
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسائل يوحنا الأولى والثانية والثالثة
۵ يونيو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر الأمثال
۱۲ يونيو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر أيُّوب

بقلم أنتوني ت. سيلڤاجيو
1. أيّوب سفر قديم يتعلَّق بأحد الآباء من الأمم.
يُوضَع سفر أيُّوب — في قائمة أسفار العهد القديم القانونية — ما بين سفرَي أستير والمزامير. ويقود مكانه هذا إلى استنتاجاتٍ خاطئة بشأن مَن هو أيّوب والوقت الذي عاش فيه.
أوّلًا، يتّفق معظم العلماء على أن أيُّوب لم يكن من شعب إسرائيل. ويأتي هذا الاستنتاج من حقيقة أنّه كان يسكن أرض عَوْص لا أرض كنعان (أيُّوب 1: 1). من المحتمل أن يكون أيُّوب قد سكن في أرض أدوم، إذ يربط سفر مراثي إرميا أدوم بعوص (مراثي إرميا 4: 21). ومع أنّ أيوب لم يكن من شعب إسرائيل، فالواضح بلا أدنى لُبس أنَّه كان يعبد إله إسرائيل ويخدمه. قد يُشير كون أيُّوب ساكنًا خارج إسرائيل إلى حقيقة أنَّ حكمة سفر أيُّوب، مثلما هي حكمة سفر الأمثال، عامّة شاملة في طبيعتها، إذْ تخاطب مسائل (مثل الألم) يصارع كلّ البشر معها.
يتعلَّق الخطأ الثاني في الفهم بالخطّ الزمني لأحداث سفر أيُّوب، وهو ما لا يتزامن مع أوقات أحداث سفر أستير (486-485 ق.م.). فأحداث سفر أيّوب متوافقة بصورة أكبر مع الإطار الزمني الخاصّ بإبراهيم وفترة الآباء (حوالي الفترة 2100-1800 ق.م.). وفي الحقيقة، يؤمن علماءٌ كثيرون أنّ أيُّوب سبق العهد الإبراهيميّ. وثمّة عوامل عديدة تدعم الحجّة القائلة إنّ أيّوب عاش في فترة الآباء. أوّلًا، أسماء الله المُستخدمة في سفر أيُّوب مشابهة لتلك المُستخدمة في الفترة التي تعود إلى فترة الآباء. ثانيًا، وصْف ثروة أيّوب (عدد الأبقار والعبيد والمعادن الثمينة) تتوافق مع طريقة وصف الثروة في فترة الآباء. ثالثًا، فترة حياة أيّوب، التي امتدّت 140 سنة (أيّوب 42: 16)، تتوافق مع فترات حياة الآباء. رابعًا، وهو العامل الأكثر إقناعًا، يقوم أيُّوب بدور كهنوتي لعائلته، ممّا يُشير إلى أنّ الكهنوت اللاويّ لم يكن قد أُعطي بعد (أيوب 1: 5).
2. يعلِّمنا سفر أيُّوب أنَّ الله يسمح بأن يتألَّم الأبرار بحسب مقاصده الحكيمة.
كثيرًا ما يظنّ النصّ أنّ سفر أيّوب يشرح سرّ الألم البشريّ، ولكنّه ليس كذلك. فهو يشرح لنا لماذا تألّم أيوب (مع أنّ أيُّوب نفسه لم يعرف السبب). فقد تألَّم أيُّوب لأنَّ الشيطان ادّعى أنَّ السبب الوحيد الذي لأجله كان أيُّوب يعبد الله هو أنّ الله بارك أيُّوب. وقد توقَّع الشيطان أنّه إنْ أزال الله هذه البركات فسيلعن أيُّوب اسم الله (أيُّوب 1: 9-11). وقد سمح الله، بسيادته المُطلَقة، للشيطان بأنْ يمتحنَ ويتحقَّق من افتراضه، وقد ثبت خطأ الشيطان، ممّا برّأ الله وأيوب. فقد أكّد خطأ افتراض الشيطان أنّ الله يستحقّ أن يُعبَد لأجل مَن هو، وتبرَّأ أيّوب إذْ ظهر أنّه إنسان مستقيم وصادق.
ولكن ينبغي ألّا تُحصَر الدروس التي نتعلَّمها من قصّة أيُّوب برجلٍ قديم عاش في أرض عَوْص فقط. فهذه الرّواية للعلاقة الغامضة بين سيادة الله والألم البشريّ والبرّ الشخصيّ تتحدَّث عن مسائل كونيّة أكبر تتعلَّق بالحالة البشريّة، وتقدِّم تصحيحًا لفكرٍ لاهوتيٍّ خاطئ. وقصّة أيوب تعمل هذا بتأكيدها على أنَّ مبدأ الألم ليس مرتبطًا دائمًا بارتكاب الخطيّة. فأيُّوب يعلِّمنا أنَّ الأبرار سيعانون أيضًا في العالم الساقط. وكما يُعلِن أيوب 1: 1 لنا، فقد كان أيُّوب رجلًا مستقيمًا وكاملًا بلا لوم وبارًّا. ومع هذا، فإنّ بقيّة السفر تُعلِن لنا أنّه تألَّم وعانى كثيرًا.
بوضع سفر أيُّوب مثالًا أمامنا على إنسانٍ بارٍّ يتألَّم يقدِّم لنا تصحيحًا مفيدًا لما يُشار إليه أحيانًا باسم "لاهوت المجازاة". يؤكِّد "لاهوت المجازاة" على أن الناس يعانون بسبب أعمالهم غير البارّة وغير الصالحة، ويُكافَؤون على أعمالهم البارّة. كان أصدقاء أيُّوب يتبنّون هذا اللاهوت الفاسد، وقد نكون نحنُ، مؤمني هذه الأيّام، مُعرَّضين للتفكير بالطريقة نفسها. لكنْ شكرًا لله أنّ سفر أيّوب كشف عن الخطأ في هذا التفكير بتذكيرنا أنّ الله يسمح بأن يتألَّم البارّ لمقاصد صالحة وحكيمة عند الله، حتّى حين، في كثيرٍ من الأحيان، لا تُعلَن تفاصيل هذه المقاصد للّذين يتعرَّضون لهذه المعاناة والألم.
3. يرمز مثال أيُّوب إلى عمل المسيح الفدائي.
إحدى الطرق التي بها يُوجِّهنا سفر أيُّوب إلى عمل يسوع المسيح هي برغبة أيُّوب بوجود شخصٍ يتوسَّط بينه وبين الله. فمع تقدُّم أحداث القصّة، يبدأ أيّوب في التشكيك بالله، بل ويصل في وقتٍ ما إلى حالةٍ من الغضب فيصرخ طالبًا وسيطًا يمثِّله أمام الله (أيّوب 9: 32-35). طبعًا، يكشف لنا العهد الجديد أنَّ الله أعطانا هذا الوسيط في شخص يسوع المسيح (1 تيموثاوس 2: 5-6).
ولكنّ الطريقة الرئيسيّة التي بها يُشير سفر أيُّوب إلى عمل يسوع المسيح الفدائي هي بتعليمنا أنّ البارّ يمكن أن يواجه ألمًا شديدًا لتحقيق مقاصد الله الحكيمة. وكما رأينا، فقد سُمِح لأيّوب بأن يتألّم لإظهار براءة الله وأيّوب. وطبعًا، سُمِح بأن يحمل يسوع المسيح، الذي كان بارًّا برًّا كاملًا في كلّ شيءٍ وكلّ النواحي، ألم غضب الله من أجل تتميم المقاصد الحكيمة لخطّة الله الفيديويّة وتحقيق خلاص شعبه وتأمينه. قصّة أيُّوب ظلّ لقصّة الصليب، وفي قصّة الصليب نجد المعنى والأهمّيّة الحقيقيّين للألم.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.