اختيار الإجهاض: ما المقصود بذلك؟
۷ مارس ۲۰۲۳كيف تبدو التوبة؟
۱٤ مارس ۲۰۲۳بما أنّ الله سيّد مُتسلّط، فكيف يكون البشرُ أحرارًا
اللهُ مُطلقُ الحريّة؛ أي أنّ حريّتَه غير محدودة. إنّه سيّد. الاعتراض الذي غالبًا ما نسمعه حول سيادة الله، هو أنّه لو كان الله سيّدًا متسلّطًا حقًّا، فلا يمكن للإنسان أنْ يكونَ حرًّا. يستخدم الكتاب المقدّس مصطلحَ الحريّة لوصف حالتنا البشريّة بطريقتَيْن متباينتَيْن: الحريّة من الإكراه، حيث يكون الإنسان حرًّا في اختياراته بدون إكراه، والحريّة الأخلاقيّة التي فقدناها في السقوط، فأصبحنا عبيدًا لشهوات أجسادِنا الشرّيرة. يعتقدُ أتباع فلسفة "الإنسانيّة" أنّ الإنسانَ يستطيع اتّخاذ الخيارات ليس فقط بدون إكراه، ولكن أيضًا بعيدًا عن أيّ ميل طبيعيّ نحو الشرّ. علينا كمسيحيّين أنْ نحذرَ من وُجهة نظر "الإنسانيّة" أو الوثنيّة هذه لحريّة الإنسان.
أمّا وُجهة النظر المسيحيّة، فهي أنّ الله خلقَنا بإرادةٍ وقدرةٍ على الاختيار. نحن كائنات إراديّة، لكنّ الحريّة الموهوبة لنا في الخلق محدودة، وما يحدّها في النهاية هو حريّة الله. هنا بالذات، نواجه صراعًا بين سيادة الله وحريّة الإنسان. يقول البعضُ إنّ سيادةَ الله محدودة بحريّة الإنسان، ولكن، لو كان الأمر كذلك، فإنّ الإنسانَ هو السيّد وليسَ الله. يُعلّم الإيمانُ المُصلَح أنّ حريّة الإنسان حقيقيّة، ولكنّها محدودة بسيادة الله. لا يمكننا الهيمنة على قرارات الله السياديّة بواسطة حريّتنا، لأنّ حريّتَه أعظمُ من حريّتنا.
في علاقة البشر الأسريّة تشبيه مُناسب. يمارسُ الآباءُ سلطَتهم على أبنائهم. يتمتّع الأبناء بالحريّة، لكن حريّة الوالدَيْن أكبر. لا تُحِدُّ حريّةُ الأبناء مِنْ حريّة الوالدَيْن بالطريقة نفسها التي تُحِدّ بها حريّتهما من حريّة أبنائهم. وعندما نتكلّم عن صفات الله، يجب أنْ نُدركَ أنّ لله حريّة أكبر من حُريّتنا.
عندما نقول إنّ الله سيّد أو مُتسلّط، فإنّنا نشير بذلك إلى حريّته، على الرغم من أنّنا نميل إلى الظنّ بأنّ معنى السيادة يختلف تمامًا عن معنى الحريّة. الله كائن إراديّ؛ فهو يتمتّع بإرادة ويتّخذ قرارات. عندما يتّخذ قرارًا ويُمارس إرادتَه، فإنّه يفعل ذلك بطريقة سياديّة، كونه صاحب السلطان المُطلق. حريّته هي الحريّة المُطلقة. هو وحدُه من يتمتّع باستقلالية مُطلقة؛ هو قانون لنفسه.
يسعى البشر إلى الحكم الذاتي، والحريّة غير المحدودة، ولديهم رغبة ألّا يُحاسبهم أحد. في الواقع، هذا ما حدث في السقوط، إذْ أغوى الشيطانُ آدمَ وحوّاء للوصول إلى حُكم ذاتيّ، ليصبحا مثل الله ويفعلا ما شاءا من غير جزاءً. كان الشيطان يسعى لتأسيس حركةِ تحرير في الجنّة، لتحرير البشر من الذنب، ومن المساءَلة أمام الله، لكنّ الله وحده مَن يتمتّع بالحكم الذاتيّ.
مُقتطفٌ مُقتبس من كتاب "الحقائق التي نُقرّها" بقلم آر. سي. سبرول. في كتاب "الحقائق التي نُقرّها"، والذي تمّ مراجعته بدقّة وأصبح متاحًا في مُجلّد واحد يسهل الوصول إليه، يُعرّف الدكتور سبرول القرّاء على هذا الإقرار المميّز، ويشرح إلهاماتِه مُطبّقًا إيّاها على الحياة المعاصرة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.