
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن رسالة كولوسي
۲۲ مايو ۲۰۲۵
ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عاموس
۵ يونيو ۲۰۲۵ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن سفر عوبَدْيا

يمكن أن يغضّ البعض نظرهم عن نبوّة عوبَديا أو يتجاهلونها بسهولة لأنّها أقصر سفرٍ في العهد القديم، وهو سفرٌ مخفيٌّ بين الأنبياء الصغار، وهي منطقةٌ غير مألوفة لكثيرين من قرّاء الكتاب المُقدَّس. يمكن معرفة الحقائق الأساسيّة الخاصّة بسفر عوبديا بسرعة، لأنّ قراءته تستغرق دقيقةً أو دقيقتَين.
يُعلِن النّبي دينونة الربّ على أمّة أدوم (عوبديا 1-4، 8-10)، وهي أمّة صغيرةٌ، ولكنّها كانت تعيش بإحساسٍ من الطمأنينة والأمان، تطوَّرت فصارت كبرياء متفاخرة (عوبديا 3، 12). وكان لهذه الثقة سببان: كانت أدوم بلدًا جبليًّا، من المنظور البشري يسهُل الدفاع عنه (عوبديا 3-4). وعلاوةً على هذا، كانت لأدوم (التي كثيرًا ما أُشير إليها بمدينتها الرئيسيّة، تَيمان) سمعةٌ بأنّها صاحبة حكمة بشريّة عظيمة (عوبَديا 8-9؛ انظر أيضًا إرميا 49: 7). وبكلماتٍ أخرى، كانت لدى أدوم كلّ الامتيازات والمؤهلّات الاستراتيجيّة التي سمحت لسكّانها بأن يعيشوا في أمان. ومع هذا، يُعلِن الربّ أنَّ الدينونة ستأتي على الأدوميّين ليس فقط لعدم مساعدتهم شعب مملكة يهوذا حين هاجمتهم بابل (وهو ما وصل ذروته في دمار أورشليم وسبي سكّانها عام 587/586 ق.م.)، بل ولأجل تقديمهم مساعدة فاعلة للغزاة أيضًا، إذْ أمسكوا بالفارّين من يهوذا وأسلموهم للبابليّين (عوبَديا 11-14؛ مزمور 137: 8-9؛ حزقيال 25: 12؛ 35: 5). وإلى جانب أقوال الدينونة هذه، يعِد الربُّ أيضاً أن ينجّي شعبه ويقيمهم ثانيةً بقوّته الملكيّة (عوبَديا 17-21).
ومن شأن فهم الحقائق الثلاث التالية عن سفر عوبديا أن يساعدنا في فهم رسالة السفر بصورة أفضل وأكمل.
1. تُظهِر نبوّة عوبَديا تحقيق قرار الربّ السياديّ الذي أبلغه لإسحاق عن ابنيه يعقوب وعيسو: "كَبِيرٌ يُسْتَعْبَدُ لِصَغِيرٍ" (تكوين 25: 23).
انحدرت أمّتا أدوم ويهوذا من عيسو ويعقوب (تكوين 36: 1-43؛ 49: 1-28). وكما اعترتْ الاضطراباتُ علاقةَ الأخوَين (تكوين 27: 41-45)، اعترت العلاقةَ بين الأمّتين الخارجتَين منهما (أدوم من عيسو، ويهوذا من يعقوب). ومع أن يعقوب كان غير صادقٍ ومخادعًا، فقد نال حقّ البكوريّة والبركة اللتين كانت لأخيه البكر (تكوين 25: 29-33؛ 27: 1-40). وبالمثل، أُعطيت أمّة يهوذا سيادةً على الأدوميّين (سفر العدد 24: 18-19) عبر تاريخهما الذي ساده النزاع بينهما (انظر مثلًا ١ صموئيل 14: 47؛ 2 صموئيل 8: 11-14؛ ١ ملوك 22: 47؛ ١ أخبار 18: 11). وقد أظهرت معاملة الربّ ليعقوب وإسرائيل إحسانَ الله غير المُستحَقّ لمن هو غير جديرٍ بنواله (ملاخي 1: 1-4؛ رومية 9: 10-16).
2. رؤيا عوبَديا (عوبديا 1) تنظر إلى أعمال دينونة الله وأعمال إنقاذه معًا، بحيث تجعلهما يبدوان متزامنين.
لا يتكلَّم عوبديا عن دينونة أدوم فحسب، بل يتكلَّم أيضًا عن "يوم الربّ" (عوبَديا 15)، الذي سيأتي بالدينونة على كلّ الأمم (عوبَديا 16)، والإنقاذ لشعب الله (عوبديا 17). للوهلة الأولى، يبدو وكأن هذين الأمرين سيحدثان في الوقت نفسه. ولكنّ أنبياء الكتاب المُقدَّس كثيرًا ما كانوا يجمعون أعمال دينونة الله وأعمال خلاصه معًا، مثلما يفعل المرء حين يُمسك بتلسكوبٍ ذي قِطَع ثم يضمّ قِطَعه في قطعةٍ واحدة قصيرة. كثيرًا ما يُشار إلى هذه الطريقة في الكلام بـ"الاختزال النبويّ" أو "النظرة التلسكوبيّة،" ومن شأن انتباه القارئ إلى هذا الأسلوب أن يساعده في أن يتجنَّب التشويش. وبفهم هذه السّمة الشائعة في الأقوال النبويّة يمكن للمرء أن يدرِك ويفهم حقيقة أنّ نبوّة عوبديا تحقَّقت في أوقاتٍ مختلفة. وهكذا، فإنّ دمار أدوم قد حدث، ولكنّ المؤمن ما يزال ينتظر "يوم الربّ،" الذي سيدعو كلَّ الأمم إلى القضاء الدينونة ويأتي بالخلاص الكامل للكنيسة.
3. نبوّة عوبَديا غير مُقتبَسة بصورة مباشرة في العهد الجديد، ولكنّ الكتاب المُقدَّس يُشير إلى تحقيقها غير المتوقع في يسوع المسيح.
سفر عوبديا، بالإضافة إلى عددٍ قليل من أسفار العهد القديم، مثل أستير وصفنيا، لا يُقتبَس منه في العهد الجديد. ولكنّ الكتاب المُقدَّس يُشير إلى أن نبوّة عوبَديا تحقَّقتْ بطريقةٍ مُدهِشة. فعبر الزمن، أُخضِع الأدوميّون لقوى أجنبيّة، وبحسب المؤرّخ اليهوديّ يوسيفوس، خضع الأدوميّون ثانيةً لحكم اليهود، وأجبرهم يوحنا هيركانوس (الذي كان أحد الحكّام الحشمونيّين ورئيس الكهنة في الهيكل) على أن يُختَنوا (وهي ممارسة دينيّة يهوديّة) في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد (يوسيفوس، تاريخ اليهود، الكتاب الثالث عشر، الفقرة ٢٥٦). ونتيجةً لهذا، بدأ هؤلاء "الأدوميّون،" وهو الاسم الذي صاروا يُعرَفون به، ينصهرون في شعب يهوذا. وهكذا كانت خسارتهم أرض أجدادهم وهويّتهم القوميّة بركةً مخفيّة لهم، إذ كان من الأدوميّين مَن انجذبوا إلى يسوع المسيا وتبعوه (مرقس 3: 8-9)، ممّا أثبت الحقّ الذي تعلِّمه رسالة كولوسي 3: 11: "حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ، عَبْدٌ حُرٌّ، بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ." وكما أعلن عوبَديا، تكون النجاة في جبل صهيون (عوبَديا 17)، أي وسط شعب الله الحيّ الذي يتبع يسوع المسيح، وسيط العهد الأفضل (عبرانيّين 12: 22-24).
يُثبِت سفر عوبديا صحّة القول المأثور القديم: "وكم من درةٍ ثمينةٍ في علبةٍ صغيرة!"
هذه المقالة هي جزء من سلسلة "ثلاث حقائق يجب أن تعرفها".
تم نشر هذه المقالة في الأصل في موقع ليجونير.