
نوصَى عبر كلِّ الكتاب المُقدَّس بأن نخاف الله. ما معنى ذلك؟ وهل يمكن أن تعطينا مثالًا؟
٦ مايو ۲۰۲۵
عندما كان الرب يتحدَّث إلى إبراهيم عن سدوم وعمورة، قال: “أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الآتِي إِلَيَّ، وَإِلاَّ فَأَعْلَمُ”. لماذا قال الله إنه كان بحاجة إلى أن ينزل ليرى هذه المدن؟ ألم يكن يعلم بالفعل هذه الأمور؟
٦ مايو ۲۰۲۵سمعتُ أن الكتاب المُقدَّس يقول إن الله يعرِّف جميع البشر بنفسه من خلال عالمه المخلوق. كيف يمكن للشخص العادي أن يرى الله وصفاته من خلال الطبيعة؟

يتحدَّث الأصحاح الأول من رسالة رومية بشكل صريح عن هذا الإعلان الشامل الذي يقدِّمه الله للعالم، مع وجود تلميحات إلى هذا أيضًا في مواضع أخرى، من قبيل ذلك المزمور الذي يقول: "اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ". عندما كتب بولس إلى أهل رومية، قال إنه منذ خلق العالم ووجود الله ليس فقط مُعلنًا، بل أيضًا مُدركًا بوضوح، من خلال المصنوعات. كما تحدَّث عن كون صفات الله غير المنظورة تٌفهم أو تُعرف من خلال الأشياء المنظورة في الخليقة. في ضوء هذا الإعلان، يصبح العالم كله بلا عذر إذا ما رفض الله. فلا أحد يستطيع أن يستخدم جهله بالله كعُذرٍ لرفضه أن يمجِّده أو يُظهِر امتنانه له. هذه هي الفكرة الرئيسية للاصحاح الأول من رسالة رومية.
كيف يتمكَّن الشخص العادي إذن من رؤية ذلك؟ أتذكر محادثة سمعتها ذات مرة في أحد البرامج الحوارية، حيث تجادل ثلاثة علماء لاهوت رفيعو المستوى للغاية حول مسألة وجود الله. كان الواحد يهوديًّا، والآخر كاثوليكيًّا، والثالث بروتستانتيًّا. وكانوا يتجادلون حول ما إن كان إثبات وجود الله ممكنًا أم لا. كان مستوى الحديث تقنيًّا ومتخصصًا للغاية. ثم بعد هذا، قام البرنامج بفتح خطوط الهواتف كي يتيحوا فرصة لاشتراك "الشخص العادي" في الحديث. فاتصلت بهم سيدة دلَّ أسلوبها الركيك على أنها لم تكن على درجة عالية من التعليم، وقالت لهم: "لا أعلم ما خطبكم. فلمَ لا تفتحون أعينكم وتنظرون خارج النافذة؟" صدمت هذه السيدة هؤلاء اللاهوتيين المحنَّكين عن طريق احتكام مباشر وصريح للغاية إلى الطبيعة نفسها كبرهان على وجود الله.
في علم اللاهوت، ثمة سؤال معروف يتعلق بما إن كان هذا الإعلان الذي يقدمه الله في الطبيعة هو ما نسميه بالإعلان المباشر أم بالإعلان غير المباشر. هذان المصطلحان، بهذا المعنى، يتعلقان بما إن كان الله يعلن لنا عن ذاته مباشرة، أم يعرِّف بذاته من خلال توسط شخص أو شيء. فعلى سبيل المثال، عندما نرى ساعة، فهي توحي بأن صانع ساعات قد عملها. وهذه الساعة مثال للإعلان غير المباشر. لا يلزمنا أن نكون حاصلين على درجة الدكتوراه لنعرف أن الساعة لم تصنع نفسها. فقد صُنعت بطريقة ذكية على يد شخص ما، وبتصميم معين. وأعتقد أن الكتاب المقدس يعلِّم بأننا نتمتع بمعرفة مباشرة ومعرفة غير مباشرة على حدٍّ سواء بوجود الله.
وما يتحدَّث عنه بولس في رومية 1 هو ما يمكن أن نسميه بالإعلان غير المباشر، إذ يقول إننا نعرف الله من خلال المصنوعات. يستلزم هذا حقًّا بعض التفكير. فحين أرى شيئًا ما يتمتع بالترتيب والتناغم والتنظيم، يجب أن أفكر في حتمية وجود سبب لذلك؛ ومن ثَمَّ، فإنني أنسب سبب كل ما هو موجود من حولنا إلى الصانع والخالق الأعظم للخليقة. أعتقد أن هذه هي الكيفية التي يفهم بها الشخص العادي هذه الأمور.