صعود ورحلة - خدمات ليجونير
الإسراع في الاستماع، الإبطاء في التكلُّم
۲٤ أبريل ۲۰۲۵
ملُقين كلَّ همكم عليه
۱ مايو ۲۰۲۵
الإسراع في الاستماع، الإبطاء في التكلُّم
۲٤ أبريل ۲۰۲۵
ملُقين كلَّ همكم عليه
۱ مايو ۲۰۲۵

صعود ورحلة

في الأصحاح الثاني من سفر الملوك الثاني، حدثتْ عمليّة انتقاليّة ذات مغزى ما بين نبيّين عظيمَين. فإذْ يغادر إيليّا يبدأ أليشع خدمته. وفي هذه العمليّة الانتقاليّة يظهر إيليّا كنقيض للملك أخزيا في الأصحاح الأول. كما يمثِّل إيليّا ظلًّا يرمز إلى المخلِّص الآتي. وعلاوةً على هذا، يرينا أليشع عظَمة قوّة الروح القدس. 

دعونا أوّلًا ننظر إلى حقيقة كون إيليا مغايرًا للملك الشرّير أخزيا. في 2ملوك 1، أرسل أخزيا ثلاث مجموعات تتألَّف كلُّ واحدةٍ من خمسين عسكريًّا لمقابلة النبي إيليّا. ولكنّ إيليا وقف أمام أعدائه، وانتهى الأمر بالملك الشرّير ميتًا. وفي 2ملوك 2 نرى أمرًا مغايرًا مُدهِشًا. فبدلًا من أن يواجه إيليّا جنودًا في مجموعاتٍ من خمسين، كانت مجموعةٌ من خمسين نبيًّا تتبعه. وبدلًا من أن ينبئ هنا بموت أخزيا، انتهتْ حياته على الأرض من دون موت. ففي الآية 11، أخذته مركباتٌ من نار وعاصفة إلى السماء. تُظهِر هذه المغايَرة الربَّ يعمل بطريقتَين مختلفتَين. فيقدِّم الربُّ نفسه بوصفه القاضي العادل في الأصحاح 1، ويقدِّم عمله بوصفه المُحرِّر والمنتصر على الموت في الأصحاح 2. فقد نال إيليا إنقاذًا من الموت نفسه. وبإنقاذ الربّ إيليّا من الموت يعطينا صورةً ترمز إلى المُخلِّص الآتي. 

نرى في النّبي إيليّا ظلَّ مُخلِّصنا يسوع بطريقتَين. تظهر الطريقة الأولى في حواره مع أليشع في 2ملوك 2: 2-6. ففي رحلة إيليّا إلى صعوده، طلب من أليشع أن يبقى حيثُ كان ثلاث مرّات. وفي كلّ مرّة أجاب أليشع قائلًا: "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ." يُعِدُّنا إيليا لمُخلِّصنا، الذي ستكون أمامه رحلة أصعب إلى الجلجثة. وبدلًا من تأكيد الدعم ثلاث مرّات، تلقّى يسوع المسيح إنكارًا ثلاث مرّات من تلميذه بطرس (متّى 26: 69-75). وعلاوةً على ذلك، يُشير إيليا إلى ظلّ مُخلِّصنا في صعوده في العاصفة (2ملوك 2: 1، 11). فبطريقةٍ فريدةٍ ومعجزيّةٍ، أُخِذ إيليّا إلى السماء (وكان هذا مشهدًا صادمًا دفع الخدّام إلى الذهاب للبحث عن إيليا في الآيات 16-18). وهكذا، انتهتْ حياة إيليّا بكونه نبوّة، لأنّه بعدَ أن يهزم يسوع المسيح الموت قائمًا من الموت، سيصعد هو أيضًا إلى السماء (لوقا 24: 51). 

وأخيرًا، نرى عظمة الروح القدس في النّبي أليشع. حين أُصعِد إيليا إلى المجد، أخذ أليشع رداءه (2ملوك 2: 13)، وشقّ نهر الأردنّ، وعبره (الآية 14). ثمّ عادَ إلى أريحا (الآية 15)، ورأى الخدّام أنّ أليشع إنسان مختلف، لأنّه "قَدِ اسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أَلِيشَعَ." وبقوّة الروح القدس على أليشع ذهب إلى بيت إيل (الآية 23). ويُشير ذهاب أليشع إلى بيت إيل إلى قوّة يوم الخمسين. فقد أعلَن يسوع في أعمال 1: 8 قائلًا: "سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ." فبقوّة الروح القدس انتقل أليشع من كونه خادمًا إلى صيرورته نبيًّا، مثلما سيصير التلاميذ رسلًا.


تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

روبرت جودفري
روبرت جودفري
الدكتور روبرت جودفري هو عضو هيئة التدريس في خدمات ليجونير والرئيس الفخري لكليَّة وستمنستر للاهوت في كاليفورنيا والأستاذ الفخري لتاريخ الكنيسة بها. وهو الأستاذ المُميَّز في سلسلة ليجونير التعليميَّة المُكوَّنة من ستَّة أجزاء بعنوان "مسح شامل لتاريخ الكنيسة" A Survey of Church History. تشمل كتبه العديدة "رحلة غير مُتوقَّعة" An Unexpected Journey، و"تعلَّم أن تُحبَّ المزامير" Learning to Love the Psalms.