لماذا يتعبَّد المسيحيُّون في يوم الأحد؟
۲۳ مارس ۲۰۲۰بما أن الله له السيادة، كيف يكون الإنسان حرًا؟
۱ أبريل ۲۰۲۰الله يعمل دائمًا من أجلنا ولخيرنا
إن مزمور 18 هو مزمور لداود، أنشودة تحتفل باليوم "الَّذِي أَنْقَذَهُ فِيهِ الرَّبُّ مِنْ أَيْدِي كُلِّ أَعْدَائِهِ وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ". هذا المزمور، وهو الأطول في الجزء الأول من سفر المزامير، يسبِّح الله على خلاصه. كما أنه مُدوَّن، مع اختلافات طفيفة، في 2 صموئيل 22. في مركز هذا المزمور يوجد إقرار قوي الإيمان: "مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيمًا" (الآية 25).
يبدأ هذا المزمور (الآيات 1-6) وينتهي (الآيات 46-50) بالتسبيح المُقدَّم لله. إنه تسبيح مليء بالمحبة والشكر لحماية الله من الأعداء ومن الموت. يبتهج التسبيح بالانتصارات التي أعطاها الله لملكه ولشعبه — الانتصارات المُعلنة أمام العالم.
يحتفل الجزء المركزي من المزمور (الآيات 20-29) بأمانة داود وأمانة الله. خدم داود الرب باستقامة (سننظر إلى الصعوبات التي يبدو أنها تحيط بهذا القول أدناه). كان الرب من جانبه أهلاً للثقة دائمًا وبارك ملكه. على كل جانب من هذا التأمل المركزي حول الأمانة لدينا سجل لمعونة الله القويَّة لداود (الآيات 7-19، 30-45). كل من هذين المقطعين لديه طابعه الخاص. تؤكِّد الآيات 7-19 على عمل الله لخلاص داود. تسلِّط الآيات 30-45 الضوء على نجاح داود بينما كان يعمل الله من خلاله.
في ضوء هذه النظرة العامة على بنية المزمور، نريد أن ننظر عن كثب في عدة نقاط. أولاً، كيف يمكن لداود أن يدِّعي أنه كاملاً (الآيات 20-24)؟ إن بالكمال هو موضوع متكرر في سفر المزامير. ورد بوضوح شديد في مزمور 26: "اِقْضِ لِي يَا رَبُّ لأَنِّي بِكَمَالِي سَلَكْتُ، وَعَلَى الرَّبِّ تَوَكَّلْتُ بِلاَ تَقَلْقُل. جَرِّبْنِي يَا رَبُّ وَامْتَحِنِّي. صَفِّ كُلْيَتَيَّ وَقَلْبِي. لأَنَّ رَحْمَتَكَ أَمَامَ عَيْنِي. وَقَدْ سَلَكْتُ بِحَقِّكَ. لَمْ أَجْلِسْ مَعَ أُنَاسِ السُّوءِ، وَمَعَ الْمَاكِرِينَ لاَ أَدْخُلُ" (الآيات 1-4). ولكن داود قاتل وزاني، على سبيل المثال لبعض خطاياه لا الحصر. فكيف يدَّعي أنه كامل؟
علينا أن ندرك أن داود كان من أتباع الرب المخلصين والمثابرين على الرغم من سقوطه في خطية خطيرة للغاية. عندما واجهه ناثان بخطاياه، تاب وحزن بعمق بسببها. وعبَّر عن توبته في مزامير التوبة الجميلة مثل مزمور 32 و51. وقد اتسمت حياته ككل بحفظه الأمين لعهد الله بالطاعة والتوبة.
إذًا، ما يعلنه داود ليس الكمال الأخلاقي المطلق. فهو أدرك أنه بمثل هذا المعيار لن يثبت أبدًا: "وَلاَ تَدْخُلْ فِي الْمُحَاكَمَةِ مَعَ عَبْدِكَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَتَبَرَّرَ قُدَّامَكَ حَيٌّ" (مزمور 143: 3). بل بالأحرى، هو يعلن أمانته بالمقارنة مع شر مَن يكرهون الله وملكه. لا يقوم هذه المقارنة للادِّعاء بأنه يستحق نعمة الله أو أنه قد ربحها، ولكن لكي يبيِّن أن نعمة الله المُخلِّصة قد جعلته مختلفًا حقًا عن الأشرار في طريقة تفكيره، وإيمانه، وحياته. إن داود يحب الرب وناموسه، لذا فإن خطيته مؤلمة له وقد تاب عنها طواعيَّة وسعى أن يعيش حياة تقيَّة. في المقابل، يحتقر الشرير الله وناموسه المقدس. هم يتجاهلون الله ويسعون بكل الطرق لإيذاء الآخرين.
مرة أخرى، لا يدَّعي داود أن بره الكامل يُكسبه نعمة الله. بل بالأحرى، يقول إن الله قد أدخله في عهده وأعطاه الاستقامة التي يملكها. "الإِلهُ الَّذِي يُمَنْطِقُنِي بِالْقُوَّةِ وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلًا" (الآية 32). فهو مِلك لله ويتبع الله وبالتالي يعرف أن الله سيكون رحيمًا معه. لا يخلِّص الله الأبرار ذاتيًّا، بل المتواضعين: "لأَنَّكَ أَنْتَ تُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ، وَالأَعْيُنُ الْمُرْتَفِعَةُ تَضَعُهَا" (الآية 27). كل قوته تأتي من الله (الآية 1) وإيمان كاتب المزمور أو ثقته تتجه للرب دائمًا طلبًا في المعونة (الآية 2؛ قارن مزمور 26: 1: "عَلَى الرَّبِّ تَوَكَّلْتُ بِلاَ تَقَلْقُل"). إن أساس رعية الله لداود لا يكمن في استحقاق داود، بل في اختيار الرب: " خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي" (الآية 19).
بالرغم من أن داود قد كتب هذا المزمور وكان له كل الحق أن يترنَّم به في أمانته، إلا أننا مرة أخرى نرى أن المزمور يجذب انتباهنا إلى ما هو أعظم وأطهر من داود. يختص هذا المزمور بالمسيح الذي كان بلا لوم وكاملًا تمامًا في كل شيء. وضَّح بولس ذلك في استخدامه لهذا المزمور في رومية 15: 8-9. فكتب قائلاً: "وَأَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ، مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ، حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ. وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِي الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاسْمِكَ»". في اقتباسه لمزمور 18: 49، وضَّح بولس أن المزمور يتحدَّث عن المسيح على الأقل بقدر ما يتحدَّث عن داود. في الواقع، حتى داود يمكنه أن يدَّعي استقامته العهديَّة فقط لكونه في المسيح.
ميزة أخرى لهذا المزمور هي الصورة الحيَّة لمجيء الله لنجدة داود (الآيات 7-15). صرخ داود طالبًا المساعدة (الآية 6). والرب استجاب له: "طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ، وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَهَفَّ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيَاحِ" (الآيات 9-10). غضب الرب هز الأرض (الآيات 7 و15) وبروق ورعود كانت سبقته (الآيات 12-14). دخان ساخن خرج من أنفه ونار من فمه (الآيات 8، 15). هذه صورة رائعة لقوة الله وعزمه أن يخلِّص. ولكن متى حدث هذا في حياة داود؟ عندما نفحص تاريخ العهد القديم، لا نجد مثل هذا الموقف. حدث شيء من هذا القبيل عندما تقابل الرب مع شعب إسرائيل في جبل سيناء، ولكن لم يحدث شيء يشبه هذا في اختبارات داود.
التفسير بالطبع هو أن داود يتحدَّث بلغة شعريَّة هنا. فهو لا يسجل ما رآه بعينيه الماديتين، ولكن ما رأته عيناه الإيمانيَّة يحدث. على الرغم من أن قوة الله العظيمة هذه عادة ما تظل مخفية عن الأنظار، إلا أنها حقيقيَّة جدًا، ويمارسها من أجل خير شعبه. يعمل الله دائمًا بقوة وحماس من أجل شعبه، حتى عندما لا نرى ذلك. تُظهر لنا صور داود الشعريَّة أكثر مما يمكن أن تراه العين.
يعلمنا الكتاب المقدس هذا الحق المرة تلو الأخرى. نحتاج أن نتعلَّم هذا بشكل متكرر لأننا نميل إلى الاعتقاد بأن ما هو مرئي فقط هو الحقيقي. فكر في اختبار أليشع. جلس في دوثان على ما يبدو بلا حماية ضد قوة ملك أرام. عندما اضطرب خادمه، أجاب أليشع: "لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ" (2 ملوك 6: 16). ثم ليعزي خادمه أكثر، صلَّى أليشع وعمل الله شيئًا رائعًا. "وَصَلَّى أَلِيشَعُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإِذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلًا وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ أَلِيشَعَ" (الآية 17). لم يكن أليشع في خطر على الإطلاق، لأن الرب كان إلى جانبه.
نرى شيئًا مشابهًا عندما أتت السلطات لإلقاء القبض على يسوع في بستان جسثيماني. ظهر يسوع ضعيفًا وبدون حماية. في هلع، حاول بطرس في ذعر حمايته بالسيف. " فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟" (متى 26: 52-53). لقد خضع يسوع للقبض عليه ليس لأنه كان عاجزًا، ولكن لأنه قبل إرادة الآب لموته ولفدائنا.
يذكِّرنا هذا المزمور جميعًا بأن الله يعمل دائمًا من أجلنا ولخيرنا. في العهد الجديد، يشير الرسول يوحنا إلى نفس الفكرة قائلاً: "الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ" (1 يوحنا 4: 4). لسنا بحاجة أن نخاف، لأن الله سينقذنا في وقته المناسب. يجب أن نسبِّح الله على رحمته ومعونته كما يفعل هذا المزمور.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.