صلِّ في أوقاتٍ مُحدّدة لكي تصلِّ في كلّ حين - خدمات ليجونير
الحياة بُخارٌ
۱۳ نوفمبر ۲۰۲۳
المسيحيّون أيضًا بحاجة إلى الإنجيل
۱۵ نوفمبر ۲۰۲۳
الحياة بُخارٌ
۱۳ نوفمبر ۲۰۲۳
المسيحيّون أيضًا بحاجة إلى الإنجيل
۱۵ نوفمبر ۲۰۲۳

صلِّ في أوقاتٍ مُحدّدة لكي تصلِّ في كلّ حين

    ملاحظة من المُحرِّر: هذا هو الفصل [الحادي عشر] في سلسلة مجلّة تيبولتوك [ صفات الله التي أسيء فهمها].

سألتُ غاري الذي كان ساقطًا في تجربةٍ جنسيّة على هاتفه الذكيّ: "هل تصلّي من أجل هذا الأمر في خلوتِك الشخصيّة؟" فأجابني: "أنا لا أصلّي في أوقات محددة لأنّني أصلّي في كلّ حين."

دُهشت من إجابته ولم أكن متأكّدًا تمامًا في البداية كيف أجيبُه. بدا شخصًا خارقًا من الناحية الروحيّة، ومع ذلك، كانت حياتُه بعيدة كلّ البعد عن القداسة الخارقة. أخيرًا، قلت له: "حسنًا، إنّه لأمر رائع أنْ تُصلّيَ في كلّ حين يا غاري، ولكن، لماذا لا تُخصّص وقتًا مُحدّدًا للصلاة أيضًا؟"

بقي غاري يوضح لي لساعة كاملة أو نحو ذلك سببَ عدم اقتناعه بضرورة أو أهمّيّة تخصيص وقتٍ مُحدّد للصلاة كلّ يوم. ولأنّ الأسباب التي أثارها هي اعتراضات شائعة على هذه الممارسة، فلنتأمّل بها ونرى رأي الكتاب المقدس بذلك.

لا أريد أنْ أصبحَ ناموسيًّا

أنا أتفهّم تمامًا هذا الوجَس، فقد مرّ معظمنا بأوقات في حياتنا مارسنا فيها عباداتٍ يوميّة بطريقة ناموسيّة. عندما نُصلّي لأنّه يجب علينا أنْ نُصلّي، فإنّ ذلك أشبهُ باستدعائك إلى مكتب المدير. إنّه اختبار تعيسٌ يستنزفُ كلّ الفرح والفائدة من الدقائق القليلة التي يمكننا تطويعها لترويض ضمائرنا وإبقاء الله خارجًا.

لكن لا ينبغي لتخصيصِ أوقاتٍ مُحدّدة للصلاة أنْ يُصبحَ أمرًا ناموسيًّا. فكما أنّ تخصيصَ مواعيدَ مُنتَظمة للقاء الأصدقاء لا يجعلُ من علاقة الصداقة أنْ تكونَ ناموسيّة، هكذا أيضًا، ليس من الضروريّ أنْ يجعلَ تحديدُ مواعيدَ مُنتَظمة مع الله للصلاةِ أمرًا ناموسيًّا. كانت هذه ممارسةً قامَ بها كلّ من داود ودانيال ويسوع (مزمور 119: 164؛ دانيال 6: 10؛ مَرْقُس 1: 35).

هل ستشعرُ بالأمانِ إنْ قرّر كبار جنرالاتنا: "وقفَ التدريب اليوميّ على الأسلحة الناريّة لأنّ الجنودَ يعتبرونَه أمرًا ناموسيًّا جدًّا"؟ إنّ التدريبَ اليوميّ على الصلاة هو جزء حيويّ من الحرب الروحيّة (أفسس ٦: ١٠-١٨). وكما قلت لـ غاري عن حاجته إلى الصلاة للتغلّب على تجربة مُشاهدة المواد الإباحيّة: "يُمكنك المخاطرة بأن تُصبح ناموسيًا، وإلّا أنا أضمن لك بأنّك ستواجه مشاكل مع القانون."

من الصعب أنْ أجدَ وقتًا للصلاة في جدول أعمالي

لا شكّ أنّ تخصيصَ وقتٍ للصلاة سيؤثّر على جدول أعمالنا، فهذا سيأخذ من وقتك بعيدًا عن الأنشطة الأخرى والأشخاص الآخرين. من الصعب تخصيص هذا الوقت في فترات الصباح المنهمكة عندما نكون مُسرعين إلى أعمالنا أو عندما نساهم في دفع الآخرين للذهاب إلى أعمالهم. من الصعب أيضًا تخصيص وقت للصلاة في المساء بعد أنْ نكونَ مُتعبين ونحاول أخذ قسط من الراحة.

ولكن، إن كان "لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَقْتٌ" (سفر الجامعة 3: 1)، فبالتأكيد لا بدّ من تخصيص وقتٍ للصلاة. إنْ كان لكلّ أنشطةِ الحياة الأخرى أوقاتًا معيّنة (الآيات ٢-٨)، فلماذا لا يُخصّص وقت للصلاة؟ مشكلتنا ليست بجدول أعمالنا المزدحم؛ إنّما بأولوياتنا المقلوبة رأسًا على عقب. إنْ كنّا منشغلين لدرجة أنّنا لا نُصلّي، فهذا يعني أنّنا منشغلون جدًّا. يقول الله لنا: " كُفُّوا وَٱعْلَمُوا أَنِّي أَنَا ٱللهُ" (المزمور 46: 10)، ومعرفة الله تحتاج لوقت هادئ معه.

أفضّل أنْ أكونَ عفويًّا

بعد أنْ قضيتُ أكثر من ثلاثين عامًا وأنا مؤمن بالمسيح، لا أتذكّر سوى مرّات قليلة غمرني فيها شوق إلى الله فكنت أتوق لقضاء وقت معه في الصلاة. كنتُ في أغلب الأحيان أُجبرُ نفسي على الصلاة لأنّني لو انتظرتُ أنْ تحلَّ عليّ مشاعر للصلاة، لما صلّيت إلّا بضع مرّات فقط في حياتي.

والحقّ يُقال أنّي لا أستطيع أنْ أحصيَ عدد المرّات التي أجبرتُ فيها نفسي على الصلاة، وفرَضَتْ هذه المشاعر نفسها على حياتي. بدأتُ صلاتي على شكل عادة، إلى أنْ أصبحتُ أمرًا أستمتعُ به. أمّا بالنسبة إلى المرنّم، فقد تحوّل الواجب إلى لحظات من الفرح (مزمور 119: 25-32). لاحظتُ أيضًا أنّ صلواتي العفويّة ازدادت أكثر بعد أنْ وضعتُ لها جدولًا زمنيًّا ثابتًا.

عندما باركني الله وزوجتي شونا بالأولاد، أدركنا أنّنا كنّا مشغولين جدًّا بهم لدرجة أنّنا لم نكن نقضي وقتًا كافيًا مع بعضنا. كنّا بحاجة إلى وضع خطّة إنْ أردنا ألّا نبتعد عن بعضنا. لهذا السبب، خصّصنا وقتًا كلّ يوم نجلس فيه وحدنا لمدّة ثلاثين دقيقة تقريبًا، وهكذا حافظنا من خلال هذه الأوقات الثابتة على حُبّنا نحو بعضنا البعض وأصبح أكثر عُمقًا. الحبّ المُنتظم بجدول زمني هو حُبّ مُستدام. وإنْ لم نُحدّدَ موعدًا ثابتًا للصلاة، فلن نختبر الصلوات العفويّة.

لم أستطع أنْ أقنعَ غاري بتخصيص أوقاتٍ للصلاة، لكنّي آمل أنّي أقنعتك. إنْ كان هذا صحيحًا، فمن المحتمل أنْ يكون تساؤلك التالي هو: "كيف أبدأ؟"

ابدأ على نحوٍ صغير

إنْ وضعْنا هدفًا عاليًا بأنْ نبدأَ مَثلًا بثلاثين دقيقة من الصلاة، فلن نتحمّل مرور ثلاثين دقيقة، ولن نقضي دقيقة واحدة بالصلاة في اليوم التالي. يقول جيمس كلير في كتابه "العادات الذريّة" (Atomic Habits) إنّك لو قرّرت أن تبدأ بممارسة التمارين الرياضيّة، فابدأ بتمرينٍ ضغطٍ واحد. هذا أمر مُمكن، أليس كذلك؟ ولكن، بمجرّد أنْ تصلَ إلى مستوى الأرض خلال هذا التمرين، ستفكّر: "حسنًا، لأرفعَ نفسي مرّة أخرى بينما أنا موجود هنا"، ثمّ ستقوم بتمرين آخر ثمّ آخر، وهكذا دواليك.

وبالمثل، بالنسبة إلى الصلاة، استهدف أنْ تقضيَ دقيقة واحدة يوميًّا لتبدأ بها. قد تتفاجأ بالمدّة التي ستقضيها بمجرّد أنْ تبدأ. بعد أسبوع من تخصيص دقيقة واحدة، خصّص دقيقتَيْن، وهكذا دواليك.

ابدأ بقراءة الكتاب المقدّس

لاحظَ كثيرون أنّ الصلاةَ هي التجاوبُ مع الله في حوارٍ يبدأه معنا من خلال كلمته. لذلك، ينبغي عليك أنْ تستخدمَ الكتاب المقدّس عند تحضيرك للصلاة. يمكننا التجاوب مع الله من خلال تطبيق الكلمات التي أعطانا إيّاها.

وإليك كيف أفعلُ أنا هذا. أختار من خمس إلى عشر آيات من قراءَتي اليوميّة للكتاب المقدّس، ثمّ أنسخها في ملفّ على جهازي. ثمّ أبدأ بتقسيم هذه الآيات إلى أجزاء أصغر، وأضع كلّ فكرة كاملة على سطر واحد، وأضع سطرًا فارغًا بين كلّ واحدة منها. ينتهي الأمر عادة بنصف صفحة تحتوي من خمس إلى عشر حقائق كتابيّة. ثمّ أقوم باستخدام كلّ سطر كتسبيح لله أو كاعتراف أو شكر أو تضرّع. يبدأ الله بالتكلّم معي، وأنا أتجاوب مع كلامه بالصلاة.

ابدأ بشكل صغير، وابدأ بقراءة الكتاب المقدّس لتبدأ حوارًا مع الله يستمرّ كلّ النهار.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في مجلة تيبولتوك.

ديفيد موري
ديفيد موري
الدكتور ديفيد موري هو أستاذ العهد القديم واللاهوت العملي في كلية التطهيرين المُصلَحة للاهوت، بمدينة جراند رابيدز، في ولاية ميشيجان، وهو قس لكنيسة جراند رابيدز المُصلَحة (Grand Rapids Reformed Church). وهو مؤلف كتاب "استكشاف الكتاب المقدس: خطة لقراءة الكتاب المقدس للأطفال" (Exploring the Bible: A Bible Reading Plan for Kids).