العيش كمواطنين مزدوجي الجنسية
۱۲ مارس ۲۰۱۹العَيْش في الأيام الأخيرة
۱۹ مارس ۲۰۱۹المشاركة بالإنجيل مع المسلمين
بينما كان الرسول بولس أول من بشّر برسالة الإنجيل الأصيلة في الجزيرة العربية وفي دمشق (غلاطية 1: 15–17)، فقد شهدت القرون التالية دخول أنواع مختلفة من المسيحيّة تتراوح بين المسيحيّة المستقيمة إلى عدد من الطوائف المهرطقة.
كانت المسيحيّة الشرقيّة في الواقع قبل وصول محمد — نبي الإسلام — تعاني من الانقسامات الداخليّة، والنزاعات اللاهوتيّة، وعبادة القديسين ورفاتهم. تعرّض محمد لمعتقدات وممارسات يهوديّة ومسيحيّة غير مستقيمة موجودة بالفعل في الجزيرة العربية وفي وقت لاحق من خلال أنشطته التجاريّة مع المسيحيين في الشمال.
وبناء على ذلك، استخلص استنتاجاته حول المسيحيّة من مصادر مشوّهة: بدع يهوديّة ومزيج من المصادر المسيحيّة من السير الذاتية للقديسين والشهداء وكذلك الأبوكريفا. ما هو أكثر أهمية هو حقيقة أن محمد وأجيال عديدة من أتباعه لم يكن لديهم الكتاب المقدس بلغتهم الخاصة، ولذا فهم لم يفهموا تمامًا رسالة الإنجيل. بدلًا من ذلك، كان سوء فهمه الكبير للمسيحية الحقيقيّة يمثل ضررًا بالغًا بالعلاقة بين الإسلام والمسيحيّة واستمر للأسف حتى يومنا هذا.
بالإضافة إلى هذه العوامل المؤسفة، يتعرض ملايين المسلمين لبعض التعاليم والممارسات اللاهوتيّة والروحيّة المنحرفة لبعض أنواع من الكنائس في أيامنا هذه. لذا، فلا عجب أن ينظر المسلمون إلى الإيمان المسيحي وكلمة الله بشيء من الشك. إنها مهمة المسيحيين أن يظلوا صادقين مع الإنجيل كما كان الرسول بولس، حتى أنه بنعمة الله يتقدمون لمعرفة يسوع المسيح ربًا ومخلصًا.
لم يفت الأوان بعد لتصحيح ذلك الميراث من سوء الفهم، وعدم الثقة، والعداء بين الإسلام والمسيحية. في كتاب نداء المئذنة (The Call of the Minaret)، يتأمل كينيث كراج (Kenneth Cragg) في سؤال يسوع لتلاميذه: "مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟":
ألا ينبغي أن يتم إنقاذ يسوع من القرآن ومن سوء الفهم والكشف عن جميع الأمور المختصة بأهميته...؟ ... أنه الواجب الذي لا يمكن فصله عن مسيحيّتنا هو قيادته الآخرين إليه، مَنْ يسألوا عنه، حتى يجدوا إجابات لأنفسهم.
وبعبارة أخرى، يتعيّن علينا أن نبلغ أصدقائنا المسلمين "الحق الحقيقي" لإعلان الله المجيد عن نفسه في المسيح، "الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ" (كولوسي 2: 3). يطالب التاريخ والولاء لكلمة الله بأن تلتزم الكنيسة في جيلنا بالكرازة للمسلمين وجعل مثل هذه الكرازة أولويّة إن أردنا أن نرى المسلمين يؤمنون بالمسيح.
عندما رفض محمد المسيح كما نقلته له الهرطقات المسيحيّة المبكّرة، استبدله واستبدل إنجيله بنظامه الشرعي المتشدد الذي لن يغيّر القلب ويرضي متطلبات الضمير قط (أنظر عبرانيين 9: 9-10). يمكننا أن نقول عن المسلمين ما قاله بولس عن اليهود: "أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً لِلَّهِ وَلَكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ" (رومية 10: 2). إن المبشرين المخلصين إلى المسلمين يعرفون بالتأكيد أن قوة الإنجيل هي وحدها القادرة على تغيير قلوب الرجال والنساء. يجب أن نكون واثقين ونحن نعلن كلمة الله. يجب أن ننشر إنجيله بكل قوته في جميع أنحاء العالم وأن نجعل إعلانه أولويّة في كرازتنا للمسلمين (رومية ١: ١٦‑١٧).
تذكّر أن الشهادة للمسيح ليست خيارًا للمسيحي ويجب أن تكون شفاهية بطبيعتها. إن نقل رسالة الإنجيل إلى غير المؤمن هو الاشتراك المبهج من قِبل المسيحيين فيما يعمله الله في العالم. تذكّر هذه الكلمات المشجعة التي قالها المسيح: "بهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تلاَمِيذِي" (يوحنا 15: 8). "هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاس" (مرقس 1: 17). "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (يوحنا 14: 6). "لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أعمال الرسل 1: 8). لتحقيق هذا الهدف، إليك عشرة اقتراحات للمشاركة بالإنجيل مع صديقك المسلم.
(1) تعامل مع صديقك المسلم كشخص في أمس الحاجة إلى الخلاص مثل أي إنسان آخر، بما في ذلك أنت. يجب النظر إلى كل إنسان غير مؤمن على أنه لقاء إلهي أرسله الله إلينا. وفي حين أن البعض لن يستجيب، سيؤمن آخرون بالمسيح. تقول كلمة الله: "إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا" (2 كورنثوس 5: 20).
(2) ابذل جهدًا لتكوين صداقة حقيقيّة مع جارك المسلم والتعرف على خلفيته.
(3) أظهر المحبة المسيحية الأصيلة بالقول والفعل. أحد المبشرين للمسلمين المفضلين لديّ، الذي استشهد بسبب إيمانه، هو ريموند لول (Raymond Lull). سافر إلى شمال أفريقيا خلال الأيام المريرة من الحروب الصليبية وفهم أن الطريقة الوحيدة للتغلب على المواقف العدائيّة لدى الجانبين هي إظهار أعظم سلاح مسيحي ألا وهو محبة الله. قال: "من لا يحب فقد مات، ومن يحيا "بالحياة" لا يمكن أن يموت". وقد قال للمسلمين: "جئت لمقابلة المسلمين ليس بالأسلحة، ولكن بالكلمات: ليس بالقوة، بل بالمنطق، ليس بالكراهية بل بالمحبة".
(4) توقع الأسئلة، والاستفسارات، والاعتراضات على التعليم الفريد للكتاب المقدس. يجب تفسير هذه الأمور وفقًا لتعليم الكتاب المقدس. كن صبورًا، ومستعدًا للإجابة على اعتراضات صديقك المسلم كما فعل المسيح في لقاءه مع نيقوديموس والمرأة السامرية (يوحنا 3-4).
(5) لا تشوّه إيمان صديقك المسلم. عندما يسطع المسيح "كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ" (رؤيا 22: 16) سيقضي على كل الظلال.
(6) قدّم حياة، وتعليم، وخدمة المسيح. فهو مُوقّر ومُعظّم جدًا في الإسلام. تشهد غالبية المسلمين المتحولين للمسيحيّة بأن العامل الأكثر تأثيرًا في تحوّلهم كان تعرّضهم لكلمات وحياة المسيح الحقيقية.
(7) قدّم الكتاب المقدس لصديقك. إن كلمة الله هي أعظم أداة لكرازة المسلمين. يجب أن نتشجع بوعد الله: "هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ" (إشعياء 55 :11). "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" (عبرانيين 4: 12).
عند تقديم الكتاب المقدس لأصدقائك المسلمين، سيكون عليك التركيز على حقيقتين أساسيتين حول الكتاب المقدس. أولاً، سوف تحتاج إلى ترسيخ سلطان الكتاب المقدس من أجل تبديد اعتراضات المسلمين. إن الكتاب المقدس هو كلمة الله. مصدره إلهي، وسلطانه نهائي وأبدي. ثانيًا، ستحتاج إلى التأكيد على أن الكتاب المقدس ككل هو إعلان واحد وله هدف واحد. إن الموضوع العام للكتاب المقدس هو فداء الإنسان الخاطئ. فالكتاب المقدس هو تاريخ الفداء؛ ينتقل تدريجيًا، ويبلغ ذروته في مجيء المسيح. قم بالتأكيد على أن المسيح هو الشخصية المركزيّة في كل من العهدين. منذ البدء، وعد الله بمجيء المسيح.
(8) إن كان مناسبًا، شارك اختبارك الشخصي، واملأه بالحق الموجود في الكتاب المقدس. قم بالتأكيد على الفرق الأساسي بين أن تكون شخصًا ناموسيًا متشدّدًا وأن تكون قد تغيرت جوهريّا بفضل حياة، وتعليم، وقوة المسيح. إن اختبار بولس في فيلبي 3 هو مثال رائع لهذا التغيير.
(9) تجنّب استخدام المصطلحات اللاهوتيّة الغريبة بالنسبة لصديقك المسلم. ولكن إن كان يجب عليك استخدامها، حاول توضيح معانيها والتأكيد على تطبيقاتها للخلاص.
(10) قدم صديقك المسلم لراعيك، وادعوه إلى العبادة معك. ثق في الروح القدس أن يُحضر الخروف الضال إلى الحظيرة.
يظهر مثال حديث لاختبار مسلم الأهمية الكبرى لقوة كلمة الله وكيف تؤثر على قرار المسلم لقبول رسالة الإنجيل. كان حُمْران زعيمًا مسلمًا تقليديًا ورعًا. أثناء كتابته خطبة لإلقائها في المسجد، صادف الآية التالية من القرآن: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ [اليهود والمسيحيين] لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ" (المائدة 68). قال حُمْران:
لقد قرأت هذه الآية مئة مرة، ولكن في النهاية همس الله إلى روحي أن "التوراة" و"الإنجيل" الوارد ذكرهم في القرآن هي نفس التوراة والإنجيل الموجودة في الكتاب المقدس الآن. لطالما اعتقدت أن التوراة والإنجيل المذكورين في القرآن لم تعد موجودة بشكل ملموس، وأن محتوياتها قد تم تلخيصها في القرآن. كنت مقتنعًا بأن التوراة والإنجيل، اللذان يشكّلان الكتاب المقدس الآن هي غير صحيحة، وأن المحتويات الأصلية قد أسيء ترتيبها، أو تم تزييفها، أو الإضافة إليها من قبل البشر. لكن أخبرتني روحي أن التوراة والإنجيل الموجودة الآن في الكتاب المقدس هي صحيحة. لقد قاوم عقلي باستمرار هذا الصوت الداخلي "لا! لقد تم تزييف التوراة والإنجيل في الكتاب المقدس". تناقضت أفكاري مع روحي وضميري، وأصبحت متشكّكًا وغير واثقًا بشأن ما هو صحيح. ولكي أتصالح مع ضميري، أخذت المشكلة إلى الله. وقد ساعدني في التعرّف على حقيقة الإنجيل بينما كنت أقرأه.
في حين أن الله يأتي بخرافه الضالة لنفسه، يجب أن يسمع الملايين الأخبار السارة. وفقًا للتوقّعات السكّانيّة الجديدة من قبل منتدى مركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة، من المتوقع أن يزداد عدد المسلمين في العالم بنحو 35 في المائة في السنوات العشرين القادمة، حيث يرتفع من 1.6 مليار في عام 2010 إلى 2.2 مليار بحلول عام 2030. كسفراء عن المسيح، يجب أن نواجه هذه الزيادة ليس بالخوف، ولكن بالثقة في وعود الرب. قال يسوع: "أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (متى 16: 18). إنني على يقين أن كنيسة المسيح ستتضمن في النهاية ملايين من المسلمين المتحوّلين للمسيحيّة. يستخدم الله أشخاصًا مثلنا ليأتي بهم إلى الحظيرة.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.