تبغي إهلاك هذه الخراف، نظير اللصوص المحتمَلين في المَثَل.

إن وقوع الاختيار على تشبيه الرَّعي والخراف يعود بنا إلى الكتاب المقدس، حيث يوصَف شعب الله باستمرار بأنهم قطيع غنم (1ملوك 22 :17؛ مزمور 44)، وحيث يوصف ملوك إسرائيل بأنهم رعاتهم، ولا سيما داود (مزمور 78). لكن، عندما ثَبُت فشل وإفلاس هؤلاء القادة والرؤساء، شجبهم الأنبياء واصفين إياهم بأنهم رعاة سرَّاق لا قيمة لهم (إشعياء 56: 9-12؛ إرميا 23: 1-4؛ زكريا 11: 4-17). ومن وسط هذه الفوضى من رعاة ينهشون الخراف، وعد الله بإرسال راعٍ حقيقي واحد، أي داود جديد، يرعى بالشعب إلى الأبد: "وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِيًا وَاحِدًا فَيَرْعَاهَا عَبْدِي دَاوُدُ ... هُوَ يَرْعَاهَا وَهُوَ يَكُونُ لَهَا رَاعِيًا" (حزقيال 34 :23). وبإعلان يسوع كونه "الرَّاعِي الصَّالِحُ" (يوحنا 10 :11)، أظهر جليًّا أنه هو ذلك الراعي المسيَّاني الموعود. وهو سيفوق كثيرًا أي راعٍ أرضي: ففي حين يهرب "الأَجِير" عندما تحلُّ المتاعب (الآية 12)، سيعطي المسيح خرافه حياة، إذ يبذل نفسه عنهم (الآية 11).

لكن، تمتد أبعاد هذا التشبيه إلى أبعد من ذلك أيضًا. فعبر العهد القديم، وُصِف الله نفسه باستمرار بأنه هو الراعي الحقيقي (تكوين 49 :24؛ مزمور 23؛ 95: 7). علاوة على ذلك، وعد الله بأنه في المستقبل "سيَسأل بنفسه عن غنمه ويفتقدها" (حزقيال 34: 11). يعني ذلك إذن أن الله والمسيَّا الداودي على حد سواء هما الراعيان المستقبليان للقطيع. لا عجب إذن أن يستخلص يسوع من المَثَل تطبيقًا آخر. فهو ليس فقط يشغل دور الراعي المسياني في المَثَل، لكنه قال أيضًا: "أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ" (يوحنا 10 :30). فعلى نحو مذهل، لكن غامض في الآن ذاته، تمَّم يسوع، بصفته ابن الآب، الوعد بأن راعيًا "واحدًا، في ثالوث، سيرعى القطيع.

من خلال هذا التشبيه الرائع، أعلن يسوع أنه هو وحده بابُ الخلاص، والراعي الصالح الذي، بصفته الله الظاهر في الجسد، يرعى قطيعه بموته عنه لتحريره. وهو يعرف خاصَّته، ويحبُّهم. وأولئك الذين له بحقٍّ، أي الذي أعطاهم الآب له، يعرفون صوته، ويجدون الأمان في قطيعه. ومع أننا كنا "كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ"، لكننا "رجعنا إِلَى رَاعِي نفوسنا" (1بطرس 2: 25). لكن، لا يتوقف هذا الحق المجيد عند هذا الحد. فإن يسوع، "رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ" (عبرانيين 13: 20)، عيَّن وأقام رعاةً نظارًا تحت سلطته، ليحرسوا قطيعه ويحموه في الوقت الحالي (1بطرس 5: 2). ودور هؤلاء الرعاة هو أن يصرفوا ويصدُّوا المعلِّمين الكذبة السرَّاق (أعمال الرسل 20 :29)، ويطعموا الخراف عن طريق الاهتمام بحاجاتهم الروحية (يوحنا 21: 16-17)، وكذلك أن يجتهدوا لمساعدة خرافهم على تمييز واتباع "صوت" يسوع، الذي يُسمَع في كلمة الله المكتوبة، أي الكتاب المقدس.

كيف، إذن، يجب أن يكون ردُّ فعلنا تجاه يوحنا 10؟ بالنسبة للخراف، دعونا نجتهد لنكون خرافًا صالحة، تتبع صوت راعيها الواحد. أما بالنسبة للرعاة النظار، فدعونا نقتاد قطعاننا للدخول من "الباب" الحقيقي، ليجدوا المرعى. ودعونا نعتني بهم لا كأجراء يطلبون مكسبًا أنانيًّا، بل كأناس يسيرون على خطى الراعي الصالح.

 

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

جريج لانير
جريج لانير
د. جريج لانير هو أستاذ مساعد للعهد الجديد بكلية اللاهوت المصلحة، بمدينة أورلاندو ولاية فلوريدا. وهو الراعي المساعد في كنيسة ريفر أوكس بمدينة ليك ماري ولاية فلوريدا. وهو مؤلف للعديد من الكتب، منها الكتاب بعنوان How We Got the Bible ("كيف حصلنا على الكتاب المقدس").