كلمات معصومة
۱۳ يونيو ۲۰۲۳الوليّ الفادي
۲۵ يوليو ۲۰۲۳قرن خلاص
ملاحظة المُحرِّر: المقالة [الثاني] من سلسلة "كلمات وعبارات في الكتاب المقدّس يُساء فهمها"، بمجلة تيبولتوك.
الله "أَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلَاصٍ" (لوقا 1: 69). هكذا أعلن زكريّا، الكاهن العجوز ووالد يوحنّا المعمدان، قرب ولادة المسيح. ولكن، كيف سلّط رمز "القرن" الضوءَ على مجيء المسيح وعمله؟ ما هو مصدر هذه الصور، وماذا تعلّمنا عن مُخلِّصِنا وخلاصِنا؟
عظّم داود الله معتبرًا إيّاه "قرن... خلاصي" (مز 18: 2)، وكان يُنظر بتوقّع إلى المسيح منذ زمن طويل على أنّه "القرن" الذي سيُرفع (1صموئيل 2: 10؛ مزمور 132: 17). يعتبر كثيرون أنّ القرن هو صورة رمزيّة لقوّة وهيمنة حيوان قويّ، والمقصود بها أنْ ترمزَ إلى فعاليّة عمل الله من خلال المسيح. يمكن أيضًا اعتبار القرن صورة تمجيد وتعظيم، حيث يصوّر "رفع القرن" انتصار نعمة الله وتمجيد شعبه (1صموئيل 2: 1؛ مزمور 75: 10). هذا الرمز للقوّة والتمجيد هو بلا شكّ رمز كتابيّ، إلّا أنّه لا يفسّر تمامًا كيف أنّ القرن هو صورة للخلاص، كما أتمّه مُخلّص جاءَ كحملٍ وديع، بدلًا من أن يأتي كأيِّلٍ جبّار.
في الغالب، تُستخدم الكلمة المترجمة "قرن" (بالعبريّة qeren) في العهد القديم لا للإشارة إلى الحيوانات، بل إلى المذابح في خيمة الاجتماع والهيكل. مثلًا، "القرون" هي سمة مميّزة لمذبح البخور (خروج 30: 2-3). من المحتمل أنْ تكونَ هذه القرون على شكل نتوءات صاعدة عند الزوايا الأربع للمذبح. أمر الله رئيس الكهنة "أن يصنع كفّارة على قرونه مرّة في السنة" (خروج 30: 10)، الأمر الذي كان يحدث في يوم الكفّارة، عندما كان يوضع دم ثور وتيس... "وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا" (لاويين 16: 18). وبالمثل، في ذبيحة الخطيئة، كان يُجعل دم الثور "على قرون المذبح" (لاويين 4: 7). كان دم الثيران والتيوس يرمز إلى الكفّارة، لكن كان يوضع الدم على قرون المذبح رمزًا للتكفير.
في الخدمة الكهنوتيّة وحياة العبادة في إسرائيل، كانت ترتبط قرون المذبح ارتباطًا وثيقًا بتقديم الكفّارة من خلال سفك الدم. لم تكن تحتلّ مكانة صغيرة في رمزيّة الطقوس لمغفرة الله التي ستتحقّق في المسيح. ربّما كان هذا الارتباط بين قرون المذبح والتكفير عن الخطيئة، هو السبب في أنّ العديد من شخصيّات العهد القديم، كانت تتمسّك بقرون المذبح خوفا من القتل. كان القيام بذلك يُعتبر طلبًا للرحمة.
بالنظر إلى هذه الخلفيّة، كان ارتباط القرون بتدبير الكفّارة أمرًا طبيعيًّا بالنسبة إلى زكريّا الكاهن. وهكذا، بدا من المهمّ عندما ظهر جبرائيل لزكريّا، أنّ الملاك كان يقف بجانب مذبح البخور، قرب تلك "القرون" تمامًا حيث كان رمزًا إلى عمل المسيح لقرون طويلة (لوقا 1: 11). بقي زكريّا أخرسًا لبعض الوقت بعد لقائه هذا، ولكن عندما انطلق لسانه أخيرًا، تنبّأ بميلاد المسيح قائلًا عنه إنّه "أقام لنا قرن خلاص" (لوقا 1: 69). على هذا القرن، سيُسفك دم الكفّارة مرّة واحدة وإلى الأبد، و "من أجلنا."
لا يُمكن لرش الدم على قرون المذبح سنة بعد سنة أنْ يُحقّقَ الخلاص الذي كان يرمز إليه (عبرانيين 10: 1-4). كلّ عنصر من عناصر المقدس الأرضيّ هو توقّع ورمز إلى مجيء المسيح، رئيس الكهنة العظيم الذي تكفّر تضحيته بنفسه عن خطايا شعبه بشكل حاسم وإلى الأبد (9: 23-28). أصبح بإمكاننا الآن أنْ نبتهجَ ونشكرَ لأنّ "قرن الخلاص" قد ارتفع مكان قرون المذبح القديم. تم رشّ الدم على هذا القرن مرّة واحدة فقط، ولكن بواسطة الدم الوحيد القادر على تطهيرنا من كلّ خطيئة (يوحنا الأولى 1: 7).
قد يكون التمسّك بقرون المذبح طريقةً قديمة لطلب الرحمة، لكنّها لم تكن مضمونة. فعل كلّ من أدونيا ويوآب ذلك، لكنّهما نالا جزاء خطاياهما (1ملوك 1: 50-53؛ 2: 25، 28-34). ومع ذلك، وفّر الله لجميع شعبه قرنًا حقيقيًّا وأبديًّا للخلاص بيسوع المسيح. التمسّك به وحده، وبالإيمان وحده، هو الحصول على السلام مع الله ومغفرة الخطيئة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.