مسيحُنا الفائق المجد
۳۰ نوفمبر ۲۰۲۳الرعاية هي عمل الثالوث
۵ ديسمبر ۲۰۲۳رؤية يسوع في عالم عدائيّ
ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الثامن] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ الحياة اليهودية في أيام يسوع].
قبلَ أنْ يتجدّدَ بولس، كان يشبهُ كثيرًا المُجاهدين الإسلاميّين؛ كان يكره المسيحيّة ويبذل كلّ ما في وسعه لاستئصالها. كان بإمكان الله أن يكون عادلًا بالقضاء عليه، كما فعل مع آخرين من الذين اضطهدوا شعبه. كثيرون (بمن فيهم بولس نفسه) كانوا يعتبرون بولس أنّه الشخص الأقلّ احتمالًا لأنْ يصبحَ مسيحيًّا. ويصفُ نفسَه بأنّه كان "على حافة" عدم القدرة على نوال الخلاص. لو كان قد عرف الحقيقة وعلى الرغم من ذلك استمرّ في إعلان غضبه على المسيح، لما حصل على الخلاص: "وَلَكِنَّنِي رُحِمْتُ، لِأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ" (1 تيموثاوس 1: 13). وفي خضمّ اضطهاده العنيف للمسيحيّين، ظنّ بولس أنّه يفعلُ الخيَر، تمامًا كما هي حال كثيرين اليوم.
نظرًا إلى تاريخ بولس، لا عجب أنْ يذكرَ لوقا ذهول الناس في دمشق عندما بدأ يُخبر الآخرين عن المسيح:
فَبُهِتَ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا: أَلَيْسَ هَذَا هُوَ ٱلَّذِي أَهْلَكَ فِي أُورُشَلِيمَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ بِهَذَا ٱلِٱسْمِ؟ وَقَدْ جَاءَ إِلَى هُنَا لِهَذا لِيَسُوقَهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ؟ (أعمال الرسل 9: 21)
كان ردّ الفعل في أورشليم هو نفسه. كان تلاميذ يسوع جميعهم "يَخَافُونَهُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ أَنَّهُ تِلْمِيذٌ" (الآية 26).
لماذا يشارك بولس اختبار خلاصه الشخصيّ في رسالته؟ يريد أنْ يتذكّر تيموثاوس كيف "تَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدًّا مَعَ ٱلْإِيمَانِ وَٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ" (1 تيموثاوس 1: 14). امتلأ بولس عجبًا وبدأ يعبد الله وهو يفكّر في هُوّيّة يسوع وما فعله. لقد تغيّر بولس المُضطَهِد وغُفر له وامتلأ إيمانًا ومحبّة. إنْ كان هذا ما يستطيع المسيح أنْ يفعلَه، فلا ينبغي أنْ يخافَ تيموثاوس أو يقلق بشأن العداء الذي يواجهه في أفسس. إنّ يسوع المسيح أكثر من كافٍ له وللكنيسة في سدّ كلّ احتياجاتهم.
إنّ رغبةَ ربّنا بأنْ نشاركَ هذا الإيمان الواثق واضحة: "صَادِقَةٌ هِيَ ٱلْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ ٱلْخُطَاةَ ٱلَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا" (الآية 15). لهذا جاءَ ربّنا، وهذا ما زال يفعله حتّى الآن: يحوّل الموتى إلى أحياء، والأشرار إلى صالحين، والمذنب إلى بريء. هو يملُك ليخلّص ويحوّل ويقدّس. يقول لنا بولس: "لَكِنَّنِي لِهَذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ فِيَّ أَنَا أَوَّلًا كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالًا لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ" (الآية 16). لقد نال بولس الصبرَ والرحمةَ لكي نستطيع نحن أن نرى يسوع. بينما كان بولس يسعى وراء إنزال الشرّ، كان يسوع يسعى لتحقيق خدمته، صلبه وقبره وقيامته وصعوده. بينما كان بولس مُنغمسًا في الشرّ، كان يسوع جالسًا على عرش المجد، يعمل وينتظر وقتَ خلاصِ بولس. بعد أن غيَّر بولس، استمرّ يسوع في إظهار محبّته لعبده وتقديسه بصبر، حتّى نتمكّن من أنْ نعرفَ ونبتهج أنّ هذا هو ربّنا ومُخلّصنا، اليوم وإلى الأبد.
تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.