الأعياد والاحتفالات اليهوديّة - خدمات ليجونير
العبادة اليهوديّة
۲۳ نوفمبر ۲۰۲۳
الرجاءُ المسيانيّ اليهوديّ
۲۸ نوفمبر ۲۰۲۳
العبادة اليهوديّة
۲۳ نوفمبر ۲۰۲۳
الرجاءُ المسيانيّ اليهوديّ
۲۸ نوفمبر ۲۰۲۳

الأعياد والاحتفالات اليهوديّة

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الرابع] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ الحياة اليهودية في أيام يسوع].

تصفُ شريعةُ موسى الأعيادَ والاحتفالاتِ اليهوديّة الأساسيّة في ثلاثة أماكن هي خروج 23 ولاويين 23 وتثنية 16. يركّز خروج 23 وتثنية 16 على "أعياد الحجّ" الثلاثة وهي عيد الفصح/الفطير، وعيد العنصرة (أو الأسابيع)، وعيد المظال. بحسب الشريعة، كان على جميع الرجال الإسرائيليّين الحضور إلى هذه الاحتفالات سنويًّا إلى المكان الذي يختاره الربّ (تثنية 16: 16). سفر اللاويين 23 هو قائمة كاملة للأعياد، بما في ذلك عيد الفطير وعيد الأبواق ويوم الكفّارة. إلّا أنّه لا يوجد سوى وصف قليل يشرح كيف كان بنو إسرائيل قديمًا يحتفلون بالأعياد. لا شكّ أنّ طريقةَ الاحتفال تغيّرت مع مرور الزمن، تمامًا كالتغيير الذي شهدناه في العبادة الجماعيّة المسيحيّة على مدى الأجيال القليلة الماضية.

إضافة إلى الأعياد المذكورة في أسفار موسى الخمسة، ظهر عيدان آخران لاحقًا في تاريخ إسرائيل. كان أوّلهما عيد الفوريم، الذي كان يحتفل اليهود فيه بخلاصهم في زمن أستير. والثاني هو عيد حانوكا. بدأ اليهود في الاحتفال بعيد حانوكا بعد إعادة تكريس الهيكل الذي حدث إثر نهب أنطيوخس الرابع إبيفانيس له. تمّ سرد هذه القصة في سفري الأبوكريفا المكابيّين الأوّل (4: 52-58) والمكابيّين الثاني (10: 6-8).

تقدّم لنا الأسفار الموجودة ما بين العهدَيْن القليل من المعلومات حول كيفيّة تغيّر طقوس الاحتفالات. نجد في كتابات رجال الدين اليهودي في وقت لاحق المزيد من التفاصيل عنها. ومع ذلك، ليس من الواضح إلى أيّ حدّ تميّزت الفترة اليونانيّة الرومانيّة بهذه التفاصيل.

استمرّ الاحتفال بعيد الفصح تماشيًا مع تعليمات أسفار موسى الخمسة إلى عصر العهد الجديد (لوقا 2: 41-50). كان جميع أفراد الأسرة يحضرون في أغلب الأحيان هذه الاحتفالات، وليس الرجال فقط. كانت تُذبح خراف الفصح في الهيكل، ثمّ تأخذها العائلات لتشويها وتتناولها. بحسب الوصف الكتابيّ، يقع عيد الفصح عشيّة بداية عيد الفطير. يوجد إرشادات في خروج 12 للشعب بأكل الخروف المشويّ مع أعشاب مُرّة وخبز فطير. وبما أنّ عيد الفصح في فترة العهد الجديد كان احتفالًا يُمارس في أورشليم، فالذين لم يتمكّنوا من القيام بالحجّ للاحتفال به كانوا يميلون إلى التركيز على عيد الفطير. كان إخراج الخمير من المنزل جزءًا أساسيًّا في الاحتفالات. وبقي اليهود المحافظون حتّى يومنا هذا ملتزمون بعناية بإخراج كلّ الخمير من بيوتهم.

يقع يوم الخمسين بعد خمسين يومًا من ترديد حزمة الشعير (لاويين 23: 9-21). وكان يُسمى أيضًا عيد الحصاد (خروج 23: 16) أو عيد الأسابيع (تثنية 16: 10). في يوم الخمسين، يقرأ اليهود سفر راعوث، لأنّ يوم الخمسين كان يُقام أثناءَ حصاد الشعير والقمح (راعوث 1: 22). وكباقي الأعياد الأخرى، باستثناء يوم الكفّارة، كان العيد وقتًا للابتهاج. ومع ذلك، لدينا معلومات قليلة حول الطريقة الدقيقة للاحتفال به. يقع يوم الخمسين دائمًا يوم الأحد في التقليد المسيحيّ، ويختلف هذا اليوم في التقاليد اليهوديّة. لكنّه لا يقع أبدًا أيّام الثلاثاء أو الخميس أو السبت. خلال فترة ما بين العهدَيْن، ربط اليهود يوم الخمسين بإعطاء الله الشريعة في سيناء (ربّما بالاستناد إلى التاريخ المذكور في خروج 19: 1). كان عيد العنصرة، مثل عيد الفصح، عيدًا للحجّ في العهد الجديد، كما يوضّح ذلك سفر أعمال الرسل 2 هذا الأمر (أنظر أيضًا أعمال الرسل 6:20، 16).

يتمّ الاحتفال بعيد الأبواق، المعروف الآن باسم Rosh Hashanah (أي "العام الجديد")، في شهر تَشْري اليهوديّ، كما هو الحال في أيّامنا هذه. يتوافق هذا التوقيت بحسب التقويم الحديث مع أوائل سبتمبر وحتّى أوائل أكتوبر. يُعتبر النفخُ في بوق الكبش والوجبة الاحتفاليّة عُنصرين أساسيّين لهذا العيد. يُحتمل أنْ تكونَ هذه الممارسة قديمةً جدًا، ومن المؤكّد تقريبًا أنّها كانت تُمارس في العصر اليونانيّ الرومانيّ.

كان يوم الكفّارة يومًا للصوم والتوبة. وبحسب الفيلسوف اليهوديّ فيلو، كان يَحتفلُ به بعناية ليس فقط "الغيورون للتقوى والقداسة، ولكن أيضًا الذين لا يُمارسون شعائرهم الدينيّة في الأوقات الأخرى." بحسب كتاب اليوبيل، نشأ يوم الكفارة من خطايا إخوة يوسف ضدّه والحزن الذي سبّبوه لأبيهم يعقوب. يشير سفر أعمال الرسل 27: 9 إلى يوم الكفارة بكلمة "الصوم."

كان عيد المظال يأتي تاليًا بحسب الترتيب، أي بعد خمسة أيّام من يوم الكفّارة. كان يُعتبر أيضًا آخر الأعياد السنويّة بحسب الشريعة. يذكر كتاب اليوبيليّات 16: 21-30 أنّ إبراهيم كان أوّل من احتفل بعيد المظال. تعكس هذه الإشارة التقليدَ اليهوديّ بأنّ إبراهيم كان أمينًا لشريعة موسى التي أتت لاحقًا. من بين جميع الأعياد المذكورة في أسفار موسى الخمسة، ربّما كان هذا العيد هو الذي تمّ إضافته أكثر من غيره إلى فترة العصر اليونانيّ الرومانيّ. مثلًا، تُظهر كتابات رجال الدين اليهود أنّ نقاشًا حادًّا دار حول المواد التي يمكن لليهود استخدامها بشكل صحيح لبناء الملاجئ المؤقتة المعروفة باسم "المظال." تصف هذه الكتابات أيضًا احتفالات المياه المتعلّقة بالمهرجان. من غير المؤكّد أصلُ هذه الاحتفالات. يقول البعض إنّه يوجد لها أثر في إشعياء 12: 3: "فَتَسْتَقُونَ مِيَاهًا بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ ٱلْخَلَاصِ." أو قد تكون تلك الاحتفالات إشارة إلى توفير الماء في البريّة (خروج 17؛ سفر العدد 20). مهما كان مصدرها، نعرف أنّ يسوع قام باستخدامها في دعوته للجموع في اليوم الأخير من العيد (يوحنا 7).

نشأ عيدا حانوكا والفوريم في فترة ما بعد السبي. يأتي عيد حانوكا الأوّل بحسب الترتيب، بعد وقت قصير من عيد المظال. يشير إليه المؤرخ اليهوديّ يوسيفوس باسم عيد الأنوار، بينما يشير إليه يوحنا ١٠: ٢٢ باسم عيد التجديد. يوجد تقاليد مختلفة فيما يختصّ بالأصل الدقيق لعلاقة المهرجان بالضوء. ولعلّ الأكثر شهرة هو حدوث معجزة حيث أنّ كميّة صغيرة من الزيت استطاعت توفير الوقود الكافي لإنارة مصابيح الهيكل لثمانية أيّام. يبدأ الاحتفال في الخامس والعشرين من شهر كيسليف اليهودي، والذي يقع في أواخر نوفمبر أو أوائل ديسمبر حسب تقويمنا الحديث، وبذلك يكون قريبًا من عيد الميلاد. لقد كان وقتًا للفرح والاحتفال.

يحتفل عيد الفوريم بخلاص اليهود في زمن أستير. سفر أستير نفسه لا يفرض أيّ متطلبات دينيّة لهذا العيد. ومع ذلك، تطوّر التقليد فأصبحوا يقرأون سفر أستير في المَجْمع. يحتفلُ الناس بالعيد عن طريق إرسال المواد الغذائية كهدايا لبعضهم البعض وتقديم الصدقات (أستير 9: 22).

تبدو هذه المهرجانات عديمة الضرر في حدّ ذاتها، لأنّها تركّز على الفرح والاحتفال. ومع ذلك، يوجد عنصر سياسيّ كامن وراءَها كلّها تقريبًا. يحتفل عيد الفصح بخلاص اليهود من أسيادهم المصريّين الظالمين. ويتذكّرون في عيد العنصرة إعطاء الشريعة لموسى، وبالتالي خلق الكيان السياسي المعروف باسم دولة إسرائيل. كان عيد المظال أوّل عيد يتمّ الاحتفال به بعد السبي (عزرا 3: 4؛ نحميا 8: 14-18). ويحتفلون خلال عيد حانوكا بتطهير الهيكل بعد نهاية حكم أنطيوخس الرابع إبيفانيس البغيض على اليهود. وعيد الفوريم هو احتفال بخلاص اليهود من مذبحة لها دوافع سياسيّة وعنصريّة. وفي القرن الأوّل الميلاديّ، كان اليهود تحت الحكم الرومانيّ. استاءَ عددٌ كبير من اليهود من الحكم الرومانيّ، معتبرين أنّه استمرار لتاريخ الاضطهاد الذي اختبره اليهود قديمًا. وبما أنّ ثلاثة من الأعياد كانت تشجّع على الحجّ إلى أورشليم، الأمر الذي أدّى إلى تجمّع حشود كبيرة من اليهود الغيورين، فقد كان دائمًا يلوح في الأفق خطر حدوث انتفاضات. كان هذا هو السبب الذي قدّمه الكهنة في البداية لعدم رغبتهم في محاكمة يسوع خلال عيد الفصح (متى 26: 5).

كان للأعياد طابع سياسيّ بالإضافة إلى وجود عنصر التوقّع بمجيء المسيح. كان موسى وإيليا يُعتبران من الشخصيّات المسيانيّة الهامّة. كان الاحتفال بالأعياد يجعلهم دائمًا يتذكّرون موسى، الأمر الذي كان يُعطيهم الرجاء بظهور نبيّ مثل موسى (تثنية ١٨: ١٥-٢٢؛ ٣٤: ١٠). لقد غذّت شخصيّة داود ولاوي وابن الإنسان في دانيال 7 التوقّع بمجيء المسيح. لقد صبغت الآمال والتوقّعات بالخلاص من الحكم الروماني كلّ هذه العناصر المسيانيّة بإيحاءات سياسيّة قويّة. على الرغم من أنّ العديد من اليهود لم يعترفوا بيسوع باعتباره المسيح المنتظر في العهد القديم، إلّا أنّ البعض فعل ذلك. وإلا لما كان العهد الجدي بين أيدينا اليوم. أمّا الباقون، فقد استمرّوا في إثارة الأمل في الإطاحة بالحكم الرومانيّ. في البداية، قضت أحداث عام 70 ب. م وتدمير أورشليم هذه الآمال. وأدّت هزيمة تمرّد بار كوخبا حوالي عام 135 بعد الميلاد إلى إنهاء تلك الآمال. منذ تلك اللحظة فصاعدًا، أصبحت الاحتفالات بالأعياد اليهوديّة في المقام الأوّل، إنْ لم يكن حصرًا، احتفالاتٍ دينيّة، مع الحدّ الأدنى من دلالاتها السياسيّة.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

بنجامين شو
بنجامين شو
الدكتور بنجامين شو هو أستاذ العهد القديم بكلية الإصلاح للكتاب المقدس (Reformation Bible College).