ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر الجامعة - خدمات ليجونير
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة كورنثوس الثانية
۱٦ يناير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة أفسس
۲۳ يناير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة كورنثوس الثانية
۱٦ يناير ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة أفسس
۲۳ يناير ۲۰۲۵

ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر الجامعة

1. يذكِّرنا سفر الجامعة أن الحياة قصيرة.  

يتعثَّر كثيرون فور بدئهم قراءة سفر الجامعة، لأنّهم يصطدمون بالموضوع المُعلَن للسفر. فحين نفتح إلى السفر في ترجمة ڤاندايك – البستاني، يُعلَن موضوع السفر بأنّه "بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ" (جامعة 1: 1). أما ترجمة NIV الإنجليزية فتعطي العنوان: "بلا معنى بصورة تامّة! كلّ شيٍ بلا معنى". وتقول ترجمة CSB: "عبث مُطلَق. كل شيءٍ عبث". فإنْ كانَ كلُّ شيءٍ باطلًا أو عبثًا أو بلا معنى، فلماذا نستمرّ في قراءة هذا السفر؟ يظهر أن هذه العبارة تناقِض كل ما يعلّمه الكتاب المُقدَّس عن الحياة.  

لكن ربّما تكمن المشكلة في الترجمات والتوقُّعات التي تثيرها. تحمل الكلمة العبرية المُترجمة إلى "باطل" (هِبِل) معنى الزوال وعدم الديمومة وسرعة العبور والانتهاء. ويعتمد يعقوب على هذه الفكرة في قوله: "لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ" (يعقوب 4: 14). الأمر الأوّل الذي ينبغي أن نعرفه عن سفر الجامعة هو أنّه يعلِّمنا أنَّ حياتنا هنا، تحتَ الشمس، عابرة زائلة.  

فأيّامنا قليلة وتنتهي سريعًا. يُعبِّر سفر الجامعة عن هذه الحقيقة بالكلمات: "دَوْرٌ يَمْضِي وَدَوْرٌ يَجِيءُ" (جامعة 1: 4). تتكرَّر هذه الفكرة في كلّ الكتاب المُقدَّس (انظر مزمور 90: 10؛ 103: 15؛ يعقوب 4: 14). ونجد فكرةً شبيهة في 2كورنثوس 4: 18: "وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ". ولأن حياتنا قصيرة، "كُلُّ مَا تَجِدُهُ يَدُكَ لِتَفْعَلَهُ فَافْعَلْهُ بِقُوَّتِكَ" (جامعة 9: 10).  

2. يذكِّرنا سفر الجامعة بأنّنا نعيش في عالم ساقط.  

 الأمر الآخر الذي علينا أن نعرفه عن سفر الجامعة هو أنّه يذكِّرنا بأنّنا نعيش في عالمٍ ساقط. حين صرتُ مؤمنًا، كانت لدى خدمة كنسيّة قضيتُ وقتًا فيها وتناولت نبذة كرازيّة شدَّدت على يوحنّا 10: 10: "وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ". وقد ولَّد هذا فيَّ توقُّعًا بأنّ أمامي طريقًا سهلًا، مع أنّ هذا ليس ما يقصده المقطع الكتابي على الإطلاق. كان عليّ أن أتعلَّم أنّه مع أنّني أُعطيتُ حياةً جديدة، فإنَّ العالم نفسه لم يُعَد خلقُه بعدُ.  

يعلِّم الرسول بولس الأمر ذاته في قوله: "إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ - لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَخْضَعَهَا - عَلَى الرَّجَاءِ. لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ" (رومية 8: 20-21). الكلمة التي يستخدمها الرسول بولس "فساد"، والتي يمكن ترجمتها إلى "عبث" (كما في ترجمة ESV)، هي ترجمة لكلمة يونانيّة تُستخدم في الترجمة السبعينيّة (ترجمة يونانيّة قديمة للعهد القديم) لترجمة الكلمة العبريّة "هِبِل" في سفر الجامعة.  

3. يذكِّرنا سفر الجامعة بأنّ الفرح ممكن في العالم الساقط.  

الترجمات المُشار إليها أعلاه للكلمة العبريّة "هِبِل" ليست خاطئة تمامًا، لأنّنا مخلوقات عابرة وزائلة نعيش في عالم أفسدته الخطيّة، ويمكن أن تظهر أنشطتنا فيه باطلةً وعبثية وبلا فائدة. قد يبدو انشغالنا بلا معنى. وقد تبدو حياتنا نفسنا باطلةً. فإن كانَ هَذا كلَّ ما لدى سفر الجامعة ليقوله، فسيكون سفرًا نتعثَّر به فعلًا فنسقط. ولذا علينا أن نتعلَّم الأمر الثالث الذي لدى سفر الجامعة ليقوله: الفرح ممكن، حتّى في عالم ساقط.  

يوضِّح سفر الجامعة أنَّ الفرح غير موجود حيثُ يمكن أن نتوقَّع إيجاده. هو غير موجود في الأحداث الكبيرة أو اللحظات التي نتذكَّرها. بل هو موجودة في النواحي المتكرِّرة الاعتياديّة والبسيطة في الحياة الأرضية: "لَيْسَ لِلإِنْسَانِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيُرِيَ نَفْسَهُ خَيْرًا فِي تَعَبِهِ. رَأَيْتُ هذَا أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ يَدِ اللهِ" (جامعة 2: 24). يشجِّعنا سليمان بصورة متكرِّرة على أنْ نجد أولاً الفرح ونقبله في هذه النواحي الاعتياديّة من الحياة.  

وثانيًا، يحثُّنا على أنْ نلاحظ أنَّ هذه هبات صالحة وعظيمة من الله: "وَأَيْضًا أَنْ يَأْكُلَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَيَشْرَبَ وَيَرَى خَيْرًا مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ، فَهُوَ عَطِيَّةُ اللهِ" (جامعة 3: 13؛ انظر أيضًا جامعة 5: 19-20؛ 8: 15؛ 9: 7). وكما يقول يعقوب: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ. شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ" (يعقوب 1: 17-18). والفرح الذي يهبه له هنا هو تذوُّقه للفرح الآتي في عالم لن يبقى فيه فساد، وحيث لا نعود زائلين، بل نكون فيه كائنات خالدة.  

هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها". 


تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.

بنجامين شو
بنجامين شو
الدكتور بنجامين شو هو أستاذ العهد القديم بكلية الإصلاح للكتاب المقدس (Reformation Bible College).