الهاوية
۲۷ يوليو ۲۰۲۳أجنحة النسور
۲ أغسطس ۲۰۲۳الزوفا
ملاحظة المُحرِّر: المقالة [الخامس] من سلسلة "كلمات وعبارات في الكتاب المقدّس يُساء فهمها"، بمجلة تيبولتوك.
للوهلة الأولى، لا يوجد شيء مميّز حول الزوفا. تحدّث سليمان عن أرز لبنان الذي ينمو ليُصبح طويلًا والزوفا النابت في الحائط (1 ملوك 4: 33؛ عبرانيّين 9: 19). كان الأرز والزوفا على طرفي نقيض من بعضهما البعض: فالأرز كبير وجميل، أمّا الزوفا فهو صغير وموحش. الزوفا هو نبات صغير وكثيف ينمو بشكل عامّ في الأماكن القاحلة والصخريّة كالحيطان. من خصائصه الرئيسيّة براعمه الشبيهة بالإسفنج التي تُكدّس الرطوبة من الهواء لتنقلها إلى أشياء أخرى، خاصّةً عندما تهتزّ نبتة الزوفا. إنّ قدرتها البسيطة على جمع السوائل وتوزيعها هي التي جعلتها مناسبة لأهمّ وظيفة في الطقوس الاحتفاليّة للعهد القديم، التي كانت كلّها نبوءات مصوّرة ترمز إلى عمل ذبيحة المسيح.
تؤكّد الإشارات في العهد الجديد إلى الزوفا حقيقةَ أنّ المسيح هو تتميم لطقوس العهد القديم، الأمر الذي جعلها لاغية من دون إلغاء أهميّة رسالتها. تذكر رسالة العبرانيّين 9: 19 بشكل مُحدّد عدم كفاية الزوفا وعناصر أخرى من ذبائح العهد القديم، للإشارة إلى تفوّق ذبيحة المسيح التي حقّقت بالفعل ما يمكن أن تُشيرَ إليه جميع رموز العهد القديم. على الرغم من عدم ذكر الزوفا في سياق الطقوس الموسويّة، إلّا أنّه من السخرية بمكان أنّ الإشارة إلى الزوفا في يوحنا 19: 29 يُربط بذبيحة يسوع الأعظم. الزوفا المبلّل بالخلّ والذي لامس شفتَيْ يسوع الجافّتَيْن سبق مباشرة الإعلان عن موته من خلال عبارة "قَدْ أُكْمِلَ" (يوحنا 19: 30). مع هذا الإعلان، أصبح أيّ استخدام طقسي آخر للزوفا غير ضروريّ. ومع ذلك، فإنّ التأمّل في صور الزوفا في العهد القديم يسلّط الضوء على أربع حقائق تمّت من خلال ذبيحة المسيح.
الخلاص من العبوديّة
كان أوّل استخدام للزوفا في عيد الفصح. كان الإسرائيليّون يعانون من عبوديّة قاسية خارجة عن إرادتهم، ولم يتمكّنوا من تحرير أنفسهم منها. مُحافظة منه على وعد العهد، خلّصهم الله باستعراض عظيم لقوّته التي لا تُقاوم. ولكن كان محور الفصح هو ذبيحة الحمل الكامل الذي تمّ اختياره ليكون بديلًا عن البكر. ذُبح الحملُ لتحقيق العدالة الإلهيّة، وسُفك دمُه استيفاء للغضب الإلهيّ. تمّ إراقة دماء كثيرة في تلك الليلة، ومع ذلك، لم يكن الدم هو الذي حقّق الخلاص، إنّما رشّ الدم. هنا يدخل الزوفا المشهد. كان على بني إسرائيل أنْ يغمسوا الزوفا في الدم ويرشونه على القائمتَيْن وعلى الجزء العلوي من الباب (خروج 12: 22). أينما وُضِعَ الدم، حدث خلاص. يُشير هذا بشكل مباشر إلى المسيح، فصحِنا، الذي ذُبح من أجلنا (1 كورنثوس 5: 7). يذكّرنا الزوفا على وجه التحديد أنّ الحقيقة التاريخيّة لموت المسيح ليست وحدها التي تُنقذ من قوّة وعبوديّة الخطيئة، إنّما رشّ دمه الذي يُحقّق ذلك.
التطهير من الخطيّة
يرتبط الاستخدام التالي المسجّل عن الزوفا بالتطهير من البرص (لاويين 14). كان البرص نوعًا من الأمراض الخارجيّة التي تصيب الجلد وجدران المباني. كان البرص صورة حيّة لطبيعة نجاسة الخطيئة التي تفصل الإنسان عن الله (إشعياء 59: 2). كان لا بدّ من وضع الأبرص في حجر صحّي، وفصله عن مجتمع العهد. ولكن كان للبرص علاج، كما أنّ للخطيئة علاج. هنا أُدخل طقس استخدام الزوفا والطائرَيْن. كان يُذبح طائر ويُترك ليقطر دمه في الماء، وكان الطائر الثاني يُطلق حيًّا بعد غمسه في الماء الممزوج بالدم. ثمّ كان الكاهن يقوم بغمس الزوفا في هذا الخليط ليرشّ به الأبرص الذي شُفي، مُعلنًا أنّه أصبحَ طاهرًا وبإمكانه العبادة في خيمة الاجتماع، حيث كان الله يلتقي مع شعبه (لاويين 14: 11). يُشير هذا الطقس الذي ينطوي على استخدام الزوفا والطائرَين بشكل مباشر إلى يسوع، الذي يطهّرنا دمُه من كلّ خطيئة (يوحنا الأولى 1: 7).
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.