
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر أيُّوب
۱۰ يونيو ۲۰۲۵
ثلاثة حقائق ينبغي أن تعرفها عن سفر حبقّوق
۱۷ يونيو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر الأمثال

1. سفر الأمثال مجموعة من أقوال الحكمة، وليس مجموعة من الضمانات.
للوهلة الأولى، يبدو أنَّ سفر الأمثال يقدِّم إجابةً سهلة وسريعة ونمطيّة لمشاكل الحياة. يبدو أنّ السفر يضمن الازدهار والنجاح للذين يضعون معادلاته وصِيَغه موضع العمل في حياتهم. وبكلماتٍ أخرى، قد تقودك القراءة السطحيّة لسفر الأمثال إلى الاستنتاج بأنّك إنْ عملتَ "س" فستحصل على "ص"، إذْ "س" هي الحكمة و"ص" هي النجاح والازدهار البشريّين. فمثلًا، يُخبِرنا سفر الأمثال 3: 1-2 أنّ مَن يتذكَّر تعليم سفر الأمثال ويحفظ وصاياه سيعيش حياةً طويلة ويختبر الازدهار. إن نظرنا إلى هاتَين الآيتَين وحدهما فقد تبدو هذه نتيجةً مضمونة، أليس كذلك؟ يمكنك أن ترى كم هو مغرٍ أن تقرأ سفر الأمثال بهذه الطريقة المبسَّطة الساذجة، ولكنّ قراءة سفر الأمثال بهذه الطريقة قراءة خاطئة ويُحتمَل أنْ تتسبَّب بالأذى.
لا يقدِّم سفر الأمثال لنا صِيَغًا تنجح في كلّ الأوضاع، ولكنّه يقدِّم مبادئ تستحقّ تفكُّرنا وتطبيقها بفهم. علينا أنْ نقرأ سفر الأمثال في ضوء المبدأ الكتابي العامّ بأنّ المجازاة تعقب فورًا ودائمًا الطاعةَ. ولكنّ مكافآتنا للطاعة تُؤجَّل في بعض الأحيان، وبعضها قد يؤجَّل إلى الدهر الآتي. تذكَّر أنَّ يسوع المسيح، الذي كان تجسيد الحكمة وعاش في طاعةٍ كاملةٍ لكلّ الوصايا، عانى كثيرًا مدّةً من الزمن. ولم يتمجَّد إلا بعدَ أن تألَّم طائعًا (فيلبّي 2: 5-11). علينا أن نسعى وراء حكمة سفر الأمثال ليس لأنّها تُفضي إلى نتائج مضمونة، بل لأنّه هبة من الله لإرشاد حياتنا وتوجيهها في هذا العالم.
2. يذكِّرنا سفر الأمثال بأنَّ الله يهتمّ بكلّ نواحي حياتنا.
إحدى سمات سفر الأمثال هو نطاقه الواسع. فيعالج سفر الأمثال نواحي كثيرة في الحياة البشريّة بطريقةٍ عمليّة جدًّا. وإنْ رسمتَ خارطةً للمحتوى الموضوعيّ لسفر الأمثال، فسترى أنّه يعالج طيفًا واسعًا من المواضيع والاهتمامات، مثل الغنى والمال (أمثال 3: 9، 13-14؛ 11: 4؛ 13: 7، 11، 22؛ 14: 31؛ 21: 5؛ 28: 6، 20؛ 30: 8-9)، والكلام (أمثال 10: 19؛ 12: 19؛ 15: 23، 28؛ 17: 27-28؛ 15: 11؛ 26: 20)، والعمل (أمثال 6: 6-11؛ 12: 11؛ 19: 15؛ 20: 4، 13؛ 26: 13-16)، والصداقة (أمثال 17: 17؛ 18: 24؛ 27: 6، 9)، والزواج (أمثال 12: 4؛ 18: 22؛ 19: 14؛ 27: 15؛ 31: 30)، والوالديّة (أمثال 13: 24؛ 17: 6؛ 19: 18؛ 22: 6؛ 23: 13-14؛ 29: 17)، والناحيّة الجنسيّة في حياة الإنسان (أمثال 5: 3، 8-9، 15-19؛ 6: 27-29). وهذا يذكِّرنا أنَّ الله يهتمّ بكلِّ نواحي حياتنا، ويريدنا أن نطبِّق كلمته وحكمته ونعيشهما في كلّ النواحي.
يجزِّئ المسيحيّون في بعض الأحيان حياتهم بأن يحيلوا إيمانهم إلى عبادة صباح الأحد أو إلى الأمور التي تُدعى "روحيّة"، مثل التأمُّل الشخصيّ والصلاة والكرازة. ومع أنَّ الأمانة والالتزام في الانضباطات والمسائل الدينيّة أمرٌ مهمٌّ بالنسبة إلى الله ولخيرنا ورفاهنا، فإنّها مهمّة أيضًا في الطريقة التي بها نمارس وكالتنا على المال الذي في يدنا، وفي استخدام كلامنا، وفي إتمام عملنا، وفي اختيارنا أصدقاءنا وشركاء حياتنا. وبإعطاء سفر الأمثال حكمةً لكلّ مجالات الحياة فإنّه يتحدّى ويصوِّب ميلنا إلى تجزيئ إيماننا.
وعلاوةً على ذلك، فإنّ اهتمام الله الأبوي بكلّ نواحي حياتنا يملأ هذه النواحي في التجربة البشريّة بمعنى ومغزى عظيمَين. يساعدنا سفر الأمثال في تبنّي نظرة إلى الحياة والعالم تشجِّعنا على أن نعمل كلّ شيءٍ لمجد الله (1 كورنثوس 10: 31). ويذكِّرنا سفر الأمثال بأنّ كل ما نعمله ذو قيمة بالنسبة إلى الله، وأنّ الله يريد الأفضل لنا. وفي النهاية، فإنّ شموليّة المجالات التي تغطّيها حكمة سفر الأمثال هبة من الله لمساعدتنا في أن ننجح ونزدهر.
3. يُشير سفر الأمثال إلى يسوع بتأكيده على الحكمة.
مع أنّ سفر الأمثال كثيرًا ما يتعرَّض للتجاهل من ناحيةِ كونه مصدرًا للرموز أو الظلال التي تُشير إلى عمل يسوع المسيح، فإنّه يتكلَّم عن يسوع بطرقٍ عظيمة وقويّة. فأوّلًا، تُظهِر الأناجيل أنَّ يسوع كان يملك حكمةً عظيمة. فحتّى حين كان طفلًا، حين كان يعلِّم الشيوخ في دار الهيكل، أظهر حكمته، ويُخبِرنا الكتاب المُقدَّس أنّه كان ينمو في الحكمة (لوقا 2: 47-52). وبالإضافة إلى هذا، حين بدأ يسوع خدمته العلنيّة، كانت طريقته المُفضَّلة في تعليم الآخرين هي استخدام الأمثال، وهي شكلٌ من أشكال تعليم الحكمة. وتصوِّر الأناجيل يسوع بصفته معلِّمَ حكمة، مثل حكماء سفر الأمثال.
نقطة الارتباط الثانية ما بين يسوع وسفر الأمثال هي أنَّ سفر الأمثال يعلِّمنا عن القيمة العظيمة للحكمة. فيحثُّنا سفر الأمثال على أن ننظر إلى الحكمة بوصفها أمرًا أعظم قيمة من الفضّة والذهب (أمثال 3: 14-35). ويحثُّ سفر الأمثال قرّاءه على أن يسعوا وراء الحكمة وأن يحصِّلوها، لكونها عظيمة القيمة.
ويُخبِرنا العهد الجديد أن يسوع هو "حِكْمَةُ اللهِ" (1كورنثوس 1: 30)، وأنّه فيه مُدَّخرةٌ جميعُ "كُنُوزِ الحِكْمَةِ وَالعِلْمِ" (كولوسي 2: 3). وهكذا، فإنّ حضَّ سفر الأمثال على أن نسعى وراء الحكمة أكثر من أيّ شيءٍ آخر هو في النهاية دعوة إلى أن نسعى لمَن هو الحكمة. فلم يمتلك يسوع الحكمة ويعلِّمها فحسب، بل هو الحكمة نفسها. وعدم السعي إليه هو أعظم الحماقات البشريّة.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.