العبادة اليهوديّة - خدمات ليجونير
السياقُ اليونانيُّ الرومانيُّ للعالَم اليهوديّ
۲۲ نوفمبر ۲۰۲۳
الأعياد والاحتفالات اليهوديّة
۲۷ نوفمبر ۲۰۲۳
السياقُ اليونانيُّ الرومانيُّ للعالَم اليهوديّ
۲۲ نوفمبر ۲۰۲۳
الأعياد والاحتفالات اليهوديّة
۲۷ نوفمبر ۲۰۲۳

العبادة اليهوديّة

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الثالث] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ الحياة اليهودية في أيام يسوع].

العبادة هي وسيلة أساسيّة ليحافظَ شعبُ الله على هُوّيّتهم في عالم عدائيّ في الغالب. بالنسبة إلى اليهود الذين عاصروا الجزء الأخير من حَقَبة الهيكل الثاني (516 ق.م.-70 ب. م.)، لعبَ الهيكلُ وعبادتُه دورًا أساسيًّا، كما كان الحال بالنسبة إلى إسرائيل قديمًا. بالنسبة إلى اليهود الذين عاشوا في الشتات (خارج إسرائيل)، أصبح المَجمعُ المحلّي مع تركيزه على دراسة الكتاب المقدّس يتمتّع بأهمية متزايدة. ليس من الصعب أنْ نلاحظَ العديد من أوجه التشابه بينه وبين الكنيسة المسيحيّة الأولى.

كان الهيكلُ والمجامعُ مألوفًا لدى قُرّاء العهد الجديد، خاصّة من خلال خدمتَي يسوع وبولس. ومن المفيد أيضًا الاستعانة بمؤلّفين قُدماء آخرين مثل فيلو ويوسيفوس وعلم الآثار في دراستها. الأمر الأكثر إثارة للتساؤل هو الأوصاف العديدة للهيكل والمجمع الموجودة في كتابات معلّمي اليهود بعد عام 200 ب. م مثل المشناه، والتي يقول بعض العلماء إنّها كُتبت لدعم ممارسات هؤلاء المعلّمين.

الهيكل

بدأ هيرودس الكبير منذ عام 19 ق. م بإعادة بناء الهيكل وتزيينه، وقام بتوسيع جبل الهيكل بشكل كبير ليصبح أكبر مِنصّة في العالم القديم. سُمِح للأمم بالدخول إلى ساحته الخارجيّة والتي كانت تضمّ المحال التجاريّة وطاولات الصيارفة. كان بإمكان اليهود الدخول إلى الفناء المجاور للهيكل، وحتّى الوصول إلى حافة فنائه الخارجيّة. كان الكهنة فقط يستطيعون الاقتراب من المذبح والهيكل.

كانت خدمة الهيكل تتألّفُ من عدد من الذبائح اليوميّة، وخدمة السبت، والقمر الجديد، والاحتفالات، والذبائح التي كانت تُقدّم من حين لآخر. مثلًا، كلّ صباح ومساء، كان الكهنة يحرقون البخور داخل الهيكل على مذبح البخور، ويقدّمون حَمَلًا كذبيحة مُحرَقة على المذبح خارج الهيكل. ربّما كانت تتضمّن هذه الطقوس ترنيم المزامير التي كانت جوقة اللاويّين ترنّمها، ونفخ الأبواق، والبَرَكة الكهنوتيّة على الشعب المجتمعين للعبادة والصلاة. وبحسب كتابات معلّمي اليهود لاحقًا، كان الكهنة يجتمعون أيضًا في غرفة قبل تقديم الذبيحة لتلاوة البَرَكة وأجزاء من التوراة (شريعة العهد القديم) وثلاث بركات.

كان اليهود يأتون إلى الهيكل لحضورِ احتفالات الحجّ الثلاثة ولتقديم التقدمات المتفرّقة المطلوبة منهم لطقوس التطهير بعد الولادة مثلًا. ولكي يقتربَ الإنسانُ من الهيكل، كان عليه أنْ يكونَ طاهرًا من الناحية الطقسيّة، وربّما كان بحاجة للاغتسال في أحد الأحواض الطقسيّة (وتُسمّى بالعبرية mikvaot) الموجودة بالقرب من الهيكل. إنْ كان سيُقدّم ذبيحة، فعليه أنْ يعرضَها على الكاهن ثمّ يضعَ يدَيْه عليها، فيذبحها الكاهن ويرشّ دمَها على المذبح أو يسكبه على قاعدته حسب نوع التقدمة. بعد تحضير الحيوان، كان الكاهن يُحرِق أجزاءً معيّنة منه على المذبح.

كان الكهنة يسيطرون على الهيكل، وكانوا بدورهم تحت سيطرة الصدّوقيّين، على الرغم من أنّ مجموعات أخرى كالفرّيسيّين والأسينيّين كانت تسعى أيضًا إلى فرض تأثيرها على الممارسات التي كانت تجري في الهيكل. كان الكهنةُ واللاويّون ينقسمون إلى أربع وعشرين فرقة، وكانت كلّ فرقة تأتي إلى أورشليم مرّتين في السنة تقريبًا لأداء واجباتها في الهيكل لمدّة أسبوع. وبحسب كتابات لاحقة لرجال الدين اليهودي، تمّ تقسيم اليهود العلمانيّين إلى مجموعات، وكان بعضهم يأتي إلى أورشليم مع الكهنة واللاويّين لمشاهدة الذبائح التي كانت تُقدّم في الهيكل ذلك الأسبوع. أمّا الذين كانوا يبقون في بيوتهم، فكانوا يحضرون للاجتماع خلال الأسبوع لقراءة قصّة الخلق وممارسة فريضة الصوم.

المجامع

تأتي كلمة "مجمع" من المصطلح اليونانيّ الذي يعني "التجمّع"، وقد استُخدمت في الترجمة السبعينيّة (الترجمة اليونانيّة للعهد القديم) للإشارة إلى جماعة بني إسرائيل. في العهد الجديد والكتابات القديمة الأخرى، كان يُشار إلى المبنى أيضًا باسم المَجْمع، على الرغم من استمرار وجود فكرة الجماعة. وكانت تُعرف أماكن تجمّع اليهود هذه، وخاصّة في الشتات، باسم بيوت الصلاة والمدارس. تحتوي المجامع اليهوديّة الموجودة في إسرائيل من حقبة الهيكل الثاني على قاعة اجتماعات رئيسيّة مستطيلة، والتي كانت تحتوي بالعادة على مقاعد حجريّة حول أطرافها، ومنطقة مفتوحة في المنتصف حيث، على الأرجح، كان يوجد مقاعد إضافيّة على شكل مقاعد أو كراسي.

في زمن العهد الجديد، كان اليهودُ يجتمعون بانتظام يوم السبت في المجامع. ليس واضحًا كم كانت نسبة الشعب المتجمّع هناك، وما إذا كانت الخدمة تشمل دائمًا النساء والأطفال. كانت الخدمة الرئيسيّة تشمل القراءة من أسفار موسى الخمسة (أو التوراة، الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم)، وربّما كانت تُقرأ باللغة العبريّة، يتبعها ترجمة إلى اللغة الآراميّة. في المناطق الناطقة باللغة اليونانيّة، ربّما كانت القراءة باللغة اليونانيّة. وكان لديهم عادة بالقيام بقراءة ثانية من الأنبياء. وكثيرًا ما كان يتبع القراءَة تعليم، كما هو مكتوب في العهد الجديد (لوقا 4: 16-30؛ أعمال الرسل 13: 15-52). كان يقوم بالقراءة والتدريس شخص ذو مكانة اجتماعيّة، بما في ذلك الكهنة. تصف الكتابات اللاحقة لمعلّمي اليهود وجودَ نمطٍ ثابت لقراءة أجزاءٍ من أسفار موسى الخمسة، وعدد من الصلوات والبركات قبل القراءة والتدريس وبعدهما، لكن من غير المرجّح أنْ يكون قد تمّ البدء بها في ذلك الوقت.

ربّما كانت هيكليّة سلطة المجمع تختلف من منطقة إلى أخرى. كان أحد المناصب التي كثر ذكرها هو رئيس المجمع، وقد كان رجلًا يتمتّع بمكانة سامية في المجتمع. وُجِد في عدد من النقوش، أنّ رئيس المجمع كان الشخص نفسه الذي قام بتشييده. يذكر أحد النقوش أنّ اللقبَ كان يتمّ توارثه في عائلات الكهنة من الأب إلى الابن.

جادل علماء اللاهوت بشكل أوسع أنّ المجمع يعود في أصله إلى احتمالَين إثنين. يظنّ البعضُ أنّه كان مؤسّسة جديدة تشكّلت خلال بعض الأزمات، كردّ فعل مثلًا على دمار الهيكل الأوّل أثناء السبي البابليّ. ويرى آخرون أنّه كان استمراريّة لمؤسّسات سابقة في المجتمع، كالتجمّع عند بوّابة المدينة في إسرائيل القديمة (راعوث 4). بالطبع، بالإمكان الجمع بين هذين الاحتمالين.

كان هذا الجدال مدفوعًا بطُرق مُختلفة بوجهات النظر المختلفة حول المجمع في حقبة الهيكل الثاني. هل كان في المقام الأوّل مركزًا للعبادة أم مركزًا مُجتمعيًّا؟ لا بدّ أنّه كان يوجد فيه عناصر دينيّة، ثمّ سادت تلك العناصر أكثر في فترات لاحقة، خاصّة بعد تدمير الهيكل عام 70 ب. م. ومع ذلك، كان المجمع أيضًا مكانًا لممارسة القضاء وأحكام الجَلْدِ، واجتماعات المدينة، كما كان مسكنًا مؤقّتًا للمرتحلين، ومكانًا لتناول الوجبات الجماعيّة، وكان يُستخدم أيضًا كمدرسة وكمكان لجمع التبرّعات. لا بدّ أنْ نأخذَ بعين الاعتبار وجودَ هذا الطابع المختلط للمجمع في فترة الهيكل الثاني.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

جوشوا ج. فان إي
جوشوا ج. فان إي
الدكتور جوشوا ج. فان إي هو بروفيسور مُساعد للغّة العبريّة والعهد القديم في كليّة وستمنستر بكاليفورنيا، وخادم مرسوم في الكنائس المُصلَحة المتّحدة في أميركا الشماليّة.