
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر الأمثال
۱۲ يونيو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة يهوذا
۱۹ يونيو ۲۰۲۵ثلاثة حقائق ينبغي أن تعرفها عن سفر حبقّوق

رغبة حبقّوق العميقة لإكرام عدالة الله، واستجابته السلبيّة القويّة تجاه غيابها، تجعل سفره ملائمًا تمامًا للقرّاء المعاصرين. وإذْ تغمرنا كثرة الأخبار والصور المزعجة والمؤلمة من حول العالم، سيظهر أنَّ المشكلة عظيمة إنْ لم ننظر إليها في ضوء الإنجيل. وعلاوةً على ذلك، فإن إدراك حبقّوق لتقصيراته الأخلاقيّة وتقصيرات شعبه يُظهِر أن مشكلة الخطيّة متجذِّرة في عمق الطبيعة البشريّة، وبالتالي، فهي تشملنا جميعًا. ولكنْ، على الرغم من جسامة الوضع في يهوذا وخارج حدودها، فإنّ إجابات الربّ لصلوات النّبي المحتدّة تنقله من حالة الشكّ واليأس إلى حالة الإيمان والفرح الراسخين، حتى قبل أن يتغيَّر شيءٌ في شعب يهوذا أو خارجه.
تبرز ثلاث حقائق في هذا السفر القصير، لما لها من إسهامٍ في إعادة توجُّه النبي من الناحية الروحيّة، ولِما تنطوي عليه من قدرةٍ على توجيه مواقفنا وأعمالنا وتوقُّعاتنا في عالمٍ يبدو فاقدًا لعقله ومُدمِّرًا لنفسه، كما كان الحال في الشرق الأدنى القديم في أواخر القرن السابع قبل الميلاد.
1. الله ليس غير مبالٍ تجاه الظلم الحادث في يهوذا.
يصل هذا الحق إلى كونِه ردًّا مباشرًا على ما يبدو افتراضًا عند حبقّوق في بداية السفر. لا يصل الأمر بحبقّوق بأن يتّهم الله بالظلم، ولكنْ ما لم يعمل الله شيئًا، فإن ذلك الاتّهام يبدو حتميًّا ولا مفرّ منه (حبقّوق 1: 2-4). كان جواب الله على النبي يتّسم بالصبر، وقد قدَّم تعليمًا إرشاديًّا. فالتزامه بأن يأتي بالدينونة على يهوذا الخاطئة (وهو موضوع اهتمام حبقّوق الأول) يُظهِر أنَّ التزامه تجاه العهد مع شعبه لا يضمن منع وقوع عواقب الخطيّة. فليس الله غير مبالٍ تجاه الظلم.
ولكنْ، حين يُعلِن الله للنبي أنّه سيستخدم البابليّين لمعاقبة يهوذا، يُصاب حبقّوق بالحيرة ثانيةً. فإذْ افترض حبقّوق أن يهوذا "أكثر برًّا" من بابل (حبقّوق 1: 13)، يشير ضمنًا إلى أنّه لو سمح الله بهذا، فسيكون هذا الأمر أيضًا تشجيعًا للشرّ (حبقّوق 1: 13).
2. الله ليس غير مبالٍ تجاه الظلم الحادث في بابل.
يُظهِر ردّ الله الطويل على الاتّهام الذي وجّهه حبقّوق في الأصحاح 2 أنَّ الربّ يدرِك تمامَ الإدراك إثم بابل، حتّى قبل أن تهاجم يهوذا. ويستعرض الله بالتفصيل الكبرياء العميقة والعنف وتمجيد الذات التي دفعت بابل الإمبراطوريّة إلى أن تتسلَّط على أكبر مساحةٍ ممكنة من الشرق الأدنى القديم. ويلخِّص الرب في حبقّوق 2: 5 دينونته للإمبراطوريّة البابليّة على عنفها وسلبها الأمم الأخرى لتغتني (حبقّوق 2: 6-13)، واستخدامها كلّ وسيلة متاحة لديها لأخذ ما أرادت من الأمم الأخرى (حبقّوق 2: 15-17)، مع عزوها كلّ ما تحقِّقه من نجاح للآلهة الكاذبة (حبقّوق 2: 18-19).
وبمقابل مشروع بابل بأن تسيطر على العالم، يؤكِّد الرب على الدينونة التي توشك أن تقع على الإمبراطوريّة. ولكنّ تدخُّل الله سيعمل أكثر من مجرَّد مجازاة بابل على خطاياها، وهو بهذا يعالج موضوع الاهتمام الثاني عند حبقّوق. فالله لا يعِد بأقل من ترسيخ حكمه في كل العالم حتّى تمتلئ الأرض بمعرفته (حبقّوق 2: 14). وهذا يقود إلى العنصر الثالث في استجابة الله لحبقّوق.
3. يأتي الإيمان بالله بالسلام ويقود إلى الحياة.
حتى قبل أن يفصِّل الله وعد حبقوق 2: 14 في الأصحاح 3 بصورة خاصّة، مُظهِرًا أنّ عدالته الكاملة ونعمته المفاجئة ستعاقب الخطاة وتزيل الخطيّة بصورة نهائيّة (حبقّوق 3: 3-15)، بدأ وعده بالعدالة الكاملة والخلاص التامّ في إعادة توجيه النّبي (حبقوق 3: 2). وتكتمل إعادة التوجّه هذه بالرؤيا الجريئة لمجيء الله ليخلّص ويدين فيما يلي.
وللرسالة بأنَّ الله سيدين الخطية إدانة تامّة ويخلِّص شعبه بصورة كاملة نتيجتان متعلِّقتان بصورة خاصّة بحبقّوق وقرّائه. أوّلًا، يصل هذا الحقّ إلى قلب حبقّوق ويُحدِث تغييرًا كاملًا في نظرته؛ فيزول غضبه وشكّه، ليحلّ محلّهما ثقة هادئة تصدِّق مواعيد الله وترى بالإيمان تطهير كلّ الخليقة وتكميلها. وحين تصير هذه حالة قلب النبي وعقله، يستطيع أنْ ينتظر بصبرٍ أن يتمِّم الله وعوده بالطرق والأوقات التي قرَّرها بسيادته.
ثانيًا، العدالة المُخلِّصة والفدائية التي سيأتي بها الله إلى الذين يثقون بوعوده المُنعِمة الكريمة (حبقّوق 2: 4) ستقود في النهاية إلى الحياة. فلغة الأصحاح 3 المُحلِّقة تقدِّم تدخُّل الله الخلاصي بوصفه خروجًا ثانيًا يحرِّر شعب الله، لا من أغلال بابل بقدر ما يحرّره من الدينونة والعبوديّة الناتجتين عن خطيّتهم. ولا يمكن تحقيق هذا إلا بالمسيّا (حبقّوق 3: 13)، الذي أرسله الله ليتألّم لأجل شعبه، وقد تمجَّد بإقامته من الأموات (أعمال 17: 3).
رسالة حبقّوق ردّ واضحٌ وحازم على مشكلة الخطيّة التي أزعجت النّبي. تُعلِن حياة يسوع المسيح وموته وقيامته يقينيّة انتصار الله النهائّي على الشر، وإمكانيّة نوال الخلاص بمسيّاه. وفي ضوء هذه الحقائق، يمكننا أن نفرح بصبر الله في تأخير دينونته، وأن نبذل أفضل جهودنا لإيصال بشارة الإنجيل إلى أقاصي الأرض حتى عودته (٢ بطرس ٣: ٩).
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.