المحاضرة 10: هَلِ النِعْمَةُ مُسَاعِدَةٌ؟

فِي مُحَاضَرَةِ الْيَوْمِ، سَأَفْعَلُ شَيْئًا يَخْتَلِفُ قَلِيلًا عَنِ الْمُعْتَادِ. سَأَبْدَأُ بِامْتِحَانٍ قَصِيرٍ. وَأَسْأَلُكُمْ إِنْ كَانَ بِإِمْكَانِكُمْ تَحْدِيدُ صَاحِبِ الْمَقُولَةِ التَالِيَةِ. سَأَقْرَأُ الْمَقُولَةَ: "فِي السُقُوطِ، تَعَرَّضَتْ حُرِّيَّةُ إِرَادَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ نَحْوِ الْخَيْرِ الْحَقِيقِيِّ لَيْسَ فَقَطْ لِلْأَذَى، أَوِ التَشْوِيهِ، أَوِ الضَعْفِ، أَوِ التَقَوُّسِ، أَوِ الْوَهَنِ، لَكِنَّهَا أُسِرَتْ، وَخَرِبَتْ، وَفُقِدَتْ أَيْضًا. وَصَارَتْ بلَا قُوَّةٍ، إِلَّا إذَا حَفَّزَتْهَا النِعْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ".

أَعْتَقِدُ أَنَّنِي إِذَا طَرَحْتُ هَذَا السُؤَالَ عَلَى طُلَّابِي فِي كُلِّيَّةِ اللَاهُوتِ، وَطَلَبْتُ مِنْهُمْ تَحْدِيدَ هُوِيَّةِ قَائِلِهَا، لَا أَحَدَ مِنْهُمْ سَيَعْرِفُهُ، لِأَنَّ الشَخْصَ الَذِي كَتَبَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ هُوَ جِيمْسْ أَرْمِينْيُوسْ (James Arminius)، أَبُو الْأَرْمِينِيَّةِ. فَهَذَا التَصْرِيحُ يَبْدُو أُوغُسْطِينِيًّا وَكَالْفِينِيًّا وَمُصْلَحًا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ تَصْرِيحٍ آخَرَ عَنْ طَبِيعَةِ إِرَادَتِنَا بَعْدَ السُقُوطِ. وَهَذَا يُوَضِّحُ أَمْرًا يَلْزَمُ أَنْ نَقُولَهُ فِي بِدَايَةِ حَدِيثِنَا الْيَوْمَ. فَإِنَّ مَا يَحْدُثُ عَادَةً فِي الْجِدَالَاتِ اللَاهُوتِيَّةِ هُوَ أَنَّ الرَأْيَ الْمُعَارِضَ يُسَاءُ التَعْبِيرُ عَنْهُ، وَيَتَعَرَّضُ لِلتَشْوِيهِ فِي نَظَرِ النَاسِ.

لَا أَعْلَمُ كَمْ مَرَّةً سَمِعْتُ تَعْرِيفًا لِلْكَالْفِينِيَّةِ بِأَنَّهَا تُعَلِّمُ بِأَنَّ اللَّهَ يَخْتَارُ الْبَعْضَ بِشَكْلٍ عَشْوَائِيٍّ لِلْخَلَاصِ، وَيَخْتَارُ آخَرِينَ لِلْهَلَاكِ. وَأَنَّهُ يُدْخِلُ الْمُخْتَارِينَ رَغْمًا عَنْهُمْ، وَهُمْ يَصْرُخُونَ وَيَرْكُلُونَ بِأَرْجُلِهِمْ، إِلَى الْمَلَكُوتِ، فِي حِينِ يَمْنَعُ آخَرِينَ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ مِنْ دُخُولِ مَلَكُوتِهِ، بَيْنَمَا هُمْ يُرِيدُونَ بِشِدَّةٍ الدُخُولَ. هَذَا أَخْطَرُ تَشْوِيهٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِلَاهُوتِ الْإِصْلَاحِيِّ.

وَبِالْمِثْلِ، يُوصَفُ لَاهُوتُ أَرْمِينْيُوسْ أَحْيَانًا كَمَا لَو أَنَّ أَرْمِينْيُوسْ كَانَ بِيلَاجِيًّا مُتَزَمِّتًا. وَبِالطَبْعِ لَمْ يَكُنْ هَذَا صَحِيحًا. بَلْ فِي الْوَاقِعِ، فِي بِدَايَةِ حَيَاةِ أَرْمِينْيُوسْ، بَرَزَ بِاعْتِبَارِهِ لَاهُوتِيًّا مُصْلَحًا، فِي أَثْنَاءِ عَمَلِهِ فِي مُؤَسَّسَةٍ لَاهُوتِيَّةٍ مُصْلَحَةٍ فِي هُولَنْدَا. ثُمَّ خَاضَ نِزَاعًا جَادًّا مَعَ أَحَدِ زُمَلَائِهِ حَوْلَ رَأْيِ قَبْلَ السُقُوطِ (supralapsarianism)، وَمَا يُسَمَّى بِالْكَالْفِينِيَّةِ الْمُتَطَرِّفَةِ.

وَفِي سِيَاقِ رَدِّهِ عَلَى زَمِيلِهِ، وَحِينَ احْتَدَمَ الْجَدَلُ، ابْتَدَأَ أَرْمِينْيُوسْ يَبْتَعِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا لَيْسَ فَقَطْ عَنِ الْكَالْفِينِيَّةِ الْمُتَطَرِّفَةِ، بَلْ أَيْضًا عَنِ الْكَالْفِينِيَّةِ الْكْلَاسِيكِيَّةِ، كَمَا سَنَرَى.

لَكِنَّهُ عَلَّمَ بِالْفِعْلِ بِأَنَّهُ فِي السُقُوطِ، تَأَثَّرَتِ الْأَبْعَادُ الثَلَاثَةُ كُلُّهَا لِطَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ الرُوحِيَّةِ بِشَكْلٍ شَدِيدٍ. وَنَتِيجَةَ السُقُوطِ، أَصْبَحَ لِلْإِنْسَانِ مَا دَعَاهُ أَرْمِينْيُوسْ "ذِهْنٌ مُظْلِمٌ"، وَ"عَاطِفَةٌ مُنْحَرِفَةٌ"، وَ"إِرَادَةٌ عَاجِزَةٌ". وَعَجْزُ الْإِرَادَةِ وَظُلْمَةُ الذِهْنِ وَانْحِرَافُ الْقَلْبِ، هَذِهِ جَمِيعُهَا تُشَكِّلُ مَعًا الْمَوْتَ الرُوحِيَّ، كَمَا يَقُولُ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ إِنَّنَا أَمْوَاتٌ بِالذُنُوبِ. وَفِي تَعْلِيقٍ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ أَرْمِينْيُوسْ إِنَّ هَذَا الْمَوْتَ بِالذُنُوبِ مَعْنَاهُ أَنَّنَا لَسْنَا أَحْرَارًا أَخْلَاقِيًّا لِنَفْعَلَ أَيَّ صَلَاحٍ، مَا لَمْ يُحَرِّرْنَا اللَّهُ أَوَّلًا. وَلِهَذَا، فَالْخُطْوَةُ الْأُولَى مِنْ فِدَائِنَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِعْمَةِ اللَّهِ الْمُحَرِّرَةِ.

أَوْضَحَ أَرْمِينْيُوسْ هَذَا الْمَفْهُومَ عَنْ نِعْمَةِ اللَّهِ الْمُحَرِّرَةِ مِنْ خِلَالِ مَا دَعَاهُ "النِعْمَةَ الْوِقَائِيَّةَ". سَبَقَ أَنْ رَأَيْنَا ذَلِكَ بِالْفِعْلِ فِي مُحَاضَرَةٍ أُخْرَى. وَالتَرْجَمَةُ الْأَكْثَرُ شُيُوعًا لِهَذَا الْمَفْهُومِ هِيَ تَعْبِيرُ "النِعْمَةِ الْمُسْبَقَةِ".

حِينَ نَسْتَعْمِلُ كَلِمَةَ "وِقَايَةٍ" فِي لُغَتِنَا الْعَامَّةِ الْحَدِيثَةِ، نَقْصِدُ بِهَا "مَنْعَ حُدُوثِ شَيْءٍ مَا". لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَا قَصَدَهُ أَرْمِينْيُوسْ بِكَلِمَةِ "وِقَائِيَّةٍ" فِي مُصْطَلَحِ "النِعْمَةِ الْوِقَائِيَّةِ". لَكِنَّهُ اسْتَخْدَمَ مُصْطَلَحَ "النِعْمَةِ الْوِقَائِيَّةِ" بِالطَرِيقَةِ الَتِي كَانَ يُفْهَمُ بِهَا فِي عَلَاقَتِهِ بِأَصْلِهِ اللَاتِينِيِّ. "preventing"، أَوْ "prevenient"، فَبَادِئَةُ الْكَلِمَةِ pre مَعْنَاهَا "قَبْلَ"، وَ"venio" مَا مَعْنَاهَا؟ "فِينِي فِيدِي فِيتْشِي" (Veni vidi vici) - "أَتَيْتُ، وَرَأَيْتُ، وَهَزَمْتُ". رَأَيْتُ قَمِيصًا مُؤَخَّرًا مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: "فِينِي فَيدِي فَيجِي" (Veni vidi veggie) - أَيْ "أَتَيْتُ، وَرَأَيْتُ، وَتَنَاوَلْتُ سَلَطَةً". نَعْلَمُ أَنَّ "فِينِي" مَعْنَاهَا "أَتَيْتُ". إِذَنْ، "النِعْمَةُ الْمُسْبَقَةُ" هِيَ نِعْمَةٌ تَأْتِي قَبْلَ شَيْءٍ مَا. رَأَى أَرْمِينْيُوسْ أَنَّ عَمَلَ النِعْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ هُوَ شَرْطٌ مُسْبَقٌ أَسَاسِيٌّ لِتَحْرِيرِ النَفْسِ مِنَ الْمَوْتِ الرُوحِيِّ. إِذَنْ، النِعْمَةُ، وَالنِعْمَةُ الْمُسْبَقَةُ الَتِي تَحَدَّثْنَا عَنْهَا هُنَا، تَسْبِقُ الرُجُوعَ إِلَى اللَّهِ. وَهِيَ يَجِبُ أَنْ تَسْبِقَهُ حَتَّى يَحْدُثَ الرُجُوعُ إِلَى اللَّهِ.

فِي حَدِيثِنَا عَنْ نِعْمَةِ اللَّهِ، هُنَاكَ مَنْ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ النِعْمَةِ الدَاخِلِيَّةِ وَالنِعْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، أَوْ دَعْوَةِ اللَّهِ الدَاخِلِيَّةِ وَدَعْوَةِ اللَّهِ الْخَارِجِيَّةِ. وَالْبَعْضُ يَحْصُرُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِيمَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ خَارِجَنَا، عِنْدَمَا يُعْطِينَا كَلِمَتَهُ، وَيُظْهِرُ لَنَا الْحَقَّ، وَيَدْعُونَا، وَيَجْذِبُنَا، وَيُقْنِعُنَا بِالْمَجِيءِ إِلَيْهِ. لَكِنَّ هَذِهِ الْمُسَاعَدَةَ مِنَ النِعْمَةِ تَظَلُّ خَارِجَ نُفُوسِنَا. وَهَذَا قَدْ نُسَمِّيهِ بِالنِعْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. أَمَّا النِعْمَةُ الدَاخِلِيَّةُ فَمَعْنَاهَا أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ شَيْئًا فِي دَاخِلِنَا.

مِنَ الْمُهِمِّ أَنْ نُدْرِكَ أَنَّ أَرْمِينْيُوسْ اعْتَبَرَ أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ الَتِي بِهَا يَدْعُو الْخُطَاةَ إِلَى التَغْيِيرِ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى عَمَلٍ خَارِجِيٍّ لِلرُوحِ الْقُدُسِ، بَلْ بِحَسْبِ أَرْمِينْيُوسْ، تَعْمَلُ النِعْمَةُ فِي الدَاخِلِ. وَبِمَا أَنَّهُ عَلَّمَ بِذَلِكَ، فَهُوَ كَانَ مُتَّفِقًا مَعَ أُوغُسْطِينُوسْ، وَلُوثَرْ، وَكَالْفِنْ، فِي حَدِيثِهِمْ عَنْ عَمَلِ اللَّهِ الدَاخِلِيِّ.

لَكِنَّهُ تَابَعَ مُدْلِيًا بِالْمُلَاحَظَةِ التَالِيَةِ، الَتِي تَبْدُو مُتَنَاقِضَةً تَمَامًا مَعَ الْمَقُولَةِ الْأُولَى الَتِي ذَكَرْتُهَا. فَقَالَ: "غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعُهُمْ يَتَمَتَّعُونَ بِحُرِّيَّةِ الْإِرَادَةِ، وَهُمْ قَادِرُونَ أَنْ يُقَاوِمُوا الرُوحَ الْقُدُسَ. فَبِإِمْكَانِ الشَخْصِ أَنْ يَرْفُضَ النِعْمَةَ وَأَلَّا يَفْتَحَ الْبَابَ، أَوْ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ لِلَّهِ الَذِي يَقْرَعُ عَلَى بَابِ قَلْبِهِ". إِذَنْ، مَعَ أَنَّ النِعْمَةَ الَتِي نَرْجِعُ بِهَا إِلَى اللهِ هِيَ، بِحَسْبِ أَرْمِينْيُوسْ، دَاخِلِيَّةٌ، لَكِنْ يُمْكِنُ مُقَاوَمَتُهَا.

إِذَنْ، نَرَى هُنَا صُورَةً لِلْإِنْسَانِ السَاقِطِ الْمُسْتَعْبَدِ لِلْخَطِيَّةِ، وَالْعَاجِزِ عَنْ تَغْيِيرِ نَفْسِهِ أَوْ مُيُولِ قَلْبِهِ لِيَفْعَلَ أُمُورَ اللَّهِ مِنْ تِلْقَاءِ ذَاتِهِ. فَهُوَ يَحْتَاجُ أَنْ تَدْخُلَ النِعْمَةُ إِلَى نَفْسِهِ. وَهَذِهِ النِعْمَةُ تَعْمَلُ فِي دَاخِلِهِ. لَكِنْ، كَيْ يَرْجِعَ هَذَا الْإِنْسَانُ إِلَى اللَّهِ، يَظَلُّ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ اسْتِجَابَةً إِيجَابِيَّةً لِعَمَلِ النِعْمَةِ وَأَلَّا يَرْفُضَهُ. وَهَذِهِ النِعْمَةُ قَوِيَّةٌ بِمَا يَكْفِي لِرُجُوعِهِ إِلَى اللَّهِ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ قَوِيَّةً لِدَرَجَةِ أَنْ تَعْمَلَ مِنْ ذَاتِهَا، فَهِيَ لَا تَزَالُ تَتَطَلَّبُ تَجَاوُبًا دَاخِلِيًّا مِنَ الشَخْصِ الَذِي يَسْتَقْبِلُهَا.

وَخِلَالَ وَصْفِ هَذِهِ الْعَمَلِيَّةِ الَتِي تَجْرِي دَاخِلَ النَفْسِ، قَالَ أَرْمِينْيُوسْ إِنَّ نِعْمَةَ التَجْدِيدِ كَافِيَةٌ لِلرُجُوعِ إِلَى اللَّهِ. فَهِيَ كُلُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ لِيَتَحَرَّرَ مِنَ الْمَوْتِ الرُوحِيِّ وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْأَخْلَاقِيَّةِ، وَهِيَ حَتْمًا أَمْرٌ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُنَا التَحَرُّرُ بِدُونِهِ. وَالنِعْمَةُ الَتِي يُعْطِيهَا اللَّهُ لِلنَاسِ كَافِيَةٌ. وَهَكَذَا، اسْتَخْدَمَ اللَفْظَ "كَافِيَةً". فَهِيَ كُلُّ مَا يَلْزَمُ لِتَتْمِيمِ الْعَمَلِ. لَكِنَّهَا لَيْسَتْ فَعَّالَةً تِلْقَائِيًّا، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُحْدِثُ دَائِمًا التَغْيِيرَ أَوِ التَجْدِيدَ.

فِي هَذَا الشَأْنِ، نُلَاحِظُ التَبَايُنَ الشَدِيدَ بَيْنَ أَرْمِينْيُوسْ، وَأُوغُسْطِينُوسْ، وَبَيْنَ مَنِ اتَّبَعُوا التَقْلِيدَ الْأُوغُسْطِينِيَّ، مِثْلِ لُوثَرْ وَكَالْفِنْ. يَصِفُ الْكَالْفِينِيُّونَ كَثِيرًا دَعْوَةَ اللَّهِ بِأَنَّهَا "دَعْوَةٌ فَعَّالَةٌ"، بِمَعْنَى أَنَّهُ حِينَ يُغَيِّرُ اللَّهُ مُيُولَ الْقَلْبِ بِعَمَلِ الرُوحِ الْقُدُسِ فِي التَجْدِيدِ، يُتَمِّمُ الرُوحَ مَا يَشَاءُ، بِوَاسِطَةِ هَذَا الْعَمَلِ الْإِلَهِيِّ وَالْفَائِقِ لِلطَبِيعَةِ دَاخِلَ النَفْسِ. إِذَنْ، هَذَا هُوَ الْفَرْقُ الْأَسَاسِيُّ بَيْنَ اللَاهُوتِ الْمُصْلَحِ الْكْلَاسِيكِيِّ وَبَيْنَ أَرْمِينْيُوسْ. فَاللَاهُوتُ الْإِصْلَاحِيُّ يُعَلِّمُ بِأَنَّ نِعْمَةَ التَجْدِيدِ فَعَّالَةٌ. فَهِيَ دَاخِلِيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ أَيْضًا. فِي حِينِ يَرَى أَرْمِينْيُوسْ أَنَّهَا دَاخِلِيَّةٌ، لَكِنْ يُمْكِنُ مُقَاوَمَتُهَا. وَهِيَ لَيْسَتْ فَعَّالَةً بِالضَرُورَةِ.

ثُمَّ تَابَعَ قَائِلًا إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْإِنْسَانُ هَذِهِ النِعْمَةَ الْمُسْبَقَةَ، وَالْكَافِيَةَ، وَبِالتَالِي لَمْ يَتَغَيَّرْ، يَقَعُ اللَوْمُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَحْدَهُ. أَتَذْكُرُونَ كَيْفَ انْدَلَعَ هَذَا الْجَدَلُ فِي الْأَسَاسِ بَيْنَ بِيلَاجْيُوسْ وَأُوغُسْطِينُوسْ؟ انْزَعَجَ بِيلَاجْيُوسْ مِنْ صَلَاةِ أُوغُسْطِينُوسْ الْقَائِلَةِ: "يَا رَبُّ، أَعْطِ مَا تَأْمُرُ بِهِ". وَقَالَ بِيلَاجْيُوسْ إِنَّهُ إِنْ كَانَتِ النِعْمَةُ ضَرُورِيَّةً مِنْ يَدِ اللَّهِ حَتَّى نُؤَدِّيَ وَاجِبَنَا، لَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَادِلًا إِذَا طَالَبَ الْبَشَرَ بِأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَيَتَّبِعُوهُ، إِذَا كَانَ اسْتِيفَاءُ هَذَا الْمَطْلَبِ يَسْتَلْزِمُ تَدَخُّلَ اللَّهِ لِمُسَاعَدَتِهِمْ.

اخْتَلَفَ أَرْمِينْيُوسْ مَعَ بِيلَاجْيُوسْ فِي الرَأْيِ، بَلْ وَقَالَ إِنَّهُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُسَاعِدَنَا لِنَكُونَ أَبْرَارًا، لَكِنَّ الْمُسَاعَدَةَ الَتِي يُقَدِّمُهَا لَيْسَتْ فَعَّالَةً لِدَرَجَةِ إِحْدَاثِ الْفَارِقِ النِهَائِيِّ فِي خَلَاصِ الْإِنْسَانِ أَوْ عَدَمِهِ.

الْفِكْرَةُ نَفْسُهَا الَتِي أَثَارَتْ قَلَقَ بِيلَاجْيُوسْ، أَثَارَتْ قَلَقَ أَرْمِينْيُوسْ أَيْضًا، مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَامَلَ مَعَ الْمُشْكِلَةِ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ. فَقَدِ انْتَابَ كِلَاهُمَا قَلَقٌ حِيَالَ عَدْلِ اللَّهِ، وَلَا سِيَّمَا فِي عَلَاقَتِهِ بِعَقِيدَةِ الِاخْتِيَارِ. فَإِذَا كَانَ اللَّهُ يَمْنَحُ نِعْمَةً فَعَّالَةً لِلتَغْيِيرِ، وَالتَحْرِيرِ، وَالتَجْدِيدِ، فَقَطْ لِلْبَعْضِ دُونَ آخَرِينَ، فَفِي النِهَايَةِ، اللَّهُ وَلَيْسَ الْإِنْسَانُ هُوَ مَنْ يُنْسَبُ لَهُ الْفَضْلُ فِي خَلَاصِنَا، لَكِنَّهُ أَيْضًا هُوَ مَنْ يَتَلَقَّى اللَوْمَ لِأَجْلِ عَدَمِ خَلَاصِنَا. إِذَنْ، فِي مُحَاوَلَةٍ لِحِمَايَةِ اللَّهِ مِنْ أَيِّ اتِّهَامٍ أَوْ تَلْمِيحٍ بِالظُلْمِ، نَسَبَ أَرْمِينْيُوسْ إِلَى الْإِنْسَانِ السَاقِطِ الْقُدْرَةَ، إِمَّا عَلَى التَعَاوُنِ مَعَ النِعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، أَوْ رَفْضِهَا. إِذَنْ، مَرَّةً أُخْرَى، بِحَسْبِ أَرْمِينْيُوسْ، يُمْكِنُ مُقَاوَمَةُ نِعْمَةِ التَجْدِيدِ.

نُضِيفُ تَعْلِيقًا مُثِيرًا لِلِاهْتِمَامِ فِي هَذَا الشَأْنِ. بِسَبَبِ هَذَا الْفِكْرِ، الَذِي يَقُولُ إِنَّهُ يُمْكِنُ مُقَاوَمَةُ النِعْمَةِ، أَمْكَنَهُ الْقَوْلُ إِنَّهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ التَغْيِيرِ، يَقَعُ اللَوْمُ عَلَى الْإِنْسَانِ. لَكِنْ لَيْسَ الْعَكْسَ. فَلَمْ يَقُلْ أَرْمِينْيُوسْ إِنَّهُ إِذَا خَلُصَ أَحَدُهُمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُقَاوِمِ النِعْمَةَ، وَلِأَنَّهُ قَدَّمَ الِاسْتِجَابَةَ السَلِيمَةَ لِتِلْكَ النِعْمَةِ، لَمْ يَتَوَصَّلْ إِلَى الِاسْتِنْتَاجِ بِأَنَّهُ إِنِ اتَّخَذَ أَحَدُهُمْ الْقَرَارَ الصَائِبَ، يَكُونُ صَالِحًا. لَكِنَّ السُؤَالَ الَذِي أَطْرَحُهُ، وَالَذِي طَرَحَهُ نُقَّادٌ آخَرُونَ لِلْأَرْمِينِيَّةِ هُوَ: إِذَا كَانَ أَمَامَكَ خِيَارَانِ، إِمَّا قُبُولُ هَذِهِ النِعْمَةِ أَوْ رَفْضُهَا. وَإِنْ كَانَ رَفْضُهَا خَطَأً وَاضِحًا، فَلِمَ إِذَنْ لَا يَكُونُ قُبُولُهَا فَضِيلَةً؟ يَعُودُ عَدَمُ تَوَصُّلِ أَرْمِينْيُوسْ إِلَى هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ، بِرَأْيِي، إِلَى فَهْمِهِ لِلْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ الَذِي يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ مِنْ أَيِّ افْتِخَارٍ بِنَفْسِهِ فِي قِصَّةِ الْفِدَاءِ بِأَكْمَلِهَا. فَهُوَ كَانَ بِالتَأْكِيدِ فَطِنًا بِمَا يَكْفِي لِيُدْرِكَ أَنَّهُ إِنْ كَانَتْ هُنَاكَ أَيَّةُ فَضِيلَةٍ فِي هَذَا الْقُبُولِ، فَسَيَكُونُ لَدَى الْخَاطِئِ مَا يَدْعُوهُ لِلِافْتِخَارِ.

وَكَيْ يُبَيِّنَ أَرْمِينْيُوسْ فَقْرَ الْحَالَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَعِظَمَ دَوْرِ النِعْمَةِ فِي فِدَائِنَا، قَدَّمَ تَشْبِيهًا شَهِيرًا، لِيُوَضِّحَ رَأْيَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَرَوَى قِصَّةَ غَنِيٍّ وَمُتَسَوِّلٍ. كَانَ الْمُتَسَوِّلُ مُعْدَمًا، يَعِيشُ فِي بُؤْسٍ تَامٍّ. وَكَانَ عَاجِزًا تَمَامًا عَنْ تَحْسِينِ وَضْعِهِ الْمَادِّيِّ. فَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ سَوَاءٌ الْأَدَوَاتُ أَوْ الْقُدْرَةُ لِفِعْلِ ذَلِكَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ غَنِيٌّ، وَمَنَحَهُ مَجَّانًا هَدِيَّةً قَيِّمَةً لِلْغَايَةِ، يُمْكِنُهَا أَنْ تُغْنِيَ هَذَا الْمُتَسَوِّلَ وَتُحَرِّرَهُ مِنْ بُؤْسِهِ. فَقَدْ جَاءَ الْغَنِيُّ، وَقَدَّمَ لِلْمُتَسَوِّلِ كُلَّ مَا كَانَ يَتَمَنَّاهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ بُؤْسِهِ. وَقَدَّمَ الْغَنِيُّ هَذِهِ الْهَدِيَّةَ الرَائِعَةَ لِلْمُتَسَوِّلِ مَجَّانًا وَدُونَ مُقَابِلٍ. لَكِنْ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى الْمُتَسَوِّلِ فِعْلُهُ لِيَحْصُلَ عَلَى الْهَدِيَّةِ هُوَ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَقْبَلَهَا. فَهُوَ لَمْ يَكْسَبْهَا بِجَهْدِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ عَلَيْهَا بِسَبَبِ أَيَّةِ فَضِيلَةٍ فِيهِ، أَوْ بِسَبَبِ مُمَارَسَتِهِ لِأَيَّةِ قُوَّةٍ. فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَغْيِيرِ حَالَتِهِ دُونَ هَدِيَّةِ الْغَنِيِّ. أَرْجُو أَنْ تُتَابَعُوا مَعِيَ. لَكِنْ فِي النِهَايَةِ، لَا يَزَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْتَحَ يَدَهُ وَيَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ. يَظَلُّ بِإِمْكَانِ الْمُتَسَوِّلِ أَنْ يَكُونَ سَعِيدًا بِبُؤْسِهِ، أَوْ مُتَكَبِّرًا، لِدَرَجَةِ أَنْ يَرْفُضَ مُسَاعَدَةَ وَإِحْسَانَ الْغَنِيِّ. فَبِإِمْكَانِهِ مُقَاوَمَةُ الْهَدِيَّةِ، وَالِامْتِنَاعُ عَنْ مَدِّ يَدِهِ، رَافِضًا هَذِهِ الْعَطِيَّةَ الرَائِعَةَ الْمُقَدَّمَةَ لَهُ.

فِي الْأَوْسَاطِ الْأَرْمِينِيَّةِ الْمُعَاصِرَةِ، نَسْمَعُ تَشْبِيهَاتٍ مُمَاثِلَةً لِلْحَالَةِ الْبَشَرِيَّةِ. أَسْمَعُ اثْنَيْنِ مِنْهَا بِصُورَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ. التَشْبِيهُ الْأَوَّلُ يَصِفُ الْإِنْسَانَ بِأَنَّهُ فِي حَالَةٍ مِنَ الْبُؤْسِ الشَدِيدِ، وَبِأَنَّهُ يُشْبِهُ شَخْصًا يُعَانِي مِنْ مَرَضٍ مُمِيتٍ، وَيَحْتَضِرُ. وَهُوَ عَاجِزٌ تَمَامًا عَنْ مُعَالَجَةِ نَفْسِهِ. وَكَيْ يَتَعَافَى، لَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاوَلَ دَوَاءً يُمْكِنُهُ عِلَاجُ مَرَضِهِ. فَأُحْضِرَ إِلَيْهِ الدَوَاءُ، وَمَعَهُ ضَمَانٌ بِالشِفَاءِ. لَكِنَّ هَذَا الشَخْصَ أَضْعَفُ حَتَّى مِنْ أَنْ يُمْسِكَ بِالدَوَاءِ وَيَشْرَبَهُ بِمُفْرَدِهِ. فَعَلَى أَحَدِهِمْ أَنْ يَسْكُبَ الدَوَاءَ فِي مِلْعَقَةٍ، وَيُقَرِّبَهُ مِنْ شَفَتَيْ هَذَا الشَخْصِ الْوَاهِنِ لِلْغَايَةِ. لَكِنْ، يَظَلُّ عَلَيْهِ أَنْ يَفْتَحَ فَمَهُ وَيَتَنَاوَلَ الدَوَاءَ.

وَالتَشْبِيهُ الثَانِي يَتَعَلَّقُ بِشَخْصٍ يَغْرَقُ، وَقَدْ غَاصَ فِي الْمِيَاهِ لِلْمَرَّةِ الثَالِثَةِ. فَهُوَ لَا يُجِيدُ السِبَاحَةَ، وَحَالَتُهُ مَيْؤُوسٌ مِنْهَا، وَهُوَ عَلَى وَشْكِ الْمَوْتِ. وَقَدْ غَاصَ فِي الْمَاءِ، وَلَمْ يَتَبَقَّ فَوْقَ السَطْحِ سِوَى يَدِهِ. وَيَجِبُ أَنْ يُلْقِيَ أَحَدُهُمْ بِطَوْقِ نَجَاةٍ، بِشَكْلٍ صَحِيحٍ، قَرِيبًا مِنْ يَدِهِ. لَكِنْ، يَظَلُّ عَلَى هَذَا الشَخْصِ أَنْ يُمْسِكَ بِطَوْقِ النَجَاةِ. عَبَّرَ بِيلِي جْرَاهَامْ عَنِ الْأَمْرِ كَالتَالِي: "يَفْعَلُ اللَّهُ 99% مِنَ الْأَمْرِ، لَكِنَّ نِسْبَةَ 1% الْمُتَبَقِّيَةِ مَتْرُوكَةٌ لِلْخَاطِئِ".

أَمَّا الرَأْيُ الْمُصْلَحُ، فَيَقُولُ قَطْعًا إِنَّهُ لَمْ يُقَدَّمْ دَوَاءٌ لِإِنْسَانٍ يَحْتَضِرُ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتِ الْقِيَامَةُ لِإِنْسَانٍ مَاتَ بِالْفِعْلِ. وَتَشْبِيهُ الْأَمْرِ بِشَخْصٍ يَغْرَقُ لَا يَعْكِسُ النَظْرَةَ الْكِتَابِيَّةَ عَنِ الْإِنْسَانِ الْمَيِّتِ بِالذُنُوبِ وَالْخَطَايَا. فَذَلِكَ الشَخْصُ مَيِّتٌ كَالْحَجَرِ فِي قَاعِ الْمُحِيطِ. وَالْوَسِيلَةُ الْوَحِيدَةُ لِإِنْقَاذِهِ هِيَ أَنْ يَغُوصَ اللَّهُ فِي الْمِيَاهِ، وَيَنْتَشِلَهُ، وَيُعْطِيَهُ قُبْلَةَ الْحَيَاةِ، لِيُعِيدَهُ إِلَى الْحَيَاةِ. إِذَنْ، يَتَمَحْوَرُ النِزَاعُ حَوْلَ نِسْبَةِ 1%، أَوْ ذَلِكَ الْقَدْرِ الضَئِيلِ مِنَ الْقُدْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ.

بَعْدَ وَفَاةِ أَرْمِينْيُوسْ فِي عَامِ 1609، وَفِي الْعَامِ التَالِي، خَاضَ بَعْضُ تَلَامِيذِهِ جَدَلًا دُعِيَ بِالْجَدَلِ الرِيمُونْسْتْرَانْتِي (Remonstrant Controversy)، فِي هُولَنْدَا، حَيْثُ أَبْدَى الرِيمُونْسْتِرَانْتِيُّونَ آنَذَاكَ خَمْسَةَ اعْتِرَاضَاتٍ عَلَى التَعْلِيمِ الْمُصْلَحِ. وَهَذِهِ هِيَ الِاعْتِرَاضَاتُ الْخَمْسَةُ. فَفِي رَدِّهِمْ عَلَى الْكَالْفِينِيَّةِ الْكِلَاسِيكِيَّةِ، قَدَّمُوا خَمْسَ أُطْرُوحَاتٍ أَسَاسِيَّةٍ، وَهِيَ: 1) يَخْتَارُ اللَّهُ الْبَشَرَ بِنَاءً عَلَى مَعْرِفَتِهِ الْمُسْبَقَةِ، وَبِنَاءً عَلَى إِيمَانٍ مُتَوَقَّعٍ. فَهُوَ يَخْتَارُ الَذِينَ يَعْلَمُ مُسْبَقًا أَنَّهُمْ سَيَتَفَاعَلُونَ إِيجَابِيًّا مَعَ عَرْضِ النِعْمَةِ. 2) مَاتَ الْمَسِيحُ لِأَجْلِ جَمِيعِ الْبَشَرِ. وَكَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْكَفَّارَةِ هُوَ خَلَاصُ الْجَمِيعِ. لَكِنْ فَقَطْ الَذِينَ يَتَعَاوَنُونَ مَعَ هَذِهِ النِعْمَةِ يَخْلُصُونَ بِالْفِعْلِ. 3) الْإِنْسَانُ فَاسِدٌ لِدَرَجَةٍ تَجْعَلُ النِعْمَةَ ضَرُورِيَّةً ضَرُورَةً مُطْلَقَةً. 4) يُمْكِنُ مُقَاوَمَةُ النِعْمَةِ. 5) مَسْأَلَةُ إِذَا كَانَ الشَخْصُ الَذِي نَالَ الْفِدَاءَ يُمْكِنُ أَنْ يَفْقِدَ خَلَاصَهُ، أَوْ مَا إِذَا كَانَ يُثَابِرُ فِي الْإِيمَانِ، هِيَ مَثَارُ شَكٍّ.

هَذِهِ هِيَ التَصْرِيحَاتُ الْخَمْسَةُ الْكْلَاسِيكِيَّةُ الَتِي أَدْلَى بِهَا الرِيمُونْسْتْرَانْتِيُّونَ. أَدَّى ذَلِكَ إِلَى انْعِقَادِ سِنُودِسْ دُورْتْ فِي عَامِ 1618، حَيْثُ أُدِينَتْ هَذِهِ الْأُطْرُوحَاتُ الْخَمْسُ جَمِيعُهَا. وَفِي سِيَاقِ الرَدِّ عَلَى الرِيمُونْسْتْرَانْتِيِّينَ، وَذَلِكَ الْجَدَلِ التَارِيخِيِّ الَذِي انْتَهَى فِي سِنُودُسْ دُورْتْ، نَشَأَتِ الْمَبَادِئُ الْخَمْسَةُ الشَهِيرَةُ لِلْكَالْفِينِيَّةِ. وَهَذِهِ الْمَبَادِئُ الْخَمْسَةُ، وَهِيَ الْفَسَادُ الْكُلِّيُّ، وَالِاخْتِيَارُ غَيْرُ الْمَشْرُوطِ، وَالْكَفَّارَةُ الْمَحْدُودَةُ، وَالنِعْمَةُ الَتِي لَا تُقَاوَمُ، وَمُثَابَرَةُ الْقِدِّيسِينَ، وُضِعَتْ فِي مُقَابِلِ رَأْيِ أَتْبَاعِ أَرْمِينْيُوسْ فِي الْجَدَلِ الرُومِنْسْتْرَانْتِيِّ، فِي أَوَائِلِ الْقَرْنِ السَابِعَ عَشَرَ.