
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل لوقا
٤ فبراير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل متى
۱۲ فبراير ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل مرقس

إنجيل مرقس هو أقصر الأناجيل الأربعة، ولكنّه غنيٌّ في ما يعلِّمه عن المسيح. وكما هو الحال بشأن بقية الأناجيل، ينبغي النظر إلى إنجيل مرقس بوصفه رواية واحدة متسلسلة، وذلك من أجل تقدير رسالته اللاهوتيّة. وقراءة إنجيل مرقس بوصفه رواية واحدة تعني السماح لمجمَل الرواية بأن يُوجِّهنا بشأن الكيفية التي بها نقرأ أيّ جزءٍ من الكلّ.
وفي ضوء هذا، نورِد في ما يلي ثلاثة إسهامات تقدِّمها رواية إنجيل مرقس:
1. يقدِّم مرقس يسوع بوصفه الابن الإلهي لله.
يظنّ الناس في بعض الأحيان أنّ إنجيل مرقس يرينا الجانب البشريّ ليسوع، بينما إنجيل يوحنا ورسائل بولس ورسالة العبرانيّين وأسفار أخرى في العهد الجديد تقدِّم الجانب الإلهي ليسوع. مؤكَّد أنّ إنجيل مرقس يقدِّم يسوع بوصفه بشرًا حقًّا. فيسوع هو آدم الجديد الذي يطيع الله طاعةً تامّة فيستعيد السلام الذي قصد الله وجوده في الأساس في جنّة عدن (انظر مرقس 1: 12-13).
عادةً ما تكون رؤيةُ بشريّةِ يسوع أسهلَ، لأنّه واضحٌ أنَّ يسوع إنسان عاش وعمل في العالم القديم. يظهر فيه وعليه الغضب والحنان والتعب والجوع والألم، كما نراه يموت. ولذا، علينا أن نؤكِّد على حقيقة بشريّة يسوع الكاملة ونفرح بها، لأن مخلِّصنا إنسانٌ حقًّا، ولا يقلّ عنّا في بشريّتنا.
ولكنْ إن فكَّرنا أن مرقس يقدِّم يسوع بوصفه بشرًّا حقًّا فقط، فإنّنا نقلِّل من قيمة هذا الإنجيل ونسيء فهمه بصورة كبيرة. ونقرّ بأنّه كثيرًا ما كان هذا هو الحال في دراسات بحثيّة تتعلَّق بيسوع في إنجيل مرقس. ولكنْ ينبغي ألا تغيب عنّا المؤشِّرات الواضحة التي يعطيها مرقس لنا بشأن حقيقة ألوهيّة يسوع.
في مرقس 1: 1، نرى أن رسالة الإنجيل هي رسالة يسوع المسيح ابن الله. وهذا يفترض ألوهيّة يسوع، كما ستوضِّح إشاراتٌ مستقبليّة تستخدم عبارة "ابن الله". تأتي الإشارة التالية إلى "ابن الله" في معموديَّة يسوع، حيث يعرِّف الصوت السماويّ فوق الطبيعيّ بيسوع بوصفه "ابن الله" (مرقس 1: 11). ولاحقًا، تُشير كائنات غير بشريَّة في مناسباتٍ عديدة إلى يسوع بوصفه ابن الله (مرقس 1: 24؛ 3: 11؛ 5: 7-10)، وفي حَدَث التجلّي، حين نرى لمحةً من مجد يسوع الإلهي (مرقس 9: 2-7). وفي الحقيقة، في إنجيل مرقس لا يقرّ أيُّ إنسان غير مسكون بأرواحٍ نجسة بأنّ يسوع ابن الله إلا في نهاية الإنجيل، حيث يعترف قائدُ مئةٍ رومانيٌّ واقفٌ عند الصليب بأنَّ يسوع هو ابن الله (مرقس 15: 39). وبعد الصّليب، نرى بوضوح في إنجيل مرقس أن يسوع قام من الموت، كما أنبأ (مرقس 16: 1-8)، وهذا يُشير أيضاً إلى مجد يسوع الإلهي، الذي ظهر وأُنبئ به في التجلّي.
ويمكننا أن نُورِد أمورًا أخرى تُظهِر ألوهيّة يسوع في إنجيل مرقس، بما في ذلك تطبيق نبوّة مجيء الرب إلى هيكله (إشعياء 40: 3؛ مرقس 1: 2-3)، وسلطة يسوع على أنْ يغفر الخطايا (مرقس 2: 5-6)، وسلطته على الطّبيعة (مرقس 4: 35-41)، وسلطته على أنْ يقيم من الموت (مرقس 5: 35-43). وباختصار، في إنجيل مرقس ليسَ يسوعُ بشرًا حقيقيًّا فقط، بل هو إلهيٌّ أيضًا.
2. يتكلَّم يسوع بوضوح في إنجيل مرقس عن هدف موته البدلي الفريد.
ثمة سمة أخرى مهمّة في إنجيل مرقس هي إعلان القصد من موت يسوع. يقول البعض إنّ الأناجيل لا تحتوي لاهوتًا عن الكفّارة. ولكنّ إنجيل مرقس يدحض هذا الموقف، لأن يسوع يتكلَّم بوضوح عن هدف موته في مناسبتَين اثنتَين على الأقلّ.
أحد أوضح النصوص التي يتكلَّم فيها يسوع عن نيّته بأن يموت هو مرقس 10: 45: "لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ". لاحظ اللغة البدليّة: "عَنْ كَثِيرِينَ". تعكس هذه التعابير لغة العبد المتألِّم في إشعياء 53: 11-12.
النصّ الثاني الذي يُظهِر طبيعة موت المسيح البدليّة يأتي في كلمات تأسيس العشاء الأخير (مرقس 14: 22-25). يُظهِر يسوعُ هنا باستخدام الخبز والخمر أنّ جسده ودمه سيُعطَيان لأجل كثيرين. وهذه الكلمات أيضًا تعكس مرّة أخرى مقطع العبد المتألِّم في إشعياء 53، وتوضِّح أنَّ يسوع قصد أن يكون موتُه ذبيحةً كفّاريّةً. ولذا، من اللائق أن نستمرّ في الاحتفال بهذا العشاء لنتذكَّر موت المسيح إلى أن يعود (انظر 1كورنثوس 11: 23-26).
3. من دون أنْ يقلِّل مرقس من فرادة موت المسيح يقدِّم لنا آلام المسيح وموته نموذجًا للتلمذة.
أحد الأخطار التي نواجهها في فهم صليب المسيح هو حينَ يُنظَر إليه بوصفه مثالًا ساميًا للمحبّة المضحّيّة فقط بدلًا من رؤيته موتًا بدَليًّا. مؤكَّد أنَّ إنكار موت المسيح البدليّ والنيابي عن الخطاة خطأٌ لاهوتيٌّ من الطراز الأول. فموت المسيح فريد، وهو حمل العقوبة التي تستوجبها خطايا شعبه. وينبغي التأكيد على هذا الأمر بوضوح تامّ.
وفي الوقت نفسه، لا يقدِّم مرقس موت يسوع المسيح بوصفه كفّارة بدليّة فريدة فقط، إذ يقدِّمه أيضًا بوصفه نموذجًا للتلمذة. فيُنبئ يسوع في إنجيل مرقس بموته وقيامته ثلاث مرّات (مرقس 8: 31-33؛ مرقس 9: 31؛ مرقس 10: 33-34)، وفي كلِّ هذه الحالات يُقرِن حديثه عن تعرُّضه للرفض والألم الآتيين بالدعوة إلى التلمذة (مرقس 8: 34-38؛ مرقس 9: 33-37؛ مرقس 10: 35-45). ليس يسوع مُخلِّصَنا فقط، بل هو نموذجنا ومثالنا أيضاً لأجل العيش بأمانة في عالمٍ ساقط (انظر 1بطرس 2: 21-25).
خاتمة
يقدِّم إنجيل مرقس لنا مخلِّصًا هو إلهٌ حقٌّ وإنسانٌ حقٌّ، وهو يبذل حياته بصورة فريدة كفّارةً بدَليّة لأجل خطايا شعبه. ننتفع من موته بالإيمان، كما نتعلَّم منه أنَّ طريق المجد هو طريق الألم.
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.