نظرة عامة أساسية عن الكتاب المقدس
٦ أبريل ۲۰۲۰شعور زائف باليقين
۱٤ أبريل ۲۰۲۰لا يملك إبليس مفاتيح الموت
تختلف دعواتنا باختلاف الأعمال والمهام التي أوكلها الله لنا في هذه الحياة. لكن جميعنا نشترك في دعوة الموت. إن كل إنسان منا مدعو لكي يموت. فهي دعوة من الله بقدر ما هي "دعوة" لخدمة المسيح. أحيانًا تصدر الدعوة فجأة وبدون سابق إنذار. وفي أحيان أخرى تصدر بتنبيه مُسبق. فهي تصدر لنا جميعًا من الله.
أعلم أن هناك معلِّمون يعلِّمون أن الله ليس له علاقة بالموت. فهم يرون الموت كما لو أنه وسيلة الشيطان الشريرة. فكل الآلام والمعاناة والأمراض والمآسي يلقونها على الشرير. ويعفون الله من أي مسؤوليَّة. اُختُلق هذا المفهوم ليؤكِّد على أن الله بعيد عن الملامة من إخفاق أي شيء في هذا العالم. فقد قيل لنا إن "الله لا يريد سوى الشفاء دائمًا". وإن لم يتحقَّق هذا الشفاء، فيقع الخطأ على إبليس أو علينا. ويقول هؤلاء المعلِّمون إن الموت ليس في خطة الله. وإنه يمثِّل انتصارًا لإبليس على سلطان الله.
قد تحقِّق هذه المفاهيم راحة مؤقَّتة للمتألم. لكنها ليست حقيقيَّة. فهي لا علاقة لها بالمسيحيَّة الكتابيَّة. إن الغرض منها إعفاء الله من أي ملامة، لكنها تناقض سيادته.
نعم الشيطان حقيقي. فهو ألد أعدائنا. وسيفعل أي شيء في سلطانه ليُدخل البؤس إلى حياتنا. لكن إبليس ليس له سيادة. ولا يملك إبليس مفاتيح الموت.
عندما ظهر الرب يسوع ليوحنا الرسول في رؤيا على جزيرة بطمس، عرَّف نفسه بهذه الكلمات: "فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلًا لِي: لَا تَخَفْ، أَنَا هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الْآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ" (رؤيا 1: 17-18).
يمسك الرب يسوع بمفاتيح الموت، ولا يستطيع إبليس أن يخطفها من يديه. يقبض المسيح عليها بيده. فهو يمسكها لأنه مالكها. فقد أُعطيَ له كل السلطان في السماء وعلى الأرض، بما فيه السلطان على الحياة والموت. كما أن ملاك الموت رهن إشارته.
شهد تاريخ العالم ظهور العديد من أشكال الثنائيَّة الدينيَّة. تؤكِّد الثنائيَّة (dualism) على وجود قوتين متساويتين متضادتين. تختلف تسمية هاتين القوتين، فتجد الخير والشر، والله وإبليس، والين واليانج. وتقبع هاتان القوتان في صراع أبدي. وبما أنهما متساويتان ومتضادتان، يظل الصراع قائم إلى الأبد بلا وجود منتصر له اليد العليا. فالعالم محكوم عليه أن يكون بمثابة ساحة الصراع الأبدي بين هاتين القوتين المتعاديتين. ونحن ضحايا هذا الصراع بصفتنا بيادق في لعبة شطرنج أبديَّة.
تسير الثنائيَّة في مسار تصادمي مقابل المسيحيَّة فالإيمان المسيحي يخلو تمامًا من أي أفكار ثنائيَّة. نعم، إبليس في مواجهة مع الله، لكنه ليس معادلًا لله بأي شكل من الأشكال. فإبليس مخلوق والله هو الخالق. إبليس قوي، لكن الله كلي القوة. وقد يكون إبليس عليمًا وخبيثًا، في حين أن الله كلي العلم والمعرفة. إبليس مُقيَّد في حضوره، لكن الله حال في كل مكان. إبليس محدود، لكن الله غير محدود. وتطول القائمة. لكن يتضح من الكتاب المقدس أن إبليس ليس قوة مطلقة على الإطلاق.
فنحن لسنا محكومين بصراع أبدي بلا رجاء في إنهائه. فرسالة الكتاب المقدس رسالة واحدة عن انتصار كامل ونهائي وأبدي. ليس هلاكنا هو الأكيد، بل هلاك إبليس. لقد سُحقت رأسه بعقب المسيح، الألف والياء.
ففوق كل ألم وموت، يقف الرب المصلوب والمُقام. فهو انتصر على العدو الأخير للحياة. وقد كسر سلطان الموت. فهو يدعونا أن نموت، وهي دعوة للطاعة في الانتقال الأخير للحياة. فبسبب المسيح، لم يعد الموت هو النهاية. بل هو ممر من هذا العالم إلى الآتي.
الله لا يريد الشفاء دومًا. لو أراد ذلك، لكان يعاني من الإحباط اللانهائي، لأنه يرى موت شعبه يُعيق إرادته دومًا. فهو لم يرغب في شفاء استفانوس من جراح رجمه. ولم يرغب في شفاء موسى، ويوسف، وداود، وبولس، وأوغسطينوس، ومارتن لوثر، وجون كَلفِن. في الإيمان مات هؤلاء أجمعون. يأتي الشفاء النهائي عبر الموت وما بعد الموت.
ينادي المعلِّمون بوجود شفاء في كفارة المسيح. نعم في الحقيقة. لقد حمل الرب يسوع جميع خطايانا على الصليب. مع ذلك، لم يتحرَّر أي منَّا نهائيَّا من الخطية في هذه الحياة. وبالمثل، لم يتحرَّر أي منَّا من المرض في هذه الحياة. إن شفاء الصليب حقيقي. نحن ننال من بركاته الآن هنا في هذه الحياة. لكن ملء الشفاء من الخطية والمرض سيتحقَّق في السماء. ما زال يجب أن نموت في أوقاتنا المُعيَّنة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.