مَثَل الراعي الصالح
٤ يونيو ۲۰۲۲نسل المرأة
۱۳ يونيو ۲۰۲۲تطبيق الخلاص
لكونه مولودًا مثل أي صبي آخر (غلاطية 4: 4)، كبر الرب يسوع "فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ" (لوقا 2: 52). بالرغم من المحاولات الحديثة للبعض لرسمه على صورة البطل الخارق، فوليد العذراء مريم بشحمه ولحمه "لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ" (إشعياء 53: 2). ابن الله أصبح واحدًا منا وبلغ ذهنيًّا، وجسديًّا، وروحيًّا، واجتماعيًّا.
بالرغم من أنه لم يكن عاصيًا أبدًا، فقد تعلَّم الطاعة (عبرانيين 5: 8) -من خلال خطوات إيمانه، كبر من حالة عدم النضج إلى السمو الأخلاقي. لقد كان، بالمعنى الكامل للكلمة، رجلًا عاديًّا ذا حياة مجرَّبة ومثبَّتة: "مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ" (2: 17)، و"يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ" (الآية 10).
ومع كون الرب يسوع عاديًّا تمامًا، إلا أن حياته تفيض إلى ما هو أكثر من العادي. الإله والإنسان هذا أخذ على عاتقه دورًا تاريخيًّا حاسمًا معيَّنًا من الله، ولن يتكرَّر. مثل آدم جنة عدن، كان آدم الأخير -أي يسوع المسيح- شخصية شهيرة. في دعوته الممثَّلة عنَّا أصبح الرب يسوع "رَحِيمًا، وَرَئِيسَ كَهَنَةٍ أَمِينًا ... يُكَفِّرَ خَطَايَا الشَّعْبِ" (الآية 17). هذا الرجل الوحيد وحده حقَّق هذه الخدمة غير الاعتيادية والمستمرة.
وبالتالي، فإن وجود الرب يسوع البشري يحقِّق قيمته بدوره العام. في كل لحظة، كان يعمل ناظرًا إلى ما هو أبعد من نفسه وإلى شعبه. بصفته النبي الأول، تكلَّم إلى شعبه. بصفته رئيس الكهنة القدُّوس، شفع عن شعبه. بصفته ملك الملوك، فهو يملك على شعبه. لقد أتى الرب يسوع ليعيش، وليموت، وليقوم مرة أخرى من أجل شعبه. هو الراعي ونحن غنمه. هو الفادي القدُّوس ومن خلاله تم فداؤنا بالكامل.
إذًا، فإن جذور الخلاص الكتابي تستمد حياتها من موضوع "المسيح لأجلنا" المجيد هذا. المسيح هو حجر الزاوية، ونحن "الحجارة الحيَّة" التي تشكِّل "بَيْتًا رُوحِيًّا" (1 بطرس 2: 5). المشروع المعماري العظيم على مر التاريخ يضع كلًّا منَّا في مكانه الذي حدَّده الله -كل حجارة حيَّة يدعمها ويحفظها حجر الزاوية الرئيسي. المسيح هو الكرمة، ونحن الأغصان. الحياة تتدفَّق فينا، لأننا نستمدها منه (يوحنا 15: 4). المسيح هو العريس، ونحن عروسه (رؤيا 21: 2؛ انظر أفسس 5: 18-33). المخلِّص يمسك بنا بمحبة بشكل عهدي، وحميمي، وبلا رجعة.
كيف يبارك عَمَل هذا الإنسان الواحد الآخرين فعليًّا؟ بحسب حكمة الآب، حقَّق ابن الله المُرسل من السماء الفداء. روح الابن يُطبِّق هذا الفداء على شعبه. بالنعمة، يوحِّد الروح القدس شعب الله إلى مسيح التاريخ الحقيقي. الابن يعمل مخلِّصًا بالروح. شعب الله يشترك في عمله المخلِّص بنفس الروح القدس. بإرادة الآب، يوحِّدنا الروح القدس إلى الابن.
لا توجد فكرة لاهوتية لاحقة، إن عمل الروح القدس هذا يمتلك ثلاثة مظاهرة مميزة مع كونها لا تنفصل. هذه النعمة تجاهنا تبدأ في المشورة الحكيمة والمنعمة لله قبل تأسيس العالم (أفسس 1: 3-6). إنها تكتسب زخمًا تاريخيًّا من خدمة المسيح، حيث يضعنا الروح القدس في المسيح في موته شخصيًّا، وفي دفنه، وقيامته، وتمجيده (رومية 6: 1-4؛ أفسس 2: 6). ثم عندما يعطينا الإيمان، يتمِّم الروح القدس هذا الاتحاد المنعم فينا شخصيًّا (أفسس 1: 13-14). باختصار، إن الوحدة مع المسيح تنبع في الاختيار الإلهي وفي مقاصد العهد. في التحقيق الإلهي للفداء، يربطنا الروح القدس بالمسيح. عند لحظة الإيمان، يطبِّق الروح القدس عمل المسيح علينا فورًا، وبشكل شخصي، مخلِّصًا إيَّانا.
إن تقديرنا لخدمة الروح القدس هذه ستمنعنا من اعتبار الخلاص عديم الحياة. لا يجب أن يُرى الخلاص في الأساس على أنه هدية يجب أن تُفتح ولكنه المخلِّص الشخصي الذي نستقبله. إن عطية الإنجيل هو المعطي شخصيًّا.
لقد "بَذَلَ (يسوع المسيح) نَفْسَهُ لأَجْلِنَا" (تيطس 2: 14)، ونحن نقبله بالروح القدس: "أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ»" (غلاطية 4: 6). "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ، إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَذلِكَ لَيْسَ لَهُ" (رومية 8: 9). الروح القدس يجعلنا نتحد بالإنسان العادي الاستثنائي. نوضع في المسيح وهو فينا. نحن ننتمي له، وهو ينتمي لنا.
ماذا يحدث إذًا للبركات المحورية للخلاص مثل التبرير، والتقديس، والتبنِّي، والتمجيد؟ إنها تأتينا فقط لأن المسيح ضمنها شخصيًّا. التبرير ليس خيالًا تصريحيًّا. لقد تبرَّر المسيح فعليًّا من أجلنا (1 تيموثاوس 3: 16). التقديس ليس موضوعًا خياليًّا، فالمسيح قد هزم قوة الخطية بالفعل (رومية 6: 10-11). التبنِّي لا يقدِّم مكانة عائلية مصطنعة، ففي بنوية المسيح السامية نصبح بالفعل أبناء الله (1: 4؛ 8: 15-17؛ 1 يوحنا 3: 1-3). التمجيد لا يَعِد بمستقبل وهمي، فقيامة المسيح هي باكورة الحصاد الوحيد للقدِّيسين (1 كورنثوس 15: 12-22). الروح القدس معطي الحياة (الآية 45) يفيض بمجد القيامة من المسيح لكل من ينتمون له بروحه. قيامة الأجساد لشعب الله هي يقين بنفس يقينية قيامة ربنا بالجسد.
حياة المسيح كانت ولا تزال لنا. موته لم يكن من أجله، لقد كان ولا يزال لنا. قيامته لم تكن له، لقد كانت ولا تزال لنا. دون عمله لا يوجد خلاص على الإطلاق. دون عمله الذي يطبِّقه الروح القدس، لا يوجد خلاص لنا. الروح القدس يملكنا ويربطنا بالمسيح بشكل لا رجوع فيه. رجاء إنجيلنا هو التالي: بالروح القدس، نستقبل الرب يسوع المسيح الذي أتى لنا ويسكن فينا. المسيح فينا هو "رَجَاءُ الْمَجْدِ" الأكيد (كولوسي 1: 27).
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.