صَوْنُ الوحدةِ في غَمْرَةِ الخِلافات - خدمات ليجونير
هل المسيحيّون فاسدون بالكامل
٦ ديسمبر ۲۰۲۳
الطريق والحقّ والحياة
۱۱ ديسمبر ۲۰۲۳
هل المسيحيّون فاسدون بالكامل
٦ ديسمبر ۲۰۲۳
الطريق والحقّ والحياة
۱۱ ديسمبر ۲۰۲۳

صَوْنُ الوحدةِ في غَمْرَةِ الخِلافات

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الحادي عشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ الحياة اليهودية في أيام يسوع].

يمكنُ تشبيهُ تأثيرَ الخطيّة على العالم بقنبلةٍ يدويّة متفجّرة. عندما يتمُّ إشعال الشُحنة الناسفة، تنشطرُ القنبلةُ من الوسط إلى قطعٍ صغيرة، وتتبعثر في كلّ الاتجاهات، مسبّبة أضرارًا في كلّ مكان. هكذا هو الحال منذ أنْ أكلَ آدمُ من الثمرة المحرّمة، فقد تبعثرتِ الأشياء التي أرادَ الله لها أنْ تكونَ معًا. دُمّرت شَرِكةُ محبّةِ الإنسان مع الله نفسه؛ وتحطّمت شَرِكة المحبّة بين البشر (بدءًا من الزواج)؛ وتفكّكت علاقة الإنسان بالخليقة، وكذلك علاقة الخليقة بنفسها. بهذه الطًرق الرئيسيّة وبطرق أخرى كثيرة، نسفتِ الخطيّةُ عالمَ الله الجميل.

جاء المسيحُ ليُحضرَ كلَّ تلك الأشياء معًا في وحدة كاملة. قال يسوع: "مَنْ لَا يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ" (متّى 12: 30). وقال يوحنّا إنّ يسوع مات "لَيْسَ عَنِ ٱلْأُمَّةِ فَقَطْ، بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ ٱللهِ ٱلْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ" (يوحنّا 11: 52). قال بولس إنَّ هدفَ الله الأبديّ هو أنْ يجمعَ كلّ ما في السماء والأرض في المسيح (أفسس 1: 9-10). وبما أنّ هذه هي خطّة الله، فقد صلّى المسيح من أجل تحقيقِ هذا الهدف في يوحنّا 17، طالبًا من الآب ثلاثَ مرّات أنْ يكونَ جميع المختارين واحدًا كما أنّ الآب والابن هما واحد (الآيات 11، 21، 26). هذا أمر مُذهل. وفي السماء، سيكون جميعُ المفديّين واحدًا بالكمال والتمام، ومُشابهين في كلّ شيء وحدةَ الثالوث.

ممّا تتكوّنُ هذه الوحدة الكاملة للثالوث؟ الله مُثلّث الأقانيم: الآب والابن والروح القدس. ولأنّهم من جوهرٍ واحد، ولديهم إرادة واحدة، فإنّهم مُتّحدون تمامًا في مَهمَتهم. هذا النوع من الوحدة يُشبه الوحدة التي سيتمتّع بها المفديّون في السماء.

ولكن هذه الوحدة لم تتحقّق بعد. وفي خدمة الإنجيل، خاصّة في حياة الكنيسة المحليّة أو الخدمة المسيحيّة، لا بدَّ أنْ تقعَ الخلافات. سوف يرى الإخوة والأخوات الأمورَ بشكلٍ مختلف، وعليهم معالجة هذه الاختلافات مُعتمدين على فداء الله لمجدِه وتقدّم الإنجيل. يبدو أنّ كلّ كنيسة محليّة تقريبًا مذكورة في العهد الجديد كانت تعاني من مشاكل خطيرة لها علاقة بالانقسامات. سألَ يعقوب: "مِنْ أَيْنَ ٱلْحُرُوبُ وَٱلْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟" (يعقوب 4: 1-3). كان على بولس أنْ يعالجَ الانقسامات الناتجة عن الخطيّة في كنيسة كورنثوس كأولى أولويّاته (١ كورنثوس 1: 10-12). وحتّى الرسول بولس نفسه كان على خلاف حادّ مع برنابا (أعمال الرسل 15: 37-39). وبالطريقة نفسها، فإنّ تاريخ الكنيسة مليء برجال أتقياء كانت لديهم خلافات خطيرة مع بعضهم البعض - كمارتن لوثر وهولدريش زوينجلي؛ وجورج وايتفيلد وجون ويسلي. وجون ستوت ومارتين لويد جونز. هذه مشكلة خالدة لا تزال تشكّل آفة في وسطنا. فلنفكّر في خمسة دوافع وخمس طرق لصون وحدتنا.

دوافعُ الحفاظِ على الوحدة

حقيقة روحيّة حاضرة وأبديّة. المسيحيّون الحقيقيّون هم حقًّا واحد في المسيح روحيًّا. منذ لحظة التجديد، نتّحد روحيًّا مع المسيح (رومية 6: 1-4) وبالتالي نتّحد مع جميع المسيحيّين الآخرين. وفي السماء، سنكون واحدًا كما أنّ الآب والابن واحد، كاستجابة مُباشرة لصلاة يسوع الكهنوتيّة الكبرى في يوحنّا 17. يمنحنا هذا الواقع الأساسَ لشرح مسائلَ أخرى أقلّ أهميّة.

 

طاعة. يوصي بولس المسيحيّين أنْ يكونوا "مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ ٱلرُّوحِ بِرِبَاطِ ٱلسَّلَامِ" (أفسس 4: 3).

شهادة. صلّى يسوع من أجل أتباعه "لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ ٱلْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يوحنا 17: 23، تمّ إضافة الخطّ الأسود للتشديد). إنّ الرحلةَ نحو وحدة أكثر كمالًا بين المسيحيّين في هذا العالم هي شهادة قويّة للمسيح. ومن الناحية الأخرى، عندما يتجادل المسيحيّون، فإنّ ذلك سيؤثّر في قدرتهم على نشر كلمة الإنجيل (فيلبي 2: 14-16). إنّ الصراع المسيحيّ الذي تشوبه الخطيّة هو شهادة سيّئة لعالمٍ يراقبنا.

حكمة. في كلّ صراع شديد يقع بين المسيحيّين الحقيقيّين، يجب توقّع وجود عناصرَ من الحقّ والحكمة على جانبي المسألة المطروحة. أحبّ أنْ أفكّر في أنّ الحلّ لكلّ قضيّة خلافيّة هو وصفة تتكوّن من عناصر متعدّدة، ويجب على كلا الجانبَيْن أنْ يساهموا بمكوّناتهم حتّى تكتملَ الوصفة.

نموّ. "ٱلْحَدِيدُ بِٱلْحَدِيدِ يُحَدَّدُ، وَٱلْإِنْسَانُ يُحَدِّدُ وَجْهَ صَاحِبِهِ (أمثال 27: 17). يستخدمُ اللهُ الصراعات لشحذنا، فيقطع أجزاءَ من ذواتنا الخاطئة ويشحذنا لتقديم خدمة أفضل.

طرقٌ للحفاظ على الوحدة

أحبّوا بعضكم بعضا. راجع أوصاف المحبّة في (١ كورنثوس 13: 4-7). ابدأ بهذا الوصف: "ٱلْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ" فلنذكّر أنفسَنا باستمرار أنّنا سنقضي الأبديّة في السماء معًا ونحن نحبّ بعضنا البعض بالكمال والتمام.

التواضع. راجع الدروس التي نتعلّمها من (فيلبي 2: 1-11). يجب أنْ نُدركَ أنّ الصراعَ يصبح أكثر سخونة بسبب الأنانيّة التي نأتي بها إلى طاولة الحوار. لقد أوصانا بولس أنْ نعتبرَ الآخرين أفضلَ من أنفسنا، وأنّ مصالحَ الآخرين أهمّ من مصالحنا.

الكلمة. في النهاية، يجب حلّ جميع المسائل العالقة من خلال التفسير السليم لمقاطع ذات صلة من الكتاب المقدّس. فعندما نُفصّل "كَلِمَةَ ٱلْحَقِّ بِٱلِٱسْتِقَامَةِ" (2 تيموثاوس 2: 15) سننمو في كلّ شيء لنُصبح مشابهين نُضج المسيح (أفسس 4: 15) ونميّز حكمة الله في كلّ الظروف.

الإرشادات من رومية 14. يُعتبر الإصحاح 14 من رسالة رومية دليل للتعامل مع القضايا التي ينتج عنها جدالات. أحد المبادئ الأساسيّة هو عدم إدانة خادم شخص آخر (الآية ٤).

الصلاة. إنّه أمرٌ أساسيّ أنْ نرفعَ صلواتٍ من القلب عندما تقعُ الانقسامات. إنَّ التضرّعَ إلى الله من أجل الوحدة والحكمة والتواضع والمحبّة بين جميع الأشخاص المعنيّين هو نموذج واضح قدّمه لنا المسيح في يوحنّا 17.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

أندرو م. دافيس
أندرو م. دافيس
الدكتور أندرو م. ديفيس هو كبار الرعاة في الكنيسة المعمدانيّة الأولى في مدينة دورهام، في ولاية كارولاينا الشماليّة، ومؤسّس خدمة Two Journeys Ministry. وهو مؤلّف العديد من الكتب، بما في ذلك كتاب بعنوان: Revitalize.