بيان شيكاغو عن تطبيق الكتاب المُقدَّس - خدمات ليجونير
إن كان الله له السيادة، لماذا نصلي؟
۲۹ يوليو ۲۰۲۰
معنى “إيل شدَّاي”
۱۷ أغسطس ۲۰۲۰
إن كان الله له السيادة، لماذا نصلي؟
۲۹ يوليو ۲۰۲۰
معنى “إيل شدَّاي”
۱۷ أغسطس ۲۰۲۰

بيان شيكاغو عن تطبيق الكتاب المُقدَّس

هذا البيان هو الثالث والأخير ضمن ثلاث مؤتمرات قِمَّة عُقِدت تحت رعاية المجلس الدولي عن العصمة الكتابيَّة:

أسفرت القِمَّة الأولى (26-28 أكتوبر، عام 1978) عن بيان شيكاغو عن عصمة الكتاب المُقدَّس.

وأسفرت القِمَّة الثانية (10-13 نوفمبر، عام 1982) عن بيان شيكاغو عن مبادئ تفسير الكتاب المُقدَّس.

وأسفر هذا المؤتمر الأخير، أو القِمَّة الثالثة (10-13 ديسمبر، عام 1986)، عن بيان شيكاغو عن تطبيق الكتاب المُقدَّس. وبهذا البيان، اكتمل العمل الأكاديمي المقرَّر للمجلس الدولي عن العصمة الكتابيَّة، إذ بهذا قام الكثير من العلماء والباحثين الإنجيليِّين البارزين في العصر الحالي بتعريف عقيدة العصمة، وتفسيرها، وتطبيقها.

ملحوظة:

وقَّع المشاركون في القِمَّة الثالثة على البيان التالي من بنود التأكيد والإنكار، مع إضافة المقدِّمة التالية:

"بصفتي مُشاركًا في القِمَّة الثالثة للمجلس الدولي عن العصمة الكتابيَّة، أُبدي تأييدي لهذه البنود تعبيرًا عن اتفاقي مع فكرها ككلٍّ".

بنود التأكيد والإنكار

البند 1: الإله الحي

نؤكِّد أن الإله الواحد الحي والحقيقي هو الخالق والحافظ لكلِّ شيء.

نؤكِّد أن هذا الإله يمكن أن يُعرَف بواسطة إعلانه عن ذاته في كلمته المكتوبة المعصومة من الخطأ.

نؤكِّد أن هذا الإله الواحد موجود منذ الأزل في ثلاثة أقانيم هم الآب، والابن، والروح القدس؛ كلُّ أقنوم منهم هو الله على نحو كامل وتام.

نؤكِّد أن هذا الإله الحي، والعامل، والمُتكلِّم قد دخل إلى التاريخ بواسطة الابن يسوع المسيح، حتى يجلب الخلاص إلى الجنس البشري.

نؤكِّد أن طبيعة الله المُعلَنة ومشيئته هما أساس كلِّ فضيلة أخلاقيَّة.

ننكر أن اللغة البشريَّة للكتاب المُقدَّس غير كافية لتعريفنا بطبيعة الله، أو صفاته.

ننكر وجود أي تناقُض في عقيدة الثالوث، أو أنها قائمة على وجود (أنتولوجيا) غير صحيح.

ننكر أنه ينبغي توفيق الأفكار عن الله مع الفكر الحديث الذي لا مجال فيه للمفاهيم المُتعلِّقة بالخطية والخلاص.

البند 2: المخلِّص وعمله

نؤكِّد أن يسوع المسيح هو الإله الحقيقي، المولود من الآب منذ الأزل؛ وأنه أيضًا إنسان حقيقي، حُبِل به بالروح القدس، ووُلِد من العذراء مريم.

نؤكِّد أن الاتحاد الذي لا ينقسم بين اللاهوت الكامل والناسوت الكامل في شخص يسوع المسيح الواحد جوهريٌ في عمله الخلاصي.

نؤكِّد أن يسوع المسيح، بواسطة آلامه النيابيَّة، وموته، وقيامته من الأموات، هو المخلِّص والفادي الوحيد للعالم.

نؤكِّد أن الخلاص يتحقَّق بالإيمان وحده بيسوع المسيح وحده.

نؤكِّد أن يسوع المسيح، كما أعلن الكتاب المُقدَّس، هو النموذج الأسمى لحياة التقوى، التي هي لنا فيه وبواسطته.

ننكر أن الكتاب المُقدَّس يبيح أيَّة كرازة أو تقديم للخلاص إلا على أساس عمل المسيح المصلوب والقائم من الأموات.

ننكر أن الذين يموتون دون المسيح يمكن أن ينالوا الخلاص في الحياة الآتية.

ننكر إمكانيَّة خلاص أولئك القادرين على اتخاذ قرار عقلاني دون إيمان شخصي بمسيح الكتاب المُقدَّس.

ننكر أن وصف يسوع المسيح بأنه نموذج للفضيلة والأخلاق، دون الإشارة إلى لاهوته، أو إلى كفارته البدليَّة، يوفي تعليم الكتاب المُقدَّس حقَّه.

ننكر أن فهمًا سليمًا لمحبة الله وعدله يمكن أن يسمح بالرجاء في الخلاص الشمولي.

البند 3: الروح القدس وعمله

نؤكِّد أن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت الواحد مثلث الأقانيم، وأن عمله جوهري في خلاص الخطاة.

نؤكِّد أن المعرفة الحقيقيَّة والخلاصيَّة بالله تُعطَى من خلال روح الله؛ فهو يُؤيِّد وينير كلمة الله في الأسفار المُقدَّسة القانونيَّة، لأنه كاتبه الحقيقي.

نؤكِّد أن الروح القدس يرشد شعب الله، مُعطيًا لهم حكمة لتطبيق الكتاب المُقدَّس على شؤون العصر الحديث، وعلى الحياة اليوميَّة.

نؤكِّد أن حيويَّة الكنيسة في العبادة والشركة، وأمانتها في الاعتراف بالإيمان، وإثمارها في الشهادة، وقوتها في الإرساليات هي أمور تعتمد بصورة مباشرة على قوة الروح القدس.

ننكر اتفاق أيِّ رأي يعارض وحدانيَّة الله في ثلاثة أقانيم مع رسالة الإنجيل.

ننكر قدرة أي إنسان على أن يُصرِّح من قلبه بأن يسوع هو ربٌّ دون الروح القدس.

ننكر أنَّ الروح القدس قد أعطي، أو لا يزال يعطي، منذ عصر الرسل، إعلانًا معياريًّا جديدًا للكنيسة.

ننكر إمكانية إطلاق اسم النهضة على أيَّة حركة في الكنيسة لا تنطوي على وعي عميق بدينونة الله ورحمته في المسيح.

البند 4: الكنيسة وإرساليتها

نؤكِّد أن وحي الروح القدس يضفي على الكتاب المُقدَّس سلطته القانونيَّة، وأن دور الكنيسة كان، ولا يزال، هو الاعتراف بهذه السلطة والإقرار بها.

نؤكِّد أن المسيح الرب قد أسَّس كنيسته على الأرض، وهو الذي يحكُمها بكلمته وبروحه.

نؤكِّد أن الكنيسة رسوليَّة، لأنها تقبل تعليم الرسل المُدوَّن في الكتاب المُقدَّس، ولأنها مبنيَّة على أساسه؛ وكذلك، لأنها تستمر في الكرازة بالإنجيل الرسولي.

نؤكِّد أن العلامات التي تُميِّز الكنائس المحليَّة هي اعتراف أمين بكلمة الله، والمناداة بها، وممارسة مسؤولة للمعموديَّة وعشاء الرب.

نؤكِّد أن الكنائس خاضعة لكلمة المسيح في ترتيبها كما في عقيدتها أيضًا.

نؤكِّد أنه بإمكان المؤمنين، بالإضافة إلى التزامهم تجاه الكنيسة المحليَّة، أن يشاركوا أيضًا في هيئات غير كنسيَّة لأجل القيام بخدمات خاصة.

نؤكِّد أن المسيح يدعو الكنيسة إلى خدمته من خلال عبادتها، ورعايتها، وشهادتها في العالم بصفتها شعبه.

نؤكِّد أن المسيح يُرسل الكنيسة إلى العالم أجمع لدعوة البشر الخطاة إلى الإيمان، والتوبة، والبر.

نؤكِّد أن وحدة الكتاب المُقدَّس ووضوحه يشجعاننا على السعي إلى حلِّ الخلافات العقائديَّة بين المؤمنين، ومن ثَمَّ، إظهار وحدانيَّة الكنيسة في المسيح.

ننكر أن الكنيسة هي التي تضفي سلطة قانونيَّة على الكتاب المُقدَّس.

ننكر أن الكنيسة تتأسَّس بحسب إرادة البشر وتقاليدهم.

ننكر أن الكنيسة يمكنها أن تُلزِم الضمير بمعزل عن كلمة الله.

ننكر أن الكنيسة يمكنها أن تتحرَّر من سلطان كلمة الله المكتوبة، وتظل مع ذلك تمارس التأديب السليم باسم المسيح.

ننكر أن الكنيسة يمكنها أن تمتثل لمتطلِّبات مجتمع معيَّن، إذا كانت تلك المتطلِّبات تتعارض مع الإعلان الكتابي، أو إن كانت تُقيِّد حريَّة الضمير المسيحي.

ننكر أن اختلاف الظروف الثقافيَّة والمجتمعيَّة يمكن أن يلغي سواء المبدأ الكتابي للمساوة بين الذكر والأنثى، أو المتطلِّبات الكتابيَّة لأدوارهما في الكنيسة.

البند 5: قدسيَّة حياة الإنسان

نؤكِّد أن الله الخالق هو السيِّد على كلِّ حياة بشريَّة، وأن الجنس البشري مسؤول أمام الله بأن يحافظ عليها ويحميها.

نؤكِّد أن أساس قدسيَّة حياة الإنسان يَكمُن في خلق الجنس البشري على صورة الله وكشبهه.

نؤكِّد أن حياة أي إنسان تبدأ من الحبل (التخصيب)، وتستمر حتى الموت البيولوجي؛ ومن ثمَّ، فإن الإجهاض (عدا حين يُمثِّل استمرار الحبل تهديدًا مباشرًا على حياة الأم)، وقتل الأطفال حديثي الولادة، والانتحار، والقتل الرحيم هي أشكال من القتل.

نؤكِّد اتفاق الجانب العقابي من العدالة المجتمعيَّة مع قدسيَّة حياة الإنسان.

نؤكِّد أن الحرمان من الطعام أو المياه من أجل التسبُّب في الوفاة، أو الإسراع بها، هو انتهاك لقدسيَّة الحياة.

نؤكِّد أنه بسبب تشويش التقدُّم الطبي التكنولوجي على الحد الفاصل بين الحياة والموت، يلزم تقييم كل مرض في مراحله الأخيرة بأشد حرص، لأجل الحفاظ على قدسيَّة حياة الإنسان.

ننكر أنَّ جودة حياة الإنسان تحظى بأولويَّة على قدسيتها.

ننكر أن قدسيَّة الحياة ما قبل الولادة تلغي أهمية الإجراءات الطبيَّة اللازمة للحفاظ على حياة الأم الحبلى.

ننكر أن يكون القتل دفاعًا عن النفس، أو تنفيذًا لحُكم إعدام وفقًا لقوانين الدولة، أو في الحروب لأجل قضايا سامية، هو بالضرورة انتهاك لقدسيَّة الحياة البشريَّة.

ننكر أنَّ الذي يرفضون وجود أساس إلهي للقانون الأخلاقي مستثنون من واجبهم الأخلاقي والاجتماعي بالحفاظ على الحياة البشريَّة البريئة، وحمايتها.

ننكر أن يكون السماح بالموت دون تدخُّل طبي لإطالة الحياة هو دائمًا انتهاكٌ لقدسيَّة حياة الإنسان.

البند 6: الزواج والعائلة

نؤكِّد أن الغرض من الزواج هو تمجيد الله، وامتداد ملكوته على الأرض، في نظام يوفِّر العفة، والرفقة، والتناسل، والتربية المسيحيَّة للأبناء.

نؤكِّد أنه لأن الزواج عهد مقدَّس أمام الله، يُوحِّد رجلًا وامرأةً معًا في جسدٍ واحدٍ، على الكنسية والدولة إذن أن تطالبا بالالتزام تجاه قصد الله بأن يكون هذا الزواج رباطًا دائمًا.

نؤكِّد أنه وفقًا لنموذج الزواج الذي وضعه الله، يُعَد الزوج، باعتباره الرأس، هو القائد الخادم المحب لزوجته؛ وتُعَد الزوجة شريكًا كاملًا لزوجها، باعتبارها مُعينًا له في رفقة تتسم بالخضوع.

نؤكِّد أن العناية المحبة بالأبناء، وتأديبهم، واجب ألزم الله الوالدين به؛ وأن طاعة الوالدين، كما أوصى الله، واجبٌ على الأبناء.

نؤكِّد أن الكنيسة مسؤولة عن الاهتمام بالعائلة.

نؤكِّد أن إكرام الوالدين واجب على جميع البشر، مدى الحياة، ويشمل مسؤوليَّة الاعتناء بالوالدين المتقدِّمين في العمر.

نؤكِّد أن العائلة ينبغي أن تؤدِّي العديد من الخدمات التي صارت اليوم في المعتاد تقوم بها الدولة.

ننكر أن يكون أساس الزواج هو اللذة وإشباع النفس، وأن تمثِّل الصعوبات سببًا مبرَّرًا للحنث بعهد الزواج.

ننكر إمكانية تحقُّق النموذج الكتابي للزواج سواء من خلال شخصين يعيشان معًا دون عهد زواج شرعي، أو من خلال أي شكل من أشكال المعاشرة بين أشخاص من نفس الجنس، أو بين مجموعة من الأشخاص.

ننكر أن للدولة الحق في تشريع وجهات نظر عن الزواج والعائلة تتعارض مع المقاييس الكتابيَّة.

ننكر أن تغيُّر الظروف الاجتماعيَّة يمكن أن يُبطِل سواء نموذج الزواج المُعيَّن من الله، أو الأدوار التي حدَّدها داخل العائلة، باعتبارها لم تعد قابلة للتطبيق.

ننكر أن للدولة الحق في اغتصاب المسؤوليَّة الكتابيَّة للوالدين، التي عيَّنها الكتاب المُقدَّس.

البند 7: الطلاق والزواج الثاني

نؤكِّد أن الزواج غير المُتعدِّد، الذي يستمر مدى الحياة، والذي نراه في زواج آدم وحواء، هو النموذج لجميع علاقات الزواج في الجنس البشري

نؤكِّد أن الله يُوحِّد بين الزوج والزوجة في أيَّة علاقة زواج متكاملة الأركان، وقائمة على عهدٍ؛ وأنه سيُخضِع الحانثين بهذا العهد لمساءلة أخلاقيَّة.

نؤكِّد أنه لأن جوهر عهد الزواج هو التزام مدى الحياة تجاه الشريك في العهد، فإن أيَّ تصرُّف تجاه علاقة زوجيَّة تعاني من صعوبات وأزمات ينبغي أن يهدف، في البداية على الأقل، إلى المصالحة بين الشريكين، وإصلاح العلاقة الزوجيَّة.

نؤكِّد أن الله يبغض الطلاق، مهما كان الدافع إليه.

نؤكِّد أنه على الرغم من بغضة الله للطلاق، يُنصَح أحيانًا بالانفصال في هذا العالم الشرير؛ وفي بعض الأحيان، لا يكون هناك مفر من الطلاق.

نؤكِّد أن الله يغفر للخطاة التائبين، حتى أولئك الذين اخطأوا بفسخ زواجهم.

نؤكِّد أن الكنيسة المحليَّة مسؤولة عن تأديب الذين يخالفون المقاييس الكتابيَّة بشأن الزواج، وكذلك عن استرداد الذين يتوبون في رأفةٍ، وتمكين نعمة الله في أمانة للذين تشوهَّت حياتهم بفعل انهيار زواجهم.

ننكر وجود أي تناقض في الكتاب المُقدَّس بشأن موضوع الطلاق والزواج الثاني.

ننكر أن الانفصال أو الابتعاد عن شريك حياة فاسق أو مُسيء يُعَد خطية.

البند 8: الانحرافات الجنسيَّة

نؤكِّد أن الكتاب المُقدَّس يعلن مقاييس الله بشأن العلاقات الجنسيَّة، والتي يُعَد الانحراف عنها خطيةً وشرًّا.

نؤكِّد أن ممارسة الجنس مشروعة فقط داخل إطار علاقة زواج غيريَّة (غير مثليَّة).

نؤكِّد أن نعمة الله في المسيح تستطيع أن تعتق الرجال والنساء من عبوديتهم لممارسات جنسيَّة منحرفة، سواء كانت غيريَّة أو مثليَّة؛ وعلى الكنيسة أن تتولَّى مسؤوليَّة ردِّ مثل هؤلاء الأعضاء إلى حياة تُمجِّد الله.

نؤكِّد أن الله يحب المثليِّين مثلما يحب الخطاة الآخرين؛ وكذلك أنه يمكن مقاومة الشهوات المثليَّة بقوة المسيح، لمجد نعمته، تمامًا مثلما يمكن مقاومة أيَّة شهوات أخرى.

نؤكِّد أن المؤمنين ينبغي أن يُظهِروا تعاطفًا، ولطفًا، وغفرانًا في تمكين نعمة الله لأولئك الذين تشوَّهت حياتهم بفعل انحرافات جنسيَّة.

نؤكِّد أن شبع الإنسان لا يعتمد على إشباع غرائزه الجنسيَّة. فإن مذهب البحث عن المتعة، والفلسفات المتصلة به، والتي تشجِّع على الفجور الجنسي، هي فلسفات خاطئة، تؤدِّي إلى الخراب.

نؤكِّد أن إدمان مشاهدة المحتويات الإباحيَّة يهدِّد سلامة الأفراد، والعائلات، بل ومجتمعات بأكملها؛ وأنه يتحتَّم على المؤمنين السعي إلى اعتراض سبيل إنتاج هذا المحتوى، وتوزيعه.

ننكر أن الممارسة المثليَّة يمكن أن ترضي الله بأي شكل من الأشكال.

ننكر أن العوامل الوراثيَّة، أو ظروف الحياة في الطفولة، أو أيَّة مؤثِّرات بيئيَّة أخرى يمكن أن تبرِّر السلوك الجنسي المنحرف.

ننكر إمكانيَّة وجود أي عذر أو تبرير لممارسة التحرُّش أو الاستغلال الجنسي للأطفال بصفةٍ عامة، وزنا المحارم بصفةٍ خاصة.

ننكر أن البحث عن وسيلة للتحرُّر من الممارسات المثليَّة، أو من أيَّة صور أخرى من الانحرافات الجنسيَّة محاولة ميؤوس منها.

ننكر إمكانيَّة تحقُّق الشفاء من الانحرافات الجنسيَّة عن طريق الإدانة دون تعاطف، أو عن طريق التعاطف دون تطبيق الحق الكتابي، في رجاء واثق.

البند 9: الدولة تحت سلطان الله

نؤكِّد أن الله أقام الحُكم المدني كأداة لمنح نعمته العامة، ولكبح الخطية، والحفاظ على النظام، وتعزيز العدالة المدنيَّة، والسلامة العامة.

نؤكِّد أن الله يعطي الحكومات المدنيَّة الحق في استخدام القوة الجبريَّة للدفاع عن الذين يفعلون الخير، وتشجيعهم، والعقاب الرادع لفعلة الشر.

نؤكِّد أنه من الصواب، بل ومن المُحبَّب، أن يشترك المؤمنون في الحكومات المدنيَّة، وأن يُؤيِّدوا تنفيذ القوانين لأجل الصالح العام، بحسب القانون الأدبي لله.

نؤكِّد أن واجب الشعب المسيحي هو أن يُصَلُّوا لأجل السلطات المدنيَّة، وأن يطيعوها، عدا حين تنطوي مثل هذه الطاعة على مخالفة للقانون الأدبي لله، أو إهمالٍ للمسؤوليَّات التي عيَّنها الله بشأن الشهادة المسيحيَّة.

نؤكِّد أن الحكومات مسؤولة أمام الله عن وضع وتنفيذ القوانين التي تتفق مع القانون الأدبي لله، فيما يتعلَّق بالعلاقات بين البشر.

نؤكِّد أنه ينبغي عدم الخلط بين حُكم الله للكنيسة بواسطة كلمته، والسلطة التي يعطيها الله للحكومات المدنيَّة؛ فإن مثل هذا الخلط سيُضر بنقاء رسالة الإنجيل، وينتهك ضمير الأفراد.

نؤكِّد أنه حين تُهمِل العائلات أو الكنائس في واجباتها المنصوص عليها في الكتاب المُقدَّس، مُهدِّدة بهذا سلامة أفرادها أو أعضائها، يكون من حق الدولة أن تتدخَّل.

ننكر أن للدولة الحق في اغتصاب سلطة معيَّنة من الله في مجالات أخرى في الحياة، ولا سيما في الكنيسة والعائلة.

ننكر إمكانيَّة أن يُبنَى ملكوت الله ويتثبَّت بالقوة الجبريَّة للحكومات المدنيَّة.

ننكر أن للدولة الحق في منع الصلاة الاختياريَّة، أو أيَّة ممارسات دينيَّة أخرى اختياريَّة في الوقت الملائم لهذا في المدارس التابعة للحكومة.

ننكر أن تأسيس الله بعنايته لحكومة معيَّنة يمثِّل بركة خاصة، بغض النظر عن التنفيذ العادل والأمين من هذه الحكومة لواجباتها.

ننكر أن المعتقد الديني شرط أساسي للعمل في الحكومة المدنيَّة، أو أن غيابه يُبطِل السلطة القانونيَّة للذين يتولُّون الحُكم.

ننكر أن ملكوت الله يمكن أن يتأسَّس أو يتثبَّت بقوة الحكومات المدنيَّة.

ننكر أن للحكومات الحق في فرض صلوات معيَّنة، أو أشكال معيَّنة من الممارسات الدينيَّة على مواطنيها.

البند 10: القانون والعدالة

نؤكِّد أن الكتاب المُقدَّس هو السجل الوحيد المعصوم من الخطأ للمبادئ الأخلاقيَّة غير المتغيِّرة، والأساسيَّة في تشريع سليم، وفي تبنِّي فلسفة صالحة عن حقوق الإنسان.

نؤكِّد أن الله طبع صورته على قلوب جميع البشر، ومن ثَمَّ، فهم مسؤولون عن أفعالهم أمامه سواء كأفراد، أو كأعضاء في المجتمع.

نؤكِّد أن الناموس الذي أعلنه الله، والطبيعة الأخلاقيَّة للجنس البشري، والتشريعات البشريَّة هي بمثابة كابح للنظام السياسي الساقط، يحميه من الفوضى والخروج عن القانون؛ كما أنها تنبِّه الجنس البشري لحاجته إلى الفداء بيسوع المسيح.

نؤكِّد أن الإنجيل لا يمكن تشريعه، وأن الناموس لا يمكن أن يخلِّص الخطاة.

ننكر قدرة فلسفة الوضعيَّة القانونية، أو أيَّة فسلفة قانونيَّة أخرى تابعة للمذهب الإنساني، على إشباع الحاجة إلى مقاييس مطلقة للقانون والعدالة.

ننكر قدرة أيِّ فرد أو مجتمع على تتميم مقاييس الله، ومن ثَمَّ، تبرير نفسه أمام منصة عدل الله المطلق.

ننكر حريَّة أي نظام سياسي، أو اقتصادي، أو اجتماعي من العواقب المميتة للخطية الأصليَّة؛ أو قدرته على تقديم حل مثالي أو بديل عن المجتمع الكامل الذي سيؤسِّسه المسيح وحده في مجيئه الثاني.

البند 11: الحرب

نؤكِّد أن الله يريد أن يسود السلام والعدل بين الدول، وأنه يدين حروب العنف.

نؤكِّد حقَّ الدول الشرعي وواجبها بالدفاع عن أراضيها ومواطنيها ضد العنف والقمع من سلطات أخرى، الشيء الذي من شأنه أن يشمل توفير دفاع مدني كافٍ وجيد لسكانها.

نؤكِّد أن الحكومات، في دفاعها الشرعي عن أراضيها ومواطنيها، ينبغي ألا تستخدم سوى الأساليب المشروعة للحرب.

نؤكِّد أن الدول المتحاربة ينبغي أن تجتهد بكلِّ الوسائل الممكنة للتقليل من الخسائر في المدنيِّين.

ننكر وجوب الدفاع عن قضية المسيح باستعمال أسلحة أرضيَّة.

ننكر أن المسيحيِّين ممنوعون من استخدام الأسلحة للدفاع عن دول شرعيَّة.

ننكر أن القتل العشوائي للمدنيِّين يمكن أن يكون شكلًا أخلاقيًّا من أشكال الحرب.

ننكر أن أوضاع الحرب في العصر الحديث تقضي على حق الحكومة المدنية، وواجبها، في الدفاع عن أراضيها ومواطنيها.

البند 12: التمييز العنصري وحقوق الإنسان

نؤكِّد أن الله، الذي خلق الرجل والمرأة على صورته، قد أعطى جميع البشر حقوقًا أساسيَّة ينبغي حمايتها، والحفاظ عليها، وتعزيزها على المستويين الطبيعي والروحي.

نؤكِّد أن جميع البشر مسؤولون بالكامل أمام الله عن كيفيَّة استخدامهم لهذه الحقوق.

نؤكِّد وجوب دعم المسيحيِّين لحقوق الآخرين، والدفاع عنها، في حين يبدون استعدادًا للتخلِّي عن حقوقهم الشخصيَّة لأجل خير الآخرين.

نؤكِّد أن المسيحيِّين يُوصَون باتِّباع مثال يسوع في رأفته، من خلال المساعدة في حمل أعباء أولئك الذين انتُهِكت حقوقهم الإنسانيَّة.

ننكر مشروعيَّة أي حق من حقوق الإنسان يخالف تعليم الكتاب المُقدَّس.

ننكر أن أيَّ تصرف قد يضر بالحياة الطبيعيَّة أو الروحيَّة لشخص آخر، أو يُضعفها، عن طريق انتهاك حقوق هذا الشخص، يمكن أن يكون تصرُّفًا مقبولًا.

ننكر أن استخدام العمر، أو العجز الجسدي، أو الحرمان الاقتصادي، أو العِرق، أو الديانة، أو نوع الجنس كأساس للتمييز العنصري يمكن أن يبرِّر بأي حال من الأحوال رفض ممارسة حقوق الإنسان، أو التمتُّع بها.

ننكر توافُق الفكر النخبوي أو السعي الحثيث وراء السلطة مع دعوة المسيح إلى تكريس حقوقنا لخدمته.

البند 13: الاقتصاد

نؤكِّد إمكانيَّة العثور على مبادئ اقتصاديَّة سليمة في الكتاب المُقدَّس، وأن هذه المبادئ ينبغي أن تُشكِّل جزءًا أساسيًّا من الفلسفة الحياتيَّة المسيحيَّة.

نؤكِّد أن الموارد الماديَّة هي بركة من الله، ينبغي التمتُّع بها بشكرٍ، والحصول عليها، وإدارتها، ومنحها باعتبارها وكالة أمام الله.

نؤكِّد أن المسيحيِّين ينبغي أن يُعطوا من مواردهم في تضحية لدعم عمل كنيسة الله.

نؤكِّد أن استخدام الموارد الشخصيَّة والماديَّة في الكرازة بالإنجيل أمر ضروري سواء لخلاص الجنس البشري الضال، أو التغلُّب على الفقر الذي ينشأ بفعل التقيُّد بنظم دينيَّة غير مسيحيَّة.

نؤكِّد أن التعاطف الإيجابي مع الفقراء والمظلومين هو إلزام يضعه الله على جميع البشر، ولا سيما الذين يمتلكون الموارد.

نؤكِّد أن امتلاك ثروة يفرض واجبات على أصحابها.

نؤكِّد أن محبة المال أصل لكل الشرور.

نؤكِّد أن الفساد البشري، والطمع، والرغبة في السلطة هي أمور تعزِّز الظلم الاقتصادي، وتفسد الاهتمام بالفقراء.

نؤكِّد أن الكتاب المُقدَّس يصادق على الحق في حيازة ممتلكات شخصيَّة كوكالة أمام الله.

ننكر أن الكتاب المُقدَّس يُعلِّم بشكل مباشر أيَّة علوم اقتصاديَّة، على الرغم من إمكانيَّة استقاء مبادئ اقتصاديَّة منه.

ننكر أن الكتاب المُقدَّس يُعلِّم بوجوب التعبير عن التعاطف مع الفقراء فقط من خلال نظام اقتصادي معين.

ننكر أن الكتاب المُقدَّس يُعلِّم أن المال أو الثروة شرٌّ في حد ذاتهما.

ننكر تأييد الكتاب المُقدَّس سواء لمذهب الجماعيَّة الاقتصاديَّة أو لمذهب الفرديَّة الاقتصاديَّة.

ننكر أن الكتاب المُقدَّس يَنهَى عن استخدام الموارد الماليَّة لتوفير دخل.

ننكر أن التركيز الصحيح لرجاء المؤمن منصبٌّ على الرخاء المادي.

ننكر أن المؤمنين ينبغي أن يستخدموا مواردهم لأجل إشباع ذواتهم في المقام الأول.

ننكر أن الخلاص من الخطيَّة يتضمَّن بالضرورة تحرُّر اقتصادي أو سياسي.

البند 14: العمل والراحة

نؤكِّد أن الله خلق الجنس البشري على صورته، وأنه هيَّأهم بنعمته لكلٍّ من العمل والراحة.

نؤكِّد أن الله يؤازر المُمارس لأي عمل شريف، مهما كان بسيطًا، وأنه يعمل من خلاله.

نؤكِّد أن العمل هو الوسيلة التي عيَّنها الله كي نمجِّده، وكي نُسدِّد كلًّا من احتياجاتنا الشخصيَّة، واحتياجات الآخرين.

نؤكِّد أن المسيحيِّين ينبغي أن يعملوا بأقصى ما عندهم من اجتهاد لإرضاء الله.

نؤكِّد أن البشر ينبغي أن يخضعوا في اتضاع لأيَّة سلطة في مجال عملهم، وأن يمارسوا السلطة بشكل سليم.

نؤكِّد أنه على البشر في عملهم أن يطلبوا أولًا ملكوت الله وبرَّه، مُتَّكلين على الله في تسديد احتياجاتهم الماديَّة.

نؤكِّد أن أجر العمل ينبغي أن يُمثِّل مُقابلًا مُنصفًا للعمل الذي أُجري، دون تمييز أو ظلم.

نؤكِّد أن الله عيَّن وقت الراحة، المتوازن جيدًا مع وقت العمل، وأنه وينبغي الاستمتاع به لمجده.

نؤكِّد أن العمل وثماره، حين يُعمَل ويُستخدَم لمجد الله، لا يحمل قيمة زمنيَّة فحسب، بل قيمة أبديَّة أيضًا.

ننكر أن البشر ينبغي أن يسعوا إلى العمل لأجل تحقيق ذواتهم أو إرضاء أنفسهم، وليس لأجل خدمة الله وإرضائه.

ننكر أن للأغنياء الحق في الراحة أكثر من الفقراء.

ننكر أن أنواعًا معيَّنة من الأعمال تضفي على الأشخاص قيمة أكبر في نظر الله من أنواع أخرى.

ننكر أن المسيحي ينبغي إما أن يُقلِّل من قيمة وقت الراحة، أو أن يجعله هدفًا في حد ذاته.

البند 15: الغنى والفقر

نؤكِّد أن الله، العادل والمحب، مُهتمٌّ اهتمامًا خاصًّا بالفقراء في معاناتهم.

نؤكِّد أن الله يدعو شعبه إلى الوكالة المسؤولة عن كلٍّ من حياتهم ومواردهم.

نؤكد أن بذل الجهد والتضحية للحدِّ من الفقر، والظلم، والألم في حياة الآخرين هو سمة التلميذ المسيحي الحقيقي.

نؤكِّد أنه ينبغي على الأغنياء ألا يكونوا طامعين، وكذلك ينبغي على الفقراء ألا يشتهوا ما للغير.

ننكر أننا يمكن أن نُطلق على أنفسنا بحقٍّ تلاميذ المسيح إذا كنَّا نفتقر إلى الاهتمام النشط بالفقراء، والمظلومين، والمتألِّمين، ولا سيما الذين من أهل الإيمان.

ننكر أنه يمكن دائمًا اعتبار الرخاء أو الفقر مقياسًا لأمانتنا تجاه المسيح.

ننكر أنه من الخطأ بالضرورة أن يكون المسيحيُّون أغنياء، أو أن يمتلك البعض موارد أكثر من آخرين.

البند 16: الاهتمام بالبيئة

نؤكِّد أن الله خلق البيئة الطبيعيَّة لمجده، ولخير مخلوقاته من البشر.

نؤكِّد أن الله فوَّض البشر لإدارة الخليقة.

نؤكِّد أن الجنس البشري يحمل قيمة أكبر من بقية الخليقة.

نؤكِّد أن تسلُّط الجنس البشري على الأرض يفرض عليه مسؤوليَّة حماية حياتها ومواردها، وكذلك مسؤوليَّة العناية بها.

نؤكِّد وجوب قبول المؤمنين للأبحاث العلميَّة الجيدة، وتطبيقها في المجال التكنولوجي.

نؤكِّد أن الاهتمام بالأرض التي للرب يشمل الاستخدام المثمر لمواردها، التي ينبغي دائمًا مضاعفتها بقدر الإمكان.

نؤكِّد أن تلوُّث الأرض، أو الهواء، أو المياه، أو الفضاء الذي يمكن تلافيه هو تصرُّف غير مسؤول.

ننكر أنَّ الكون عديم القيمة دون الجنس البشري.

ننكر أن الفكر الكتابي يبيح أو يشجِّع استغلال الطبيعة بإسراف.

ننكر أن المؤمنين ينبغي إما أن يتبنُّوا توجُّهًا معارضًا للثقافة، رافضين العلم رفضًا باتًّا؛ أو أن يتبنُّوا ذلك المعتقد الخاطئ بأن العلم هو رجاء الجنس البشري.

ننكر أن الأفراد أو المجتمعات ينبغي أن يستغلوا موارد الكون لمنفعتهم الشخصيَّة، على حساب أشخاص آخرين أو مجتمعات أخرى.

ننكر إمكانيَّة أن تُشكِّل الفلسفة الحياتيَّة للمذهب المادي أساسًا مشروعًا للإقرار بالقيم البيئيَّة.

مُقدِّمة

تأسَّس المجلس الدولي عن العصمة الكتابيَّة في عام 1977، وتعيَّن أن تكون مدته عشر سنوات. وكان الهدف منه، بإرشادٍ من الله، هو السعي بواسطة الكتابة والتعليم الأكاديمي لاستعادة الثقة التي تراجعت لدى الشعب المسيحي في الثقة الكاملة في الكتاب المُقدَّس. وقد شعرنا بأن هذه المهمة ملحة لأن هذا الغياب للثقة يؤدِّي إلى افتقار إلى الوضوح في التصريح بثوابت المسيحيَّة الحقيقيَّة، وكذلك إلى افتقار إلى الحماس في الحفاظ عليها. فإن عشر سنوات من الجهد الخاص المبذول لأجل تغيير هذه الحالة من عدم اليقين بشأن الكتاب المُقدَّس لم تبدُ مدة أطول من أن نتمكَّن من الالتزام بها، أو من أن نطلب من الشعب المسيحي دعمها. وفي السنة العاشرة من المجلس، رأينا أن ما تمَّ إنجازه هو مدعاة للشكر العميق لله، من كافة الزوايا.

اعتُبرت القمم الأكاديميَّة الثلاث التي نظَّمها المجلس بمثابة سلسلة متصلة ببعضها فكريًّا، لكلٍّ قِمَّة منها غرض توحيدي، وكذلك غرض استشاري أيضًا. فقد قدَّمت قِمَّة عام 1978 إعادة صياغة حديثة للمنظور المسيحي القديم عن الكتاب المُقدَّس باعتباره إعلانًا قانونيًّا من الله، أُعطِي في شكل شهادة بشريَّة مُركَّبة عن مشيئة الله، وأعماله، وطرقه. أما قِمَّة عام 1982، فقد بلغت إجماعًا واسع النطاق بشأن المبادئ التفسيريَّة، وقواعد تفسير الكتاب المُقدَّس. وتسعى قِمَّة عام 1986 إلى إظهار الصلة الوثيقة للكتاب المُقدَّس، الذي جري تفسيره بطريقة سليمة، ببعض المجالات الهامة والأساسيَّة التي تتعرَّض للخلط والنزاع بشأنها في مجتمع أمريكا الشماليَّة اليوم. فلطالما كانت الحاجة إلى القِمَّة الثانية والقِمَّة الثالثة جليَّة وأكيدة، لأن الإقرار بالإيمان بكتاب مقدس معصوم من الخطأ لا يجدينا الكثير من النفع إلا حين نعرف كيف نُفسِّره؛ وهذا التفسير يشمل تطبيق الحق الكتابي على نواحي الحياة الحالية.

وقد انصبَّ اهتمام القِمَّة الثالثة على تطبيق الحق السرمدي على ظروف وأوضاع أواخر القرن العشرين. وهي لا تُسلِّط الضوء على المهمة التبشيريَّة والرعويَّة، المُتمثِّلة في الحرص على قبول الحق المُعلَن، والسلوك بموجبه، لكنها تركز بالأحرى على توضيح ما يعنيه السلوك بموجب ذلك الحق في بيئتنا الحاضرة. لا تُسلِّط القِمَّة اهتمامها على تدريبات التلمذة الشخصيَّة، لأن الكثير من الكتابات الجيدة في هذه الموضوعات مُتاحة بالفعل؛ كما لسنا نرصد هنا أشد مشكلات وأزمات التطبيق. في المقابل، تُسلِّط القِمَّة الثالثة الضوء، أولًا، على أسس الأقانيم الثلاثة التي ينبغي أن تُشكِّل حياة الكنيسة بأكملها، وشهادتها؛ ثم على بعض الاعتبارات المجتمعيَّة التي تندرج تحت عنوان الأخلاقيَّات الاجتماعيَّة المسيحيَّة. اُختيرَت هذه الموضوعات، من ناحية، بسبب أهميتها الجوهريَّة، ومن ناحية أخرى، بسبب الحاجة إلى تبديد الشكوك بشأن إمكانيَّة اتفاق المؤمنين الخاضعين للكتاب المُقدَّس معًا حول كيفيَّة الاستجابة لها. فكما بدَّد إجماع القِمَّة الأولى الشكوك بشأن إمكانيَّة وجود اتفاق حول طبيعة الكتاب المُقدَّس، وكما بدَّد إجماع القِمَّة الثانية الشكوك بشأن إمكانيَّة اتفاق المؤمنين بعصمة الكتاب المُقدَّس معًا حول مبادئ تفسير النص المُوحى به، هكذا أيضًا تُقدِّم القِمَّة الثالثة درجة كبيرة من الإجماع حول الكيفيَّة التي يُوجِّه بها الكتاب المُقدَّس الجدير بالثقة الصلاة، والتخطيط، والعمل في هذا المجتمع الحاضر الذي ينجرف مع التيار السائد. نشكر الله لأجل هذا الاتفاق، الذي نؤمن بأنه يُمثِّل أهميَّة كبيرة في زماننا الحاضر.

تناول مشكلات معاصرة:

إن العمل الإلهي الفائق للطبيعة الذي أنتج الأسفار المُقدَّسة القانونيَّة أعطانا لا مرجعًا دراسيًّا في علم اللاهوت والأخلاق، بل شيئًا أغنى وأنفع من هذا - فقد أعطانا كتاب حياة. في هذا الكتاب، الذي يتألَّف من ستةٍ وستين سفرًا منفصلًا، جُمِعت محتويات مختلفة معًا. وإن العمود الفقري لهذا الكتاب المُقدَّس هو مجموعة من الروايات التاريخيَّة، التي تمتد على مدى بضعة آلاف من السنوات، مُخبرة إيَّانا كيف صار الله الخالق هو الله الفادي، بعدما دخلت الخطيَّة إلى عالمه وأفسدت البشر. وإن كل المحتوى التعليمي، والعقائدي، والتأمُّلي، والأخلاقي، والتعبُّدي، سواء كان في شكل عظات، أو رسائل، أو تراتيل، أو صلوات، أو شرائع، أو مبادئ، أو أمثال، أو أفكار فلسفيَّة وعمليَّة، أو أي نوع آخر من الأدب، يتَّسم بكونه شرحًا ظرفيًّا تطبيقيًّا، مُوجَّهًا إلى أشخاص مُعيَّنين، في موقعهم التاريخي واللاهوتي، وفي مرحلة مُعيَّنة من خطة الله للإعلان والفداء، التي تتكشَّف تدريجيًّا. وبسبب ذلك، وفي ضوء المسافة الثقافيَّة الشاسعة التي تفصل بين حضارات الشرق الأدنى القديم، التي جاء منها الكتاب المُقدَّس، والحياة المجتمعيَّة في الغرب الحديث، فإن مهمة استخلاص أصح وأحكم تطبيق للمبادئ الكتابيَّة على الحياة اليوم عادةً ما تنطوي على بعض المشقَّة. فلا بد من انتزاع الحقائق العامة عن الله وعن البشر من جهة علاقتهم ببعضهم البعض من قالب التطبيقات التي وجدناها بداخله حين رأيناها للمرة الأولى، ثم إعادة تطبيقها في بيئات ثقافيَّة وداخل مسار من التاريخ مختلف تمامًا عن ذلك الذي يعرضه النص الكتابي. وعند تطبيق النص المُقدَّس على هذا الوسط المختلف والمتغيِّر لزماننا الحالي، ينبغي دائمًا وضع المبادئ التالية في الاعتبار:

أولًا، بما أن ربَّنا يسوع المسيح نفسه قد صدَّق على كلِّ الكتاب المُقدَّس باعتباره كلمة الله الموثوقة دائمًا (فقد صدَّق على العهد القديم من خلال شهادته عنه، واستخدامه له، وعلى العهد الجديد من خلال وعده بالروح القدس لكُتَّابه من الرسل والأنبياء)، ينبغي إذن أن يُنظَر إلى هذا الكتاب المُقدَّس بأكمله على أنه الناطق الرسمي بسلطان المسيح نفسه، والقناة لهذا السلطان. ومن ثَمَّ، فإن التلمذة الأمينة للمسيح ينبغي أن تنطوي على قبول تام لكلِّ ما يُعلِّمه الكتاب المُقدَّس، سواء في صيغة خبريَّة أو في صيغة وصايا وأوامر؛ بالإضافة إلى نبذ تلك الفكرة الشائعة بأن الولاء للمسيح يمكن أن يتفق مع تبنِّي توجُّهات شكوكيَّة أو انتقائيَّة في التعامل مع الكتاب المُقدَّس، واعتبارها وهمًا فاسدًا وغير مُبرَّر. فإن سلطة الكتاب المُقدَّس وسلطان المسيح هما واحدٌ.

ثانيًا، بما أن كلَّ الكتاب المُقدَّس هو في النهاية نتاج عقل واحد، وهو عقل الله الروح القدس، فهناك إذن اتساق حقيقي في تعليمه عن أيِّ موضوع يتطرَّق إليه. وأي التباس، أو تناقض ظاهري له مع نفسه، ينبغي أن يُحكَم عليه بأنه غير حقيقي، وإدراك أن جزءًا من مهمة المُفسِّر يتمثَّل في البحث عن وسائل لتبديد هذا التناقض الظاهري. صحيح أن مدى نجاحنا في هذا سيختلف حسب الحالة، لكن ينبغي أن يكون هذا هو هدفنا دائمًا. هذا الاتساق الداخلي للكتاب المُقدَّس بديهي، لأنه نتيجة حتميَّة لليقين في أن إله الحق، الذي منه ينبع كلُّ تعليم كتابي، يعرف كلَّ شيء عن يقين، ولا يُلفِّق الحقائق البتَّة. ومن ثَمَّ، فلأن التكلُّم فقط بما هو حق وجدير بالثقة هو أمرٌ من صميم طبيعة الله، فينبغي إذن قبول كل ما يُعلِّمه كل الكتاب المُقدَّس عن أي موضوع على أنه جدير بالثقة. (قُدِّم تبرير أكثر تفصيلًا لهذا الافتراض عن العصمة الكتابيَّة الموثوقة، والتعليم القاطع والحق المُقدَّم من خالقنا نفسه في نتائج القِمَّتين الأولى والثانية).

ثالثًا، ينبغي وضع الاختلاف بين المراحل المتعاقبة من برنامج إعلان الله في الاعتبار، مع الانتباه جيدًا إلى أن بعضًا من مُتطلِّبات الله من شعبه في أزمنة ما قبل العهد الجديد كانت مُؤقَّتة. ومع ذلك، ينبغي أن نسعى أيضًا إلى رصد المبادئ الأخلاقيَّة والروحيَّة الثابتة التي كانت هذه المُتطلِّبات تطبيقًا لها وتعبيرًا عنها، وأن نجيب عن السؤال المُتعلِّق بكيفيَّة تطبيق هذه المبادئ نفسها على حياتنا اليوم.

رابعًا، لا تُمثِّل الكنيسة مصدرًا لمعلومات معصومة من الخطأ عن الله بمعزل عن الكتاب المُقدَّس؛ كما أنها ليست في أي شكل من أشكالها، أو في أي مظهر من مظاهرها، مُفسِّرًا معصومًا من الخطأ للكتاب المُقدَّس. فإن الكنيسة خاضعة للكتاب المُقدَّس، وليست مُتسلِّطة عليه. وإن الادِّعاءات القديمة لسلطة الكنيسة الكاثوليكيَّة ليست مبرَّرة كتابيًّا، أو مقبولة في حد ذاتها. كذلك، لا يمكن قبول ادِّعاءات الكيانات البروتستانتيَّة بكونها مُنقادة ومُتعلِّمة من روح الله، حين لا تكون وجهات النظر التي تتبنَّاها مُؤيَّدة بأسانيد من التعليم الكتابي. لكنَّ قرونًا من دراسة الكتاب المُقدَّس أظهرت مرارًا أن الكتاب المُقدَّس القانوني يُفسِّر نفسه بنفسه داخليًّا في كافة الشؤون التي تُمثِّل أهميَّة لحياة الإيمان، والرجاء، والطاعة، والمحبة، والخلاص. وإن الإجماع الفعلي للمفسِّرين الخاضعين لسلطة الكتاب المُقدَّس على هذه المبادئ والأسُس منذ عصر الإصلاح يُؤيِّد حُجج المصلحين بشأن كون الكتاب المُقدَّس، كما هو لدينا اليوم، كافيًا، وواضحًا - بمعنى آخر، أنه إعلان كامل من الله، وواضح في معناه ورسالته، لجميع الذين، بنعمة الروح القدس، لديهم أعين ليبصروا ما هو ظاهرٌ أمامهم. لكن، لأن التقديس الفكري للمؤمنين، شأنه في ذلك شأن الجوانب الأخرى من تقديسهم، لا يزال ناقصًا، يمكن توقُّع ظهور بعض الاختلافات في الرأي بين المؤمنين الخاضعين لسلطة الكتاب المُقدَّس حول مسائل ثانويَّة. ولا ينبغي الظن بأن هذه الاختلافات تلقي بظلال الشك على الوضوح الجوهري للكتاب المُقدَّس لجميع الذين يطلبون فهمه وتطبيقه.

خامسًا، إنه لخطأ في المنهجيَّة أن نتعامل مع التعليم الكتابي على أنه نسبيٌّ، ومعتمدٌ على المبادئ، والافتراضات، والأنماط الثقافيَّة لهذا العصر أو لأيِّ عصر آخر. يُعلن الكتاب المُقدَّس عن عمل الخالق الذي لا يتغيَّر، وعن طرقه، ومشيئته من جهة الجنس البشري. وينبغي اتخاذ هذا الإعلان مرجعيَّة للحُكم على كافة الآراء البشريَّة عن القيم، والأولويَّات، والواجبات، بل وتقويمها إن لزم الأمر. فلأن الثقافة هي تعبيرٌ عن الأهداف المُشترَكة للجنس البشري الساقط، فإن لها، إذن، تأثيرًا تشويهيًّا، وخانقًا، ومضعفًا على الحقائق الكتابيَّة التي، إن جرى تطبيقها، ستغيِّر من هذه الثقافة. وإن الحفاظ على تلك الحقائق سليمة، وخالية من أيَّة مُساومة وفقًا للوضع الراهن في المجتمع، ليس بالمهمة السهلة على الإطلاق. ويمدُّنا التيار البروتستانتي العام عبر القرنين الماضيين بمثال تحذيري في هذا الشأن، وذلك لأنه أخطأ على نحو جذري في تعامُله مع التعليم الكتابي باستمرار على أنه نسبي، ومعتمد على النمط العلماني الحالي، سواء كان عقلانيًّا، أو تاريخيًّا، أو تطوريًّا، أو وجوديًّا، أو ماركسيًّا، أو غير ذلك. لكن، يُعَد هذا التصرُّف نسيانًا لما فعلته الخطيَّة بالإنسان، إذ أظلمت فكره، وضلَّلته من جهة كلِّ ما يُمثِّل أهميَّة حقيقيَّة. كذلك، يُعَد هذا نسيانًا لكون الكتاب المُقدَّس قد أُعطيَ لنا لإنارة ظلمتنا الذهنيَّة والروحيَّة، إذ هو يُظهِر لنا مواطن التقصير في مفاهيم وأفكار الثقافة العلمانيَّة في هذا العصر وكلِّ عصر. ففيما يتعلَّق بالله وبالسلوك البشري، دائمًا ما تكون الثقافة العلمانيَّة حائدة عن الصواب (انظر رومية 1: 18-32)؛ وإن محتويات الإعلان الكتابي هي وحدها التي يمكنها عمل التقويم اللازم. ومن ثَمَّ، فإننا لسنا مدعوين إلى تقويم الكتاب المُقدَّس، بل إلى السماح للكتاب المُقدَّس بتقويمنا. وفقط حين نسمح للتعليم الكتابي، الذي هو في طبيعته حقُّ الله المطلق، بتصحيح افتراضات بشأن الله وبشأن أفضل وسيلة للعيش، تلك الافتراضات التي يأخذها المجتمع المحيط بنا على أنها مُسلَّم بها، سنكون قد تعاملنا مع الكلمة المُقدَّسة كما ينبغي. فإن الوسيلة الصحيحة للتعامل مع الكلمة المُقدَّسة هي أن نسمح لها بالتعامل معنا على المستوى الفكري، والأخلاقي، والروحي. كان هذا هو ما قصده المُصلِحون حين تحدَّثوا عن ضرورة الكتاب المُقدَّس: فلا أحد يمكن أن يُفكِّر بشكل سليم عن الله، أو يسلك ويتصرَّف كما ينبغي، دون إرشاد الكتاب المُقدَّس.

وإن الأسلوب الصحيح لطرح السؤال التفسيري الذي يُمثِّل أهميَّة محوريَّة في الجدل المعاصر هو أن نقول: ما هو الشيء الموجود فينا، وفي مجتمعنا، الذي يمنعنا من الاستماع إلى كلمة الله غير المُتغيِّرة عن الدينونة، والرحمة، والتوبة، والبر، وفقًا لتطبيقها علينا وعلى ظروفنا؟ حين يُطرَح السؤال بهذا الأسلوب، ينفتح الباب أمام كلمة الله كي تُحدِث تأثيرها المنشود علينا، الذي لن يمكنها أن تُحدِثه دون ذلك. سيختلف شكل هذا التأثير من زمان ومكان إلى الآخر، إذ بالحقيقة ينبغي أن تستوطن الكلمة في كلِّ ثقافة يبتكرها البشر. إلا أن جوهر التأثير، أي المطالبة بالتوبة والإيمان بالمسيح، وبالعبادة والقداسة أمام الله، وبالمحبة والعدل تجاه الآخرين، سيكون دائمًا وفي كل زمان ومكان نفس الشيء.

سادسًا، يُعَد تطبيق المبادئ الكتابيَّة على الحياة مشروطًا دائمًا بحدود معلوماتنا حول الظرف الذي تُطبَّق عليه. فحيث توجد نزاعات حول حقائق معيَّنة، أو حول النتائج المُحتَملة، سواء المباشرة أو غير المباشرة، لبدائل مختلفة من التصرُّفات، أو حول التأثيرات بعيدة المدى لتطورات صناعيَّة، أو إجراءات اقتصاديَّة، أو استراتيجيَّات عسكريَّة مُعيَّنة، سينشأ على الأرجح خلاف حول أفضل وأحكم طريقة للتصرُّف. ويمكن لمثل هذا الخلاف أن يُسبِّب انزعاجًا، لأن تحقيق أفضل النتائج المشروعة لأجل الآخرين هو جزء من واجبنا بأن نحب القريب، الذي يفرضه علينا جميعًا الكتاب المُقدَّس. لكن خلافًا من هذا النوع لن يوحي بالضرورة بعدم يقينيَّة المبادئ التي يلزم تطبيقها؛ ومن ثَمَّ، ينبغي عدم الاستشهاد به دون فحص وتحقيق كدليل على وجود اختلاف في طرق فهم وتفسير تعليم الكلمة المُقدَّسة المعصومة.

سابعًا، يستلزم تطبيق المبادئ الكتابيَّة على الحياة وعيًا بأنه داخل الحدود التي ترسمها قوانين الله الأدبيَّة والأخلاقيَّة، توجد مساحات من الحريَّة، نتحمَّل نحن بداخلها مسؤوليَّة أن نختار من بين الخيارات المتاحة ما يبدو لنا أكثر إثمارًا لمجد الله، وخير الجنس البشري، الذي نحن أيضًا منه. فمن بين قواعد الحكمة والطاعة المسيحيَّة ألا نسمح البتَّة لخيار جيد أن يحظى بالأفضليَّة على الخيار الأفضل، أو بأن نُفضِّل خيارًا "لا بأس به" على خيارٍ آخر يبدو أفضل بشكل واضح. لكن، في ذلك أيضًا، يمكن للمؤمنين الذين يتَّفقون معًا في جوهر فكرهم اللاهوتي أن يختلفوا معًا، بفعل العوامل الشخصيَّة والثقافيَّة التي تؤثِّر على مقاييسهم بشأن القيم والأولويَّات. ومرة أخرى، سيكون من قبيل الخطأ أن نستشهد بهذه الاختلافات كدليل على وجود خلاف حول ما يقوله الكتاب المُقدَّس.

ثامنًا، يتطلَّب تطبيق الكتاب المُقدَّس على الحياة مسحة من الروح القدس. فدون معونة الروح القدس، لن تُفهَم الحقائق الروحيَّة التي تتحدَّث عنها النصوص الكتابيَّة، ولن يُدرَك بالحقيقة نطاق التعليم الكتابي، وتوجُّهه، وقوته الفاحصة؛ كما لن تُفهَم الآراء الكتابيَّة، والمناشدات، والتحديات، والتوبيخات، والدعوات إلى الإيمان وإلى الإصلاح فهمًا سليمًا. فإن الإقرار المتضع بأن هناك المزيد دائمًا الذي يمكن تعلُّمه، وبأن معرفتنا الحالية غير كاملة، والصراخ المستمر إلى الله طلبًا للمزيد من النور والحكمة، هو الحالة الذهنيَّة الجيدة الوحيدة التي ينبغي أن يتحلَّى بها أولئك الذين يريدون التحدُّث عن صلة كلمة الله الوثيقة بنا. وهذا التوجُّه الفكري لن يصير واقعًا إلا لدى أولئك الذين يتمتَّعون بعلاقة خلاصيَّة بيسوع المسيح، بعد أن شعروا بظلمة وحمق فكرهم الطبيعي، ومن ثَمَّ، تعلَّموا من الرب نفسه ألا يعتمدوا على فهمهم.

تتبنَّى القِمَّة الثالثة هذه المبادئ الثمانية باعتبارها أرضيَّة مُشتركة. وتعكس نتائجها محاولة مخلصة وجادة لاتباع إرشادات هذه المبادئ بطريقة عقلانيَّة، وفاحصة للنفس، عند تطبيقها للتعليم الكتابي على العالم المحيط بنا.

آفاق جديدة في سبل قديمة:

إن المهمة التي اضطلعت بها القِمَّة الثالثة هي تطبيق تعليم الكتاب المُقدَّس الجدير بالثقة على البعض من أكثر مجالات الحياة المعاصرة التي يوجد التباس وخلط بشأنها. لم يكن ممكنًا أن يتولَّى المجتمع الغربي العلماني نفسه هذه المهمة، لأن مجتمعنا العلماني يصر على أن يَحكُم على نفسه بنفسه، ليس بحسب إعلان الخالق الذي يُقدِّمه الكتاب المُقدَّس، بل بحسب معايير فكريَّة تطوُّريَّة، وإباحيَّة، وماديَّة، وباحثة عن المتعة، ودنيويَّة. وتبيِّن نتائج هذه القِمَّة أن المعتقدات والقيم التي يعكسها حُكم المجتمع على نفسه بحسب هذه الأمور هي، في حقيقة الأمر، وللأسف الشديد، مغلوطة. وتمثِّل هذه النتائج ككلٍّ معارضة جذريَّة لها. لكن، لا شك أن وجهات النظر العلمانيَّة تحظى، في العالم الغربي، بشعبيَّة في كل مكان؛ وأن زعزعة استقرارها سيتطلَّب ما يتعدَّى كثيرًا مجرد انتقادها ومعارضتها في مؤتمر واحد.

كما لا يمكن لأي شكل من أشكال اللاهوت الليبرالي أو لاهوت الحداثة أن يتولَّى هذه المهمة التي تضطلع بها القِمَّة الثالثة. تحظى هذه الحركات المسيحيَّة بالاسم أيضًا بشعبيَّة في بعض الدوائر في الوقت الحاضر. لكن مثل هذا الفكر اللاهوتي يُشكِّك في المصدر الإلهي للكثير من التعليم الكتابي، وفي كفايته، وفي قوته الإلزاميَّة؛ ومن ثَمَّ، فهو عاجز منهجيًّا عن العمل تحت سلطة الكتاب المُقدَّس. تتعامل افتراضات الفكر الليبرالي مع الكتاب المُقدَّس على أنه نسبيٌّ، في حين تتعامل، في الآن ذاته، مع وجهات نظر معارضة للتعليم الكتابي على أنها مُطلقة (مثل الصلاح الجوهري للإنسان، أو الوحدة الجوهريَّة بين جميع الديانات)، معيدة ترتيب الأولويَّات الكتابيَّة بحسب الأحكام المُسبَقة والأفكار العلمانيَّة السائدة في يومنا هذا (مثل إعادة تعريف الإرساليَّة بحيث تُعطَى القضايا السياسيَّة، أو الاجتماعيَّة، أو الاقتصاديَّة أولويَّة على الكرازة وزرع الكنائس). هذه القِمَّة تنأى بنفسها بوضوح عن عشوائيَّة مثل هذه المنهجيَّة، وعن خطأ مثل هذه الاستنتاجات.

تدير نتائج القِمَّة ظهرها لكافة صور الأثينيَّة الحديثة التي لا تريد سوى أن تقول أو تسمع شيئًا جديدًا. وبدلًا من ملاحقة كل ما هو جديد، تُقدِّم بنود هذه القِمَّة تطبيقات محدَّثة لتراث إيمان أقدم، وأكثر استقرارًا - ويمكن القول إنه أحكم، وإنه كتابي بدرجة أكبر. وهكذا، فإن السباحة ضد تيار الفكر الحالي ليست مُؤشرًا على الجُبن، بل على الجرأة؛ وليست مُؤشرًا على الشذوذ عن القاعدة، بل على اتباع ما يمليه الضمير. وإن أعضاء القِمَّة مُتَّحدون معًا في الاعتقاد بأن السبيل الجيد الوحيد للكنيسة والمجتمع اليوم يوجد في السبل القديمة. وهكذا، تُؤكِّد نتائج القِمَّة في ثبات على استمرار صحة وجهات النظر التي كانت مُتبناة في التاريخ المسيحي الماضي بشأن مسائل قديمة من قبيل قدسية الحياة، وممارسة الجنس، والعائلة، والدور المُعطَى من الله للدولة، في إدارتها للجوانب السياسيَّة، والقانونيَّة، والاقتصاديَّة لحياة المجتمع؛ وكذلك، بشأن مسائل ذات آراء حديثة تتعلَّق بأواخر القرن العشرين، مثل مشروعيَّة الحرب النوويَّة، والاهتمام بالطبيعة. وعلى هذا المنوال، نرى أن الفكر الحديث بشأن مركزيَّة الدولة - سواء في شكلها الفاشي أو الماركسي أو أي شكل آخر - وتأليهها لمركزيَّة السلطة، وروح التسلُّط والحد من الحريَّات المُتفشيَّة السائدة فيها، وإجازتها بسهولة لوجهات النظر المرفوضة بشأن الموضوعات المذكورة أعلاه، سيؤدي إلى الندم. سواء كان هذا حكم موقفًا سياسيًّا أو رؤية نبويَّة، فهذا سؤال سيُقدِّم عنه أناس مختلفون، دون شك، إجابات مختلفة؛ لكن أعضاء القِمَّة مُتحدون في الرأي بشأن هذا إلى حدٍ كبير. فإن المائتين وخمسين شخصًا الذين التقوا في القِمَّة يؤمنون بأن أي شخص يسمح للكتاب المُقدَّس بأن يُقدِّم رسالته الخاصة في هذه المسائل سيصل تقريبًا إلى حيث نقف نحن أنفسنا. والآن، نقدم نتائجنا هذه علانيةً كشهادة على ما نؤمن بأننا سمعناه من الله. ونرحب بأيَّة فرصة أخرى للتوسُّع في شرح هذه الشهادة، والتأكيد عليها، في نقاشات على نطاق أوسع.

خدمات ليجونير
خدمات ليجونير
خدمات ليجونير هي هيئة دوليَّة للتلمذة المسيحيَّة أسَّسها عالم اللاهوت الدكتور أر. سي. سبرول في عام 1971 من أجل تقديم الحق الموجود في الكتاب المُقدَّس بأمانة، ومساعدة الناس على معرفة ما يؤمنون به، ولماذا يؤمنون به، وكيف يعيشونه، وكيف يشاركونه مع الآخرين. إن إعلان قداسة الله أمر أساسي لتحقيق هدف ليجونير.