كليّ الوجود
۱٤ فبراير ۲۰۲۳3 أنواع من الناموسيّة
۲۱ فبراير ۲۰۲۳اللاهوت يقود إلى التسبيح
حين قرأتُ كتابَ الروح القدس لسنكلير فيرجسون (Sinclair Ferguson) لأوّل مرّة في عام 1999، لفت نظري اقتباسٌ في مُقدّمة كتابه لتوما الأكويني يقول: "ينبثق اللاهوت من الله، ويعلّمنا عن الله، ويقودنا إلى الله". لقد أثّر كلامه هذا فيّ بشكل عميق وساعدني في فهم ما هو علم اللاهوت ولماذا هو موجود وماذا يفعل.
بينما كنت أقرأُ كتابَ الدكتور فيرجسون، أدركتُ أنّه لم يكن يُعلّمني اللاهوتَ فحسب، بل كان يُعلّمني أيضًا كيف أصنع اللاهوت. كان المبدأ الذي يوجّه الدكتور فيرجسون في كلّ كتابه هو أنّ ما نعرِفُه عن الله يجب أن ينبثقَ ممّا أعلنه الله في كلمته المعصومة، والتي تُعلّمنا عن الله لكي نقدر أنْ نعرفه حقّ المعرفة.
لكنّ اللاهوت ليس هو الغاية في حدّ ذاته. نحن لا ندرس اللاهوت لمجرّد معرفة اللاهوت، بل لنعرفَ الله. كتب د. مارتن لويد جونز (D. Martyn Lloyd-Jones): "بما أنّ اللاهوت هو في جوهره معرفة الله، فكلّما زادت معرفتي في اللاهوت، زادني ذلك دفعًا إلى السعي لمعرفة الله." هذا صحيح، إنّ اللاهوت الكتابيّ الذي يأتي من الله سيقودنا بالضرورة إلى معرفة الله ومحبّته وعبادته، وهذا بالضبط ما كان يُعلّمني إيّاه الدكتور فيرجسون في كتابه. لقد قادتني طريقته في تعليم اللاهوت ليس فقط إلى معرفة اللاهوت، ولكن إلى معرفة الله وعبادة إله الكتاب المقدّس، وليس الإله الذي ابتكرته بنفسي.
هذا هو أحد الأسباب الذي يدفعنا إلى قراءَة الكُتب وتأليف الكتب ونشر مجلّات مثل مجلّة Tabletalk - حتّى نتمكّن من معرفة الله ومحبّته وتمجيده والاستمتاع به أكثر وأكثر في كلّ ما نفكّر فيه ونقوله ونفعله. بالتالي، قد يبدو موضوع هذا العدد من مجلّة Tabletalk أكاديميًّا إلى حدّ ما للبعض، إلّا أنّه من الضروريّ أن يدرسَه المسيحيّون. بسبب سوء التعليم وإساءَة فهم العقائد اللاهوتيّة، تقوم الكنائس عن غير قصد، حتّى تلك التي تتمسّك بقوّة بعصمة الكتاب المقدّس، بتربية جيل من أشخاص ينطقون بغير معرفة بهرطقات أكثر ممّا ينطقون بلاهوت الكتاب المقدّس. إنّ حاجة جيلنا الماسّة ليست فقط أن يعرفَ العالمُ الله، بل كما شدّد د. أر. سي. سبرول، أن تعرفَ الكنيسة الله. معرفةُ الله هي معرفة لاهوتنا، ومعرفة لاهوتنا هي معرفة إعلان الله عن نفسه، بهدف أنْ نعودَ إلى الله، بنعمة الله وبقوّة الله الروح القدس، لنعبدَ الله حتّى ينالَ اللهُ وحده المجدَ. ببساطة، اللاهوتُ السليم يقودُ إلى تسبيحِ الله.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.