ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر المزامير - خدمات ليجونير
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة فيلبّي  
۱٤ فبراير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة رومية
۲٦ فبراير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة فيلبّي  
۱٤ فبراير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة رومية
۲٦ فبراير ۲۰۲۵

ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر المزامير

كان سفر المزامير كتاب الترانيم الذي كان ربُّنا يسوع المسيح يستخدمه في الترنيم في كلّ يوم سبت. لدينا في كنيسة اليوم الكثير من كتب الترنيم، لكنْ في زمن يسوع كان هناك كتابٌ واحد: سفر المزامير الذي يحتوي على 150 ترنيمة. ما مدى معرفتنا لكتاب ترنيم مُخلِّصنا؟  

1. كُتِب سفر المزامير عبرٍ فترةٍ امتدّت حوالي الألف سنة.  

 الراجح أنَّ مزمور 90، وهو مزمور كتبه موسى، كان أقدم مزمور، وقد كُتِب حوالي العام 1500 ق.م. يصعب أن نعرف متّى كُتِب آخر مزمور، ولكنّ يُرجَّح أن المزمور 126، الذي يبدأ بالكلمات "عِنْدَمَا رَدَّ الرَّبُّ سَبْيَ صِهْيَوْنَ، صِرْنَا مِثْلَ الْحَالِمِينَ"، يُشير إلى عودة شعب إسرائيل من السبي عام 537 ق.م.  

 2. تشكّل المراثي حوالي 40 بالمئة من المزامير.   

من بين المئة وخمسين مزمورًا، تسعة وخمسون منها مراثٍ، وهي ترانيم كُتِبت بنبرةٍ خفيضةٍ حزينة. ثمة مزامير امتلأت بالفرح والبهجة، مثل المزمور 47. ولكن لماذا لدينا هذا القدر الكبير من المراثي؟ تُعاش حياة الإيمان، الشخصيّة والجماعيّة، في عالم ساقط وفي حالة تضادّ مع الجسد والعالم وإبليس. وقال قال يسوع لتلاميذه: "فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ" (يوحنا 16: 33). تُعبِّر المزامير عمّا في القلب من صراعات وأحزان وتعب وتعقيدات وفشل، وبالتالي هيّ تمثِّل الاختبار اليومي في حياة كلّ مؤمن. فكِّر بالكلمات التالية من مزمور 44:  

بِاللهِ نَفْتَخِرُ الْيَوْمَ كُلَّهُ،  

وَاسْمَكَ نَحْمَدُ إِلَى الدَّهْرِ. سِلاَهْ. 

لكِنَّكَ قَدْ رَفَضْتَنَا وَأَخْجَلْتَنَا،  

وَلاَ تَخْرُجُ مَعَ جُنُودِنَا.  

تُرْجعُنَا إِلَى الْوَرَاءِ عَنِ الْعَدُوِّ،  

وَمُبْغِضُونَا نَهَبُوا لأَنْفُسِهِمْ.  

جَعَلْتَنَا كَالضَّأْنِ أُكْلاً.  

ذَرَّيْتَنَا بَيْنَ الأُمَمِ. (مزمور 44: 8-11) 

وربّما رنَّم يسوع هذه الكلمات حين كان يقف أمام الآب ليمثِّل شعبه. أو فكِّر بكلمات المزمور 51 التالية، وهو ترنيمة الملك داود التي عبَّر فيها عن توبته بعد كارثة خطيّته مع بثشبع:  

اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ.  

حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ.  

اغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ إِثْمِي،  

وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي.  

لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ،  

وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِمًا. (مزمور 51: 1-3) 

تمكِّن المراثي الكثيرة في سفر المزامير المؤمنين الذين في أعماق الألم، أو الذين يتعرَّضون لِمِحَنٍ، في أن يُعبِّروا بكلماتٍ موحى بها بالروح القدس عن الصراعات والأحزان التي في قلوبهم. المراثي الكثيرة هي علاجات روحيّة تساعد في طمأنة قلوب أولاد الله وتهدئتها وإعادة ضبطها.  

3. محور المزامير هو الملك المسيّا الموعود به من الله، يسوع المسيح.  

 يستطيع مؤمنون كثيرون أن يُشيروا إلى مزامير تتكلَّم بوضوح عن الملك المسيّا الموعود به من الله. فكِّر بمزمور 2 مثلًا: "أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ" (مزمور 2: 7)، أو المزمور 41: "أَيْضًا رَجُلُ سَلاَمَتِي، الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!" (مزمور 41: 9؛ وقد اقتبس يسوع هذه الكلمات في يوحنا 13: 18). ولكنّ سفر المزامير يقدِّم شهادة أكبر وأجلّ وأعظم ليسوع من آيةٍ هنا وآية هناك.  

فحين كان الصليب يُوشِك أن يلقي بظلمة ظلاله على نفس يسوع البشريّة، طرح على القادة الدينيّين الذين كانوا يخطِّطون لقتله هذا السؤال:  

"مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟" قَالُوا لَهُ: "ابْنُ دَاوُدَ". قَالَ لَهُمْ: "فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا، قَائِلاً:  

قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي:  

اجْلِسْ عَنْ يَمِيني  

حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ"؟  

فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟" (متّى 22: 41-45؛ وهو يقتبس من مزمور 110: 1) 

وكانت شهادة المزامير عن يسوع هي الشهادة الأسمى في فكر يسوع حين كان مُعلَّقًا على الصليب، حاملًا الدينونة العادلة التي استحقّتْها خطيّتنا، صارخًا: "إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" (متّى 27: 46، مقتبسًا من مزمور 22: 1).  

وفكِّر بكلماتِ يسوع بعد قيامته: "’هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ‘. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ" (لوقا 24: 44-45).  

ويتكلَّم سفر المزامير بمجمله عن الملك المسيّا الموعود به من الله. إنّه "الرَّجُل المُطوَّب والمبارَك" الذي يقدِّم مثالًا على الحياة البارّة التي يصوِّرها المزمور 1. هو الملك الذي ستصير أعداؤه موطئًا لقدميه (مزمور 2؛ مزمور 110: 1). هو المتألِّم البارّ الذي يصوِّر ويجسِّد الثقة بالربّ (مزمور 22).  

ويصوِّر سفر المزامير حياة الإيمان الممتزجة بالنّزاهة المؤلمة. فتذكِّرنا المزامير بأنّ نمط الموت والقيامة الذي نُحِت في بشريّة الربّ يسوع المسيح المُقدَّسة هو النمط الذي يسعى الروح القدس إلى أن يخلقه في حياة كلّ أولاد الله. سفر المزامير كتاب ترانيم موحى به من الله يعكس القِمَم والقيعان، الانتصارات والمآسي، وسط شعب عهد الله عبر ألفِ سنة. وقد وصف كالڤن سفر المزامير بأنّه "تشريح لكلّ أجزاء النفس". فلنستخدم كتاب الترانيم الذي كان المُخلِّص يستخدمه لئلّا نعرِّض عبادتنا للضعف والفقر، ونسلب أنفسنا من الروحانيّة الغنيّة التي تملأ ترانيمه.  

هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها". 


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

إيان هاملتون
إيان هاملتون
الدكتور إيان هاميلتون (Ian Hamilton) رئيس "كلّيّة وستمنستر المشيخيّة للاهوت" (Westminster Presbyterian Theological Seminary) في مدينة نيوكاسل بإنجلترا، وهو مدرِّس مُشارك في "كلّيّة غرينڤيل المشيخيّة للاهوت" (Greenville Presbyterian Theological Seminary) في مدينة غرينڤيل بولاية ساوث كارولاينا، وعضوٌ في مجلس أمناء دار "راية الحق" (Banner of Truth Trust) للنشر. ألَّف العديد من الكتب، ومنها "كلمات من الصليب" (Words from the Cross)، و"راعينا السّماويّ" (Our Heavenly Shepherd)، وتفسيرًا لرسالة أفسس ضمن سلسلة Lectio Continua Expository Commentary الخاصّة بالعهد الجديد.