لا يجب على المسيحيين الخوف من البحث العلمي
۱۰ سبتمبر ۲۰۲۰خمس حقائق عن الروح القدس
۱٦ سبتمبر ۲۰۲۰لماذا كره الفريسيون يسوع إلى هذا الحد؟
عندما تتحدَّث إلى أشخاصٍ غير مسيحيِّين اليوم، فإنهم عادةً يمدحون يسوع كثيرًا. سيقولون: "أنا لا أؤمن أنه كان المسيَّا، وأنا لا أؤمن أنه كان ابن الله، ولكن يسوع كان بالتأكيد شخصًا عظيمًا. لقد كان مُعلِّمًا رائعًا. ربما كان نبيًّا".
لكن هذا النوع من الاحترام الكبير ليسوع ليس أمرًا عالميًّا بأي حال من الأحوال. حتى في الكتاب المقدس، نجد مَن تجاوبوا بعداءٍ مع يسوع، وأوَّل هؤلاء الناس هم الكتبة والفريسيِّين. نقرأ في لوقا 20 أن الكتبة ورؤساء الكهنة سعوا لإلقاء القبض على يسوع. وفي يوحنا 5، نجد أنهم أرادوا أن يقتلوه، وفي الأصحاحات 8 و10، حاولوا رجمه.
عندما نقرأ هذه الأحداث في الكتاب المقدس، نجد أنفسنا مدفوعين لطرح السؤال: لماذا تكلَّم هؤلاء الأشخاص بالطريقة التي تكلَّموا بها ولماذا شعروا بما شعروا بمثل هذا العداء تجاه يسوع؟ من الصعب تقديم إجابة وافية عن سبب دوافعهم بهذه الطريقة، ولكن هناك ثلاثة أسباب جعلت السلطات الدينيَّة تكره ليسوع بهذه الدرجة.
أول سبب هو هذا: كانوا يغارون منه. لماذا كانوا يغارون من ابن الله؟ أينما ذهب يسوع كان يجتذب حشودًا كبيرة، وجموعًا، وجماهيرًا كانت تزحمه للاستماع إلى كل كلمة من كلماته، ولمشاهدة كل تحرُّكاته. كان المسيح يتمتَّع بشعبيَّة كبيرة بين الناس، بينما كان قادة اليهود يضعون أحمالًا ثقيلة على شعبهم، وكانوا يتعاملون مع الجموع، شعب الأرض، بروح الاحتقار والازدراء. في الوقت الذي لم يمكن ليخطر على ذهنهم تناول العشاء مع جابي الضرائب، كان يسوع يتعامل بحريَّة مع الأشخاص الذين اعتبرهم الفريسيُّون "رعاع".
كان الشعب يحب يسوع، واستقبلوه بفرح، ولكن ما كانوا يشعرون به من الفريسيِّين كان الدينونة. الشيء الوحيد الذي كان الفريسيُّون ينظرون له هو خطايا الناس، وبالتالي كانوا يحتقرون عامة الشعب. لقد رأوا يسوع يتعامل مع عامة الشعب ورأوا كيف يهتفون له ويحبونه. لم يتمكَّنوا من تحمُّل ذلك لأنهم كانوا يغارون منه ومرتابين من شهرته.
السبب الثاني وراء كرههم له هو أنه كشف أعمالهم. قبل مجيء المسيح، كان الفريسيُّون على وجه الخصوص، وكذلك الصدوقيِّين والكتبة، هم مَن وضعوا المعايير الأخلاقيَّة للمجتمع. كانوا يجلسون في أعلى الأماكن في المجامع. وكانوا ينالون أكثر تكريمًا واحترامًا ويتم الاحتفال بفضائلهم، ولكن فضائلهم، كما علَّم يسوع مرارًا وتكرارًا، كانت ظاهريَّة وخارجيَّة. قال: "أنتم تشبهون قبور الموتى، مبيضة ومدهونة بلا عيب من الخارج ولكنها من الداخل مملوءة بعظام أموات. تنظفون الطبق من الخارج، أما الجانب الآخر، الجنب الداخلي، فقذر. وتفعلون كل ما في وسعكم لإخفاء هذه النجاسة، وهذا الوسخ، وهذه القذارة عن الرأي العام. أنت تتظاهرون أنكم أبرار، وتبرعون في هذا التظاهر بأنكم أبرار".
بدأ الفريسيُّون في فترة ما بين العهدين كمجموعة غاضبة بسبب تخلِّي الشعب عن نقاوة العهد الذي قطعوه مع الله وتساهلهم في أخلاقهم وفي طاعتهم لوصايا الله. لذلك سعى الفريسيُّون إلى الالتفاف حول أنفسهم والانعزال عن الجموع ووضع نموذج أخلاقي. كان هؤلاء بمثابة المحافظين في ذلك اليوم. كان لديهم نظام سامٍ من الشرف والفضيلة، والتزموا بطاعة الله. في الواقع، كانت طائفة من الفريسيِّين تؤمن أنهم إن استطاعوا حفظ كل شريعة أعطاها الله في العهد القديم لمدة أربعة وعشرين ساعة فقط، فإن ذلك من شأنه أن يدفع الله لإرسال المسيَّا إلى إسرائيل.
لكن حدث الكثير من الأشياء بين يوم تأسيس جماعة الفريسيِّين ووقت تجسُّد المسيح، حيث كانوا يتنكَّرون في هيئة أتباع البر والطاعة. باختصار، كانوا مزيفين ومنافقين. ولا شيء يكشف الزيف أكثر من وجود ما هو حقيقي. عندما سار يسوع على هذه الأرض، أظهر البر الحقيقي والقداسة الحقيقيَّة أمام أعين الناس. لم يتطلَّب الأمر ذكاءً استثنائيًّا لتمييز الفرق بين الحقيقي والمُزيَّف. لذلك انكشف الفريسيُّون، ولأنهم انكشفوا بواسطة قداسة المسيح الحقيقيَّة والأصيلة، كرهوه، ولم يطيقوا الانتظار للتخلُّص منه.
هناك فكرة شائعة أن الله يُقيِّم بالمقارنة. يحدث التقييم بالمقارنة عندما يقوم المُعلِّم بإجراء امتحان ويفشل فيه الجميع. فهذا يعني بالضرورة أنه امتحان سيء أو غير عادل، أو أن المُعلِّم فشل في التدريس لأن الطلاب فشلوا في التعلُّم. فيقيِّم المُعلِّم إذن الامتحان باستخدام المقارنة بحيث يحسب درجة "ضعيف جدًا" باعتبارها "مقبول" ودرجة "المقبول" تصبح "ممتاز"، وهكذا. توجد معادلة للقيام بهذا الأمر.
لكن بين الحين والآخر يأتي شخص يفسد المعادلة، أي أن الجميع فشلوا في الامتحان فيما عدا هذا الطالب الذي حصل على درجات عالية. يفسد هذا الأمر المعادلة، مما يعني أن معظم الطلاب لا يحبون مَن يفسدون المعادلة. فمن يفسد المعادلة يجعل البقيَّة منَّا تبدو سيئة.
الخبر السيء هو أن الله لا يُقيِّم بالمقارنة. يظن الكثير من الناس أنه سيفعل ذلك، لكن لا يوجد مقارنة. سيُدان جميع البشر بحسب مقياس بره الكامل. لا يوجد تساهل في الحساب.
لكن الخبر السار هو أن يسوع أفسد المعادلة. بينما فشلنا جميعًا، فقد حقَّق هو المقياس الكامل من البر. وقد فعل هذا من أجلنا. في حين أن هذا مصدر ابتهاج لمَن آمنوا بالمسيح، فقد دفع الفريسيِّين إلى كرهه لأنه كشف برهم الزائف على حقيقته.
السبب الثالث، حسب اعتقادي، وراء كرههم للمسيح هو أنهم كانوا خائفين —ليس مما سيفعله بهم في غضبه بل من عواقب الترحيب به في وسطهم. لماذا كانوا خائفين؟ انظر إلى تاريخ إسرائيل. في كل جيل تقريبًا بالعودة إلى إبراهيم، عاش بنو إسرائيل تحت سيطرة واضطهاد أمَّة غريبة. كان السلام في إسرائيل دائمًا قصير المدى للغاية. كان الشعب دائمًا تقريبًا شعبًا مُحتلًا، يعيش تحت قهر واستبداد أعدائهم. وبالنسبة لليهود في القرن الأول الميلادي، كان المُستعبِد هو روما.
طوال التاريخ اليهودي، كان هناك دائمًا مَن كرَّسوا أنفسهم للثورة، وأرادوا الإطاحة بنير الأجانب الذين أسروهم. ترى ثورة تلو الأخرى في تاريخ إسرائيل، وثورة تلو الأخرى تسحقها قوة العدو. كان هناك أشخاص — اثنان على الأقل، وربما أكثر —بين تلاميذ يسوع يدعون الغيوريِّن.
مَن كانوا في مواقع القوة والسلطة، مثل الفريسيِّين والصدوقيِّين، كانوا يخشون من فقدان قوتهم وسلطتهم. خاف قادة اليهود من عواقب الثورة ضد روما. نجد هذا في على كل صفحة من صفحات العهد الجديد تقريبًا. كما خافوا من الرومان. وخافوا أن يقود يسوع تمرُّدًا بطريقة ما، ويسبِّب انتفاضة أخرى، وبالتالي يجلب بحرًا من الدماء، ولذلك سعوا لإزالته قبل أن يسبِّب لهم المتاعب.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.