هل المسيحيّون فاسدون بالكامل - خدمات ليجونير
الرعاية هي عمل الثالوث
۵ ديسمبر ۲۰۲۳
صَوْنُ الوحدةِ في غَمْرَةِ الخِلافات
۷ ديسمبر ۲۰۲۳
الرعاية هي عمل الثالوث
۵ ديسمبر ۲۰۲۳
صَوْنُ الوحدةِ في غَمْرَةِ الخِلافات
۷ ديسمبر ۲۰۲۳

هل المسيحيّون فاسدون بالكامل

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [العاشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ الحياة اليهودية في أيام يسوع].

ذاتَ مرّة، قامَ جون نيوتن بتلخيص تجربة المؤمن فيما يتعلّق بخطيّته على الشكل التالي:

أنا لستُ ما ينبغي أنْ أكونَ عليه. آه! كم أنا غير كامل وناقص! أنا لست ما أودّ أنْ أكونَ عليه. أكرهُ ما هو شرّ وأتشبّثُ بالخير. أنا لست ما أرجو أنْ أكونَ عليه. قريبًا، وقريبًا جدًّا، سأخلع ما هو فانٍ، وأخلع معه كلّ الخطيّة والنقص. ولكن، على الرغم من أنّني لستُ ما ينبغي أنْ أكونَ عليه، ولا ما أودّ أنْ أكونَ عليه، ولا ما أرجو أنْ أكونَ عليه، إلّا أنّني أستطيعُ أنْ أقولَ حقًا إنّني لست كما كنتُ عليه في السابق – عبدًا للخطيّة والشيطان. ومن كلّ قلبي أستطيع أنْ أنضمّ إلى الرسول مُعترفًا: "بنعمةِ الله، أنا ما أنا عليه الآن."

هذا شعور جميل حول الطريقة التي يجب على المؤمنين الحقيقيين أن ينظروا بها إلى أنفسهم في ضوء نعمة الله المتجددة في الإنجيل. لم نعد كما كنا (فاسدين تمامًا)، ومع ذلك لم نعد كما سنكون يومًا ما (متحررين تمامًا من الفساد المتبقي). إن فهم هذه الحقائق أمر حيوي إذا أردنا التقدم في الحياة المسيحية.

يشرح إقرار إيمان وستمنستر طبيعةَ الفسادِ الكامل عند كلّ البشر: "صرنا نافرين تمامًا من كلّ صلاح، وعاجزين عن فعله، ومقاومين له، وميّالين كليًّا نحو كلّ شرّ" (6.4). عندما تأمّل جون جيرستنر في عقيدة الفساد الكامل في كلمة توليب الكالفينيّة، قال: "الفساد الكامل هو مُساهمتنا الأصليّة الوحيدة في كلمة توليب. نحن التربة القذرة التي يزرع فيها الله وردته، ومن قذارتنا ينتج شيئًا بجمال إلهي." لكي ترى حاجتَك إلى نعمة فداء الله، عليك أوّلًا أنْ تتصالحَ مع ما يعلّمه الكتاب المقدّس عمّا أنت عليه بطبيعتك: أي أنّك فاسد وشرّير بالكامل.

قام إشعياء بتلخيص مدى فساد الإنسان في اتّهام وجّهه ضدّ إسرائيل العهد القديم: "مِنْ أَسْفَلِ ٱلْقَدَمِ إِلَى ٱلرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ" (إشعياء 1: 6). فضح إرميا فساد قلب الإنسان الخاطئ حين كتب: "اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟" (إرميا 17: 9). وقد اقتبس الرسول بولس من كاتب المزمور قائلًا: "ليس بارّ ولا واحد" (مزمور 14: 1؛ 53: 1؛ رومية 3: 10). كلّ الذين وُلدوا من آدم بالولادة الطبيعيّة أصبحوا "أَمْوَاتًا بِٱلذُّنُوبِ وَٱلْخَطَايَا" (أفسس 2: 1). إنّ أذهاننا وإراداتنا وعواطفنا ومشاعرنا وضمائرنا نجسة بالكامل بالخطيّة (أفسس 4: 17؛ تيطس 1: 15-16). بالطبيعة، كلّ ملكاتنا هي أدوات إثم (رومية 6: 19).

بما أنّ كل البشر (خلا ربّنا يسوع) قد سقطوا في آدم وفسدوا فسادًا مُطلقًا، فإنّ كلّ البشر بحاجة إلى آدم الأخير ليبرّرهم بحريّة بموته وقيامته (رومية 5: 12-21؛ 2 كورنثوس 5: 21؛ غلاطية 3: 10-14). في المسيح، خلّص الله شعبَه "مِنْ سُلْطَانِ ٱلظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ" (كولوسي 1: 13). لقد غيَّر المؤمنين بنعمته من خلال عمل روحه، بالاستناد إلى الفداء الذي ضمنه ابنه. أوضح توماس بوسطن في كتابه: Human Nature in Its Fourfold State مدى عمل الله المُجدّد:

الخطيئة الأصليّة تُفسد الإنسان برمّته؛ أمّا النعمة المُجدّدة التي هي العلاج، فإنّها تصل إلى حدّ الآفة... إنّه لا يحصل على رأس جديد فحسب لمعرفة وفهم الدين الحقيقيّ؛ ولا يحصل على لسان جديد ليتكلّم من خلاله؛ بل يحصل على قلب جديد يحبّه ويحتضنه طوال كلّ أيّام حياته.

ولا يستمرّ المؤمنون في حالة من "الانحراف الكامل نحو كلّ ما هو شرّ"، بل قام روح الله بتجديد المؤمنين ليعملوا "مَا يُرْضِي أَمَامَهُ" (عبرانيين 13: 21). يمكننا الآنَ أنْ نسلكَ "كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ" (كولوسي 1: 10) ويمكننا الآن أن "نرضي الله" (1 تسالونيكي 4: 1). أوضح الرسول بولس في رسالته إلى تيطس كيف تمكّن نعمة الله المفديّين للعيش باستقامة:

لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ ٱللهِ ٱلْمُخَلِّصَةُ لِجَمِيعِ ٱلنَّاسِ، مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ ٱلْفُجُورَ وَٱلشَّهَوَاتِ ٱلْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِٱلتَّعَقُّلِ وَٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَى فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ، مُنْتَظِرِينَ ٱلرَّجَاءَ ٱلْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ ٱللهِ ٱلْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لِأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ. (تيطس 2: 11-14)

في حين أنّ هذه حقيقة مجيدة، يستمرّ المؤمنون في مُحاربة الخطيّة الساكنة فيهم بعد التجديد كجزء من تقديسهم. وكما نصّ إقرار إيمان وستمنستر: "فسادُ الطبيعة هذا، خلال هذه الحياة، يبقى في الذين تجدّدوا؛ ومع أنّ كونه، بالمسيح، قد صُفح عنه، وأميت، إلّا أنّ كلٌّ من الطبيعة نفسها، وكلّ نزواتها، هي فعلًا وحقًّا خطيّة."  (6.5).

تكشف لنا رومية من الإصحاح 6 إلى 8 ديناميكيّة التقديس. يوضّح الرسول في الإصحاح 6: 1-23 أنّ المؤمنين قد اختبروا خَرْقًا راديكاليًّا لقوّة الخطية بواسطة اتّحادهم بالمسيح.  وفي الإصحاح 7: 13-25، يشرح المعركة المستمرّة مع الخطيّة الساكنة فينا. وفي الإصحاح 8: 1-11، يطلب من المؤمنين أن يُميتوا الخطايا الباقية بقوّة الروح القدس. وفي الوقت نفسه، يعلّم الرسول أنّ المؤمنين لم يعودوا فاسدين بالكامل، وأنّ "فساد الطبيعة" يستمرّ موجودًا فيهم.

عندما نتأمّل في تعليم الكتاب المقدّس الكامل عن علاقة المؤمن أو المؤمنة بالخطيّة، سيُصبح لدينا فهم صحيح لما كنّا عليه، وما نحن عليه الآن، وما سنكون عليه ذات يوم. سنكون أيضًا قادرين أن نقول مع نيوتن: أنا لست ما ينبغي أنْ أكون عليه. أنا لست ما أريد أنْ أكون عليه. أنا لست ما أودّ أنْ أكونَ عليه. ومع ذلك، يمكنني أن أضمّ صوتي إلى الرسول وأعترف من كلّ قلبي: "بنعمة الله، أنا ما أنا عليه."

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

نيكولاس باتزيج
نيكولاس باتزيج
القس نيكولاس باتزيج (@Nick_Batzig) هو مدير تحرير مجلة (Reformation 21). وهو يكتب في مدونة (Feeding on Christ).