الوعظ بهدف الإقناع - خدمات ليجونير
لا تدينوا
۱۹ أكتوبر ۲۰۲۳
 وحدة العرق البشري
۲٦ أكتوبر ۲۰۲۳
لا تدينوا
۱۹ أكتوبر ۲۰۲۳
 وحدة العرق البشري
۲٦ أكتوبر ۲۰۲۳

الوعظ بهدف الإقناع

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الثاني عشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ عقيدة الإنسان].

الرعاة مدعوّون من الله للوعظ بكلمة الله. وعليهم أنْ يفعلوا ذلك بشكل مقنع، تمامًا كما فعل بولس في أعمال الرسل 18: 4: "وَكَانَ يُحَاجُّ فِي ٱلْمَجْمَعِ كُلَّ سَبْتٍ وَيُقْنِعُ يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ." يجب أنْ يكونَ هدفُ الرعاةِ إقناعَ مستمعيهم ليس فقط أنْ يسمعوا الحقّ الإلهي وقبولَه، بل أيضًا أنْ يطبّقوه. لسوء الحظّ، كما قال مايكل ج. كروغر، الإقناع هو "الشيء الوحيد المهمّ المفقود في معظم العظات." إنّ هدفي من خلال تقديم الأفكار الثلاثة التالية حول الوعظ المُقنع، هو تشجيع زملائي الرعاة على الوعظ بشكل أكثر إقناعًا.

قوّة الروح

يعتمدُ الوعظُ المقنعُ على الثقة في قوّة الروح القدس على تجديد الخطاة. تذكّر عندما تقفُ خلفَ منبرك كلّ يوم أحد، أنّك تعظُ رعيّةً فيها خراف وجداء في آن واحد. ستضمّ الكنيسة المحليّة مؤمنين وغير مؤمنين. لا يوجد كنائس نقيّة بالكامل. يحتاج غير المؤمنين والمؤمنين على حدّ سواء إلى الإنجيل: يحتاجه غير المؤمنين لخلاصهم، والمؤمنين لتقديسهم.

إنّ الوعظَ لغير المؤمنين هو كالتكلّم مع الأموات. نرى هذه الصورة في حزقيال 37 عندما طلب الله من نبيّه التنبّؤ إلى العظام اليابسة، الأمر الذي يرمز إلى الحالة الروحيّة في "كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ" (الآية 11). كان بنو إسرائيل أمواتًا روحيًّا مثل هذه العظام اليابسة. أمرَ الله حزقيال أنْ يقولَ لها: "أَيَّتُهَا ٱلْعِظَامُ ٱلْيَابِسَةُ، ٱسْمَعِي كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ" (الآية 4). كيف بإمكانك إقناع هذه العظام أنْ تسمعَ كلمة الله وهي في الواقع ميتة؟ هنا ينبغي عليك أنْ تقتنعَ بالكامل بقوّة الروح القدس الخارقة للطبيعة في إحياء الخطاة الأموات روحيًّا مع المسيح (أفسس 2: 5).

لذلك، عِظْ بقناعة تامّة بقدرة الله على خلاصِ حتّى الذين تعتقدُ أنّه يستحيلُ خلاصُهم من الناحية البشريّة. ومع هذه القناعة، أقنعْ أعضاءَ كنيستِك المؤمنين ألّا يتخلّوا عن مشاركة الإنجيل مع أحبّائهم وأصدقائهم غير المؤمنين، والصلاة من أجل تجديدهم.

السيادة الإلهيّة والمسؤوليّة البشريّة

ينطوي الوعظ المقنع على السيادة الإلهيّة والمسؤوليّة الإنسانيّة. قد يبدو لنا أنّ دعوةَ غير المؤمنين للتوبة عن خطاياهم والإيمان بالمسيح أمر غير منطقيّ. في النهاية، ما لم يُحيي اللهُ النفوسَ الميتة، لن يتمكّنوا من التوبة والإيمان، لذلك يبدو من المنطقيّ أكثر أنْ يفتحَ الله قلوبَهم للإنجيل أوّلًا، قبل أنْ تدعوهم أنتَ إلى التوبة والإيمان. قد يبدو هذا أمرًا منطقيًّا أكثر بالنسبة إلينا، لكنّ هذا ليس بالنمط الكتابيّ. مثلًا، أمرَ الله حزقيال أنْ يُعلن كلامَه لشعب إسرائيل قبل أنْ قام بتجديدهم. كتب النبيّ: "فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ ٱلرُّوحُ، فَحَيُوا" (37: 10). نتعلّم هنا كيف يستخدمُ اللهُ بالعادة إعلانَ كلمتِه لتجديد الخطاة. وفي الوقت الذي فيه يكون غير المؤمنين أمواتًا روحيًّا — وبالتالي غير قادرين على الإيمان بأنفسهم —من واجبهم أنْ يؤمنوا من أجل خلاصِهم. رسالةُ الإنجيلِ واضحة: "آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ" (أعمال الرسل 16: 31). لا يستطيع أحد أنْ يتوقّعَ الحصول على الخلاصَ ما لم يؤمن. في الواقع، كما أنّ هناك وصيّة للرعاة أنْ يعظوا بالإنجيل، هكذا أيضًا يوجد وصيّة لغير المؤمنين أنْ يؤمنوا بالإنجيل.

وهكذا، إنّ الكرازةَ المقنِعةَ لا تتردّد في تقديم الإنجيل بحُريّة، وحثّ غير المتجدّدين على التوبة والإيمان. من جهة أخرى، إنّ الوعظَ الكالفيني المتشدّد يقولُ إنّه بما أنّ غير المؤمنين غير قادرين على الإيمان لأنّهم أمواتٌ في ذنوبهم، فليس واجبًا عليهم أنْ يؤمنوا بيسوع من أجل خلاصِهم. لذلك، مناشدتهم لكي يأتوا إلى المسيح بالإيمان ليس فقط أمرًا غير عقلانيّ، إنّما أيضًا غير كتابيّ.

في المقابل، يتمسّك الوعظُ المقنع بالسيادة الإلهيّة والمسؤوليّة البشريّة– أي أنّه ما لم يَهَبنا الله الإيمانَ، لن نقدرَ أنْ نؤمنَ، ومع هذا، يقعُ على عاتقنا مسؤوليّة أنْ نؤمنَ. الروح القدس هو مُقنعنا المُطلَق، ومع ذلك، الوعّاظ مدعوّون ليكونوا أشخاصًا مُقنعين. ولكن كيف يمكن للوعظ المقنع أنْ يوفّق بين هذين الأمرين؟ عالج تشارلز سبيرجون هذه المسألة بقوله:

تطلبون منّي التوفيق بين الأمرَيْن. وأنا أقولُ إنّهم لا يسعَوْن وراءَ أيّ توفيق؛ لم أحاول أبدًا التوفيق بينها وبين نفسي، لأنّني لم أرَ أبدًا فيهما أي تناقض...  كلاهما صحيح؛ ولا يمكن لحقيقتَين أنْ تتعارضا مع بعضهما البعض؛ ما عليك فعلُه هو أنْ تؤمنَ بكليهما.

القلب والرأس

الوعظُ المقنع يخاطبُ الرأسَ والقلبَ معًا، بهدف دفع اليدَين إلى العمل. بينما تعظ، ابذل جهدًا لإلقاء عظات ليست قادرة على تنوير عقول مستمعيك فحسب، إنّما أيضًا قادرة على لمسِ قلوبهم، وتحريك أيديهم لتطبيق ما وُعظوا به.

للأسف، يعظُ بعضُ الرعاة مثل مراسلي النشرات الإخباريّة أو مثل المُحاضرين، فهم ليسوا مهتمّين إلًا بنقل المعرفة. سمعتُ مرّة أحدَ الرعاة يقول: "إنّ دعوتي كواعظ هي ببساطة أنْ أعلّم الحقّ الإلهيّ. إنّ تطبيق هذا الحقّ ليس من شأني، بل من شأن الروح القدس." ولكن كما قال ديريك و. هـ توماس: "الوعظ هو تعليم يُضاف إليه التطبيق. إنّ أيّ اقتراح بأنّ الوعظ هو تطبيق هو أمر مبالغ فيه، ولكن ما لم يُطرح فيه السؤال: "ماذا إذًا؟"، فهو يُعتبر أقلّ من أنْ يكونَ وعظًا. لكي يعظ الراعي بشكلٍ مُقنعٍ، عليه أنْ يعرفَ أعضاءَ كنيستِه جيّدًا ليتكلّم بفعاليّة عن احتياجاتهم وصراعاتهم الروحيّة.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

برايان ج. ناجابفور
برايان ج. ناجابفور
القسّ برايان ج. نجابفور هو راعي كنيسة التراث الإصلاحي في جوردن، أونتاريو. خدمَ كراعٍ في الفلبين والولايات المتّحدة لأكثر من عشرين سنة. ألّف العديد من الكتب، منها: The Gospel-Driven Tongue و A Hearer of God’s Word.