بيان ناشفيل
٦ فبراير ۲۰۲۱ملء الفرح
۱۱ فبراير ۲۰۲۱أزمة عدم الاستماع
إن مزمور 81 هو مزمور هام ورائع في سفر المزامير. يعتبر مزمور آساف هذا أكثر تحديدًا من العديد من المزامير الأخرى حول المناسبة الأصليَّة لكتابته. كانت المناسبة الرسميَّة لكتابة هذا المزمور هي الاحتفال بموسم من الأعياد الدينيَّة الهامة في إسرائيل: "انْفُخُوا فِي رَأْسِ الشَّهْرِ بِالْبُوقِ، عِنْدَ الْهِلاَلِ لِيَوْمِ عِيدِنَا" (الآية 3). فقط في الشهر السابع من السنة نجد أيامًا مُقدَّسة عند رأس الشهر والهلال. ففي أعياد هذا الشهر، نرى شعب إسرائيل مدعوًّا للتأمل في رحمة الله العظيمة له ولعنايته به، ونرى شعب إسرائيل مدعوًّا لتذكُّر خطاياهم والتوبة عنها.
يُمثِّل رأس الشهر العام الجديد في التقويم الديني لإسرائيل. يدعو لاويين 23: 24 هذا اليوم "مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ". ويتحدَّث سفر العدد 10: 10 عن هذا العيد كوقت يتذكَّر فيه الرب شعبه: "وَفِي يَوْمِ فَرَحِكُمْ... تَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ عَلَى مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحِ سَلاَمَتِكُمْ، فَتَكُونُ لَكُمْ تَذْكَارًا أَمَامَ إِلهِكُمْ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ".
يُمثِّل هلال الشهر السابع عيد المظال. كان على شعب إسرائيل أن يعيش لمدة أسبوع في خيام أو مظال ليتذكَّروا تجوالهم في البريَّة ويذكروا أن الرب قد أعطاهم أرض الموعد وحصادها السنوي (لاويين 23: 23-43).
وبين هذين العيدين، في اليوم العاشر من الشهر، كان يوم الكفَّارة المهيب. كان هذا اليوم للتوبة ولتقديم الذبائح. كان للراحة والاجتماع المُقدَّس. أوصى الله شعبه: "تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ" (لاويين 23: 27).
والأكثر أهميَّة من مناسبة كتابة مزمور 81 هو مكانة هذا المزمور في سفر المزامير. بطريقة ما، هو المزمور المركزي في سفر المزامير. بالطبع، ليس في المركز العددي للمئة وخمسين مزمورًا. ولكنَّه المزمور المركزي في القسم المركزي لسفر المزامير. وفي منتصف مزمور 81 نجد هذه الكلمات: "يَا إِسْرَائِيلُ، إِنْ سَمِعْتَ لِي!" (آية 8 ب). ففيما يتعلَّق بكل أسرار العناية الإلهيَّة لشعب إسرائيل، هذه هي الحقيقة المركزيَّة: كان شعب إسرائيل يعاني من أزمة السبي لأنه لم يستمع إلى إلهه.
كان فشل إسرائيل في الاستماع فشلًا في الإيمان والطاعة. ففي قلب العهد الموسوي، أمر الله شعبه: "اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ" (تثنية 6: 4)، وقد تردَّد صدى هذه الوصية في مزمور 81: 8. في الواقع، عبر مزمور 81، هناك أصداء من سفر التثنية (انظر على سبيل المثال، تثنية 6: 6-16؛ 32: 12، 16، 21، 28، 43، 46-47).
يجدِّد مزمور 81 دعوة الله لشعبه ليستمعوا إلى إعلانه عن الحق. ماذا كان على شعب إسرائيل أن يسمع؟ أولًا، كان شعب إسرائيل يحتاج أن يسمع كلمة الله عن النجاة. يدعو هذا المزمور شعب إسرائيل بعبارات شخصيَّة جدًا وبشكلٍ مباشرٍ جدًا إلى أن يتذكَّروا كيف خلَّصهم إلههم في الماضي: "بْعَدْتُ مِنَ الْحِمْلِ كَتِفَهُ. يَدَاهُ تَحَوَّلَتَا عَنِ السَّلِّ. فِي الضِّيقِ دَعَوْتَ فَنَجَّيْتُكَ... أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ، الَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ" (الآيات 6-7، 10 أ). لقد سمع الله صلوات شعبه وخلَّصهم في الماضي.
كما يذكِّر الله شعبه أنه قادر أن يخلِّصهم في المستقبل: "سَرِيعًا كُنْتُ أُخْضِعُ أَعْدَاءَهُمْ، وَعَلَى مُضَايِقِيهِمْ كُنْتُ أَرُدُّ يَدِي" (الآية 14). ما فعله الله لشعبه في الماضي، يمكنه أن يفعله مرة أخرى.
كلمة الخلاص مصحوبة بكلمة توجيه. يذكِّر الله شعبه أنه يجب عليهم الاستماع إليه. لقد أعطاهم ناموسه (الآية 4) وعليهم أن يلتزموا به. بالإضافة إلى الدعوة للاستماع في الآية 8، يقول الله: "فَلَمْ يَسْمَعْ شَعْبِي لِصَوْتِي، وَإِسْرَائِيلُ لَمْ يَرْضَ بِي... لَوْ سَمِعَ لِي شَعْبِي، وَسَلَكَ إِسْرَائِيلُ فِي طُرُقِي" (الآيات 11، 13).
كما هو الحال في كثير من الأحيان في العهد القديم، يركِّز الله على الطرق العديدة التي فشل فيها شعب إسرائيل في الاستماع إليه حول الموضوع المركزي للعبادة (انظر على سبيل المثال، تثنية 4). هنا، بعد دعوة شعبه ليعبدوه (الآيات 1-3)، يحذِّر الله من العبادة الباطلة: "لاَ يَكُنْ فِيكَ إِلهٌ غَرِيبٌ، وَلاَ تَسْجُدْ لإِلهٍ أَجْنَبِيٍّ" (الآية 9).
إن كلمات الخلاص والتوجيه تؤدِّي إلى كلمة هلاك. يحذِّر الله شعبه من أنه يقدر أن يدين أعداءه وسيفعل ذلك: "سَرِيعًا كُنْتُ أُخْضِعُ أَعْدَاءَهُمْ، وَعَلَى مُضَايِقِيهِمْ كُنْتُ أَرُدُّ يَدِي. مُبْغِضُو الرَّبِّ يَتَذَلَّلُونَ لَهُ، وَيَكُونُ وَقْتُهُمْ إِلَى الدَّهْرِ" (الآيات 14-15). لقد حذَّر شعبه ضمنيًّا بهذه الكلمات من أن لا يُحصَوْا ضمن مَن يعارضون الله.
يتَّضح من هذا المزمور أنه على الرغم من كل الدعوات للاستماع، سواء في هذا المزمور أو عبر تاريخ شعب إسرائيل، إلا أن شعب إسرائيل لم يسمع. ولم يتبع ناموس الله ولم يحفظ عبادته نقيَّة. فقد فضَّل الشعب حكمتهم الشخصيَّة على حكمة الله: "فَسَلَّمْتُهُمْ إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، لِيَسْلُكُوا فِي مُؤَامَرَاتِ أَنْفُسِهِمْ" (الآية 12). من المفارقات أن تأتي هذه الكلمات وسط أعياد تتذكَّر وتحتفل كيف خلَّصهم الله من مصر. مرارًا وتكرارًا، اتخذ الشعب خيارات حمقاء في البريَّة — بما في ذلك الرغبة في العودة إلى عبوديَّة مصر — بدلًا من الاستماع إلى حكمة إلههم.
إن الأزمة الموجودة في القسم الثالث من سفر المزامير هي أزمة أثارها عدم استماع الشعب. لأنهم لم يسمعوا، أزال الله ملكهم، وهيكلهم، وأرضهم. ولكن الله لم يتركهم تمامًا. لا يزال يعلن في هذا المزمور أنهم إن سمعوا، فسيباركهم. لكن هل هذا الوعد مُشجِّع حقًا؟ إن لم يسمعوا في الماضي، رغم كل رحمة الله لهم وصلاحه معهم، فهل سيستمعون على الإطلاق؟ في النهاية، يُعلِّم سفر المزامير والكتاب المُقدَّس بأكمله أن الله حتمًا سيعطي ملكًا وبديلًا مَن سيفعل للشعب ما لا يمكنهم فعله لأنفسهم.
يبدأ مزمور 81 بهذه الكلمات: "رَنِّمُوا للهِ قُوَّتِنَا". يجب أن يكون الله قوَّة شعبه عندما يكونون ضعفاء. سيكون قوَّتهم عندما يأتي في ملكه المسيَّا.
يسوع هو الملك الذي استمع دائمًا وعمل إرادة الله دائمًا. إن عبرانيين 10: 5-7 اقتبس مزمور 40: 6-8 (مزمور لداود) وطبَّقه على يسوع: "لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: "ثُمَّ قُلْتُ: هنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ". عند تجلِّي يسوع، أعلن الآب: "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (متى 17: 5 ب). كما قال الآب أيضًا في هذا المكان لتلاميذ يسوع: "لَهُ اسْمَعُوا" — أي استمعوا للبشارة التي يحملها للخطاة.
كما نرى في مزمور 78، رفض يسوع التجارب الثلاث للشرير التي فشل شعب إسرائيل في مقاومتها. هنا في مزمور 81، نجد مرة أخرى أصداء تلك الإغراءات والبركات التي وعد بها الله المؤمنين به. أولاً، وعد الله أن يعطي لشعبه الخبز الذي يحتاجون إليه: "وَكَانَ أَطْعَمَهُ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ، وَمِنَ الصَّخْرَةِ كُنْتُ أُشْبِعُكَ عَسَلًا" (الآية 16). ثانيًا، يعد الله أن يحفظ ويحمي شعبه الذين لا يجرِّبونه: "فِي الضِّيقِ دَعَوْتَ فَنَجَّيْتُكَ. اسْتَجَبْتُكَ فِي سِتْرِ الرَّعْدِ. جَرَّبْتُكَ عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ" (الآية 7). ثالثًا، يعد الله ببركات كثيرة لمَن يعبده وحده: "لاَ يَكُنْ فِيكَ إِلهٌ غَرِيبٌ، وَلاَ تَسْجُدْ لإِلهٍ أَجْنَبِيٍّ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ، الَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلأَهُ" (الآيات 9-10).
يسوع، الملك البار، حفظ الناموس بشكلٍ كاملٍ من أجل شعبه وأصبح بديلًا عنهم وذبيحتهم. تمَّم المسيح يوم الكفَّارة بتقديم نفسه كذبيحة كاملة ونهائية من أجل شعبه. إن المسيح هو الحل للأزمة الموجودة في القسم الثالث من سفر المزامير. فهو مَن سمع، وأطاع، ومات، وهو الآن يحيا إلى الأبد من أجلنا.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.