ما هو التوليب - خدمات ليجونير
سياقات مهمّة لفهم اللاهوت المُصلَح
٦ يونيو ۲۰۲۳
كلمات معصومة
۱۳ يونيو ۲۰۲۳
سياقات مهمّة لفهم اللاهوت المُصلَح
٦ يونيو ۲۰۲۳
كلمات معصومة
۱۳ يونيو ۲۰۲۳

ما هو التوليب

ما هو الأمر المُشترك بين عناصر التوليب ومحبّة الله وفهم الخلاص الذي يمتدّ لقرون؟ هذه كلّها تنعكس فيما يُعرف بالنقاط الخمس للعقيدة الكالفينيّة.

كيف ترتبط ببعضها البعض؟ تُشكّل حروف كلمة TULIP باللغة الإنجليزيّة اختصارًا لفهمٍ خاصّ للخلاص، بحيث تكون محبّة الله في جوهرها. لنرَ كيف.

الفساد الكلّي

يرمز حرف T إلى الفساد الكامل، وهو مفهوم يصف كيفيّة تأثير الخطيئة على البشر. ولكي نفهم هذا، علينا أنْ نبدأ قبلَ دخول الخطيئة إلى العالم. إلهُنا، المثلّث الأقانيم، موجودٌ منذ الأزل كآب وابن وروح قدس، متساوٍين في القوّة والمجد، ويتمتّعون بعلاقة من الحبّ المقدّس لا بداية لها ولا نهاية. هذا الحبّ المقدّس هو المُحفّز وراء قرارِ الله الحرّ لخلق الكون، وخلقِ رجل وامرأة على صورته ومثاله ليحبّاه ويحبّا بعضهما البعض. ولكن آدم اختار أنْ يرفضَ خالقَنا، ومن خلال عدم طاعته، سقطت البشريّة في الخطيئة (تكوين 3؛ رومية 5: 12-21). تقول عقيدة الفساد المطلق إنّ الخطيئة قد أفسدتنا لدرجة أنّه بدون النعمة، نحن نحبّ أشياءَ أخرى أكثر ممّا نّحبّ الله. أذهاننا وأجسادنا وعواطفنا وأرواحنا - وكلّ جزء منّا قد تأثّر بالخطيئة، ولا يمكننا التملّص من هذا المأزق. أمّا الله فلم يتوقّف عن محبّة خليقته (يوحنا 3: 16). ومن خلال محبّته هذه، يكبح لجام الخطيئة، فيحمينا من أنْ نُصبح سيّئين كما يُمكن أن نكون. وهكذا، حتّى الذين لا يعرفون المسيح، بإمكانهم أنْ يفعلوا أشياءَ صالحة في الظاهر. يمكنهم أنْ يكونوا جيرانًا صالحين، ومُحبّين لأطفالهم، وما إلى ذلك. ولكن، خارج النعمة، لا يفعل أيّ واحد منّا هذه الأشياء بدافع صحيح محبّة بالله وتمجيدًا له.

الاختيار غير المشروط

يرمز حرف U إلى الاختيار غير المشروط، وهو جزء من الحلّ الذي قدّمه الله لفسادنا التامّ. بالطبع، لم يكن الوقوع في الخطيّة مُفاجئًا لله، فهو يعرف النهاية من البداية، وقد رسم التاريخ كجزء من تنفيذِ خطّته ومقاصده لكلّ الأشياء (إشعياء 46: 8-11؛ أفسس 1: 11). سيكون الربّ عادلًا لو أبقانا كما نحن في حالة الخطيئة والابتعاد عنه، لكنّه قرّر أنْ يوجّه محبّته الخاصّة نحو شعبه، وأنْ يختارَ أنْ يفديَهم ويعيدَ لهم مكانتَهم كأبناء الله. الاختيار غير المشروط هو اختيار الله المُحبّ لخطاة معيّنين للخلاص من دون وجود أيّ صلاح فيهم (رومية 9: 1-29). إنّ محبّته المُخلّصة لنا ليست مشروطة بذكائنا أو مظهرنا الخارجيّ أو لطفنا أو مكانتنا الاجتماعيّة أو أيّ شيء آخر. لا يحبّ شعبَه لأنّهم خطأة أقلّ من غيرهم. كلّ شخص مُتحدّر من آدم وحواء (باستثناء المسيح) هو خاطئ. الاختيار غير المشروط يقول إنّ الله اختار أنْ يُخلّص بعض الناس دون آخرين. لديه محبّة لبعض الناس لا يكنّها لآخرين. إنْ كنت مسيحيًّا، فذلك لأنّه في الماضي الأزليّ، وقبل وقت طويل من ولادتك، اختار الله أنْ يُحبَّك بمحبّته المُخلّصة. لم يتمّ اختيارك لأنّك كنتَ أفضل من غيرك، وليس لأنّه عرف أنّك ستختاره إنْ قدّم لك الفرصة لتفعل ذلك، بل اختارَ بكلّ بساطة أنْ يُحبّك، وبما أنّ محبّته ليست مشروطة بأيّ شيء موجود فيك، فلن يتوقّف عن محبّتك أبدًا.

الكفّارة المحدودة

يُشير حرف L إلى الكفارة المحدودة، التي تصف قصد الله من موت المسيح لتوفير الخلاص. السؤال المطروح هو: هل قصد المسيح التكفير عن خطايا جميع الناس الذين عاشوا، أم أنّه قصد التكفير عن خطايا المختارين فقط؟ الطريقة الأخرى لصياغة هذا السؤال هي: هل أحبّ الله الناس بشكل عامّ، من دون اعتبارهم كأفراد على الإطلاق، وأرسل المسيح ليموتَ ليوفّر لهم إمكانيّة الخلاص؟ أم هل أحبّ الله أفرادًا معيّنين، فأرسل ابنَه ليموت من أجلهم بشكل مُحدّد، مُكفّرًا بالتمام عن خطاياهم، بحيث يضمن موت المسيح خلاص أشخاص معيّنين؟

الكفّارة المحدودة تقتضي عدالة الله، فإنْ كان التكفير قد تمّ عن الخطيئة، فهذا يعني أنّه تمّ الحُكم عليها ولم يعدِ الله يحاسبُنا عليها. لكن عدم الإيمان هو خطيئة، فإنْ كان المسيح قد مات من أجل كلّ الخطاة، فكيف يمكن أنْ يُحمّل الله أيّ إنسان خطيّة عدم الإيمان إنْ كان المسيح قد كفَّر عن هذه الخطيئة أيضًا. لكنّ الله يُرسل غير المؤمنين إلى الجحيم، وإن كان قد تمّ التكفير عن خطاياهم، فيُعتبر هذا ظلمٌ. إنّه يُحمّل عليهم خطيّة لا يمكن أن تُحمّل عليهم لأنّ المسيح سبق وكفّر عنها.

يُعلّم الكتاب المقدّس الكفّارة المحدودة بشكل صريح. بحسب العهد القديم، كان رئيس كهنة إسرائيل يُقدّم في يوم الكفّارة ذبيحة كفّارية عن شعب إسرائيل فقط، وليس عن كلّ شخص موجود على الأرض (لاويين 16). يُخبرنا يسوع في العهد الجديد أنّه يضع نفسه عن الخراف، وفقط عن خرافه الخاصّة (يوحنّا 10: 1-18). بعض الناس ليسوا خرافه، بل هم جداء. لم يمت يسوع من أجل الجداء، بل من أجل الخراف، أي من أجل شعبه. علينا أنْ نذكرَ أنّ بعض الناس قد اعترضوا على فكرة الكفّارة المحدودة بسبب نصوص مثل 1 يوحنا 2: 2، التي تقول إنّ يسوع هو كفّارة ليس لخطايانا فقط، بل "لخطايا كلّ العالم أيضًا". ومع ذلك، فإنّ هذا النصّ لا يتحدّث عن قصد الكفارة، بل يشير إلى طريقة الخلاص بشكل عام. لقد قدّم الله طريقًا واحدًا للخلاص: من خلال المسيح (يوحنا 14: 6). إنْ كان سيخلُص أيّ شخص في العالم، فسيكون من خلاله. لا توجد طريق أخرى. المغزى من 1يوحنا 2: 2 هو أنّ المسيح هو الكفّارة الوحيدة التي تستطيع أنْ تخلّص أيّ إنسان، وليس أنّه كفّر عن خطايا كلّ شخص بمُفرده.

النعمة التي لا تُقاوم

يُشير حرف I إلى النعمة التي لا تُقاوم، إي إلى قوّة محبّة الله في الخلاص. إنّها تقول بشكل أساسيّ إنّه إنْ كان الله يُحبّك ويريدك في عائلته، فسوف يأتي بك إليه. إنّه يُحبّك كثيرًا لدرجة أنّه ضمن بأنْ تأتيَ إلى الإيمان، وهو قويّ بما يكفي ليضمن إيمانك. في أحيان كثيرة في الحياة، نرى أشخاصًا نحبّهم يسلكون الطريق الخطأ، ولا نقدر أنْ نُقنعَهم بالابتعاد عنه. نحن عاجزون عن ضمان اتّخاذهم القرار السليم. محبّة الله قويّة بما يكفي لتضمن أنّنا نتّخذ القرار السليم. يستطيع الله التغلّب على كلّ المقاومة التي قد تصدر عنّا، ولن يفشل أبدًا في إقناع المختارين بأنْ يثقوا به. بالتأكيد، قد نقاوم المسيح لبعض الوقت، وقد نرفض الإنجيل لسنوات قبل أنْ نؤمن به. لهذا، قد يكون من الأفضل التحدّث في النهاية عن النعمة التي لا تُقاوم أو النعمة الفاعلة. ومع ذلك، حين نضع كلّ الحقائق في عين الاعتبار، سيأتي الله بجميع أولاده إلى الإيمان.

ربّما يمكنك أنْ ترى كيف أنّ هذا مطلوب من خلال الاختيار غير المشروط. إنْ كان الله قد اختار البعض للخلاص، وإنْ كان من غير الممكن إبطال إرادتِه هذه، فلا بدّ في النهاية أنْ تكونَ نعمتُه لا تُقاوم. يجب أنْ تكون نعمة فاعلة لتأتي بنا إلى الإيمان. لكنّنا نجد أيضًا دليلًا على ذلك في نصوص مثل يوحنا 6: 37-40، حيث نقرأ أنّ كلّ من أعطاه الآب للمسيح للخلاص سيأتي في الواقع إليه. نقرأ في أفسس 2: 1-10 أيضًا أنّ الله يُحيي الأموات في الذنوب والخطايا. تتطلّب القيامة قوّة فاعلة لأنّ الموتى لا يستطيعون الاستجابة بالإيمان. يجب أنّ يعمل الله بشكل فعّال ليهبنا قلوبًا جديدة قبل أنْ نؤمنَ، لأنّنا لا نستطيع التعاون معه ونحن أموات في الخطايا. تشمل النصوص الأخرى التي تشير إلى نعمة الله الأخيرة التي لا تقاوم تكوين 12: 1-3، حيث أمر الله أبرام أنْ يخرجَ من أور، ولم يتردّد الأب في المغادرة. أمر الله بذلك وهذا ما حدث.

خلاصة القول هي أنّ النعمة التي لا تُقاوم تحفظ حقيقة أنّ الله ليس مُحبًّا للجميع فحسب، بل أنّه كليّ القدرة. محبّته قويّة لدرجة أنّها تضمن خلاصَ كلّ من يريد أنْ يُخلّصهم. محبّته لشعبه محبّة كليّة القدرة.

مثابرة القدّيسين

يشير الحرف P إلى مثابرة القدّيسين، وهي تعلّم محبّة الله المُخلّصة والدائمة لشعبه. لا يتوقّف الربّ أبدًا عن محبّة شعبه بمحبّة مُخلِّصة وعاملة؛ وبالتالي، لن يرتدّ أخيرًا عن الإيمان كلّ الذين بالحقيقة آمنوا به. قد يبدو لنا أنّ المؤمنين الحقيقيّين بالمسيح يتخلّون عنه لبعض الوقت، ولكن إنْ كانوا قد آمنوا به بالحقّ، فسيعودون إليه دائمًا. أولئك الذين يعترفون بإيمانهم ثمّ يتراجعون أخيرًا، هم أشخاص لم يؤمنوا بالمسيح في المقام الأوّل. مِنَّا خَرَجُوا، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا (1يوحنا 2: 19).

أكرّر، تتطلّب النقاط اللاهوتيّة الأخرى كالاختيار المثابرة. إنْ كان الله قد اختار أنْ يُخلّص المختارين، فلا بدّ على المُختار أنْ يثابر. نجد أيضًا أنّ هذا التعليم مذكور بشكل صريح في الكتاب المقدّس. يقول المسيح إنّ لا أحد يستطيع أنْ يخطفنا من يد الآب (يوحنا 10: 28). "لا أحد" يشملنا نحن أيضًا- حتّى نحن لا نقدر أنْ ننتزعَ أنفسنا من يدَيْه. نقرأ في رسالة رومية 8: 28-30 أنّ كل من يُبرّره الله، يُمجّده أيضًا. بما أنّ التبريرَ يأتي بالإيمان وحده (رومية 4)، إنْ كان الله يُمجّد كلّ الذين يبرّرهم، فإنّه سيمجد كلّ الذين يُقبلون إلى الإيمان المُخلّص. باختصار، الله يُحبّنا كثيرًا لدرجة أنّه لا يسمح لنا بالسقوط من نعمته. هو ببساطة لنْ يسمحَ لنا بذلك.

كما ترَوْن، تُلخّص توليب، أو النقاط الخمس للكالفينيّة، عملَ الله الخلاصيّ، وتسلّط الضوء على محبّة الله كليّ القدرة. يمكن للمسيحيّين أن يَطْمئنّوا إلى أنّهم إنْ آمنوا، فذلك يعود إلى عمل الله، وعمله هذا لن يخيبَ لأنّ محبّته لا يمكن أنْ تخيبَ.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

روبرت روثويل
روبرت روثويل
روبرت روثويل هو محرِّر مساعد في مجلة تيبولتوك، وأستاذ زائر بكليَّة الإصلاح للكتاب المُقدَّس، وهو خريج كليَّة اللاهوت المُصلَحة في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا.