3 أنواع من الناموسيّة
۲۱ فبراير ۲۰۲۳ماذا نقصد عندما نتكلّم عن “قُدسيّة الحياة البشريّة”؟
۲۸ فبراير ۲۰۲۳مكانة الصلاة
ما هو الهدف من الحياة المسيحيّة؟ التقوى الناتجة عن طاعة المسيح. الطاعة تُطلِقُ ثروات الاختبار المسيحيّ. الصلاة هي التي تدفع إلى الطاعة وتُغذّيها، وتصوّب القلب في "الإطار الفكريّ" المناسب ليرغب في الطاعة.
بالطبع، للمعرفة أهميّة أيضًا، فبدونها لا يمكننا معرفة ما يريده الله. لكن ستظلّ المعرفة والحقيقة مُجرّدتَيْن ما لم نتواصل مع الله في الصلاة. الروح القدس هو مَنْ يُعلّمنا ويُلهمنا ويُنير لنا كلمة الله. هو يَهمِس كلمة الله فينا، ويعيننا لنتجاوبَ مع الآب في الصلاة.
للصلاة مكان حيويّ في حياة المسيحيّ. أوّلًا، إنّه شرط أساسيّ مُطلق للخلاص. مع أنّ بعض الناس صُمّ لا يستطيعون السماع، إلّا أنّه بإمكانهم الحصول على الخلاص. ومع أنّ البعض عُميان لا يستطيعون الرؤية، إلّا أنّه بإمكانهم الحصول على الخلاص. ستأتي المعرفة بالأخبار السارّة، أي الخلاص من خلال موت يسوع المسيح الكفّاري وقيامته، من مكان ما. ولكن بحسب تحليلنا النهائيّ، يجب على الإنسان أنْ يطلبَ الخلاص من الله بتواضع. صلاة الخلاص هي صلاة الشرّير الوحيدة التي قال الله إنّه سيستجيب لها.
ما هي الأمور المشتركة عند الذين هم في السماء؟ هنالك عدّة أشياء. لقد حصلوا جميعًا على التبرير، حين آمنوا في كفّارة المسيح. وجميعهم كانوا يُسبّحون الله، وجميعهم صلّوا لينالوا الخلاص. من دون الصلاة، يُصبح الإنسان بدون الله والمسيح والروح القدس، وبدون رجاء وسماء.
ثانيًا، حياة الصلاة هي من أضمن علامات المسيحيّ. قد يُصلّي الإنسان ولا يكون مسيحيًّا، ولكن لا يُمكن أن يكون الإنسان مسيحيًّا وفي الوقت نفسه لا يُصلّي. نعرف من رسالة رومية 8: 15 أنّ التبنّي الروحيّ الذي جعلنا أبناء الله هو الذي يجعلنا نصرخ قائلين: "يَا أَبَا ٱلْآبُ." الصلاة للمسيحيّ هي كالتنفّس للحياة، ومع ذلك لا يوجد فرض مسيحيّ مُهمل أكثر من فرض الصلاة.
من الصعب أن يرفعَ الإنسانُ صلاة، على الأقل صلاتَه الشخصيّة، بدافع زائف. قد يعظُ أحدهم بدافع زائف، كما يفعل الأنبياء الكذبة؛ وقد يشترك أحدهم في نشاطات مسيحيّة بدوافع زائفة. يُمكن القيام بالعديد من الأمور الدينيّة الخارجيّة بدوافع زائفة، ولكن من غير المُحتمل أبدًا أن يتواصل أيّ إنسان مع الله بدافع غير ملائم. نقرأ في متّى 7 أنّه في "اليوم الأخير"، سيقف كثيرون للدينونة ويُخبرون المسيح عن أعمالهم العظيمة والنبيلة التي فعلوها باسمه، ولكنّه سيُجيبهم بأنّه لا يعرفهم.
إذن، نحن مدعوّون، لا بل مُكلّفون بأنْ نُصلّي. الصلاة امتياز وفريضة في الوقت نفسه، وأيّ فريضة يمكن أنْ تكون مُجهِدة. الصلاة تتطلّب الاجتهاد، كأيّ وسيلة أخرى من وسائل النموّ للمسيحيّ. بمعنى ما، الصلاة ليست أمرًا طبيعيًّا بالنسبة إلينا. فعلى الرغم من أنّنا خُلقنا لنكون في شركة وعلاقة مع الله، إلّا أنّ آثار السقوط جعلت مُعظمنا كسالى وغير مُبالين تجاه شيء مُهمّ كالصلاة. الولادة الجديدة تُعيد إحياء رغبة جديدة فينا للشركة مع الله، لكنّ الخطيئة تقاوم الروح.
صلّى يسوع في الصباح وخلال النهار وأحيانًا الليل كلّه.
نستطيع أن نتعزّى من حقيقةِ أنّ الله يعرف قلوبَنا، ويُصغي لتضرّعاتنا غير المُعلنة أكثر من الكلمات الصادرة من شفاهنا. الروح القدس يتشفّع من أجلنا في كلّ مرّة لا نكون فيها قادرين على التعبير عن مشاعر وعواطف أرواحنا العميقة، أو عندما نكون غير متأكّدين تمامًا بشأن ما ينبغي علينا أن نصلّي من أجله. نقرأ في رسالة رومية 8: 26-27:
وَكَذَلِكَ ٱلرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لِأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لِأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلَكِنَّ ٱلرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لَا يُنْطَقُ بِهَا. وَلَكِنَّ ٱلَّذِي يَفْحَصُ ٱلْقُلُوبَ يَعْلَمُ مَا هُوَ ٱهْتِمَامُ ٱلرُّوحِ، لِأَنَّهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللهِ يَشْفَعُ فِي ٱلْقِدِّيسِينَ.
سيعيننا الروح القدس كلّ مرّة لا نعرف فيها كيف نُصلّي، أو ما الذي نصلّي من أجله في ظرفٍ مُعيّن. في هذا النصّ ما يدعونا للاعتقاد أنّه إنْ صلَّيْنا بشكل غير صحيح، فإنّ الروح القدس يُصحّح الخطأ في صلواتنا قبل أنْ ينقلها أمام الآب، لأنّه مكتوب في الآية 27 أنّه "بِحَسَبِ مَشِيئَةِ ٱللهِ يَشْفَعُ فِي ٱلْقِدِّيسِينَ"
إنْ كان في القداسة حقًّا شيء سرّي، فالصلاة هي سرّ القداسة. وإنْ تأمّلنا في حياةِ القدّيسين العظام في الكنيسة، سنجدُ أنّهم كانوا أشخاصًا عظماء في الصلاة. قال جون ويسلي مرّة إنّه لم يكن يولي اهتمامًا كبيرًا في الخدّام الذين لا يقضون أربع ساعات على الأقلّ يوميًّا في الصلاة. وقال لوثر إنّه كان يُصلّي بانتظام ساعة كاملة كلّ يوم، إلّا عندما يكون مُنشغلًا بشكل خاصّ خلال ذلك النهار، ثمّ كان يُصلّي بعد ذلك ساعتَين.
إنّ إهمال الصلاة هي السبب الرئيسيّ للكساد والركود في الحياة المسيحيّة. تأمّل في مثال بطرس في لوقا 22: 39-62. ذهب يسوع إلى جبل الزيتون ليصلّي حسب عادته، وقال لتلاميذه: "صَلُّوا لِكَيْ لَا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ". أمّا التلاميذُ فقد غلبهم النوم. والأمر التالي الذي قام به بطرس، هو محاولته القضاء على الجيش الرومانيّ بسيفه؛ لكنّه أنكر المسيح بعد ذلك. لم يُصلِّ بطرس، ونتيجة لذلك سقط في التجربة. ما ينطبقُ على بطرس ينطبقُ أيضًا علينا أجمعين: نحن نسقط في السرّ، قبل أن نسقط في العلن.
هل هنالك وقت مناسب أو غير مناسب للصلاة؟ نقرأ في إشعياء 50: 4 عن فترة الصباح التي فيها يعطي الله الرغبة في الصلاة بشكل يوميّ، وعن الثقة المُتجدّدة في الله. ولكنّنا نجد مقاطعَ أخرى تذكُر أوقاتًا مُختلفة في اليوم للصلاة. لا يوجد جزءٌ من اليوم مُخصّص كجزء مُقدّس أكثر من جزء آخر. صلّى يسوع في الصباح وخلال النهار وأحيانًا كان يُصلّي الليل كلّه. وهنالك أدلّة تُثبت أنّه كان يُخصّص وقتًا للصلاة. ولكن، نظرًا إلى العلاقة التي كانت تجمع بين يسوع والآب، نحن نعلم أنّ الشركة بينهما لم تتوقّف أبدًا.
توصينا الرسالة الأولى لأهل تسالونيكي 5: 17 أنْ نُصلّي بلا انقطاع. هذا يعني أنّه يجب أن نكونَ في حالة من الشركة المُستمرّة مع أبينا.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.