ما هو اسم الله؟ - خدمات ليجونير
4 دلالات من لاهوت مارتن لوثر
٤ مايو ۲۰۲۳
5 أشياء يجب أنْ تعرفَها عن التبرير
۱۱ مايو ۲۰۲۳
4 دلالات من لاهوت مارتن لوثر
٤ مايو ۲۰۲۳
5 أشياء يجب أنْ تعرفَها عن التبرير
۱۱ مايو ۲۰۲۳

ما هو اسم الله؟

اختبرَ موسى لقاءً وجيزًا مع القدّوس، وكان كلّما زاد اقترابًا منه، يزداد خوفه أيضًا. سمعَ صوتَ الله يُرسله في مَهمّة، فتحوّل خوفُه إلى شكّ. سأل: "من أنا لأذهبَ في هذه المهمّة؟" فأجابَه الله: "إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ" (خروج 3: 12). لم يُعطِ الله إجابةً عن سؤال موسى حول مَنْ يكون، بل قال له ببساطة: "لا تقلق بشأن مَنْ أنتَ، لأنّي سأكون معك."

"وَهَذِهِ تَكُونُ لَكَ ٱلْعَلَامَةُ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ: حِينَمَا تُخْرِجُ ٱلشَّعْبَ مِنْ مِصْرَ، تَعْبُدُونَ ٱللهَ عَلَى هَذَا ٱلْجَبَلِ. فَقَالَ مُوسَى لِلهِ: هَا أَنَا آتِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَقُولُ لَهُمْ: إِلَهُ آبَائِكُمْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا ٱسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟" (خروج 3: 12-13). هنا نصل إلى صُلب الموضوع، إذ لم يعدْ موسى يسأل: "من أنا؟" بل كان سؤاله في هذه المرحلة: "من أنتَ؟ ما اسمك؟"

في الأيّام الأولى بعد تأسيس خدمات ليجونير، سألني أحدُهم: "ماذا تحاول أنْ تفعل؟ ما هي مَهمّتُك؟ ما هو هدف هذه الخدمة التي أسّستَها؟" أجبته قائلًا: "إنّها خدمة تعليم لمساعدة المسيحيّين أن يتعمّقوا ويترسّخوا في كلمة الله." ثمّ سألَني: "ما هو الأمر الذي لا يعرفُه الناس، وتريد أنْ تُعلّمَهم إيّاه؟" كانت الإجابة سهلة. قلتُ له: "من هو الله،" ونقرأ في رسالة رومية 1: 18-25 أنّ كلّ البشر يعرفون أنّ الله موجود، لأنّه أظهر نفسَه لهم جميعًا بوضوح في الخليقة، حتّى أنّهم أصبحوا بلا عُذر، لأنّ إعلانَه العامّ اخترق أذهانَهم. إنّهم يعرفون أنّه موجود، لكنّهم يكرهونه." ثمّ تابعتُ قائلًا: "إنّهم يعرفون أنّه موجود، لكن ليس لديهم أي فكرة عمَّنْ هو". فأجابني صديقي: "لكن، ما هو برأيك أهمّ ما يحتاجُ أنْ يعرفَه المسيحيّون في هذا اليوم وهذا العصر بالذات؟" قلت له: "هم يحتاجون أنْ يعرفوا من هو الله."

أعتقدُ أنّ الضعفَ الأعظم في يومنا هذا هو الاختفاء شبه الكامل لشخصيّة الله، حتّى داخل كنائسنا. ذات يوم، اتّصلت بي سيّدة حاصلة على دكتوراه في علم النفس، وكانت عضوة في إحدى الكنائس على الساحل الغربيّ من أمريكا. قالت لي بغضب: "أنا أحضر الكنيسة كلّ يوم أحد، وأشعر أنَّ الخادمَ يبذل ما في وسعه لإخفاء شخصيّة الله عنّا. إنّه يخشى لو فتح الكتاب المقدّس وأعلن شخصيّة الله كما هي مُعلنة في الكتاب المقدّس، أن يُغادر الناس الكنيسة لأنّهم لن يشعروا بالراحة في محضر القدّوس." لم يكن موسى أوّل من أخفى وجهَه في محضر الله، فقد بدأ ذلك في جنّة عدن، عندما هرب آدم وحواء ليختبئا خجلًا.

سألَ موسى اللهَ: "مَنْ أنتَ؟ وإنْ كان لك اسم، فما هو اسمك؟" كان الله قد أعلنَ له عن نفسِه أنّه "إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ" (راجع خروج 3: 6). كان موسى يعرف ذلك، لكنّه أراد أنْ يعرفَ اسم الله.

في عام 1963، أجرى دايفيد فروست مقابلة على شاشة التلفزيون الوطنيّ مع مادلين موري أوهير، الملحدة المتشدّدة الذائعة الصيت. دار نقاش بينهما حول موضوع وجود الله. عندما بدأ غضبها وإحباطها بالازدياد، قرّر فروست أنْ يُنهي النقاش بالطريقة الأمريكيّة الكلاسيكيّة: أي عن طريق التصويت. طرح الأمرَ على الجمهور في الاستوديو، وقال لهم بشكل أساسيّ: "كم واحدًا منكم [وكان عددهم يقارب الثلاثين شخصًا] يؤمن بوجود إله من نوع ما، أو بقوّة عُليا، أو بشيء ما أعظم منكم؟" رفع الجميع أيديهم، فأجابت أوهير وقالت بشكل أساسيّ: "وهل تتوقّع غير ذلك من أشخاصٍ غير مثقّفين؟ هؤلاء لم يقدروا أنْ يتخطّوا عالمَ ثقافتهم الطفوليّة، وقد غسلت ثقافتهم وهذه الأساطير عن الله أدمغتَهم." ثمّ استمرّت تهين جميع الحاضرين في الاستوديو.

لم أكن أتوقّع منها أنْ تفعلَ هذا، بل كنتُ أظنّ أنّها ستلتفتُ إلى الجمهور وتقول لهم: "أنتم تؤمنون بقوّة عليا من نوع ما، وبشيء أعظم منكم. دعوني أطرح عليكم هذا السؤال: كم واحدًا منكم يؤمن بيهوه، إله الكتاب المقدّس؟ الإله الذي يطلب ألّا يكون لكم آلهة أخرى أمامه؟ الله الذي يرسل الرجال والنساء والأطفال إلى الجحيم إلى الأبد، ويدينُهم لأنّهم لا يؤمنون بيسوع الأسطوريّ هذا؟" أتساءَل كيف كانت ستتغيّر نتيجة التصويت، لو طُرح السؤال بوضوح أكبر. أصبح الأمر ثابتًا في ثقافتنا تقريبًا بوصفنا الله بأنّه قوّة أعلى، أو بأنّه شيء أعظم منّا. لكن ما هي تلك القوة الأعلى؟ هل هي الجاذبية؟ هل هو البرق؟ أو الزلازل؟

مشكلة القوّة الضبابيّة التي لا اسم لها ولا شخصيّة، هي أنّها أوّلًا غير شخصيّة، والأهم من ذلك، هي أنّها ثانيًا، لا أخلاقيّة. هنالك جانب إيجابيّ وآخر سلبيّ لعبادة مثل هذه القوّة العليا. الجانب الإيجابيّ بالنسبة للخاطئ هو أنّ هذه القوّة هي غير شخصيّة ولا أخلاقيّة، وليس لها أيّ مطالب أخلاقيّة من أحد. فالجاذبيّة لا تدين سلوك الناس؛ حتّى لو قرّر أحدهم أنْ يقفزَ من نافذة على علوّ ستّة طوابق، فلن تسمعَ أيّ إدانة شخصيّة ضدّه من الجاذبيّة. الجاذبيّة لا تؤثّر على ضمير أحد. وإنْ كانت القوّة العليا التي تؤمن بها غير شخصيّة ولا أخلاقيّة، فسيعطيك هذا الأمر ترخيصًا للتصرّف بالطريقة التي تراها مناسبة للإفلات من العقاب. 

أمّا الجانب السلبيّ فهو أنّه لا يوجد أحد في الناحية الأخرى لتتكلّم معه. يفترضُ هذا الاعتقاد عدم وجود إله شخصيّ، ولا وجود للفادي. لأنّه أيّ نوعٍ من العلاقة الخلاصيّة يمكن أن تُقيم مع الرعد؟ الرعد يُصدر ضجيجًا من السماء - ولكن من حيث المحتوى، لا صوتَ له. لا يوجد وحي فيه ولا رجاء. لا يقدر الرعد ولا الجاذبية أنْ يغفرا أيّ خطيئة.

نرى في إجابة الله لموسى تباينًا مع هذه القوّة غير الشخصيّة. لم يقل له: "أنا ما أنا"، وهذا هو الاسم الذي يبدو أنّه ينطبق على الآلهة المزيّفة في عصرنا. بل قال له: "أهيه الذي أهيه." (خروج 3: 14). هذا الاسم مرتبط باسم الله الشخصيّ، يهوه. لذا، فإنّ أول ما يُعلنه الله عن نفسه من خلال هذا الاسم، هو أنّه إله شخصيّ، يستطيع أنْ يرى ويسمعَ ويعرفَ ويتكلّمَ. يمكنه الارتباط بمخلوقاتِه التي خلقها على صورته ومثاله. إنّه الإله الذي أخرج شعبَه من أرضِ مصر. إنّه إلهٌ له اسم وتاريخ.

منذ سنوات طويلة، علّمت مادة علم اللاهوت، وكنّا ندرس أسماءَ الله. كنتُ أحاول توضيح أهميّة أسماء الله، وما تُعلنه عن شخص الله. قبل البدء بالدراسة مباشرة، دخلت فتاة، سأدعوها ماري، إلى القاعة بطريقة غريبة ومُحرجة إلى حدّ ما - بحيث يمكن لأيّ شخص أنْ يرى الخاتم الماسيّ المتلألئ على ساعدِها الأيسر. قلت لها: "يا ماري، هل أنتِ مخطوبة؟" فأشارت إلى رجلٍ في الجانب الخلفيّ من القاعة وقالت: "نعم، أنا مخطوبة لجون." قلت لها: "مبروك. عندما تقولين إنّك سترتبطين به، فأنا أفترض أنّك تحبّينه - هل افتراضي هذا صحيح؟" فأجابتني: "نعم."

قلت لها: "لماذا تحبّينه؟" قالت لي: "لأنّه وسيم جدًّا." قلتُ لها: "نعم، إنّه فعلًا وسيم جدًّا. لكن انظري إلى بيل – كان يرافق ملكة جمال الكليّة لهذا العام. أليس وسيمًا هو الآخر؟" قالت لي: "نعم، بيل وسيم جدًّا." ثمّ قلت: "لا بدّ أنّ هنالك شيء مُختلف فيه غير الجمال." قالت: "إنّه رياضيّ أيضًا." قلت لها: "نعم، إنّه بارع، لكنّ بيل أيضًا قائد فريق كرة السلّة. فلماذا لا تحبّين بيل بدلًا من جون؟" بدأت تشعر بالإحراج، ثمّ قالت: "جون ذكيّ جدًّا." قلت لها: "إنّه طالب مُجتهد، وبالطبع يُمكن أنْ يكون بيل هو الطالب المتفوّق في الدراسة. لذا، يا ماري، لا بدّ أنْ يكونَ في جون أمر آخر يميزه عن بيل في نظرك - أمر يختصّ به وحده، يجعلكِ تكنّين له هذه المحبّة العظيمة. ما الأمر الذي يتميّز به والذي يجعلك تحبّينه لهذه الدرجة؟

بدا أنّها استاءت منّي وقالت: "أنا أحبّه لأنّني... أنا أحبّه لأنّني... أحبّه لأنّه جون". فقلت لها: "هذه هي الإجابة التي كُنت أبحث عنها. عندما تريدين التركيز على "مَنْ هو" في جوهره، وما يعنيه لكِ من حيث علاقتكِ به وتاريخكِ الشخصيّ معه، فكلّ شيء يتعلّق باسمه.

بعد ذلك، التفتُّ إلى الآخرين وقلت لهم: "لهذا السبب، عندما ننظر إلى الله، نُدركُ أنّ اسمَه عجيب. هو يكشف من خلال هذا الاسم أشياءَ كثيرة عن سموّ كيانه وكمال شخصه. لهذا السبب، إنْ سألْنا القدّيسين القدماء، "أخبرونا بكلّ ما تعرفونه عن الله،" فسيقولون لنا: "الله هو أهيه الذي أهيه."

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

آر. سي. سبرول
آر. سي. سبرول
د. آر. سي. سبرول هو مؤسس خدمات ليجونير، وهو أول خادم وعظ وعلّم في كنيسة القديس أندرو في مدينة سانفورد بولاية فلوريدا. وأول رئيس لكلية الكتاب المقدس للإصلاح. وهو مؤلف لأكثر من مئة كتاب، من ضمنها كتاب قداسة الله.