اكتشاف دعوة الله والوكالة الأمينة عليها - خدمات ليجونير
قضيب يهوذا
۳۰ أبريل ۲۰۲۲
الوصية التاسعة وإله الحق
۲۰ مايو ۲۰۲۲
قضيب يهوذا
۳۰ أبريل ۲۰۲۲
الوصية التاسعة وإله الحق
۲۰ مايو ۲۰۲۲

اكتشاف دعوة الله والوكالة الأمينة عليها

نريد جميعًا أن يكون لحياتنا معنى، وأن نتأكَّد من كون حياتنا تتبع مسارًا يتوافق مع مشيئة الله. بل وربما نخشى تعرُّضنا لأمور سيئة إذا ما حِدنا عن مشيئة الله. لا بأس أن نرغب في أن نكون داخل دائرة مشيئة الله. ففي النهاية، صلَّى يسوع نفسه قائلًا: "لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ" (لوقا 22: 42). لكن، تكمن الصعوبة الحقيقية في كيفية اكتشاف مشيئة الله لحياتنا. سيكون الأمر في غاية البساطة إذا كتب الربُّ لنا رسالة في السماء، أو إذا أعطى كلَّ مؤمن علامة فائقة للطبيعة. فلن يساورني أدنى شك إذا استيقظتُ ذات صباح فوجدتُ السحب تكوِّن معًا عبارة "كُن مهندسًا!" (بل والأفضل من ذلك أن تكوِّن جملة "كن مهندسًا كهربائيًا لدى الشركة الفلانية"). لكنَّ الرب قرَّر في حكمته غير المحدودة ألا يعلن عن مشيئته الخاصة لكلِّ مؤمن بهذه الطريقة. وأخشى أنه حتى إذا فعل ذلك، فإنني لن أفهم مشيئته. تحكي قصة قديمة عن رجلٍ شاهد الأحرف "G.P.C" في السماء، واستنتج من ذلك أن الله يقول له: "اذهب اكرز بالمسيح!" (Go Preach Christ). لكن فعليًّا، كان هذا الرجل يعاني من صعوبة في التواصل، ويفتقر إلى المعرفة الكتابية اللازمة. وعندما ذهب إلى صديقٍ له وأطلعه على خططه، أجابه الصديق: "ربما تقول الرسالة اذهب وازرع ذرة!’ (Go Plant Corn)"

لكن في الوقت نفسه، ليس من قبيل الحكمة أن نظن أن جميع البشر موهوبون بالتساوي في كلِّ أنواع المهن. تأتي كلمة "مهنة" (vocation) من الكلمة اللاتينية التي تعني "دعوة" (Calling)، والتي توحي ضمنًا بأن الله دعا كلَّ واحد منا إلى استخدام المواهب التي حصل عليها. فعلى المؤمنين ألا ينكروا تمتُّعهم بالإمكانيات، والمواهب، والاهتمامات، لأن الكتاب المقدس يُخبرنا بأن الرب يعطي المؤمنين تلك الأمور. ويختلف كلُّ واحد منا عن الآخر في مواهبه، لأن الله قرَّر أن تكون هذه هي الطريقة التي يبني بها كنيسته ومجتمعه. يُخبرنا الرسول بولس بأن "هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ" (رومية 11: 29)، وبأن تلك الهبات مختلفة (رومية 12: 6). ونرى ذلك بشكل يوميٍّ في الأشخاص المحيطين بنا. فالبعض يتفوَّق في الرياضيات والأرقام، بينما يتألَّق البعض الآخر في اللغات. والبعض ينجذب إلى المهن التي تستلزم تعاوُنًا مع أشخاص آخرين، في حين يفضِّل البعض الآخر العمل المنفرد. والبعض يحب أن يبدأ دائمًا مشاريع جديدة، في حين يُسَرُّ البعض الآخر بالعمل في أماكن قائمة بالفعل. لا بأس بالاختلافات، لكن ثمة أهمية حيوية أن ندرك أن تلك الاختلافات ليست نتاج جهودنا الشخصية، بل هي من عند الرب (1كورنثوس 4: 7).

كيف يُمكنني اكتشاف دعوتي؟ 

إذا كان لكلِّ واحدٍ منا مواهبه واهتماماته المختلفة، فالسؤال البديهي التالي إذن سيكون: كيف يمكن أن أعرف طبيعة دعوتي؟ هذا السؤال أساسيٌّ للذين قد يُدعَون إلى التفرُّغ للخدمة، لكنه يمكن أن ينطبق أيضًا على الذين يعملون في المجالات العلمانية. فإننا نرغب في التمتُّع بالنجاح والتحقُّق في عملنا، ولذا من المنطقي أن نفكِّر في طبيعة دعوتنا. الأمر الأول الذي يجب أن نفهمه هو أنه ما من فرق جوهري بين الدعوة إلى الخدمة والدعوة إلى أيَّة مهنة أخرى. أعني بذلك أن شَغل المؤمن وظيفة ميكانيكي سيارات، أو طبيب، أو مهندس، لا يجعله أقل إيمانًا من راعي الكنيسة أو المُرسل. صحيح أن كلَّ عمل تلزمه مواهب ومهارات مختلفة، لكن على المؤمن ألا يعتبر أن امتهانه وظيفة "علمانية" بدلًا من العمل في الكنيسة أو الخدمة ينمُّ عن فشل. كان هذا واحدًا من مبادئ الإصلاح العظيمة، التي كان مارتن لوثر هو أفضل من روَّج لها. علَّم لوثر بأن مهنة (دعوة) المرء مَرضية لدى الرب، بغض النظر عن طابعها الديني. وكان هذا فكرًا ثوريًّا في أيام لوثر، لأن الناس كانوا يلقَّنون آنذاك بأن كونك راهبًا أو كاهنًا هو أسمى أشكال الدعوة على الإطلاق، وبأن كلَّ الوظائف الأخرى أدنى منها. وقد أوحى ذلك ضمنًا بأن الله لا يُسَرُّ فعليًّا بالمزارعين، أو الخبازين، أو صانعي الأحذية. وكان الانخراط في أيِّ عمل آخر خارج مجال الخدمة معناه إهدار المرء الفرصة ليكمل إيمانه بالأعمال الصالحة، وفقدان يقين الخلاص النابع من اتباع دعوة كهذه. في المقابل، علَّم لوثر بأن لجميع المؤمنين مكانةً في الحياة ممنوحة لهم من الله، أي عملًا يخدمون به المحيطين بهم. وقال لوثر إنه حتى حلَّابة اللبن المتواضعة هي "أداة في يد الله لحلب الأبقار". 

وفي ضوء هذا المبدأ المهم، علينا، عندما نكون بصدد اكتشاف دعوتنا، ألا نختار "الأفضل" بين المهن المرشَّحة، بل علينا في المقابل أن نفحص مواهبنا واهتماماتنا، حتى نكتشف المهنة الأنسب لنا. ومرة أخرى، إذا كان الله هو مانح المواهب، وإذا كان في المعتاد لا يعطي علامات فائقة للطبيعة لإرشاد شعبه إلى دعوتهم، فإن أفضل إرشاد يُمكننا الحصول عليه لأجل اكتشاف دعوتنا هو أن نفتِّش عن أكثر دعوة أهَّلنا الله لها. ومن هذه الناحية، لا يختلف العمل في مجال الخدمة عن اتباع أيَّة دعوة أخرى. فإننا نفحص أنفسنا وإمكانياتنا، ونطلب تأييد ومشورة المحيطين بنا، حتى نحدِّد الدعوة المناسبة لنا. دُعِيت هاتان الوسيلتان المستخدَمتان للتقييم عبر التاريخ باسم "الدعوة الداخلية" و"الدعوة الخارجية"، وذلك عند تطبيقهما على الدعوة إلى خدمة الإنجيل. وعند تناوُلنا للدعوة الداخلية والدعوة الخارجية، ثمة أهمية أن ندرك أنه يمكن تطبيقهما أيضًا على المجال العلماني، لكن فقط في ظلِّ ظروف مختلفة.

الدعوة الداخلية 

التقييم الأول اللازم لاكتشاف الدعوة هو تقييم الشخص لمواهبه، ومهاراته، واهتماماته الشخصية. دُعِي هذا التقييم بالدعوة الداخلية، لكنَّ هذا لا يعني أنه يتعلَّق بالكامل بالمشاعر والرغبات الداخلية. فتلك المشاعر والرغبات تمثِّل إحدى عناصر الدعوة الداخلية، لكن ينبغي أخذ المزيد أيضًا في الاعتبار. فالدعوة الداخلية تنطوي أيضًا على تقييمٍ للنفس. فمن الصواب والجيد أن يتأمل الأشخاص في المهارات التي يتمتَّعون بها، والمواهب التي أُعطِيت لهم، وكذلك في رغباتهم في مهن معينة. فكلُّ جانب من هذه الجوانب مهم لتقييم النفس تقييمًا سليمًا. ولن ينتفع المرء شيئًا إذا تجاهل مواهبه أو مهاراته. ففي هذا الزمان، أصبحت الفكرة التي مفادها أن المرء يجب أن ألا يختار سوى المهنة التي يجد في داخله شغفًا من نحوها، وأنه يجب ألا "يتنازل" البتة ويقبل بأيَّة مهنة أخرى، وأن عليه دائمًا "اتباع قلبه"، تحظى بشعبيةٍ مبالغ فيها. صحيح أن التوق إلى شغل مهنة معيَّنة نحبها وتروق لنا هو أمر مهم، لكنه ليس كافيًا. فلو كان كافيًا، لكنتُ الآن ألعب في دوري البيسبول.

من جهة الدعوة إلى خدمة الإنجيل، على سبيل المثال، يلزم توافُر ما يتعدَّى كثيرًا مجرد الرغبة في مساعدة الآخرين، أو إيجاد المعنى في دعوتنا. فإذا جاءت دعوةٌ من الرب، فهو لا بد أن يكون قد أهَّلك للنجاح فيها. ويبدأ ذلك باستيفائك متطلِّبات خدمة الإنجيل. فلا تأتي دعوة المسيح اليوم إلى خدمة الإنجيل مثلما جاءت إلى متى، حين قال له شخص المسيح بشكل مباشر: "اتبعني"؛ بل تبدأ الدعوة إلى الخدمة بدعوة المسيح المرء إلى حمل اسمه واتِّباعه. في غالبية الأحيان، يسعى الناس إلى الخدمة بهدف إخماد صوت عدم الرضا في قلوبهم. فمن السهل أن أقع فريسة للفكرة القائلة بأنني إذا كرستُ حياتي لخدمة الإنجيل، سيقبلني الله، وسيكافئ هذا التكريس بالحياة الأبدية. فإن الشرط المُسبق الأساسي لخدمة الإنجيل هو أن يكون الشخص قد دُعي بصفة شخصية من الله، وتصالَحَ معه بالفعل بواسطة عمل المسيح المكتمل، أي أن يكون الله قد دعاه باسمه. طرح هوراشيوس بونار (Horatius Bonar) هذه الفكرة نفسها منذ ما يزيد على قرن مضى، قائلًا: "الخادم الحقيقي لا بد أن يكون مؤمنًا حَقِيّقِيّا. فلا بد أن يكون هو نفسه مدعوًّا من الله قبل أن يتمكَّن من دعوة الآخرين إلى الله". 

على خادم الإنجيل المحتمَل أن يحرص على ألا يقع فريسةً للسعي نحو الكمال، وألا يبالغ في الثقة بنفسه وبإمكانياته. فإن طبيعة هذه الخدمة نفسها ينبغي أن تدفع الإنسان إلى التوقُف قليلًا قبل اتخاذ هذا المسار، في إدراكٍ منه لمدى عظمة هذا العمل، فيهتف مع بولس قائلًا إنه غير كفوٍ لهذه الأمور (2كورنثوس 3: 5). فعندما يكون المرء بصدد فحص نفسه، عليه أن يتطلَّع إلى ذاك الذي يمنح البشر مواهب. فالله هو مَن يجعل الإنسان كفوًا، عن طريق تزويده بالإمكانيات، والمهارات، وكذلك بالسلوك الذي يحتاج إليه لينجح في العمل في مجال الخدمة. ليس ضروريًّا أن تتوافر كلُّ هذه المواهب كاملةً قبل أن يسعى المرء إلى خدمة الإنجيل، لكنَّ تقييمًا متضعًا للنفس يجب أن يُظهِر توافُر المواهب اللازمة لهذه الخدمة (على سبيل المثال، فهم للكتاب المقدس، وقدرة على التعليم). كذلك، على خادم الإنجيل المحتمَل أن يطرح على نفسه أسئلة صعبة بشأن المؤهلات الشخصية المقدَّمة في 1تيموثاوس 3، وفي تيطس 1. فعليه أن يدرك أن تلك المؤهلات الشخصية ليست مجرد عقبات ينبغي إزالتها من الطريق، لكنها تمثِّل التوجُّهات والسمات اللازمة للنجاح في مجال الخدمة. أخيرًا، على الإنسان أن يفحص نفسه من أجل تحديد ما إذا كان ملتزمًا بالعمل في مجال الخدمة. فالالتزام أمرٌ حيويٌّ في الخدمة، كالالتزام بالنمو الروحي، والاتضاع، والمعرفة، والانضباط، والحكمة، والقيادة، على سبيل المثال لا الحصر. فعندما يضع أحدهم يده على المحراث، ينبغي ألا ينظر إلى الوراء (لوقا 9: 62). ويقدِّم بولس إرشادًا ممتازًا في تقييم النفس: فقد كان يَعلَم أنه ليس كاملًا، وأنه لم يصبح بعد ما سيكون عليه في المستقبل، لكنه كان يَعلَم أيضًا أن عليه السعي نحو الهدف (فيلبي 3: 12). والنظرة السليمة إلى الدعوة الداخلية تأخذ ذلك بعين الاعتبار.

الدعوة الخارجية 

بقدر أهمية الدعوة الداخلية، لكنها ليست الجزء الوحيد من اكتشاف دعوة الله. فحتى التقييم الدقيق للنفس يغفل عن بعض الأمور. ولهذا السبب، فإن أفضل تأكيدٍ لوعي المرء الشخصي بطبيعة دعوته هو التأكيد الخارجي. وفي حالة خدمة الإنجيل، سيتخذ ذلك شكل تأييدٍ من جسد المسيح لدعوة المرء. لا يمنح المسيح أحدهم مواهب دون أن يتيح له الفرصة لممارستها، ولذلك، فبمقدور الكنيسة أن تقيِّم مواهب هذا الشخص وتشجِّعها. وأفضل مساعدة يمكنك الحصول عليها كي تحدِّد ما إذا كنتَ مدعوًا للخدمة أم لا، هي أن تخدم الله في الوقت الحاضر، وأن تمتحن مواهبك من خلال التجربة. وفي الواقع، تأتي الدعوة إلى الخدمة في المعتاد في أثناء ممارسة المرء للخدمة في الكنيسة. فوجود مواهب خدمة لدى أحدهم سيؤدِّي إلى ملاحظة شعب الله لكونه مدعوًّا للخدمة، لأن الهدف من تمتُّعه بأية موهبة هو استخدامها في وسط الجسد. وهذه المواهب جديرةٌ بالإكرام والتقدير من الكنيسة. 

يجب ألا ننظر إلى أمورٍ من قبيل الحاجة إلى توصيات شخصية، أو الخضوع لاختبارات رسامة، أو الانتخاب من شعب الكنيسة على أنها ضرورات بيروقراطية، لكنها في المقابل بمثابة مظاهر للتحقُّق من صحة الدعوة الخارجية. فلا يتمتع أي شخص بالسيادة التامة على دعوته، ولا سيما إذا كانت دعوة لخدمة الإنجيل. ومصادقة آخرين على مواهب المرء هي أمر حيوي لتحديد ما إذا كان يجب أن يسعى إلى دعوة معينة أم لا. فإذا أتيحت فرصٌ لأحدهم لممارسة واختبار مواهبه في مجال الخدمة، وإذا قوبِلت تلك التجارب بتشجيع وتأييد من الآخرين في الكنيسة، فكم وكم ستزداد ثقته بشأن دعوته؟ وإذا خضع أحدهم لمزيدٍ من الفحص من قبل أناس يمارسون بالفعل خدمة الإنجيل، وأظهرت له تلك الاختبارات كونه مؤهلًا، سواء من حيث سيرته أو مواهبه، تكون هذه بركة رائعة. في الوقت نفسه، إذا تلقَّى أحدهم تحذيرات من مؤمنين آخرين بأنه لا يبدو مناسبًا للخدمة، وعجز عن استكمال الاختبارات على نحو مُرضٍ، فعليه إذن أن يتوقف، وأن يجري تقييمًا شاملًا لرغبته في العمل بمجال الخدمة. فربما كانت رحمة الله تحميه من ألم، ووجع قلب، وفشل محتمَلين. 

تمتدُ هذه الدعوة الخارجية إلى أبعد من الخدمة لتشمل مهنًا أخرى أيضًا. فمن المؤكَّد أنه كي يمارس المرء العديد من المهن، ينبغي أن يحصل على موافقة خارجية. فعلى الأطباء، على سبيل المثال، أن يجتازوا اختبارات المجلس الطبي، وعلى المحامين استكمال اختبارات النقابة؛ كذلك، على المهندسين، والمعماريين، والفنيين جميعًا أن يستوفوا متطلِّبات معيَّنة للحصول على تصريحٍ بمزاولة المهنة. هذه الاختبارات والشهادات تساهم بالفعل في منع غير الماهرين من ممارسة تلك المهن، لكنها تساهم أيضًا في المُصادقة على مهارات الأشخاص ومواهبهم. أتذكَّر أنني عندما نجحتُ منذ عدة سنوات في اجتياز اختبار نقابة المحامين، حفَّزني ذلك حقًّا على أن أصير محاميًا. وكان هذا التأكيد نافعًا للغاية في الأشهر والسنوات التي تلت ذلك، وخلال أيام طوالٍ من العمل، والمتطلبات الصعبة للمشاريع. فلم يكن وجوب ممارستي لهذه المهنة مجرد فكرة في رأسي، بل قد رأى خبراء في هذا المجال أنني أتمتع بالمهارات اللازمة للنجاح. وعليه، فحتى إن لم يكن هناك اختبار رسمي أو شهادة رسمية مطلوبة لممارسة مهنة معينة، أشير عليك بالتحقُّق من تمتعك بالمواهب اللازمة لهذه المهنة من مصادر أخرى خارج نفسك. فإن الحكمة والدعم اللذين يمكن أن تحصل عليهما من الآخرين لا يُقدَّران بثمن.

كيف أكون وكيلًا أمينًا على دعوتي؟  

الأمر الأخير الذي يجب أن نفكِّر فيه هو كيف يمكن أن نكون وكلاء أفضل على دعواتنا. فالبعض قد يفحصون شعورهم الشخصي حيال دعوتهم، ومواهبهم، ومهاراتهم، واهتماماتهم، ثم يخضعون لتقييم خارجي من جهة الأمر نفسه، دون التوصُّل إلى نتيجة لا يشوبها خطأ. وفي بعض الأحيان، ندرك أننا لم نتَّخذ أفضل قرار، وأننا بحاجة إلى تغيير مسار. في تلك الحالة، ستكون أكبر حماقة أن نمضي قدمًا على الرغم من وجود دليل دامغ على أننا اخترنا المهنة الخاطئة. كذلك، الناس يتغيَّرون بمرور الوقت. فعندما نتزوج، أو ننجب أطفالًا، أو ننتقل إلى أماكن جديدة، أو حتى نكتسب خبرات جديدة، يُمكن لاهتماماتنا أن تتغيَّر، ويمكن أن نكتسب مواهب ومهارات جديدة لم نكن نعرف قبلًا قط أنها لدينا. إذا حدث ذلك، قد تتيح لنا عناية الله فرصًا جديدة لممارسة مهن جديدة. ومجدَّدًا، ومع مراعاة كلِّ المعايير المذكورة أعلاه، لا بأس من البحث عن مهنة أخرى. فكثيرًا ما يُغَيّر الله ظروف شعبه وحياتهم حتى يساعدهم على النمو في المسيح.

عند التفكير في دعوتنا، ثمة أهمية أن نسعى إلى استخدام المواهب التي منحنا الله إياها، وكذلك إلى تمجيد الله من خلال ممارسة تلك المواهب. وإذا كان هذا يعني أن نختار مهنة جديدة، فليكن. فإنني أعتقد أن الله أرشدني شخصيًّا إلى ثلاث دعوات على الأقل. فقد بدأتُ حياتي مقتنعًا بأنني سأكون شخصًا أكاديميًّا، وسعيتُ إلى التحقُّق من صحة هذه الدعوة عن طريق التعليم. ثم أصبحتُ بعد ذلك على قناعة بأن الأوساط الأكاديمية ليست الدعوة الأنسب لي، وبدلًا من ذلك مارستُ القانون، حيث عملتُ محاميًا لما يقرب من عقدٍ من الزمان. وبينما كنتُ أمارس تلك المهنة، شعرتُ بأنني مدعوٌّ إلى خدمة الإنجيل (الدعوة الداخلية)، وشجَّعني أيضًا المحيطون بي في الكنيسة على اتِّباع هذا المسار (الدعوة الخارجية). أرجو أن أخدم الرب بهذه الطريقة حتى نهاية حياتي، لكن عليَّ أيضًا أن أظل منفتحًا دائمًا لقيادة الرب وإرشاده. ليت الرب يقودك إلى ثقةٍ مماثلةٍ فيه، لتعلم أنه يحمل بين يديه كلَّ أيامك ودعواتك.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

فريد جيركو
فريد جيركو
القس فريد جيركو هو الراعي الرئيسي بكنيسة المسيح المشيخيَّة بأمريكا (PCA) بمدينة كاتي، في ولاية تكساس.