تجديد أذهانكم - خدمات ليجونير
العيش في الدهر الآتي
۲۷ يناير ۲۰۲۳
المُحاباة داخل الكنيسة
۲۹ يناير ۲۰۲۳
العيش في الدهر الآتي
۲۷ يناير ۲۰۲۳
المُحاباة داخل الكنيسة
۲۹ يناير ۲۰۲۳

تجديد أذهانكم

ملاحظة المُحرِّر: المقالة 8 من سلسلة "بين عالمين"، بمجلة تيبولتوك.

في شهر يوليو، احتفل برنامج "جدِّدوا ذهنكم" مع د. أر. سي. سبرول بالذكرى الرابعة والعشرين لبدايته. واسم البرنامج، الذي نلتُ شرف أن أكون مُقدِّمه، مأخوذٌ من رومية 12: 2، "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ". تمدُّنا هذه الوصية الموجزة التي نطق بها بولس بمفتاح العيش كأتباعٍ للمسيح.

تعنى مُشاكلة هذا الدهر السباحة باتجاه التيار. وبالتالي، فالمؤمنون يسبحون، بشكل أساسي، ضد التيار عندما لا يشاكلون هذا الدهر، والأمر الذي يستلزم بذل جهدٍ. لسنا نتحدث هنا عن شقِّ طريقنا إلى السماء بجهدنا الشخصي. ففي هذا النص، يخاطب بولس مؤمنين، تبرَّروا بالفعل. وهنا نتذكَّر أن "الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (فيلبي 1: 6). فإننا نتحدث هنا عن تقديسنا، الذي ينطوي على بذل الجهد.

وصف بولس مُشاكلة العالم بأنه "السلوك بالجسد"، وحذَّر قائلًا إن "اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ" (رومية 8: 6). كان تشارلز سبرجن صريحًا بالقدر نفسه عندما قال: "إذا أمكن للمؤمن، على سبيل الافتراض، أن يَخلُص وهو يُشاكل هذا الدهر، فهو على أيِّ حال سيخلص كما بنارٍ. مثل هذا الخلاص العاري والمجرَّد يكاد يكون مخيفًا بقدر كونه مرغوبًا فيه". فالحياة التي تغيَّرت تنطوي على طريقة تفكير جديدة. وإن نقطة البداية الجيدة هي التقييم النزيه والأمين لما يهيمن على حياتنا الفكرية الحالية. ربما سمعتَ من قبل تعبير "أنت ما تأكله"؛ وأعتقد أنه من الآمن أيضًا أن نقول: "أنت ما تفكر فيه". اسمحوا لي أن أكون أول من يعترف بأنني أسلِّط العديد من أفكاري على أمور تمدُّ بقدر لا يُذكَر من الغذاء اللازم للروح. ويُذَكِّرنا كاتب المزمور قائلًا:

طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَسْلُكْ فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ. لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلاً. فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. (مزمور 1: 1-3)

قال د. سبرول: "الذهن المجدَّد ينبع من السعي الجاد إلى معرفة الله"، ثم أوضح أين يمكن أن نجد تلك المعرفة، قائلًا:

يعطينا الله إعلان الكتاب المقدس حتى تتغيَّر أذهاننا، لنبدأ في التفكير مثل يسوع. وهذا هو محور التقديس والنمو الروحي. لكن إذا اكتفيتَ بإدخال الكلمة إلى ذهنك، دون أن تقتنيها في قلبك، فإنك بهذا لم تحصل عليها. لكن، لا يُمكنك أيضًا أن تقتني الكلمة في قلبك دون أن تضعها أولًا في ذهنك. ولذا، نريد أن يكون لدينا ذهنٌ مستنيرٌ بكلمة الله.

شكل التغيير

هذه النصيحة الصريحة تُذكِّرني برجلٍ قمنا باستضافته في برنامج "جدِّدوا ذهنكم" منذ بضعة أشهر. حُكِم على لويل آيفي بالسجن لمدة سبعة عشر عامًا بتهمة السطو المسلَّح. وظنَّ أن الوسيلة الوحيدة التي قد تمكِّنه من الصمود وراء القضبان هي أن ينضم إلى عصابة من البيض المتعصِّبين عرقيًّا. وشاكل لويل هذه الجماعة بكلِّ شكل، فانغمس في قراءة الكتابات العنصرية المفعَمة بالكراهية، وابتدأ يغطي الجزء العلوي من جسده بالوشوم التي تعكس هويته الجديدة، وكراهيته لذوي الأعراق الأخرى. وكي يثبت لويل ولاءه لهذه العصابة، حاول الاعتداء على سجين أمريكي من أصل أفريقي بسكينٍ محلِّي الصنع، وهي الجريمة التي أدَّت به إلى الحبس الانفرادي.

لكن، ذات مساء يوم أحد، وبينما كان لويل يستمع إلى عظة تذاع على محطة إذاعية محلية، بلغ لحظةً من اليأس حيال الاتجاه الذي كانت حياته تسير فيه، وصار على قناعة بأنه ذاهبٌ إلى الجحيم، وقال: "كانت الدموع تنهمر مني، وسقطتُ بكلِّ بساطة على ركبتيَّ أمامه وقلتُ له: ’يا رب، اجعلني مؤمنًا، وغَيِّر قلبي. ارفع ذلك عني، وأعنِّي كي أتبعك‘. وقد فعل الربُّ ذلك بالفعل".

ظلَّ لويل في الحبس الانفرادي لمدة سبع سنوات أخرى، لكنه قال إن ذلك الوقت كان حيويًّا لنموِّه كمؤمن حديث الإيمان. "قمتُ باستغلال الوقت في قراءة كلمة الله، ودراستها، والتأمل فيها، والصلاة. وكان الرب يُنميني في شركتي معه. لم يكن ذلك وقتًا مهدَرًا".

وبتدبيرٍ إلهي، اكتشف لويل برنامج "جدِّدوا ذهنكم" على الإذاعة، وقال بعد ذلك إن تعليم د. سبرول كان أساسيًّا في نموِّه. وقال: "صرتُ أكثر نضجًا من الناحية اللاهوتية، نتيجة استماعي إلى ذلك البرنامج". واستطاع أيضًا الحصول على نسخة من الكتاب المقدس الدراسي الإصلاحي (Reformation Study Bible)، وهو الكتاب المقدس نفسه الذي يستخدمه حتى يومنا هذا لإعداد عظاته، بصفته راعيًا لكنيسةٍ بولاية فرجينيا. وهو أيضًا زوج وأب لثلاثة أولاد.

كان التغيير الذي اختبره لويل عميقًا لدرجة أنني عندما استضفتُه في البرنامج، لم أستطع أن أصدِّق أن الشخص الجالس أمامي هو نفسه الذي وصف أنه كان عليه قبل الإيمان. لاحظ جيدًا كيف وصف ذلك التحوُّل الذي حدث له من شخص عنصري أبيض البشرة في السجن:

أعتقني الرب بقوة شديدة من خطية العنصرية. وبينما كنتُ أقرأ كلمته، ويتشكَّل كلٌّ من ذهني ومشاعري بكلمة الله، لم يَعُد هناك أيُّ مجال أن أضمر أيَّ عداء تجاه أيِّ شخص.

الحافز وراء عيش حياة متغيِّرة 

في العهد القديم، ذُكِّر بنو إسرائيل مرارًا وتكرارًا برحمة الله التي تمثَّلت في تحريرهم من العبودية: "إِنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَصْعَدَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لَكُمْ إِلهًا. فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (لاويين 11: 45).

وبالمثل، أسَّس بولس مناشدته في رومية 12 على "رَأْفَةِ اللهِ" (الآية 1)، التي كان قد عرضها بالتفصيل في الأصحاحات 3-11، بل وذكَّرنا أيضًا بتحريرنا من عبودية الخطية (رومية 6: 20-23). وصف لويل رحمة الله التي تمثَّلت في تحريره من الخطية قائلًا: "كان الله رحيمًا ومنعِمًا للغاية. فقد رفعني من كومة الرماد، ومن الجب الذي كنتُ قد حفرتُه بنفسي، وأنقذني ونقلني إلى الملكوت المجيد الذي لابنه يسوع المسيح".

نُغوَى أحيانًا بالظن بأن اختبار إيمان لويل أروع من اختبار إيماننا، لكن حريٌّ بنا أن نتذكر أننا كنا، نظير لويل تمامًا، أمواتًا بالذنوب والخطايا (أفسس 2: 1). لكن، نظير لويل أيضًا، أبدى الله رحمة من نحونا. كتب إيزاك واطس في ترنيمته الشهيرة بعنوان “When I Survey the Wondrous Cross” ("عندما أعاين الصليب العجيب") يقول: "حبٌّ عجيب جدًّا، وإلهي، يطالبني بأن أهبه روحي، وحياتي، وكلَّ ما لي".

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

لي ويب
لي ويب
لي ويب هو مُقدِّم برنامج "جدِّدوا ذهنكم".