الصلاة من خلال المزمور 51 - خدمات ليجونير
ماذا يقول الكتاب المقدّس عن الجنس خارج إطار الزواج
۱٦ مايو ۲۰۲۳
هل يُعاقبنا الله على خطايا آبائنا؟
۳۰ مايو ۲۰۲۳
ماذا يقول الكتاب المقدّس عن الجنس خارج إطار الزواج
۱٦ مايو ۲۰۲۳
هل يُعاقبنا الله على خطايا آبائنا؟
۳۰ مايو ۲۰۲۳

الصلاة من خلال المزمور 51

لطالما اعتبرَ شعبُ الله كلماتِ داود في المزمور 51 كنموذج للصلاة عندما نشعر بثقل خطايانا البشعة التي ارتكبناها ضدّ الله القدوس. لا بدّ لنا أنْ نعترفَ أنّ استخدامَ هذا المزمور لعبارات مثل "الزوفا" و "الدماء" و"مُحرَقة" (ناهيك عن ادّعاء داود الواضح بأنّ الله هو الطرف الوحيد الذي أخطأ إليه)، يمكن أنْ تكون هذه الأمثلة المُستخدمة غير مألوفة لشعب عهد الله الجديد. إلّا أنّ المزمور 51 هو مُرشد رائع لصلوات التوبة. إنّ الغرضَ من هذه المقالة هو توضيح كيف يُمكن للمزمور 51 أنْ يوجّهَ توبتَنا.

  1. اطلب الغفران (مزمور 51: 1-9): "ارحمني"؛ "اغسلني"؛ "طهّرني"؛ "امحُ."

الله هو أعظم احتياج لنا، وخطايانا هي أعظم مشكلة تواجهنا، والحلّ الوحيد هو غفران الله. عندما نرتكب الخطيئة، لا يُصبح احتياجنا الأكبر هو التستّر عليها، أو تبريرها، أو حتّى الشعور بالتحسّن، بل "إزاحة وُزِرَها عن صدورنا". نحن بحاجة إلى الغفران، والله يسارع بمنح غفرانه للذين يتقدّمون إليه بتواضع معترفين بذنوبهم وطالبين الغفران عنها. ولكن، يجب أنْ تنجرحَ ضمائرَنا إنْ أردنا طلبَ الرحمة، كما يقول جون كالفن: "لن يكون طلبنا لغفران الله جدّيًا أبدًا ما لم يكن لنا مثل هذه النظرة المخيفة عن خطايانا." يجب أنْ نعرفَ جيّدا ما هي خطايانا وأنْ نكونَ سريعين بالتوبة عندما ينخس الروحُ ضمائرَنا. بعد ذلك نصلّي طالبين الغفران، ليس لأنّ الله متردّد في منحه لنا، بل لأنّنا ندرك أنّنا نعتمد بالكامل على رحمة الله. نحن لا نقدّم إماتات، ولا نُعذّب أنفسَنا للتكفير عن خطايانا، ولا نستر خطايانا، بل نكشف، مثل داود، عن خطايانا ونتّكل على وعد الله بأنْ يغفرَ خطايا شعبه. عندما نكون في غمرات الندم، نتمنّى لو كان لدينا آلة للرجوع بالزمن للتمكّن فقط من العودة بالزمن إلى الوقت المناسب والتراجع عمّا ارتكبناه. عزيزي المسيحيّ، لدينا شيء أفضل من هذه الآلة. لدينا وعد مضمون، كما قال النبيّ ناثان لداود: "ٱلرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ" (2 صموئيل 12: 13). حدّد خطيئتك بالاسم، واعترف بها، واطلب الرحمة.

  1. صلّ من أجل الاسترداد (مزمور 51: 10-12): "جدّدني"؛ "لا تطرحني من قدّام وجهك"؛ "ردّ لي".

بعد أنْ صلّى داود طالبًا الغفران، ها هو يُصلّي الآن طالبًا الاسترداد. تسعى التوبة الحقيقيّة وراء الغفران والاسترداد والتحوّل والتجديد. أمّا المنافقون المخادعون فهم يسعون إلى طلب المغفرة على خطايا ينوون العودة إليها. يسعى الخطاة التائبون إلى طلب الغفران واسترداد نعمة الله والنعم الكثيرة التي ترافق خلاصه. سعى داود إلى تجديد ما فقده بسبب خطيئته: قلبًا نقيًّا، وروح منتدبة وراغبة، وحضور الله وروح النعمة، والابتهاج. الخطيئة فظيعة جدًّا ومُحزنة لأنّها تُحزن قلبَ الله. عندما نخطئ ونتضّرع طالبين الغفران، من الأفضل لنا أنْ نأخذ في عين الاعتبار صلوات داود التي رفعها من أجل استعادة هذه النعم وتجديدها. اطلب من الله أنْ يجعلك مستعدًّا وراغبًا في طاعته، وأنْ يمنحَك قلبًا نقيًّا ونزيهًا، وأن يجدّد بهجة خلاصك في الله، وأنْ يجعلَك تتذكّر دائمًا حضوره الأبديّ.

  1. صلِّ من أجل الطاعة وتقديم الذبائح الروحيّة (مزمور 51: 13-17): "فأعلّم..."؛ "روح منكسرة"؛ "القلب المنكسر والمنسحق."

إنّ استعادة هذه النِعَم تفرض تصميمًا جديدًا واجتهادًا للوصول إلى طاعة جديدة (انظر دليل أسئلة وأجوبة وستمنستر الموجز 87). غُفرت خطايانا وتمّ استعادتنا إلى طاعة جديدة. إنْ كان داود قد وجدَ المغفرة والاسترداد اللذَيْن طلبهما، فسيعبّر عن امتنانه بشكل إعلان – مُعلنًا الأخبار السارّة للآخرين عن نعمة الله التي اختبرها بنفسه بعمق. قال كالفن: "سيشعر أولئك الذين برحمة الله تمّ استردادهم من السقوط بالتهاب بسبب القانون العامّ للأعمال الخيريّة لمدّ يد العون لإخوانهم؛ وبشكل عامّ، هكذا هم شركاء نعمة الله، يشعرون بأنّهم مقيّدون بالمبدأ الدينيّ وبمراعاة المجد الإلهيّ، لإشراك الآخرين فيه." الملكُ أيضًا صمّم أنْ يُسبّح الربّ (مزمور 51: 14-15). أخيرًا، يذبح ذبائح روحيّة بدلًا من الذبائح الحيوانيّة. قد يبدو هذا غريبًا، لأنّ الربّ كان قد وضع نظام الذبائح للتعويض عن الخطايا. أمّا داود فقد أدرك ما لم يُدركه كثيرون من اليهود. سعى كثيرون ممّن هم تحت الناموس للحصول على غفران الله وخلاصه من خلال تسديد دُفعة على شكل ذبيحة حيوانيّة على المذبح. أدرك داود أنّه لم يقدّم للربّ ما يُمكّنه من الحصول على الغفران، لكنّه بقي مُعتمدًا بشكل كامل على رحمة الربّ وكفّارته الموعودة.

بحسب جون بنيان، الحصول على قلب المنكسر هو عندما "تجعل قلبَك يشعر بالعجز والشلل، وأنْ يكونَ مغمورًا بالإحساس بغضب الله بسبب الخطيئة". الروح المنكسرة هي الروح التائبة، "المغتمّة والحزينة جدًّا بسبب الخطايا التي ارتكبتها ضدّ الله، وإلحاقها الضرر بالنفس." إذن، الروح المنكسرة تعكس موقفًا متواضعًا وحزينًا ومترقّبًا. أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، الله لا يحتقر الروح المنكسرة والقلب المنسحق (مزمور 51: 17)، بل يُسرّ بها. عندما نتبنّى هذا الموقف، فإنّنا نعترف باعتمادنا على تدبير الربّ المُطلق لخطايانا (مهما كانت فظيعة) – أي على عمل الربّ يسوع المسيح الكفّاري. جدّد طاعتَك للربّ وقدّم له قلبك.

  1. صلّ من أجل شعب الله (مزمور 51: 18-19): "أحسن"؛ "ابنِ."

رفع داود حتّى الآن صلوات من أجل نفسه - للغفران، والاسترداد، والتصميم على السلوك بالطاعة والشكر وبقلب منكسر. في الآية 18، يصمّم داود أنْ يقدّم تضرّعات بالنيابة عن شعب الله. للوهلة الأولى، قد تكون هذه الخاتمة لصلاة التوبة غريبة. بالتأكيد، كان تضرّع داود من أجل صهيون فريدًا من نوعه، لأنّه كان يُمثّل الربّ كملك على إسرائيل. بصفته الملك الراعي، كان مسؤولًا عن رعاية شعب الله وحمايتهم. جلبت خطيئته الدينونة والمتاعب على شعب إسرائيل بطريقة أعظم من خطايا الآخرين. ومع ذلك، لا يزال صحيحًا ولو بدرجة أقلّ، أنّ خطايانا تؤذي الكنيسة أيضًا. على الرغم من أنّ خطايانا جرحت الآخرين، إلّا أنّنا ما زلنا نصلّي من أجلهم (وفي بعض الأحيان نعترف لهم بخطايانا). وعلى الرغم من معرفتنا للألم والحزن الذي اختبرناه بسبب ذلك، فإنّنا نصلّي من أجلهم ونشجّعهم حتّى لا يقعوا في الفخّ نفسه. إضافة إلى ذلك، نحن نعهد برعاية الكنيسة إلى رأسها، الربّ يسوع المسيح. لن نقدر في النهاية أن نقضي على الكنيسة بسبب خطايانا، كما لا يمكننا بناء الكنيسة وتنميتها باستخدام جهودنا الخاصّة. نحن نثق في المسيح ليبني كنيسته ويحافظ عليها، ويجب على صلوات التوبة التي نرفعها أن تشمل الكنيسة. ومع أنّ بعض الخطايا شخصيّة وخاصّة، إلّا أنّنا لا نرتكب الخطيئة بمعزل عن الآخرين. نحن أعضاء في جسد واحد (غلاطية 3: 26). لذلك نصلّي طالبين من الربّ أنْ يزيل شرّنا ويحافظ على شعبه ويؤسّس كنيسته ويُنجح طُرقهم.

كان في مقابل حزن داود على خطيئته ثقة في أنّ الرب يُسرّ بإظهار الرحمة لشعبه المكسور والمنسحق. عندما تكون عالقًا في غمرات حزنك الشديد على خطيئتك، اطلب المغفرة والاسترداد، وصمّم أنْ تسيرَ في طاعة جديدة، وصلّ من أجل الآخرين ألّا يسقطوا في الخطيئة. والأهمّ من ذلك، كما كان داود ينتظر بشوق التكفير الكامل والنهائيّ الذي سيقدّمه الربّ، فلنثبّت أعيننا على الملك الذي جاء ليجعلنا نبيضّ أكثر من الثلج. وهكذا، نقوم عن رُكَبنا التائبة، ونخرج بثقة بأنّ الربّ "قَدْ نَقَلَ" عنّا خطايانا (2 صموئيل 12: 13) "كبُعد المشرق عن المغرب" (مزمور 103: 12).

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

أرون جاريوت
أرون جاريوت
القس أرون جاريوت (@AaronGarriott) هو مدير تحرير مجلة تيبولتوك، وأستاذ مساعد بكليَّة الإصلاح للكتاب المُقدَّس، وقس مرتسم في الكنيسة المشيخيَّة في أمريكا (Presbyterian Church in America).