الإيمان والتوبة
۹ يونيو ۲۰۲۰أبناء الله
۱۲ يونيو ۲۰۲۰هل يمكن أن أصلِّي صلوات النقمة؟
نعم، بل ويجب عليك القيام بذلك. على الرغم من صعوبة قبول هذه الإجابة، إلا أنها تعكس التعاليم الكتابيَّة على أحسن وجه. دعني أشرح لك الأمر.
إن مزمور النقمة أو اللعنة (imprecatory psalm) هو نوع من الرثاء. في أدب الحكمة العبري، مزامير الرثاء هي صرخات الأفراد والجماعة من شعب الله. إن مزامير النقمة بشكل خاص هي تعبير صوتي لدموع شعب إسرائيل في مواجهة الظلم والمعاناة. من خلال الصلاة كي تأتي لعنة الله على أعدائه، سعت إسرائيل إلى التمسُّك بصلاح ناموس الله لشعبه.
في الأساس، مزمور النقمة هو استدعاء للعنة الإلهيَّة. ومن الأمثلة على مزامير النقمة هذه مزامير 5، و6، و35، و69، و109، وكلها مُقتَبسة في العهد الجديد. تتخلَّل تصريحات اللعنة في جميع أسفار الكتاب المقدس. على سبيل المثال، أعلن يسوع ويلات القضاء على القادة الدينيِّين في متى ٢٣. ونطق بولس بالأناثيما (اللعنة) على كل من يُبشِّر بإنجيل آخر في غلاطية ١: ٨-٩. والشهداء في السماء يترجُّون من الله الانتقام لدمائهم في رؤيا 6: 10.
تؤكِّد الشهادة المستمرة للكتاب المقدس شرعيَّة استخدام شعب الله لصلوات النقمة في صلاتهم الفرديَّة، والعائليَّة، والجماعيَّة. يكمن خلف هذا الاصرار على الأمر افتراض أساسي بأن صلوات شعب الله يجب أن تكون متجذِّرة في كل الكتاب المقدس. سفر المزامير هو كتاب صلاة وترانيم مُوحى به من الله. يقدِّم لنا السفر كلمات الطلبات والتسبيح. تساعد مزامير النقمة على إعطاء طابع عن الأذى والغضب الذي يختبره شعب الله في بعض الأحيان في عالم دنَّسته الخطية.
يعترض البعض على اللغة القاسية لمزامير النقمة. في حين أن هذا أمر مفهوم، يجب ألا يغيب عن بالنا ما تستحقه خطايانا. يؤكِّد آخرون على تعليم المسيح أن نحب أعدائنا. لكن محبة أعدائنا في العهد الجديد لا تأتي أبدًا على حساب التنازل عن المُطالبة بالعدالة الإلهيَّة. فالصلاة لله لمعاقبة الأشرار ليس عدم محبة أو انتقام بل هو تعبير عن الإيمان بالله الذي يقضي بعدلٍ (1 بطرس 2: 23).
لا يزال البعض الآخر يريد حصر مزامير النقمة على شعب إسرائيل في العهد القديم. بينما تغيرت ظروف شعب الله في العهد مع مجيء المسيح، فإن نفس الوحشيَّة التي عانت منها إسرائيل كشعبٍ مؤمن في عالم معادٍ ما زالت تطارد الكنيسة اليوم. إذا أزلنا مفردات مزامير النقمة من منازلنا وكنائسنا، فماذا سيُرنِّم المسيحيُّون ويصلُّون عند وقوع المآسي؟
أن نصلِّي بمزامير النقمة هو في الأساس أن نصلِّي كما علَّمنا المسيح الصلاة. كمسيحيِّين، ننتظر أن يأتي ملكوت الله. نتوق أن تكن مشيئته على الأرض كما في السماء. إن الصلاة بمزامير النقمة ليست دعوة لحمل السلاح بل دعوة للإيمان. نرفع أصواتنا، وليس سيوفنا، ونحن نصلي إلى الله إمَّا أن يُغيِّر أعداء المسيح وملكوته أو يلعنهم.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.