منذ بضعة أعوام، كَتبتُ سلسلة من المقالات في موقع ليجونير عن عقيدة سبق التعيين. وكمخطط عام، استخدمت القسم الرئيسي الأول للعقيدة المذكور في إقرارات سنودس دورت. تمت كتابة هذه الأحكام أو "الإقرارات" اللاهوتيّة في اجتماع أو "سنودس" دولي حضره أساتذة وقساوسة وشيوخ مُصلحين، وكذلك رجال الدولة في مدينة دوردريخت (Dordrecht) الهولندية من عام 1618 وحتى 1619. كُتبت الإقرارات استجابةً للصراع، الذي لم يكن في أنحاء الكنيسة الهولندية المُصلحة فحسب، بل كان في كل أوروبا أيضًا، حول تأثير تعاليم القس جاكوب هيرمانزون (Jakob Hermanszoon) الذي أصبح أستاذًا جامعيًا فيما بعد (1560-1609)، وهو المعروف أكثر بترجمة أسمه إلى اللاتينية باسم جاكوبس (يعقوب) أرمينيوس. فبعد وفاته كتب تابعيه احتجاجًا، واعتراضًا، يتعلّق بخمس نقاط لاهوتيّة وهكذا أصبحوا يُعرفون باسم "المحتجون" (Remonstrants). في المقابل، جاء رد سنودس دورت على كل نقطة في إقراراته.
في هذه السلسلة، أود أن أقودكم إلى العقيدة الكتابية التي يُطلق عليها الكفارة "المحدودة" أو "المُحدّدة"، وذلك باستخدام القسم الثاني الرئيسي للعقيدة في إقرارات سنودس دورت كمخطط عام. لنبدأ باستكشاف لماذا تُعد هذه العقيدة الأكثر صعوبة في إقرارات دورت.[1]
صعوبة اللغة:
تعد هذه العقيدة صعبة لأن اللغة قد تكون صعبة. فَكِّر في المُسميّات. ما هي أسرع طريقة تسمي بها خصومك، وتحصرهم، وتنبذهم؟ نسميهم أتباع شخص ما: "الأرمينيون". وفي المقابل، فإن أشخاص مثلي نُدعى أتباع شخص آخر: "كالفينيّون".
تسطّح المصطلحات الحديثة التعقيدات التاريخية.[2] لو أمكن لي أن أعود بالزمن قبل سنودس دورت لمدينة هدسون (Heusden) الهولندية وأسأل راعيها الجديد والعضو المنتدب في المستقبل لسنودس دورت جيجبرتوس فوتيوس (Gijsbertus Voetius)، "أيها السيد فوتيوس، ماذا يعني أن تكون مُصلحًا؟ فربما سيُجيب: "أن نؤمن بالسبعة وثلاثين بند لإقرار الإيمان البلجيكي و129 سؤال وجواب لدليل إيمان هيدلبرج". (كانت "الكالفينيّة" الأصيلة في ذلك الوقت كالفينيّة ذات 166 نقطة!). بعد السنودس تم اعتماد "صياغة للتوقيع" من أجل القسوس، والأساتذة، ومعلمو المدارس، والشيوخ، والشمامسة لكي يتعهدوا أمام الله أنهم يؤمنون أن عقيدة إقرار الإيمان، ودليل الأسئلة والأجوبة، والإقرارات هي كتابية. مازالت تتطلّب الكنائس التي أخدم بها هذا الأمر. المثير للدهشة هو كيف تصف تلك الصياغة إقرارات دورت باعتبارها "شرحًا لبعض النقاط في العقيدة المذكورة سابقًا والتي أعدّها السنودس الوطني لمدينة دوردريخت (Dordrecht)".
صعوبة أخرى وهي: ما هو حقًا موضوع النقاش؟ بشكل عام، نتكلم عن "الكفارة المحدودة". إن المشكلة هي أنه باستثناء الشموليين (universalists)، الذين يؤمنون أن كل إنسان سيذهب للسماء، يحدّ الجميع من فاعليّة الخلاص لموت المسيح، بما فيهم حتى المحتجّين. في عام 1610، عندما بدأ المحتجون احتجاجهم، كتبوا: "مات يسوع المسيح مخلص العالم لأجل جميع الناس ولأجل كل إنسان، حتى أنه حصل على المصالحة وغفران الخطايا للجميع بواسطة موت الصليب". يبدو أنه هذا غير محدود، أليس صحيحًا؟ لكنهم استمروا بالقول: "لكن لا يتمتع أحد فعليًا بغفران الخطايا هذا إلا المُؤمن".[3] عندما كتب سنودس دورت إقراراته، كان عنوان القسم الرئيسي الثاني للعقيدة هو "عن موت المسيح وفداء الإنسان بواسطته". بكلمات أخرى، ما هي علاقة ما عمله المسيح بموته بشراء مَنْ هم عبيدًا للخطية؟ وهكذا، فإن عبارة الكفارة المحدودة لها فائدة محدودة.
صعوبة العقيدة:
وفقًا للاقتباس السابق، كان المخطط العام لفكر المحتجين في عام 1610 هو أن المسيح "حصل على المصالحة وغفران الخطايا للجميع"، ولكن "لا يتمتع أحد فعليًا بغفران الخطايا هذا إلا المُؤمن". ثم بعد عام 1611، في مؤتمر في مدينة لاهاي (Hague)، أصبح المحتجون أكثر وضوحًا في إقرارهم أن المسيح "حصل على المصالحة وغفران الخطايا لكل البشر".[4] وقد استخدموا تمييزًا عامًا بين "الحصول" و"التطبيق"، أو كما نقول الآن تحقيق الفداء وتطبيق الفداء. لكن بما أن "الحصول" (التحقيق) يُمكن أن يعني "اكتساب"، "استحقاق" "امتلاك"، "شراء"، أو حتى "منح"،[5] فالتمييز العقيدي بين تحقيق الفداء وتطبيق الفداء أصبح غير واضح.
في السنوات التي سبقت سنودس دورت، طَوّر علماء اللاهوت المحتجين نظام عقيدتهم بشكل أكبر. نستطيع أن نرى لمحة من "رفض الأخطاء" بعد كل نقطة مؤكّدة عن العقيدة في الإقرارات حيث تم اقتباس كتابات المحتجين. هنا ملخص لأخطائهم:
كما ترون من خلال هذه النقاط الموجزة، لم يكن الجدال بين المُصلحين والمحتجّين هو ببساطة المقابلة بين الكفارة "المحدودة" و"غير المحدودة". بل اشتمل هذا الجدال على الكثير من النقاط الرئيسية والفرعية المعقدة والصعبة. بعد قولي هذا، أود أن أرحب بكم في أكثر العقائد صعوبة في إقرارات دورت والتي سنبحثها في المقالات التالية.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.