الإسلام اليوم
۵ يوليو ۲۰۱۹ما هو الإنجيل؟
۱۵ يوليو ۲۰۱۹النهضة الحقيقية والنهضة المزيفة
على مر العصور، حاول القساوسة فهم ما يفعله الله في كنائسهم. في بعض الأحيان، كانت هناك فترات من الجفاف والموت عندما بدا أن هناك اهتمامًا ضئيلا بكلمة الله، حتى بين أولئك الذين يدعون أنهم مسيحيون. لكن في أوقات أخرى، كانت هناك فترات حدثت فيها "صحوة عظيمة" عندما بدا أن الله يعمل ويتحرك، عندما اختبر الناس اهتمامًا روحيًّا مكثَّفًا، وعندما بدت النهضة موجودة في كل مكان.
وفي تلك الأوقات، قدم القساوسة مبادئ توجيهيَّة أو علامات قد تساعدهم هم وآخرون على التمييز بين التغيير الحقيقي والتغيير المزيف في حياة الناس وبالتالي التمييز بين النهضة الحقيقيَّة والنهضة المزيفة. في يومنا هذا، حيث يُقدَّم الكثير تحت اسم المسيحيَّة المتمركزة حول الإنجيل، عندما تتجمع مجموعات كبيرة من الناس ثم تفترق حين يختفي قائدهم الذي يتميز بالكاريزما من المشهد، فنحن لا نزال بحاجة إلى فهم ما هو صحيح. كيف يمكننا أن نختبر أرواح أولئك الذين نخدمهم؟
في بعض النواحي، من الأسهل الإشارة إلى ما قد يكون علامات زائفة أو غير حاسمة من الاهتمام الروحي أو التحول الحقيقي. فيما يلي، سوف أقدم خمس علامات زائفة أو غير حاسمة قبل أن أختتم بعدة علامات حقيقية أو جديرة بالثقة للتغيير والنهضة الحقيقيَّة.
المشاعر المتزايدة:
قد تكون أحد العلامات الزائفة أو المضللة على الاهتمام الديني هي المشاعر المتزايدة. ببساطة لأن شخصًا ما لديه انطباعات قوية عن محبة الله أو مشاعر عارمة من الحزن على الخطية فهذا لا يعني أنه قد حدث تغيير بالفعل.
يمكننا أن نفكر في الأمثلة المعاصرة حيث نجد أن العواطف القوية والمتزايدة لا تعني أن هناك أي شيء روحي يحدث. على سبيل المثال، قد يجد الأشخاص الذين يشاهدون بطولة العالم أو المباراة النهائية في دوري كرة القدم مشاعرهم مثارة ومنفعلة بدرجة عالية جدًا. هذا لا يعني، بالطبع، أن هناك أي شيء روحي قد حدث. وبالمثل، في السياسة، يمكن أن تُثار عواطف المواطنين إلى فرحة غامرة أو إلى غضب شديد بسبب خطاب سياسي؛ هذا لا يعني أن هذه هي العواطف التي تؤدي إلى التغيير.
الشيء نفسه في المجال الروحي: فكر في الخدمات الدينيَّة التي حضرتها أو شاهدتها على شاشة التلفزيون. كانت للموسيقى والوعظ تأثيرًا وعميقًا — فقد تحركت مشاعرك وظننت أنه يمكنك أن تفعل أي شيء في تلك اللحظة من أجل المسيح. ولكن تلك المشاعر لم تحرك في الواقع الإرادة لإحداث تغيير كبير في الحياة: لم يكن هناك نظرة جديدة للمسيح أنتجها الروح القدس وقادت إلى ممارسات جديدة للقداسة في حياتنا. ربما قد أثيرت مشاعرنا، لكنها لم تنتج ثمارًا دائمة ومستمرة.
شهادة جاهزة:
علامة أخرى قد تثبت أنها مزيفة أو مضللة حول حالتنا الروحية هي الاستعداد للحديث عن اختبارنا المسيحي. إننا نميل إلى الاعتقاد أنه إن شهد شخص ما على تغيير في القلب وأمكنه أن يصف ذلك في الحال بتفاصيلٍ دقيقة فإن ذلك علامة على التغيير الحقيقي.
ولكن كما تحذرنا شخصية الثرثار في رواية سياحة المسيحي لجون بنيان، لمجرد أن شخصًا ما يستطيع أن يتحدث عن الاختبار أو العقيدة المسيحيَّة فهذا لا يعني أنه قد عاش حقيقة الأمر في قلبه. في الواقع، مَنْ لديهم اختبارات دينية مزيفة هم أكثر عرضة للتحدُّث عن تلك الاختبارات بدافع من الكبرياء والطموح الروحي، والرغبة في أن يتم رؤيتهم ومعرفتهم. هذا دليل على أنهم يخدعون أنفسهم وفي حالة روحية يائسة.
الاستشهاد بالكتاب المقدس:
علامة ثالثة غير جديرة بالثقة في التحقُّق من صحة التغيير الحقيقي والنهضة الحقيقية هي القدرة على اقتباس أجزاء طويلة من الكتاب المقدس. أو ربما هناك آية معينة من الكتاب المقدس تأتي مباشرة إلى الذهن يعتمد عليها الناس كدليل على اختبار روحي أصيل. ولكن هذا ليس دليلاً أكيدًا: فالشيطان نفسه يستطيع أن يأتي بنصوص الكتاب المقدس إلى الذهن ويسيء تطبيقها بطريقة تجذب الناس بعيدًا عن الله بدلاً من أن تجذبهم إليه. في الواقع، حاول أن يفعل ذلك في تجربته ليسوع، وقد أساء اقتباس مزمور 91 في محاولة لإبعاد المسيح نفسه عن أبيه.
في الواقع، قد يستقبل بعض الناس حقًا كلمة الله بفرح لحينٍ ولكن في النهاية يتحوَّلوا بعيدًا عنها. تعلِّم متى 13 المؤمنين أن المستمعين من نوعية الأماكن المحجرة يقبلون كلمة الله بفرح، ولكن عندما تأتي الأوقات الصعبة ثبت أن تغييرهم كان مزيفًا. يعني هذا أنه قد يكون هناك من يسمعون كلمة الله بفرح ولهم مظهر النمو، ولكن يُبيِّنون في وقت التجربة في زواجهم أو أسرهم أو عملهم أنه لم يكن هناك تبعيَّة أصيلة للمسيح. لمجرد أنه هناك استشهاد بالكتاب المقدس أو محبة ظاهرة للكتاب المقدس والاهتمام به فهذا لا يعني أن هناك تغيير حقيقي أو نهضة قد حدث بالضرورة.
التحرير الروحي:
قد يشعر شخص ما أنه تحرَّر من الخطية أو حتى من الشيطان وبالرغم من ذلك لا يكون قد تغيَّر حقًا. قد تكون هناك حالة اختبر فيها شخص ما قلقًا روحيًّا عميقًا حول مسؤوليته تجاه الدينونة الأبديَّة وشعر باليأس الشديد؛ ربما يعاني من ضغوط روحيَّة كبيرة، حتى من الشيطان.
ثم، على الفور وعلى ما يبدو بأنه معجزة، شعر أنه قد تحرر تمامًا، كما لو كان الشيطان قد طُرد، وتوقفت الضغوط، وانتهى الإدمان. قد يحدث هذا من خلال حلم أو رؤية، ربما يري فيها إنسان ممتلئ بالجمال لديه جروح في يديه أو في جنبه فيعتبرها الشخص أنها رؤية للمسيح. ومع ذلك، حتى في ظل هذا الاختبار، لا يعني ذلك أن الشخص قد نال الخلاص فعلاً. فالكتاب المقدس لا يُعلِّم في أي جزء منه أن مثل هذه الأمور توفر أرضية صلبة لضمان حدوث تغيير أو نهضة حقيقيَّة.
حرية العبادة:
وأخيرًا، ببساطة لأن شخصًا ما يعرف الحرية والمشاركة في العبادة لا يعني أنه قد تم تغييره. فالذهاب إلى اجتماعات العبادة، والحضور المنتظم للتعليم الديني، وحضور اجتماعات النهضات — لا شيء من كل هذا يعني أن شخصًا ما قد تم تغييره حقًا. فمجرد وجود حشود كبيرة من الناس في اجتماعات العبادة أو مشاركة بعض الناس بدرجة كبيرة لا يعني أنه قد أتت النهضة.
بالإضافة إلى ذلك، لا تقدم الحرية في تسبيح الله أو في الترنيم وتعظيم اسمه دليلاً قاطعًا على تغيير الحياة. فالحرية في المظهر الجسدي، أو الترنيم بصوتٍ عالٍ، أو "الصمت المقدس" أثناء الوعظ — لا يعني أي من هذه الأشياء بالضرورة أن الله حاضر. بكل تأكيد مَنْ اختبروا نعمة الله المُغيرة يتوقون ويشتاقون أن في محضر الله، ولكن مثل هذا الشوق الظاهر ليس علامة مؤكدة على التغيير أو النهضة.
هذه العلامات الخمسة هي أوضح اختبارات مزيفة وغير حاسمة، إن لم تكن أدلة مزيفة على الاهتمام الديني، أو التغيير الأصيل، أو النهضة الحقيقية. أولئك الذين يعتمدون على هذه العلامات لديهم القدرة على خداع أنفسهم بشأن حالتهم الروحيَّة. إذن ما هي العلامات الجديرة بالثقة للنهضة الحقيقيَّة، والتغيير الأصيل، والاختبار الروحي؟
العلامات الحقيقيَّة:
إحدى العلامات هي ما أسماه جوناثان إدواردز "الامتنان الكريم" وهو أن أحب الله لأجل نفسه في ذاته على عكس أن أحبه من أجل ما يمكن أن يفعله أو قد فعله لأجلي. يدرك المؤمن أن الدخول في علاقة صحيحة مع الله هو كل شيء، والتأمل في شخصيته والابتهاج في طرقه هو طريق التلمذة.
بالأخص، هناك فرحة كبيرة وابتهاج بقداسة الله. يبدأ المؤمنون في تطوير ونمو مذاقهم لحلاوة قداسة الله وبالتساوي يستاؤون من الخطية ويكرهونها، حيث تزداد مرارتها بالنسبة لهم. وبينما يسكن الروح القدس فيهم، يجدون أن الله يقودهم إلى محبة قداسته، وهم يتوقون إلى أن يكونوا مثله.
العلامة الثالثة على أن الله يعمل بمنح رغبة ومحبة جديدة للفرد هي التواضع الذي يسود حياته. في ضوء عظمة ومجد الله، يدرك المؤمنون مكانتهم الخاصة في العلاقة مع الله والآخرين. لا يمكن أن يأتي هذا التواضع إلا من تأثير روح الله حيث يخلق طرق جديدة في القلب للحياة والسلوك. إن التغيير الحقيقي يرافقه دائمًا التواضع لأنه في صميمه هو توبيخ للكبرياء وتوقُّف عن الرغبة في الذات: نحن نتكل على الله من خلال المسيح الذي يخلصنا. ولكن أهم علامة على عمل الله في حياة شخص ما هي الممارسات الجديدة للطاعة المقدسة. إذا كان الله الروح القدس حقًا يسكن الشخص، سيكون هناك حتمًا ممارسات جديدة من القداسة نتيجة لذلك. فببساطة لا تبقي القداسة كإيمان خاص. بل لا توجد أمور صغيرة ولا قضايا صغيرة لا يرغب فيها المؤمنون الطاعة المقدسة ويمارسونها.
الكنيسة المليئة بالرجال والنساء الذين يبتهجون بالله وقداسته، المتواضعون أمام الله والآخرين، والذين يعيشون من منطلق تلك البهجة المقدسة في طاعة كلمة الله — تلك هي الكنيسة التي تشهد نهضة حقيقيَّة. مثل هذه الكنيسة لن تكون جذابة فقط لأولئك الذين يتوقون إلى الواقع الروحي، بل ستكون شهادة عظيمة لملكوت الله الآتي. ليمنحنا الله تلك الكنائس وهذا الشعب في أيامنا هذه.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.