شقُّ طريقِنا إلى الملكوت - خدمات ليجونير
نموّ الملكوت
۲٦ ديسمبر ۲۰۲۳
في وسْطكم
۲ يناير ۲۰۲٤
نموّ الملكوت
۲٦ ديسمبر ۲۰۲۳
في وسْطكم
۲ يناير ۲۰۲٤

شقُّ طريقِنا إلى الملكوت

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [السابع] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ مملكة الله].

عندما تُدركُ أنّ أمرًا ما هو صالح بالفعل وبالحقّ وحتى بالمُطلق، فغالبًا ما نجدُ استجابتَين مع ذلك. يَعرفُ بعضُ الساخرون الذين هم مُفسدون للبهجة أنّ الأمرَ صالحٌ، فيحاولونَ منعَ الآخرين من تذوّقه. قد يستخدمون أعمالَ العنف، كقيام طفلٍ بتحطيم اللعبة المفضّلة لأحد أشقّائه لإفساد مُتعته. ولكن يوجد آخرون ممّن يرغبون في الحصول على ما هو صالح بكلّ كيانهم، فيسعَوْن جاهدين لاختباره بكلّ ما أوتوا من حَماسة. يوجد استخدام لنوع من العنف هنا أيضًا: الاستعداد لتحمّل الألم (إنجاب طفل)، أو تكبّد الآلام (إنهاء سباق الماراثون)، أو التحمّل بسعي دؤوب (تسلّق جبل) لأنّك مُقتنع تمامًا بقيمة مُبتغاك.

ملكوتُ الله هو الخير المُطلق. إنّه كنزٌ مخفيّ أنتَ مُستعدٌّ أنْ تبيعَ كلَّ شيء لتقتنيه (متّى 13 :44)، أو جوهرةٌ لا تُقدّر بثمنٍ تساوي كلَّ ما تملك (الآية 46)، أو وليمةُ عُرسٍ خلّابة لدرجة أنّ تقديم أيّ عُذر لعدم الحضور سيبدو سخيفًا (لوقا ١٤: 16-24). يُقدّم ملكوتُ المسيح بَرَكاتٍ تتخطّى أيّ شيء يُقدّمه العالم. يحاول البعضُ سلبَها من الآخرين وسلبَ فرحِهم (يوحنا 10: 8)، والبعض الآخر يجتهد في الدخول إليها على الرغم من التكلفة العالية (لوقا 13: 24).

نجدُ وصفًا واضحًا للجَلَبَة للحصول على خيرات في الملكوت في متّى 11: 12 ولوقا 16: 16، وهما روايتان تُكملان بعضهما لتعليمٍ صعب علّمه يسوع. يصفُ يسوع كيف سيتمّ الكرازة ببشارة الملكوت، مع تمحور التاريخ من عصر إسرائيل إلى العصر الجديد الذي أعلنَه يوحنّا المعمدان، أي أنّ الملكوت "قد تمّ الكرازة به" بطريقة جديدة. لقد حلَّ الخيرُ المطلق، ويرسُمُ متّى ولوقا استجابات مُختلِفة له. ومع ذلك، يَصعُبُ فهمَ معنى الكلمة اليونانية biazetai المذكورة في كلا المقطعَيْن، ولكن مع اختلافات طفيفة تُعطي معنى القوّة أو العنف. يمكن أنْ تكونَ الكلمةُ مُستخدمةً بصيغة المجهول، بحيث أنّ الملكوت عومل بقوّة من قبل رجال عنيفين (متى 11: 12)، بحيث كان شعبُ الله مجبرًا على فعل ذلك (لوقا 16: 16).

قد يكون من الأفضل التعامل مع الكلمة بصيغة "شبه المجهول" لتنقل معنى التأثّر الذاتيّ. فالملكوت يفرض نفسَه بالقوّة على العالم، ولكن سيقاومُه أشخاص عنيفون يسعَوْن لانتزاعِه من الآخرين (متى 11: 12)، وردًّا على ذلك، يُلزمُ شعبُ الله أنفسهم بالقوّة على ملكوت الله (لوقا 16: 16). من أين يأتي هذا الإلزام؟– وهو ثبات يتّسم بالعنف تقريبًا، وبتحمّل أي شيء – هل يأتي من قوّة الإرادة البشريّة؟ لا، لأنّ مثلَ هذا العمل لا يؤدّي إلّا إلى ما يُشبه إفساد البهجة من خلال سلب خيرات الملكوت. بل يأتي من الإنجيل نفسه. وكما أوضح كيرلس الإسكندري، فإنَّ رسالةَ الملكوتِ المُقدّسةِ تَزرعُ في القلبِ المتجدّد رغبةً عميقةً لاستخدام كلّ القوّة والعزم للدخول في الرجاء المبارك. إنّ الإكراه الذي يفرضُه الروح يمكّن الإنسان من رؤية أرض الملكوت ليس كأرض مُحايدة لشعب فاتر، بل كشيء يأتي بقوّة إلهيّة، ويعاني من مقاومة كبيرة، وبالتالي يجبُ الدخولُ إليها بالقوّة. عندما يُشبع الشوقُ إلى صلاح الملكوت كيانَك المتجدّد، لا يمكن لأيِّ قَدْر من الباطل الموجود في العالم، أو عدم الراحة، أو الألم، أو حتّى المعارضة العنيفة، أنْ يمنعَك من استخدام كلّ القوّة الإلهيّة للضغط عليه. إنّه يتطلّب منك التضحية بكلّ شيء، لأنّه يستحقّ كلّ شيء.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

جريج لانير
جريج لانير
د. جريج لانير هو أستاذ مساعد للعهد الجديد بكلية اللاهوت المصلحة، بمدينة أورلاندو ولاية فلوريدا. وهو الراعي المساعد في كنيسة ريفر أوكس بمدينة ليك ماري ولاية فلوريدا. وهو مؤلف للعديد من الكتب، منها الكتاب بعنوان How We Got the Bible ("كيف حصلنا على الكتاب المقدس").