زوجات الشيوخ
۱۷ أغسطس ۲۰۲۲ترياق القلق
۲۵ أغسطس ۲۰۲۲الناموس الكابح
ملاحظة المُحرِّر: المقالة 7 من سلسلة "العناية الإلهية"، بمجلة تيبولتوك.
أتوقع أن معظمنا مرَّ بتلك التجربة، أن تقود سيارتك على طريق متجاوزًا السرعة المُقررة، وفجأة تلاحظ سيارة شرطة أمامك على جانب الطريق، فتهدئ السرعة في الحال إلى السرعة المقرَّرة، فقط لتكتشف بعد اجتيازك سيارة الشرطة أنها فارغة. فإن مجرد وجود القانون المتجسِّد في سيارة الشرطة الفارغة هذه كبح جموحنا وكسرنا للقوانين، على الأقل بصورة مؤقتة.
في القرن السادس عشر، أشار المصلحون البروتستانتيون إلى ثلاثة "استخدامات" لناموس الله: الاستخدام المدني (وهو اللجام الذي يكبح فسادنا)، والاستخدام التربوي (وهو المرآة التي تكشف فسادنا، وتُوَجهنا إلى يسوع المسيح بصفته مخلِّص الخطاة الوحيد)، والاستخدام المعياري (وهو المقياس الذي يرشدنا ويقودنا إلى كيفية إرضاء الله). ترى الكنيسة في بعض الأحيان أن الدور الكابح للناموس قاصر على غير المؤمنين، الذين يحتاجون إلى تهديدٍ بالعقاب، أو إلى الخوف من العار، لمنعهم من أن يكونوا أشرارًا بقدر ما يمكن أن يكونوا إذا ما تُركوا لقلوبهم الساقطة. لكن، ثمة أهمية حيوية أن ندرك أن ناموس الله يعيق أيضًا الخطية الساكنة في الذين ولدوا ثانية، وأن هذا الدور الذي يلعبه الناموس هو إحدى الطرق التي يمكِّن بها الله شعبه من أن يكونوا تلك المدينة الموضوعة على جبل التي خلَّصنا لنصير عليها.
يتحدَّث إقرار إيمان وستمنستر، الفصل 19 والبند 6، بشكل مباشر عن هذا الغرض من وصايا الله في حياة المؤمن بيسوع، ذلك الغرض الذي عادة ما يتعرَّض للتجاهل. فبعد الإقرار بأن المؤمنين الحقيقين "ليسوا تحت الناموس، كعهدٍ للأعمال، يتبرَّرون به، أو يُدانون"، أكَّد إقرار الإيمان أن الاستخدامين التربوي والمعياري للناموس عاملان وقائمان باستمرار في حياة القديس. ثم أكَّد علماء لاهوت وستمنستر أن الناموس هو بمثابة السد الذي يمنع انفجار فيضان الفجور من داخل المؤمن، قائلين: "وهو كذلك نافعٌ للمؤمنين، لكبح فسادهم". وكيف يلجم ناموس الله المؤمن؟
أولًا، يَنهَى الناموس عن الخطية بشكل مباشر. قبل التجديد، لم نكن نكترث بأن ناموس الله ينهى عن الخطية. لكن الآن، بعدما صار روح الله ساكنًا فينا، فإن مجرد حقيقة أن أبانا السماوي يوصينا بألا نفعل شيئًا تكبحنا وتمنعنا من التمرد وكسر القوانين، لأننا لسنا نريد أن نغضبه. فإن كون العصيان تعدِّيًا لمشيئة أبينا هو أمر يؤثر فينا بشدة (يعقوب 2: 11)، ولهذا نتوق مع كاتب المزمور إلى إطاعة ناموس الله، الذي يمنعنا عن الشر: "مِنْ كُلِّ طَرِيقِ شَرّ مَنَعْتُ رِجْلَيَّ، لِكَيْ أَحْفَظَ كَلاَمَكَ" (مزمور 119: 101).
ثانيًا، تُذَكِّرنا تهديدات وإنذارات الناموس بأن خطايانا تستحق الدينونة، مع أن دم يسوع وبرَّه قد سترا خطايانا. لكن إدراكنا من جديدٍ للعقوبة التي نستحقها، لكن أخذها يسوع على عاتقه عوضًا عنا، يدفعنا إلى تجنُّب الخطية، كما نقرأ في صلاة عزرا: "وَبَعْدَ كُلِّ مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا الرَّدِيئَةِ وَآثَامِنَا الْعَظِيمَةِ، لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا ... أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدَّى وَصَايَاكَ ...؟" (عزرا 9: 13-14). وبالمثل، مع أننا لا نُدان على خطايانا، لكننا لا زلنا نؤدَّب من أبينا السماوي. وذلك التهديد بأن تحلَّ علينا عواقب الخطية من يد الله الأبوية إنما هو رادع قوي للإثم (مزمور 89: 30-33؛ 1 كورنثوس 11: 32؛ عبرانيين 12: 5-11).
أخيرًا، وبكلمات إقرار إيمان وستمنستر، فإن وعود الناموس "تُظهِر [لنا] مدى استحسان الله للطاعة، والبركات التي يمكن أن [نتوقعها] عند تنفيذ وصاياه. مع أنهم لا يستحقون هذه البركات بالناموس كعهدٍ للأعمال" (19. 6). يستخدم الروح القدس المكافآت العظيمة الموعودة للذين يسلكون في وصايا الله لتشجيعنا على اتباع القداسة (مزمور 19: 11؛ 34: 12-16؛ أفسس 6: 2؛ 1 بطرس 3: 8-12). أوضح بولس هذا الدافع جيدًا في 2 كورنثوس 7: 1، بقوله: "فَإِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ".
لأن الإيمان الخلاصي يتجاوب مع كلمة الله "مقدمًا طاعة للوصايا، ومرتعدًا من تهديداتها، وقابلًا مواعيد الله من جهة هذه الحياة والحياة الآتية أيضًا" (إقرار إيمان وستمنستر 14. 2)، فإن ناموس الله يكبح بفاعلية الفساد المتبقي في المؤمن. وبكلمات كالفن، فإن الناموس "مثل السوط للحمار الكسول والمتقاعس، الذي يستحثه على العمل. وحتى بالنسبة إلى الشخص الروحي الذي لم يتحرر بعد من ثقل الجسد، تظلُّ الشريعة وخزة متواصلة لا تدعه يبقى ساكنًا" (أسس الدين المسيحي، 2. 7. 12). قطعًا، ليس التأثير الكابح للناموس هو القوة الوحيدة أو حتى القوة الأهم في حياة المؤمن، بل إن محبة المسيح التي تحصرنا هي أروع محفز على الإطلاق (2 كورنثوس 5: 14). لكن، نظير اللجام، يبقينا ناموس الله بحقٍّ بعيدين عن سبل الشر، وسائرين في سبل البر من أجل اسمه.
كذلك، يكبحنا الناموس لأجل العالم. كيف؟ أولًا، عندما يكبح الناموس فجورنا، نصير ملحًا أشد ملوحة ونورًا أكثر سطوعًا (متى 5: 13-14). وبالتالي، فإن وجودنا في وسط غير المؤمنين يحدُّ بقوة في كثير من الأحيان من فسادهم. ثانيًا، إن إدراكنا بأن خطايانا بحاجة إلى أن تُكبَح، بل وبأنها تُكبَح بالفعل، من قبل الناموس هو حقيقة تحط من كبريائنا. وهذا الاتضاع يغير من الطريقة التي نتعامل بها مع غير المؤمنين. فبدلًا من أن نتعامل معهم في فريسية، ستكون لدينا أحشاء العشار (لوقا 18: 9-14). وعندما نعلم أنه فقط بنعمة الله (حتى وإن كان من خلال ناموسه) قد أُخضِعت خطايانا، تصير شهادتنا للآخرين مترفقة ومتعاطفة.
في المرة التالية التي ترى فيها سيارة الشرطة الفارغة، تذكَّر قوة ناموس الله الكابحة في حياتك، واسطع بنور نعمة المسيح في اتضاع أمام كلِّ من تلتقي به.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.