ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل لوقا - خدمات ليجونير
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل يوحنّا
۳۰ يناير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل مرقس
۷ فبراير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل يوحنّا
۳۰ يناير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل مرقس
۷ فبراير ۲۰۲۵

ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن إنجيل لوقا

إنجيل لوقا هو أطول أسفار العهد الجديد وأكثرها تعقيدًا. فمع أنّ معظم المسيحيّين يألفون حدث ولادة يسوع المسيح في الإصحاح 2، لا يألف كثيرون ظلال المعاني التي تُرى في الإنجيل الثالث، والتي تُغني فهمنا لشخص المسيح. وفيما يلي سنحاول أن نتعمَّق في ثلاثة نواحٍ كثيرًا ما تكون محلّ تجاهُل: هدف السفر، ورفع المتواضعين وإنزال المتكبِّرين، وعلاقة يسوع بالعهد القديم.  

1. هدف إنجيل لوقا 

غالبًا ما لا يُخبِر كُّتّاب أسفار العهد الجديد القرّاءَ بالأسباب الكامنة وراء كتابتهم رسالةً أو إنجيلًا. لكنّ اثنين من الأناجيل الأربعة يفعلان ذلك. فيشرح لوقا لثاوُفيلس في لوقا 1: 4 أنّه يكتب له "لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ". ومع أنَّنا لا نعرف الكثير عن ثاوُفيلس، يؤمن العلماء أنّ من المُحتمَل أنّه كان أمميًّا اهتدى إلى اليهوديّة، وبعد ذلك إلى المسيحيّة. ربّما دعم ثاوُفيلس لوقا مادَّيًّا ليتمكن من كتابة إنجيله وسفر الأعمال، إذْ إنّ النشر في القرن الأوّل كان مسعًى مكلِفًا جدًّا. وعلى جميع الأحوال، يكتب لوقا لثاوُفيلس من أجل أن يثبِّت ويؤكِّد ما كان ثاوُفيلس يعرفه. ولذا يبدو أن ثاوُفيلس يعرف الملامح العامّة عن حياة يسوع وموته وقيامته، ولوقا يكتب إنجيله ليملأ الفراغات في معرفة ثاوُفيلس، وذلك من أجل تثبيت إيمانه. هذا مبدأ بالغ الأهمّيّة، مبدأ ينبغي لكنيسة القرن الحادي والعشري أن تقدِّره. ومعرفة المرء لخدمة المسيح مرتبطة بصورة مباشرة بإيمانه الشخصي. وحين يتسلَّل الشّك إلى قلوبنا، ومحتومٌ أن يفعل، علينا أن نتّجه إلى الأناجيل وننعِش أذهاننا بحقّ ولادة المسيح وحياته وموته وقيامته.  

2. رفع المتواضعين وإنزال المتكبِّرين.   

كثيرًا ما تضمّ تراتيل الكتاب المُقدَّس مواضيع مهمّة وأساسيّة تتداخل خيوطها في كلّ نسيج السفر (انظر مثلًا دانيال 2: 20-23؛ دانيال 4: 1-3، 34-35؛ دانيال 6: 25-27). ويحتوي إنجيل لوقا أيضًا على أربع تراتيل تلخِّص قدرًا كبيرًا من لاهوت السفر: لوقا 1: 46-55 (تسبِحة العذراء)، لوقا 1: 68-79 (تسبِحة زكريّا)، لوقا 2: 14 (المجد لله في الأعالي)، لوقا 2: 29-32 (نشيد سمعان). والسطور التالية مأخوذة من الترتيلة الأولى (تسبحة مريم)، وهي الأشهَر بين التراتيل الأربعة:  

صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. (لوقا 1: 51-53) 

تشابه هذه الترتيلة صلاة حنّة الشهيرة في 1صموئيل 2: 1-10، التي فيها تشكر حنّةُ الرّبَّ على إعطائها صموئيل، أحد أبرز الأنبياء عبر تاريخ شعب إسرائيل، والذي لعب دورًا أساسيًّا في إقامة سلالة داود الملكيّة وتثبيتها. ومثل الملك داود، سيكون الملك يسوع الوسيلةَ التي بها يرفع الله المتّضعين ويُنزل الأعزّاء. وهذا يفسِّر سبب تأكيد لوقا على تغيُّر الأحوال. فمثلًا، طاعة يسوع المسيح الأمينة في البرّيّة (لوقا 4) أعطته السلطة ليطرد إبليس وأتباعه من النظام المخلوق. وفي إشارةٍ إلى إشعياء 14: 12، يعبِّر يسوع عن مسرّته في لوقا 10: 18 قائلًا: "رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ". القصد هنا هو أنّ هناك تحوُّلًا جذريًّا يحدث: فالشيطان فقد سلطته (لوقا 11: 20-23)، ومملكته تتفتَّت (رومية 16: 20). وفي مقابلةٍ تامّة نرى يسوع يجسِّد طبيعة التواضع في حياته: فقد وُلِد في أكثر الظروف بساطةً وتواضعًا (لوقا 2: 7)، وعاش في مدينة الناصرة، غير ذات الأهمّيّة (لوقا 4: 16)، ومات موتًا لا يستحقّه لأجل شعبه (لوقا 22: 1 – 23: 56). ولكنّ بسبب أمانة يسوع، أظهر الله الآب برَّ يسوع، ورفعه إليه ليجلس في عرشه (لوقا 24: 50-53). ينبغي للمؤمنين أن يضعوا هذا النمط في قلوبهم وفكرهم، لأنَّ الله يعِدُ أنّنا نحنُ أيضًا سنجتاز في ظروفٍ صعبة. ولن تظهر براءتنا علانيّةً إلا بقيامتنا الجسديّة في ذروة أحداث التاريخ. ولن يتمتَّع شعب الله بالوجود المجيد إلا في الحالة الأبديّة.  

3. يسوع والعهد القديم 

يبدأ لوقا إنجيله بوصف خدمة المسيح بأنّها "الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا" (لوقا 1: 1)، أي الأحداث التي تحقَّقت فعلًا. ويسأل القارئ الحريص هنا: "ما نصوص العهد القديم التي يفكِّر بها لوقا هنا؟" وجوابنا البسيط هو: كلّ نصوص العهد القديم. فيرِدُ في الإنجيل الثالث أكثرُ من ثلاثين اقتباسًا مباشرًا من العهد القديم ومئات من الإشارات إلى نصوصٍ منه، ولذا ينبغي أن نفترض أنّ لوقا كان مُشبَعًا بالعهد القديم، وكانت لديه بصيرة رائعة بشأن فهمه وكيفيّة تفسيره. فعند كلّ نقطة أو مرحلةٍ في خدمة يسوع، يعتمد لوقا على العهد القديم ليشرح مغزى الحدث. وفي نهاية الإنجيل، يرِد توبيخُ يسوع الشهير للتلميذَين الذاهبين إلى عمواس، "ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لوقا 24: 27). لا يحقِّق يسوع ببساطة مجموعةً من مقاطع العهد القديم، بل هو يحقِّقه كلّه. اليوم، حتّى في الدوائر الإنجيلية، يحجِم البعض عن قراءة كلّ العهد القديم وجعل يسوع المسيح مركزَ اهتمامه. إحدى مشكلات هذا الموقف هو أنّه يفشل في تفسير قراءة يسوع المسيح نفسه للعهد القديم. فإنْ وجب أن نعيش مثل يسوع، أفلا ينبغي أن نقرأ مثل يسوع؟  

مع أنّ إنجيل لوقا صعب وثقيل في بعض الأحيان، فهو كنزٌ عظيم من المعرفة التي تبني جسد المسيح وتعزِّز إيمان شعب الله.  

هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها". 


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

بنجامين جلاد
بنجامين جلاد
الدكتور بنجامين جلاد هو أستاذ مشارك للعهد الجديد بكليَّة اللاهوت المُصلَحة في مدينة جاكسون بولاية مسيسبِّي. وهو مُؤلِّف وشارك في تأليف العديد من الكتب، بما في ذلك، "من المذود إلى العرش" (From The Manger to The Throne).