الباطل - خدمات ليجونير
ربّ الجنود
۹ أغسطس ۲۰۲۳
صِهيَوْن
۱۵ أغسطس ۲۰۲۳
ربّ الجنود
۹ أغسطس ۲۰۲۳
صِهيَوْن
۱۵ أغسطس ۲۰۲۳

الباطل

ملاحظة المُحرِّر: المقالة [العاشر] من سلسلة "كلمات وعبارات في الكتاب المقدّس يُساء فهمها"، بمجلة تيبولتوك.

إنّه لأمر مُثبّط للعزيمة عندما لا تجري الرياح بما تشتهي السفن. تُنبّش في درج الخُردة باحثًا عن بطاريات لجهاز التحكّم عن بُعدٍ، لتكتشف بعد ذلك أنّها غير مشحونة بالطاقة، على الرغم من عدم انتهاء تاريخ صلاحيّتها.

تقدّم لنا هذه الفكرة العبثيّة فكرةً عمّا قصده الكتاب المقدّس عندما تكلّم عن الباطل. الباطلُ هو مفهومُ حكمةٍ ورد في العهد القديم والجديد، وهو يُرشدنا إلى ما سينجح وما لن ينجح. هو كإشارة تحذيرٍ من الله لمساعدتنا على التمييز بين ما هو حقيقيّ ودائم وفعّال وما له قيمة، مقارنةً مع ما هو فارغ وعبثيّ وتافه وزائل. يختصّ سفر الجامعة في العهد القديم في موضوع الباطل، ويُعطي تطبيقات حول كلّ مجالات الحياة تحت الشمس، حيث نحاول أنْ نجدَ معنى في هذا العالم الساقط. يتردّد صدى وصف هذا السفر للشعور بالفشل والعجز مع تجاربنا الشخصيّة.

يهدفُ الباطلُ، كمفهومِ حكمة، إلى إبعادِنا عن البحث عن المعنى والقصد والقيمة في الأمور التي ستخيّب آمالَنا فقط. إنّه يعكس ما ورد في سفر الأمثال: "تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلْإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ ٱلْمَوْتِ" (أمثال 14: 12). ولكن الحكمة لا تساعدنا على تمييز الباطل فحسب، بل توجّهنا إلى المكان الذي يمكننا أنْ نجدَ فيه الحياة التي نبحث عنها. بعد مسحٍ مُفصّل للباطل، يضعُ سفر الجامعة أمامَنا مبدأً ناجحًا لحياةٍ لها معنى: "فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ ٱلْأَمْرِ كُلِّهِ: ٱتَّقِ ٱللهَ وَٱحْفَظْ وَصَايَاهُ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْإِنْسَانُ كُلُّهُ" (الجامعة 12: 13). بكلمات أخرى، بدلًا من الاعتماد على ما قد يبدو مناسبًا لنا، أو الاقتناع بمشورة العالم، فلنرفع أعينَنَا إلى ما وراء النظام المخلوق ونُذعن لخالقنا. وعندما نسمعُ صوتَه، فلنطِع ما يقولُه ونكوِّن آراءَنا ونوجّه خَطواتِنا ونضع ثقتنا فيه وبإرادته المُعلنة. بدء الحكمة مخافةُ الربّ.

نجدُ هذا المبدأ العامل في دعوة الله من خلال النبي إشعياء، حيث يُقابِل بين الخبز الذي لا يُشبع، بالطعام الدسم الذي يُقدّمه (إشعياء 55: 2-3). من دونِ مخافة الربّ التي تُذعن له كإله، نقع في خطر تسليم أنفسِنا لباطل الأمور التي ستُخيّب آمالنا فقط. يوفّر هذا التباين بين العَبثِ والحقّ، بين الباطل مقابل ما يتمتّع بالقيمة، الخطَّ الفاصلَ بين الحكمة والحماقة في كلّ الكتاب المقدّس. نرى هذا من جهة المكان الذي نبحث فيه عن الحقيقة، وما نعتمد عليه في الحياة.

عندما كرز بولس وبرنابا بالإنجيل في لسترة في سفر أعمال الرسل، حثّوا الناسَ أنْ يرجعوا "مِنْ هَذِهِ ٱلْأَبَاطِيلِ إِلَى ٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاءَ وَٱلْأَرْضَ وَٱلْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا" (أعمال الرسل 14: 15). ماذا كانت هذه الأباطيل؟ لقد صنعَ الناس آلهة خاصّة بهم، وتبعوا أهواءَهم الشخصيّة. حين وصفَ بولس وبرنابا هذه الأمور كلّها بالأباطيل، كانا كما لو أنّهما يقولان: "هذا لن ينجح". إنّما كان على الناس أنْ يتوبوا عن مكرِهم، وأنْ يلتفتوا ليطلبوا ويعبدوا الإله الحيّ الحقيقيّ (انظر مزمور 31: 5-8؛ 1 تسالونيكي 1: 9-10).

عندما نُصغي إلى الله الخالق، نتحوّل بعيدًا عن الطرق العبثيّة التي تبدو صائبة لنا، إلى الطريق المُثمر المُعطي للحياة. في النهاية، هذه الطريقة هي تدبير الله في يسوع المسيح، الذي فيه توجد الحياة الحقّة والفيّاضة والأبديّة.

يعبّر الرسول بولس عن خلاص الله في المسيح بلغة الباطل. عندما قام بشرح فعاليّة عمل المسيح، قال: "وَإِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ... وَإِنْ لَمْ يَكُنِ ٱلْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ. إِذًا ٱلَّذِينَ رَقَدُوا فِي ٱلْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا" (١ كورنثوس ١٥: ١٤ ، ١٧-١٨). لكنّ المسيح قد قام، وإيماننا راسخ، ورجاؤنا ليس باطلًا. حياتُنا في المسيح ليست عبثيّة، وتعبنا في الربّ ليس باطلًا.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

ستانلي د. غايل
ستانلي د. غايل
الدكتور ستانلي د. غايل هو قسّ مُتقاعد ومؤلّف للعديد من الكتب، بما في ذلك "العثور على الغفران: اكتشاف قوة شفاء الإنجيل." (Finding Forgiveness: Discovering the Healing Power of the Gospel)