ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التثنية - خدمات ليجونير
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر العدد
۲۹ فبراير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر يشوع
۷ مارس ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر العدد
۲۹ فبراير ۲۰۲٤
ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر يشوع
۷ مارس ۲۰۲٤

ثلاثة أمور ينبغي أنْ تعرفَها عن سفر التثنية

سفر التثنية مُهمّ في حدّ ذاته، ولكنّ أهميّته تكمن أيضًا بعدد المرّات التي اقتُبس منه في العهد الجديد. كان إعلان يسوع وتلاميذه مُستمدّ بشكل مباشر منه. فقد اقتبسَ يسوع منه في تجربته (متّى 4: 4، 7، 10) وأعاد التأكيد على تشديد السفر على محبّة الله الشاملة (متى 22: 37-38). وتعتمد كرازة الرسل في سفر أعمال الرسل بشكل كبير عليه، خاصّة فيما يتعلّق بالإشارة إلى تتميم الكلمة المتعلّقة بالوظيفة النبويّة في شخص يسوع (تثنية 18: 15؛ أعمال الرسل 3: 22). تحتوي سبعُ رسائلَ على الأقل من رسائل العهد الجديد على اقتباسات من سفر التثنية، ولعلّ أهمّها موجود في غلاطية 3: 10-14، حيث يكتب بولس أنّ المسيحَ افتدانا من اللعنة المذكورة في سفر التثنية (راجع تثنية 21: 23) حين صار لعنةً لأجلنا (غلاطية 3: 13).

اسم هذا السفر باللغة الإنجليزية "Deutronomy" وهي تسميّة جاءت عن طريق اللغتَيْن اللاتينيّة واليونانيّة وتعني "الشريعة الثانية"، استنادًا إلى أنّ الإشارة في تثنية 17: 18 تعني ذلك بالضبط. ومع ذلك، ما تُشير إليه هذه الآية هو أنّ عند الملك نسخة له من الشريعة. يُظهر محتوى السفر أنّه ليس شريعةً ثانية، بل تجديدًا للعهد الذي قُطع عند جبل سيناء (المسمّى "حوريب" في كلّ سفر التثنية، باستثناء تثنية 33: 2). ويرتبط -11بشكل واضح بالوعود المباركة التي أعطاها الله لإبراهيم وإسحاق ويعقوب (راجع مثلًا، تثنية 6 :10-11؛ 7:7-9). كما أنّه يشير أيضًا إلى اكتمال أسفار موسى الخمسة، مع التشديد على التتميم الجزئيّ للوعود التي أُعطيت للآباء قبل دخول بني إسرائيل إلى الأرض التي أقسمَ اللهُ أنْ يُعطيهم إيّاها.

على القُرّاء أن يعرفوا ثلاثة أمور خاصّة عن سفر التثنية وتعليمه.

  1. سفر التثنية هو وثيقة عهد

كون سفر التثنية وثيقةَ عهد، فإنّه يهتمّ بالرابط الموجود بين الله وشعبه. تحرّك الله باتّضاعه المُنعم، ودخل في علاقة خاصّة معهم. أحبّ شعبَه وافتداهم بيده الشديدة (راجع بشكل خاصّ تثنية 7: 7-9؛ 9: 5-6؛ 14: 2). وفي سيناء، دخل في علاقة رسميّة معهم. اقترب منهم ووعدهم بقوله: "أكون لكم إلهًا، وأنتم تكونون لي شعبًا." وهكذا أصبح العهد أشبه برباط بين الله والإنسان، فرضه الله بسيادته من خلال نعمته، حيث عبّر هو وشعبه عن هذه العلاقة بعبارات رسميّة. كان على شعب العهد أنْ يستجيبوا بالطاعة بسبب كلّ ما فعله هذا الله الفادي معهم. لم يُستثنى أيّ جزء من حياتِهم من مطالبه الأخلاقيّة. يرتبط محتوى وبُنية سفر التثنية معًا بطريقة تشبه إلى حدّ كبير المعاهدات المعروفة في الحياة العلمانيّة في الألفية الثانية قبل الميلاد.

  1. سفر التثنية هو شرح مُفصّل للوصايا العشر

لا يوجد تفسير أكمل للوصايا العشر في أيّ سفر آخر من الكتاب المقدّس غير سفر التثنية. فهو يُقابل بين الوصايا العشر الواردة في الإصحاح الخامس وتفسيرها الوارد في الإصحاحات 6 إلى 26. هذه المقابلة ليست بين الشرائع الإلهيّة والبشريّة، بل بين الجوهر الأساسيّ للعهد، أي الوصايا العشر، والتفسير الذي يحدّد التطبيقات المختلفة له. يتألّف السفر من وعظٍ كان الهدفُ منه أنْ تؤثّرَ وصايا الله في ضمائر المستمعين. وضعَ موسى أمام بني إسرائيل الحياةَ والموت، والبركة واللعنة، قائلًا لهم: " فَٱخْتَرِ ٱلْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ، إِذْ تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ" (تثنية 30: 19-20).

ولكن بإمكاننا أنْ نذكر المزيد عن تفسير الوصايا العشر. تمّ ذكر العديد من الوصايا في سفر العهد في خروج 21 إلى 23، ولكن ليس بالترتيب الوارد في خروج 20. ومع ذلك، يتمّ التعامل في سفر التثنية مع الوصايا بالترتيب نفسه كما جاء في تثنية 5. جاءت الصيغة التوجيهية لها في الإصحاح الخامس، بينما جاءت الصيغة الوصفيّة من الإصحاح السادس إلى السادس والعشرين. يتوسّع التفسير في الزخم الأساسيّ للوصايا، ولكنّه يوضح أيضًا مسار كلّ وصيّة منها. هذا يعني أنّ العديد من الوصايا لها تَبِعات أوسع ممّا قد يبدو من القراءَة الأولى لها. مثلًا، لا تتعامل الوصية الخامسة مع العلاقة بين الأهل وأولادهم فحسب، بل مع جميع هياكل السلطة في إسرائيل.

  1. يشدّد سفر التثنية على مفهوم الأرض

من بين أسفار موسى الخمسة، تهتمّ الأسفار الثلاثة الأولى (التكوين والخروج واللاويّين) بشكل أكبر بالعلاقة بين الله وشعبه، بينما يركّز سفر العدد والتثنية على الأرض. يتردّد صدى وعود أخرى قُطعت للآباء في سفر التثنية، كالوعد بنسل كثير (تثنية 1: 10؛ 10: 22؛ 28: 62)، إلّا أنّ وعد "الأرض" هو المهيمن. كانت الأرض هبة من الله، وقد أقسم الله أنْ يمنحَهم إيّاها قبل وقت طويل من حصولهم عليها بشكل فعليّ. على شعبه أنْ يحصلَ على "راحة" في الأرض (تثنية 3: 20؛ 12: 9-10؛ 25: 19) وأنْ يتمتّع بالبركات التي سيوفّرها لهم. تمّ تناول مفهوم الراحة هذا في المزمور 95، وتمّ تطويره بشكل أكبر في الرسالة إلى العبرانيين 3: 7-4: 13. وكما كانت الراحة تنتظر بني إسرائيل في كنعان، كذلك الراحةُ تنتظرُ المؤمنين المسيحيّين. إنّها متطابقة مع "الوطن السماوي" الذي يطلبونه، أي المدينة الباقية العتيدة (عبرانيّين 11: 16؛ 13: 14). وليس من المستغرب على الإطلاق أنْ تتناول الترانيم المسيحيّة موضوعات عبور نهر الأردن إلى أرض الموعد كرمز للموت والدخول إلى راحة الله السماويّة.

يختتم سفر التثنية أسفار موسى الخمسة في الوقت الذي كانت الوعود المُقدّمة للآباء قد تحقّقت بشكل جزئيّ. عند الدخول إلى كنعان، تحقّق موضوع الأرض، بينما تحقّقت الوعود الأخرى، كتلك المتعلّقة بالمُلك والنبوّة، بعد السيطرة على الأرض الصالحة، الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا (تثنية 31: 20).

+++++++

هذه المقالة جزءٌ من مجموعة بعنوان، EveryBook of the Bible: 3 Things to Know

تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

ألان هارمان
ألان هارمان
الدكتور ألان م. هارمان هو بروفيسور باحث في مادّة العهد القديم في كليّة اللاهوت المشيخيّة في ملبورن، أستراليا، حيث كان يخدم سابقًا كمدير للكليّة. ألّف العديد من الكتب، بما في ذلك كتاب بعنوان Preparing for Ministry.