
كيف يمكننا التوفيق بين حقيقة سيادة الله وحقيقة أنه أعطانا إرادة حرة كأشخاص؟
٦ مايو ۲۰۲۵
ما هو معنى التعيين المُسبق؟
٦ مايو ۲۰۲۵بالإشارة إلى يوحنا 6: 44، هل يُرغم الله البشر على المجيء إليه؟

يُعَد هذا النص بالتأكيد من النصوص الجدلية للغاية. في إحدى الترجمات القديمة لهذا النص، يقول يسوع: "لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي". يتعلَّق الجدل حول هذا النص بمعنى الكلمة المُترجَمة إلى "يجتذب"، ما معنى هذه الكلمة؟ يرى بعض علماء الكتاب المقدس وبعض المؤمنين أن هذه الكلمة تعنى أن يغري الله أحدهم، أو يتودَّد إليه، أو يحاول إقناعه. وبالنسبة لهؤلاء، إذن، يقول يسوع إنه "إذا تُرك البشر لأنفسهم، فلن يطلبوني، لذا ينبغي إضافة شيء إلى ميولهم الطبيعية، حتى يُحَثوا على التحرك صوبي". وبهذا، يقول يسوع إنه على الله أن يفعل شيئًا. وتعنى الترجمة القديمة لهذا النص أنه على الله أن يجتذب البشر مثلما اجتذبت أصوات حوريات البحر أوليسيس إلى البحر. فقد حاولن إغراءه، وإقناعه، والتودد إليه حتى يأتي إليهن، وذلك بأن كنَّ جذابات بقدر المستطاع وهنَّ يقدمن دعوتهن له. يتبنَّى بعض الناس الرأي المتصلب الذي مفاده أن التودد ومحاولة الإقناع هو أمر على النقيض تمامًا من الإرغام، وأن الله لا يرغم البشر أن يأتوا إلى يسوع، ولكنه يغريهم ويشجعهم ويحاول التودد إليهم، مبينًا لهم مدى جاذبية يسوع، بحيث يميلون إلى الاستجابة ليسوع.
ذات مرة، أجريتُ مناظرة حول هذا الموضوع مع أستاذ في دراسات العهد الجديد، كان خبيرًا في لغات الكتاب المقدس. كنت مؤيِّدًا لوجهة النظر القائلة إن الله يفعل ما يتعدَّى مجرد الدعوة والإقناع والتودد. فإنني أعتقد أن الكلمة هنا قوية للغاية، لأنها هي الكلمة نفسها التي استُخدِمت في سفر أعمال الرسل عندما تم جرُّ بولس وسيلا إلى السجن. لم يكن الأمر كما لو أن السجان دخل وراء القضبان، وحاول التودُّد إلى بولس وسيلا، قائلًا: "هيا يا رفاق، من فضلكم ادخلوا". لكنه بالأحرى أرغمهما على دخول ذلك السجن. فإنني أعتقد أن الكلمة هنا قوية. وأشرتُ إلى هذا بالفعل في حديثي مع أستاذ العهد الجديد. ثم فاجأني هذا الأستاذ إلى حدٍّ ما عندما استشهد باستخدام هذا الفعل نفسه في أحد النصوص الأدبية اليونانية الأخرى، والتي فيها استُخدِم الفعل لوصف سحب الماء من البئر. ثم تابع الأستاذ حديثه قائلًا: "حسنًا، لا أحد يرغم الماء على الصعود من البئر". عندئذ أجبتُه: "لكن يجب أن أقول إن لا أحد يتودَّد إلى الماء كي يصعد من البئر. فإنك لستَ تقف هناك وتقول: ‘تعال أيها الماء، تعال أيها الماء!’ ثم تتوقع أن يقفز الماء من تلقاء ذاته من البئر إلى داخل الدلو الخاص بك. بل يتوجب عليك إنزال الدلو وأخذ ذلك الماء". فإنني أرى أن قوة هذا الفعل تكمُن في كونه يفيد أننا في حاجة ماسة إلى مساعدة الله كي نأتي إلى المسيح، وأننا لن نأتي إلى المسيح إلا إذا اقتادنا الآب إليه.