ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر العدد - خدمات ليجونير
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر اللاويّين
۲۸ فبراير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التثنية
۵ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر اللاويّين
۲۸ فبراير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التثنية
۵ مارس ۲۰۲٤

ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر العدد

  1. سفر العدد ليس مُجرّد سفر عن أرقام.

عنوانُ السفرِ العبريّ هو "في البريّة"، وهو عنوان يصفُه ويجعلنا نتفاعل معه بشكل أكبر. يصفُ السفرُ تجربةَ بني إسرائيل منذ مغادرتهم جبل سيناء بعد خروجهم من مصر، حتّى وصولهم إلى حدود أرض الميعاد. كان ينبغي أنْ يقضي بنو إسرائيل بضعة أسابيع فقط لقطع المسافة من سيناء إلى كنعان. المشكلة هي أنّهم قاموا بإرسال اثني عشر جاسوسًا لتجسّس الأرض، وعاد أغلبيّتهم بتقرير سلبيّ: كان سُكّان الأرض ضخامًا جدًّا ومدنهم مُحصّنة بشكل جيّد. لم يكن أمامَهم فرصةً للنصر (سفر العدد 13-14). أمّا يشوع وكالب، فقد أخبرا قصّةً مختلفة، إذ قالا إنّه إنْ حاربَ اللهُ من أجل إسرائيل، فسيستولون على الأرض بكلّ تأكيد. ولكنّ تقريرها قوبل بالرفض. نتيجةً لذلك، دانَ الربُّ الشعبَ بأنْ يهيموا في البريّة أربعين سنة إضافيّة، إلى أنْ يموتَ جميعُ البالغين، عندها فقط سيكونون قادرين على دخول الأرض وقبول ما وعدَهم به.

  1. الرقم الأكثر أهميّة في سفر العدد هو الرقم اثنان.

في سفر العدد أرقام كثيرة جدًّا، كما يحتوي على قوائمَ طويلة تحتوي على أسماء الأشخاص في إحصاءَيْن مُنفصلَيْن (سفر العدد 1؛ 26). قد يكون من السهل أنْ تتوهَ في قوائم الأسماء والأرقام التي تبدو غامضة كما في الإحصاءات الرياضيّة لمن ليسوا من المشجّعين الرياضيّين، أو كما تبدو قوائم الحسابات لغير خبراء المحاسبة. ومع ذلك، فإنّ لها جميعًا دورها في رواية قصّة السنوات التي قضاها بنو إسرائيل في البريّة.

الرقم الأكثر أهمية في كلّ السفر هو الرقم اثنان، إشارة إلى جيلَيْن. سفرُ العدد هو عن جيلٍ غير مؤمن فَشل في وضع ثقته بالله، فكان الثمنُ أنْ يتوهَ في البريّة طوال حياته، ثمّ تلاه جيل جديد كان على وشك دخول الأرض. هل سيكون هذا الجيل الجديد مثلَ آبائهم فيستسلمون مرّة أخرى لعدم الإيمان؟ أم سيسلكون في مسار جديد بالإيمان بالربّ فيرثون الأرضَ التي وعدَ بها الله الآباء؟ كانت الدلائل جيّدة، مع بعض الانتصارات الأوليّة على الكنعانيّين (مثلًا، سفر العدد 21)، لكنّ القرار النهائي حول وراثتهم الأرض التي وعد بها الله آباءهم لم يكن قد حُسم بعد. وهذا يجعل القصص الواردة في هذا السفر بمثابة تحدّ لنا أيضًا: إلى أيّ جيل ننتمي — هل ننتمي إلى شعب عدم الإيمان الذي تناثرت أجسادُهم في البريّة؟ أم إلى شعب الإيمان، الذي سيتابع قُدُمًا ليرثَ الأرض (راجع عبرانيين 3: 7- 19)؟

  1. الرقم الثاني الأكثر أهميّة في السفر هو الرقم اثنان وأربعون.

يبدو للوهلة الأولى أنّ الإصحاح 33 من سفر العدد كما لو أنّه مساحة مهدورة: قائمة طويلة من أسماء الأماكن التي خيّم فيها بنو إسرائيل في البريّة. لكنّ الربّ نفسَه أمر موسى أنْ يُسجّلَ هذه القائمة (سفر العدد 33: 2)، لذلك، لا بدّ أنْ يكونَ لها أهميّة ما. إنْ كان السفر يتمحور بالفعل حول الوقت الذي قضاه بنو إسرائيل في البريّة، فإنّ قائمة أماكن التخييم تكتسب أهميّة جديدة. بادِئَ ذِي بَدْءٍ، العديد من الأماكن المذكورة هي مواقع سدّ فيها الربّ احتياجات شعبه بطريقة خاصّة. إنّها أماكن تَرِدُ بعدَها ملاحظات لتذكير بني إسرائيل بما فعله الربّ: رَعَمْسِيسَ حيث خَرَجَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ (سفر العدد 33: 3)، وأَمَامِ ٱلْحِيرُوثِ حيث شقَّ الربّ البحرَ (سفر العدد 33: 8)، وإِيلِيمَ، حيث كان ٱثْنَتَا عَشَرَةَ عَيْنَ مَاءٍ وَسَبْعُونَ نَخْلَةً (سفر العدد 33: 9). هذه الأماكن مُسجّلة ليتذكّروا أمانةَ الله.

يتكوّن النوع الثاني من المواقع من أماكنَ تمرّد فيها بنو إسرائيل على الربّ: مارّة، بريّة صين، رفيديم، وغيرها. على الرغم من ذلك، لم يُذكر أيّ من هذه الإخفاقات في هذه الرحلة: كما لو أنّ الربّ قد نسي أمرَها بالكامل (راجع مزمور 130: 3-4). هذه الأماكن تُذكّرنا بنعمة نسيان الله.

النوعُ الثالث من المواقع هو أماكن لم يحدث فيها أيّ شيء على حدّ علمنا. لم تُذكَر بعض هذه الأماكن في أيّ مكان آخر في أسفار موسى الخمسة، ولكنّها مذكورة هنا لتُذكّرَنا بأنّ حياتَنا ليست مُجرّد سلسلة من الانتصارات والإخفاقات الروحيّة؛ بل بأنّ الأيّام الأخرى تُحتسب أيضًا، بينما نقوم ببساطة بأمور الحياة العاديّة: الذهاب إلى العمل ورعاية الأطفال وجزّ العشب وغسل الملابس.

يتمّ التشديد على أهميّة هذه الأيّام "العاديّة" من خلال حقيقة أنّ العدد الإجمالي لمواقع التخييم في سفر العدد 33 هو اثنان وأربعون. القائمة ليست شاملة (فقد خيّم بنو إسرائيل في أماكن أخرى)، كما أنّها ليست مُجرّد مجموعة من أهم الأماكن، لذلك تمّ اختيار الرقم اثنين وأربعين بشكل مُتقصّد. لماذا؟ لأنّ الرقمَ اثنين وأربعين هو الرقم ستة مضروب في سبعة. بكلمات أخرى، في نهاية هذه القائمة – وفي نهاية سفر العدد – أصبح بنو إسرائيل على حافة السبعة السابعة، سبت الراحة، المُمثّل بالدخول إلى أرض الميعاد.

لا أحدَ منّا يعرف أينَ قد تكون مواقع تخييمنا في البريّة في قائمتنا الشخصيّة. بالنسبة إلى البعض، قد يكون أمامنا طريق نمرّ به قبل أنْ نصلَ إلى موقع التخييم رقم اثنين وأربعين. ومع ذلك، يمكننا جميعًا أنْ نثقَ في أنّ الربّ يسوع سار مكاننا بأمانة كرائد لنا في الطريق الكامل عبر البريّة، وهو الآن يسير عبر الصحراء معنا، مذكرًا إيّانا بأمانة الربّ ونسيانه. عند الضرورة، يرفعنا ويحملنا بين ذراعَيْه كراعٍ صالح، ليوصلنا إلى الميراث السماويّ الذي كانت أرض الميعاد توجّه بني إسرائيل إليه.

+++++++

هذه المقالة جزءٌ من مجموعة بعنوان، EveryBook of the Bible: 3 Things to Know

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

إيان دوجيد
إيان دوجيد
الدكتور إيان دوجيد هو أستاذ العهد القديم بكليَّة وستمنستر للاهوت في مدينة فيلادلفيا، والراعي المُؤسِّس لكنيسة المسيح المشيخيَّة في مدينة جلينسايد، بولاية بنسلفانيا. وهو ألَّف العديد من الكتب، منها (The Whole Armor of God: How Christ's Victory Strengthens Us for Spiritual Warfare).