هل تغيّر الصلاةُ فكرَ الله؟
۲٦ يوليو ۲۰۱۹هل هناك درجات من الخطية؟
۱۰ سبتمبر ۲۰۱۹عقيدة الاحتساب: بيان هيئة ليجونير عن الكريستولوجي (شخص وعمل المسيح)
ألا تُحبذ حدوث الأمور الجيدة معًا؟ بيض بالبسطرمة. الرجل الوطواط (باتمان) وروبن. المعكرونة بالجبن. إذن، ماذا عن بسكويت الشوكولاتة مع رسالة الإنجيل؟ قد يكون هذا جديدًا عليك.
عقدت في تسعينات القرن الماضي محادثات بين مجموعة من اللاهوتيين وقادة الكنيسة الإنجيليين ومجموعة أخرى من اللاهوتيين وقادة الكنيسة الكاثوليكيَّة، وخرجوا معًا ببيان عنوانه "الإنجيليون والكاثوليك معًا" (Evangelicals and Catholics Together “ECT”). في أعقاب إطلاق هذا البيان، بدأت مناقشات كثيرة حول مفهوم الكنيسة الكاثوليكيَّة لرسالة الإنجيل، ومدى ارتباطه بمفهوم رسالة الإنجيل الذي أكده الإنجيليون، ورثة الإصلاح البروتستانتي، تاريخيًّا. وذُكر موضوع التبرير بالإيمان وحده. كان هذه، بالطبع، أحد الموضوعات الرئيسيَّة للإصلاح.
نري مدى أهمية عقيدة التبرير بالإيمان وحده في مبادئ الإصلاح: الإيمان وحده (sola fide) والنعمة وحدها (sla gratia) والمسيح وحده (solus Christus). تؤكد هذه المبادئ المُطلقة على أن الخلاص بالنعمة وحدها عبر الإيمان وحده في المسيح وحده. كما ينبغي علينا ملاحظة، مع ذلك، أن المُصلحين شدَّدوا على لفظة واحدة راؤوها ضروريَّة للغاية لخدمة عقيدة التبرير بالإيمان وحده، كما راؤوها أيضًا ضروريَّة للفهم الصحيح لرسالة الإنجيل، وهي لفظة الاحتساب.
أثناء بعض المحادثات حول "الإنجيليون والكاثوليك معًا"، ظهرت الاختلافات التاريخيَّة بين الإنجيليين والكاثوليك حول الاحتساب. وقد شبَّه اللاهوتي المُصلح مايكل هورتون (Michael Horton) الاحتساب بالشوكولاتة في خبز بسكويت الشوكولاتة. فإذا وضعت كل المكونات لخَبز بسكويت الشوكولاتة دون أن تُضيف مكون الشوكولاتة، فلن تحصل على بسكويت الشوكولاتة حين تُخرج الصينية من الفرن. وبالمثل، يمكنك استيعاب معظم أساسيات رسالة الإنجيل. يمكنك استيعاب أننا خطاة، وأن الله قدوس وعادل، والمسيح وعمله على الصليب. لكنك إذا لم تربطهم معًا بالاحتساب، فأنت لا تستوعب رسالة الإنجيل. لهذا اعتبر المصلحون هذه اللفظة في غاية الأهمية للمناداة برسالة الإنجيل بشكل كتابي وأمين. لكن ما معنى لفظة الاحتساب؟
يعود أصل كلمة احتساب مباشرة إلى اللاتينيَّة. وهي لفظة مُحاسبيَّة تعني "الصرف والإيداع في حساب العميل". يتم خصم المصروفات وإضافة الواردات.
لاهوتيًّا، نتحدث عن احتساب مزدوج يحدث في التبرير. يظهر هذا الاحتساب المزدوج في نصوص مثل 2 كورنثوس 5: 21 الذي فيه يقول بولس بوضوح "لِأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لِأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ". نقرأ هنا أن خطيتنا احتُسبت على المسيح. نحن المُعتدين. هو البار الذي حفظ الناموس كاملًا. مع ذلك، على الصليب سكب الله غضبه على المسيح. لماذا؟ لأن خطيتنا احتُسبت عليه. حمل المسيح خطيتنا على نفسه. ديننا العظيم أضيف إلى حسابه. نال المسيح العقوبة المروعة بسكب كأس غضب الله عليه.
هناك أيضًا احتساب ثاني. تم احتساب بر المسيح لنا. فهو لم يأخذ عنا ديننا فحسب، بل أخذنا نحن حسابه. دفع المسيح العقوبة التي لم نكن لنسددها بالتمام أبدًا، كما حفظ الناموس كاملًا الذي لم نكن لنحفظه كاملًا أيضًا. وبالتالي، فالله يحتسب بره لنا. نحن نقف أمام الله مرتدين بر المسيح. نقول بجرأة إننا مُخلَّصون بالأعمال — ليست أعمالنا بالطبع، بل أعمال المسيح في طاعته الكاملة التامة من أجلنا. قال أحد اللاهوتيين إن كلمتي من أجلنا من أجمل كلمات الكتاب المقدس. لقد عاش المسيح ومات — وقام ثانية — من أجلنا. عمله بالكامل تمَّمه من أجلنا.
نوضح عقيدة الاحتساب المُهمة هذه في كتاب "الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا: بيان هيئة ليجونير عن الكريستولوجي (شخص وعمل المسيح)"، لأن عقيدة الاحتساب المزدوج عانت كثيرًا من هجمات من بعض الإنجيليين في حاضرنا هذا. تذكر أن الاحتساب ضروري لفهم سليم للتبرير، والفهم السليم للتبرير ضروري لفهم رسالة الإنجيل. واجهت عقيدتا الاحتساب والتبرير اعتراضات في أوقات مثلما تم في بيان "الإنجيليون والكاثوليك معًا". كما يتم الاعتراض على عقيدتي الاحتساب والتبرير في حركات معاصرة مثل تلك التي تُدعى وجهة نظر جديدة عن بولس. لصد هذه الانحرافات اللاهوتيَّة الخطيرة، ينبغي أن نرد عليها بوضوح لوضع حدًا لها. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تذكرة المؤمنين بما هو خبر الإنجيل السار. أخذ المسيح عنَّا ثيابنا القذرة من الخطية وألبسنا رداء بره. يا له من تشبيه بديع. نعلن عن عمل المسيح في تتميمه لفدائنا في البيتين الرابع والخامس من البيان التالي:
إنه من أجلنا،
حفظ الناموس،
وكَفَّرَ عن الخطية،
وأرضى غضب الله.
وهو أخذ ثيابنا القذرة
وأعطانا
رداء البرّ الذي له.
الحاجة إلى عقيدة الاحتساب أحد الأسباب الرئيسيَّة التي دفعتنا لإصدار هذا البيان. تستغل هيئة ليجونير أي فرصه لتوجيه الشعب نحو قوانين الإيمان العظيمة للكنيسة في الماضي. كتب الدكتور أر. سي. سبرول كتابًا يشرح فيه قانون إيمان الرسل، وقد صدرت طبعه حديثة منه بعنوان "سباق الإيمان". كما تقدر ليجونير القيمة العظيمة لقانون الإيمان النيقاوي. أما على المستوى الشخصي، أنتفع كثيرًا من الفرص التي تُتاح لترديد قانون الإيمان النيقاوي أثناء العبادة العامة للكنيسة. كما ألفت كتابًا عن عقيدة المسيح في الكنيسة الأولى بعنوان "من أجلنا ومن أجل خلاصنا" (For Us and for Our Salvation) بحسب العبارة العظيمة من قانون الإيمان النيقاوي. أظن إنها من أجمل العبارات في جميع الكتابات اللاهوتيَّة. علينا الإسراع بتوجيه كنيسة اليوم إلى كتابات ماضينا وثرائه العظيمين.
كما نُدرك أن قانوني إيمان الرسل والنيقاوي يؤمن بهما الإنجيليون، والطوائف البروتستانتيَّة الرئيسيَّة، والكنيسة الكاثوليكيَّة، والكنائس الأرثوذكسيَّة الشرقية. أي أن قوانين الإيمان التاريخيَّة هذه يؤمن بها مَنْ يؤكد على عقيدة التبرير بالإيمان وحده، ومَنْ في الكنائس أو الجماعات التي تنكر هذه عقيدة التبرير بالإيمان وحده. لا تتناول قوانين الإيمان هذه — في تقديمها التعليم الرئيسي عن شخص المسيح — عمل المسيح وتبريرنا أمام الله بدقة، التعليم الذي يحتاجه العصر الحالي. لكننا مقتنعون أن عقيدة التبرير بالإيمان وحده، بما في ذلك عقيدة الاحتساب، ضرورية لرسالة الإنجيل، وبالتالي ضرورية لهويَّة الكنيسة. لذا سعينا لتقديم بيانًا للكنيسة يتسم بروح قانون إيمان الرُسل، ودقيق، ويسهل حفظه وترديده. كما سعينا للتركيز على عمل المسيح من أجل وضعنا الصحيح كأبرار أمام الله، التعليم الذي وضَّحه المصلحون ببراعة. يا له من فرح وانتعاش أن تستند إلى التقاليد الغنية للكنيسة الأولى والمصلحين.
إن عقيدة شخص المسيح وعمله هي رسالة الإنجيل. لهذا، فإن عقيدة الاحتساب — احتساب خطايانا عليه، واحتساب طاعته لنا — ضرورية لرسالة الإنجيل. إنها توضح لنا لماذا تعد رسالة الإنجيل خبرًا سارًا — فالمسيح قد أكمل كل شيء. لقد أتمَّ معايير الكمال لخالقنا من أجلنا وبدل عنا، لذا لا ينبغي أن نخاف غضب الله مطلقًا إذا كنَّا في المسيح بالإيمان وحده. لا تدفعنا عقيدة الاحتساب سوى لمدح مجد الله ونعمته. كما تخبرنا عقيدة الاحتساب هذه أن الخلاص هو حقًا له، وله هو وحده.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.