شعب الله في سبي - خدمات ليجونير
الله
۱۱ مارس ۲۰۱۹
العيش كمواطنين مزدوجي الجنسية
۱۲ مارس ۲۰۱۹
الله
۱۱ مارس ۲۰۱۹
العيش كمواطنين مزدوجي الجنسية
۱۲ مارس ۲۰۱۹

شعب الله في سبي

ملاحظة المُحرِّر: المقالة 1 من سلسلة "بين عالمين"، بمجلة تيبولتوك.

يدرك معظم الناس بالفطرة الفرق بين المنزل والبيت. وهذا ما يجعل السبي عقابًا مؤثرًا لهذه الدرجة — فهو يمنعنا من الذهاب إلى البيت. ويفصلنا عن الأحباء وعن الأمان، كما يجردنا من إحساسنا بالانتماء. حتى أنه يمكنه أن يضعنا في أماكن معادية وخطيرة.

عاش شعب الله مسبيين في أراض غريبة منذ أن طُردنا من جنة عدن. فتاريخنا بالكامل هو دورة من السبي والعودة. والأخبار السارة هي أن تلك الدورة تقترب من نهايتها. إلا أنه الآن تتكون حياتنا من خليط من السبي والعودة.

جنة عدن:

خُلق البشر كجزء من خطة الله لنشر ملكوته السماوي على الأرض (متى 6: 10؛ الرؤيا 21-22). من أجل تحقيق هذا الأمر، خلق الله عالمًا كاملاً وخصّص أرضًا خاصة تُسمى عدن (والتي تعني "مُسر" أو "مكان مُبهج" باللغة العبريّة). تشير الأنهار الأربعة في عدن (تكوين 2: 10-14) إلى أنها كانت تمتد من بلاد ما بين النهرين وحتى مصر.

زرع الله جنة في عدن، والتي جرت منها منبع المياه للأنهار الأربعة جميعًا. مما يوحي أن الجنة كانت مرتفعة ومحورية أيضًا، قد تكون في جبال يهوذا. كما أنه عيّن الإنسان لكي "يعمل" الجنة و"يحفظها" (تكوين 2: 15) وقال "امْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا" (1: 28). أي أن عملنا كان أن نوسع حدود الجنة إلى أقصى الأرض. في عدن، أسس الله عهد الأعمال ليحكم علاقتنا معه (إقرار إيمان وستمنستر 7. 2). كانت مسؤوليتنا أن نطيع الله عن طريق تحقيق مهامنا التي عينها لنا وألا نأكل من الثمرة المُحرّمة (تكوين 2: 17). إن أطعنا، سنُبَارك بالحياة الأبدية (3: 22).  وإن لم نُطع سنكون خاضعين للموت (2: 17). للأسف، أغوت الحية حواء، وأقنعت حواء آدم، وأكل كلاهما من الثمر المُحرّمة، وسُبي البشر من الجنة (الإصحاح 3). وضع الله حراسة من الملائكة ليضمن ألا يتسلل البشر مرة أخرى إلى الجنة (الآية 24).

لعنة السبي:

إن السبي الأول للبشر طرحنا من محضر الله المُعلن، ووضعنا مع باقي الخليقة تحت لعنة الله (رومية 8: 20-22). أصبح العمل صعبًا، والحَبَل صار مؤلمًا، ومات الجميع في النهاية (تكوين 3: 16-19). أصبحنا نولد موتى روحيًا (رومية 8: 5-11)، مما يجعل من المستحيل أن نتمّم مسؤولياتنا العهديّة أو أن نلجأ لله بالإيمان (7: 14-25؛ غلاطية 5: 17). لقد عشنا في شركة مكسورة مع الله (رومية 5: 10؛ أفسس 2: 1-3) وفي صراع مع شركاء حياتنا، وعائلاتنا، وأقاربنا. واستمرت هذه الظروف. وبدون تدخل الله، فإن هذا آخر ما يمكننا أن نكونه على الإطلاق.

نحمد الله أنه وعد بإرسال فادٍ ليخلصنا من السبي وفي النهاية من الموت أيضًا (تكوين 3: 15). فقد أسّس عهد النعمة (إقرار إيمان وستمنستر 7. 2)، الذي من خلاله، يعكس المسيح لعنة خطية آدم وسبيها (رومية 5: 12-19).

إن سبي البشر من الجنة أصبح برنامجًا للطريقة التي أدار الله بها عهده مع البشر، على الأقل على المستوى الجماعي. أعطانا الله شرائع العهد. يمكننا أن نحفظها فنُبارَك أو أن نكسرها فنُلعن. وقد تكون اللعنة سيئة لدرجة الموت، ولكن الله، في أغلب الأحيان، يختار شيئًا أخر مثل السبي. وإن لجأنا إليه بالإيمان سيفدينا. لكن إن لم نلجأ إليه، فقد يزيد العقاب (لاويين 26؛ تثنية 28-31).

لن نستطيع من ذواتنا أبدًا أن نكون صالحين بما يكفي لتجنّب السبي، فكم بالحري اكتساب بركات الله. لذلك، فإن المسيح يقوم بهذا الأمر لأجلنا. إن اتحدنا به بالإيمان وحده، فلدينا الوعد بالعودة والاسترداد الكامل من سبي آدم.

الطوفان:

بعد السبي من جنة عدن انحدر البشر نحو المزيد من الشر. أصبحنا عابدين مزيفين وقاتلين، نحتقر كل من الله والقريب. سُبي قايين، أول قاتل، من محضر الله في عدن (تكوين 4: 16)، ونسله كان أسوأ مما كان عليه. لقد أصبح البشر أشرارًا لدرجة أن الله دمرنا كلنا تقريبًا بالطوفان (الأصحاحات 6-9). فقط نوح وعائلته حُفِظوا على قيد الحياة.

حمل الطوفان نوح إلى أراراط، إلى ما هو أبعد قليلاً من حدود عدن. ضخّمت هذه الخطوة الجغرافيّة من لعنة البشر، فأبعدتنا بشكل أكبر عن أرض الله المُفضلة. ومع ذلك، أكّد الله على عهد النعمة مع نوح (6: 18؛ 9: 9)، مما يشير إلى أنه من خلال نوح، سيستعيد البشر ما فُقد، ليس فقط في الطوفان، بل أيضًا في السقوط.

في ظل العهد مع نوح، بدأ استرداد البشر لنعمة الله. وبالتالي، بدأنا نعود مرة أخرى إلى عدن. لقد كان الأمر مختلفًا تماماً هذه المرة، ولكنه مازال يمثل الرجاء في ملكوت الله.

اغتراب إبراهيم:

بعد فترة طويلة من الزمن، اختار الله إبراهيم ليصبح أبًا لأمة جديدة، والتي سيحقق الله من خلالها خطته للملكوت الأرضي (12: 1-3؛ 17: 4-8). قاد الله إبراهيم، جغرافيًا، من الأجزاء البعيدة لعدن، في بلاد ما بين النهرين، تجاه مركزها.

كانت نعمة الله وبركته هي السبب وراء تحرك إبراهيم، وليس غضبه ولعنته. وبالرغم من ذلك فقد كانت تشتمل على تركه لبيته أيضًا دون أن يعلم إلى أين يذهب. علاوة على ذلك، عندما وصل إبراهيم إلى كنعان، كانت الأرض في مجاعة شديدة (12: 10). لذلك، نقل عائلته مؤقتًا إلى مصر، ثم عاد إلى كنعان ما إن انتهت المجاعة.

خلال ذلك الوقت، بدت حياة إبراهيم بعيدة كل البعد عن البركة. فقد أُخذت زوجته إلى حريم فرعون، وخُطف ابن أخيه، وكان على إبراهيم أن يقود أهل بيته في معركة (الأصحاحات 12-14). كل هذا كان قبل أن يقطع الله معه عهدًا. كان الله قد أعطاه العديد من العروض والتأكيدات على الأرض والنسل (12: 1-3، 7؛ 13: 14-17) وأكدها بعد ذلك عند طلب إبراهيم (15: 8).

تعهد الله أن يعطي أرض كنعان لإبراهيم، إلى جانب نسل كثير لا يُعد. من خلال هذا النسل سيمد مملكة إبراهيم إلى العالم أجمع (الأيات 1-21، 17: 1-14؛ رومية 4: 13).

لم يرى إبراهيم هذه الوعود تتحقق على الإطلاق (عبرانيين 11: 13). فقد عاش ومات غريبًا في نفس الأرض التي وعد الله أن يعطيها له، وبابن واحد فقط (إسحاق) الذي منح الله إليه وعد عهده (تكوين 22: 16-18). ولكن، لا إبراهيم، ولا أي شخص بعده في الكتاب المقدس اعتقد قط أن وعود الله قد فشلت. لقد توقعوا أن يأتي ما هو أكبر من مجرد مملكة بشرية قوية، لقد توقعوا أن يأتي ملكوت الله السماوي إلى الأرض (عبرانيين 11: 16).

الخروج:

بعد ذلك الوقت بجيلين، انتقلت عائلة إبراهيم مرة أخرى إلى مصر كضيوف شرف، مع وعد الله بأنهم سيرجعون إلى كنعان كأمة عظيمة (تكوين 46: 3-4). تم هذا الوعد، ولكن فقط بعدما سمح الله لبني إسرائيل أن يُستعبدوا على يد المصريين لقرون (خروج 6: 6؛ 12: 40).

أعاد الله شعب إسرائيل إلى كنعان، ليس لأنهم تذكروا عهده، ولكن لأنه هو تذكر العهد (2: 23-25). وكما هو الحال مع نوح وإبراهيم، لا يبدو السبب وراء معاناتهم الطويلة أنه خطيتهم الشخصية، بل خطية الآخرين. ومع ذلك، فقد استخدمها الله لخيرهم (رومية 8: 28). أصبحت إسرائيل أمة قوية ورحلت بعدما سلبوا مصر (خروج 3: 22).

بالرجوع إلى كنعان، كان شعب إسرائيل يكرر التحرك الذي قام به إبراهيم. فمثل آدم، كانوا قد طُردوا من الجنة. ومثل نوح، كانوا قد طُردوا من الجنة. ومثل آدم، ونوح، وإبراهيم، كانوا قد وُعدوا بالعودة لعدن، حيث سيبدؤون في توسيع ملكوت الله ليمتد إلى أقصى الأرض.

أصبح شعب إسرائيل غير أمين لله أثناء الخروج. لذلك، بالرغم من أن الله سمح للشعب أن يترك مصر، إلا أنه لم يستردهم إلى أرض الموعد. وبدلاً من ذلك، مد فترة سبيهم بأن جعلهم يتوهون حتى مات في البرية الجيل الأول بأكمله الذي ترك مصر، فيما عدا يشوع وكالب (العدد 14).

المملكة الأولى:

في كنعان، عانى شعب إسرائيل لقرون قبل أن يقطع الله عهدًا مع داود والذي وعد بأن أحد أبنائه سيملك على إسرائيل للأبد (2 صموئيل 7؛ مزمور 89). ثم، تحت حكم سليمان ابن داود صعدت إسرائيل إلى أوج قوتها. وامتدت حدودها إلى أطراف عدن وكان عدد شعبها لا يُحصى (1 ملوك 4: 20-21)، تمامًا مثلما وعد الله إبراهيم.

بنى سليمان الهيكل كبيتٍ لله ودارٍ للعرش (1 أخبار الأيام 28: 2؛ إشعياء 6: 1)، وكان عرش سليمان نفسه امتدادًا لعرش الله (1 أخبار الأيام 28: 5-6؛ 29: 23). مثل خيمة الاجتماع، دوّى الهيكل وأثاثه بصدى صورًا من عدن. فكلا البنائين عكسوا هدفهم الروحي إلى الخارج، ليكونوا مكان سكنى الله والتقائه بشعبه. ولكن حتى هنا، كان هناك شيء مفقود. لم يمشي الله مع شعبه كما فعل مع آدم في الجنة.

في وقت لاحق أصبح سليمان نفسه غير أمين. لذلك، ففي أيام رحبعام ابنه انقسمت المملكة ما بين يهوذا في الجنوب وإسرائيل في الشمال (1 ملوك 12: 16-24). وفي النهاية، أُخذت كل من المملكة الشمالية والجنوبية إلى سبي جديد. وتمامًا مثلما فصلوا أنفسهم روحيًا عن الله، أُزيحوا جغرافيًا عن عرشه في أورشليم.

المملكة الأخيرة:

كانت هناك محاولة لإعادة بناء المملكة في أيام عزرا ونحميا، ولكنها تعثّرت لأن الشعب كان غير أمين. في النهاية فعل الله ما كان شعبه غير قادر على فعله أو غير راغب في فعله. لقد أرسل ابنه ليقود شعبه من السبي وليبني ملكوت السماوات في كل العالم.

أين يتركنا هذا الأمر الآن؟ هل نعيش في سبي، أم نعيش في ملكوت الله السماوي على الأرض؟ بطريقة ما، هو كلاهما. بقدر ما يختص الأمر بكون ملكوت الله هنا بالفعل، فإن الأمر روحي بشكل كبير (لوقا 17: 20-21). فنحن مسبيين جسديًّا، ولكننا لسنا مسبيين روحيًّا. نحن نتصارع مع العالم المادي، والجسد الفاسد، ووجود الخطية (رومية 7: 14-25؛ غلاطية 5: 17). ولكن روحيًّا، نحن مواطنو ملكوت الله، يسكننا الروح القدس، وجالسون مع المسيح في السماويّات (أفسس 2: 4-7).

ومع ذلك، فالمسيح لم يرجع بعد ليجدّد السماوات والأرض، وهذه ليست جنة عدن — أو بالأحرى، أورشليم الجديدة. إن عهد النعمة يضمن أنه عندما يأتي ملكوت الله في كماله، لن نتألم أبدًا مرة أخرى (رؤيا 21: 4). وحتى يحين ذلك الوقت، فإنه يؤكد لنا إلى حد كبير أننا سنتألم (2 تيموثاوس 3: 12). هذا يجعل حياتنا تشبه حياة إبراهيم بشكلٍ كبير. نحن نعيش ونسلك بالإيمان، عالمين أن وعود الله صادقة وأمينة حتى وإن لم نشعر بذلك.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

ري ماكلوكلين
ري ماكلوكلين
ري ماكلوكلين هو نائب الرئيس لأنظمة التوزيع الابتكاري في خدمات الألفيّة الثالثة.